بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

عام آخرانتهى فهل ستنتهي مغامرات بوش في ألمنطقه ؟

 

 

شبكة المنصور

د فيصل الفهد

 

منذ احتلال العراق وحتى الآن والنكبات والضربات الموجعة والإخفاقات هي القاسم المشترك لكل ارتدادات السياسة العقيمة للرئيس الأهوج بوش ليس على الولايات المتحدة الأمريكية بل والعالم أجمع وكاد نظام هذا المجرم أن يلامس حافة الهاوية السحيقة بعد الفشل الذريع لكل سلوكياته الشائنة في العراق وانكشاف زيف وكذب جميع الإدعاءات والمسوغات التي حاولت الإدارة الأمريكية تسويقها على الرأي العام والعالمي لاحتلال العراق والسيطرة على مقدراته ...

وقد دلت السنوات الماضية على فشل سياسة القوه المفرطة في تحقيق الأهداف ألاستراتيجيه الأميركية ولم يعد الجيش الأميركي هو الأفضل في العالم، بعدما أنهك في العراق منذ احتلاله قبل خمس سنوات وستزداد ألحاجه للاعتماد على الجنود والمعدات ذات ألتكلفه العالية جدا للحفاظ على المستويات الحالية من الاستعداد؛ خاصة وأن النسبة المئوية للإنفاق الدفاعي الأميركي من إجمالي الناتج المحلي هي أقل من تلك التي كانت تخصص إبان الحرب الباردة. هذا إذا أدرك المسؤلين الامريكين أن كل ما ينفقوه من هذه الترليونات لن يجلب لهم وللعالم الأمن المنشود وأمريكا إذا ما أرادت أن تنجح في مواجهة الأخطار فعليها ان تستخدم قوه أخرى بعيده عن طقطقة قوه السلاح وهي ما يسميها العقلاء بالقوة الذكية التي تركز على جمله من الفعاليات منها ان على أمريكا ان تجدد التحالفات والشراكات والمؤسسات التي تتيح لها مواجهة أخطار عديدة مرة واحدة بدون الاضطرار لبناء إجماع من لا شيء كي ترد على كل تحد جديد كما عليها ان توجد صوتا على المستوى الحكومي للتنمية العالمية لمساعدة واشنطن على وضع برنامج مساعدات أكثر توحدا واندماجا يجمع المصالح الأميركية مع طموحات شعوب العالم بداية بالصحة العالمية وان تعيد استثمار الدبلوماسية الشعبية داخل الحكومة وإنشاء مؤسسات لا ربحية خارجها لبناء روابط شعبية تشمل مضاعفة المخصصات السنوية لبرامج المساعدات الخارجيه كذلك عليها ان تدعم ارتباط الولايات المتحدة بالاقتصاد العالمي عن طريق التفاوض حول مركز تجارة حرة من دول في منظمة التجارة العالمية الراغبة في الانتقال مباشرة إلى التجارة الحرة على أساس عالمي، ولتوسيع منافع التجارة الحرة لتشمل أولئك المنسيين في الداخل والخارج ويضاف الى ذلك ان عليها ان تمسك بزمام القيادة في معالجة التغير المناخي وغياب امن الطاقة عن طريق الاستثمار اكثر في التقنية والإبداع.

وهذا يمكن تحقيق جانب مهم منه عبر نوعان من الاستثمارات المهمة طويلة الامد القادرة على تشغيل أعداد كبيرة من الأمريكيين هما :

اولا تطوير إستراتيجية جادة لتحقيق الاستقلال في مجال الطاقة خلال السنوات القليلة المقبلة. ثانيا وضع برنامج واسع لإعادة أعمار البنى التحتية الأمريكية القديمه.

ان الأفكار وغيرها لبعض الأمريكيين الذين استفاقوا وعادوا الى رشدهم منذ خروجهم من جوقة إدارة بوش الشريرة لايمكن ان تجد طريقها الى التطبيق لانها تتطلب ما هو أكثر من مجرد رؤية لإنها تتطلب تنفيذا ومحاسبة، وهما سمتان غائبتان عن إدارة بوش اليوم الأمر الذي لن يؤدي خلال فترة وجيزة الى إمكانية استعادة الولايات المتحدة مركزها في العالم.

فالأحرى بالولايات المتحدة أن تتبنى إستراتيجية أكثر ذكاء تركز على الجذب والإقناع والتوازن لدعم البروز الأميركي كقوة خيره في هذا العالم لان الولايات المتحدة لا تستطيع ان تبقى على القمة بدون حلفاء وشركاء راغبين واغلب هؤلاء يطالبون أمريكا بالتخلي عن القوة.

ولا يختلف اثنان من ان الولايات المتحدة كانت أكبر قوة على المسرح العالمي، وستظل كذلك على الأرجح لسنوات قادمة، ولكن بقاء قوتها يتعلق إلى حد كبير بالكيفية التي ينظر إليها الآخرين فهل ستبقى قوة مستأسدة أم ستكون دوله صديقة تتمكن من جذب الحلفاء؟.

ويقر الجميع أن إدارة بوش حطت من قدر الولايات المتحدة وما سمي بأخلاقياتها التي حاولت الإدارات الامريكيه المتعاقبة بناء أسسها طيلة عقود طويلة من الزمن وانفق لتحقيقها مئات المليارات من الدولارات لاسيما عندما تروج لأفكار معينه وتعمل على نقيضها أي أن تقول شئ وتفعل شئ آخر مضاد له فقادة أمريكا الجدد يعظون الآخرين حول الديمقراطية بينما يساندون الطغاة.. ويعلنون إدانة التعذيب والغمس في الماء في دول أخرى ويتغاضون عن ممارسة أبشع الأساليب في المعتقلات الامريكيه... وماذا يقول الساسة الأمريكان عن رمزين من رموز الإرهاب الأميركي في غوانتانامو ومعتقل أبو غريب بالعراق وغيرهما كثير معلن وغير معلن ؟.

لقد ادت اكذوبة بوش بالحرب على الإرهاب، منذ أحداث 11/9 إلى انعزال اميركا عن العالم، ويبدو ان الخطر الذي خلقته الاداره الامريكيه ألحاليه للسيطره على العالم سيظل يلازم المخطط الامريكي لعقود قادمة؛ رغم ان هؤلاء الأعداء المفترضين الذين وضعتهم ادارة بوش على واجهة الاهتمام العالمي وجعلت منهم البعبع الذي يهدد نظريا كل دول العالم لايمتلكون أسلحة الدمار الشامل، بما فيهم تنظيم القاعدة ولذلك فهم لا يشكلون خطرا فعليا على الولايات المتحدة او على غيرها

صحيح ان أدبيات تنظيم القاعدة تؤكد على انه يتمنى أن يهزم امريكا التي تضطهد الجميع، ويأمل أن تفشل في كل مشاريعها ألعدوانيه مستغل انقلاب الرأي العالمي ضدها و ستتجاوز عواقبها الإستراتيجية الخطيرة التكاليف التي تتكبدها الولايات المتحدة وليس امام أي اداره امريكيه قادمه سوى التخلص من العقلية ضيقة الأفق التي رسخها بوش بعد 11/9 التي تسببت في خلق الجفاء بين امريكا ومعظم دول العالم .
إن صورة الولايات المتحدة صورة سوداء حتى في نظر مواطنيها بسبب ضعف استجابتها غير الملائمة والمأساويه في ما خلفته الكوارث الطبيعيه اضافه الىالفشل المريع في العراق، والعجز عن معالجة القضايا المحلية ألملحه كالرعاية الصحية والهجرة وتكلفة المخصصات جعلت أميركا تبدو بلدا لا يستطيع حل المشاكل الصعبة. واذا كان البعض في الخارج يشككون دائما في السياسة الأميركية فأنهم اليوم أصبحوا يشككون في كفاءتها الأساسية.

الآن وقبل عام على الانتخابات الرئاسية، يستطيع المرشحون في الحزبين تقديم رؤية أكثر تفاؤلا توازن بين الرغبة الأميركية لحماية الداخل مع سياسات أكثر حصافة في الخارج. انه شيء ذكي مطلوب عمله هذا اذا ما علمنا ان الإبقاء على وجود عسكري أمريكي طويل الأمد في العراق لا يخدم المصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة.

ان دراسة تجربة احتلال أمريكا للعراق وما رافقها من إخفاقات كوارثيه يمكن ان تعيد الرشد للقادة الأمريكيين الذين يرومون فعلا لإعادة التوازن المفقود لمسار بلدهم ومكانته عالميا وبدون استخلاص العبر والدروس من هذه التجربة المرة فلن ترى أمريكا الضوء في نهاية النفق المظلم الذي زج بوش أمريكا والعالم فيه كما أن أي نجاح وقتي يمكن أن ينهار إذا أبقت أمريكا لأية قوات وتحت أية مسميات لأنها سترفض من العراقيين في النهاية بوصفها قوات احتلال أجنبية.

ان مجموع الكلف المالية المترتبة على استمرار احتلال العراق جسيم جدا وله عواقب اقتصادية كوارثيه ورغم ذلك نجد أن إدارة بوش بدلا من العمل على وضع نهاية لاحتلال العراق تعمل على البقاء الطويل للوجود العسكري في العراق لعقود طويلة رغم ان خطوه كهذه تعني الحاجة إلى تخصيصات ماليه أكثر من عشرات أضعاف المبالغ الأصلية التي قدرتهاالإدارة لتغطية عمليات احتلال العراق وهذا ما أصبح مصدر قلق حقيقي لصناع السياسة والجمهور الأمريكي بشكل عام وتخوفه من الطبيعة الجنونية لعملية ضخ مئات المليارات او ربما الترليونات من الأموال العامة في مشروع فاشل لا يبدو ان له نهاية في المدى المنظور.
هذه الكلفة المالية الباهظة للحرب في العراق التي تواصل الارتفاع كل يوم ولذلك يتحتم على القيادات الامريكيه العاقلة أن تنهي احتلال أمريكا للعراق لعدم وجود مايبرر حجم الخسائرالمتزايده في الأرواح دون تحقيق لأي هدف بما فيها تلك الأهداف التي وضعها الرئيس بوش عدا الحاجة الى إيقاف بعثرة الترليونات من الدولارات التي يمكن الاستفادة منها في مجالات افضل للشعوب الامريكيه تساعد في جعل حياتهم داخل بلدهم افضل كما ان الهدر الواسع والمتواصل في الاموال يجب ان يثير القلق لدى اي شخص يكترث بمستقبل الولايات المتحده .

لقد أوقعت إدارة بوش نفسها في إشكالية غبية (ويبدو أن هذه الإدارة لا تهتم بردود الأفعال على سياساتها المتناقضة هذه) وذلك عندما بدأ بوش بإطلاق التصريحات الرنانة المطالبة لسوريا بأن تنهي تدخلاتها في لبنان لاسيما في موضوع اختيار الرئيس القادم له... إن المضحك في تصريحات بوش الاخيره أنه يطالب بوقف التدخل السوري في لبنان ولعب دور ايجابي(حسب الوصف الأمريكي) وتناسى بوش بغبائه المعهود احتلاله للعراق وافغانستان

وبسببهما تزداد النكبات والضربات الموجعة والإخفاقات التي أصبحت القاسم المشترك لكل سياساتة العقيمة داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها لاسيما بعد فشله الذريع في العراق وانكشاف زيف وكذب جميع الإدعاءات والمسوغات التي حاولت ادارته تسويقها على الرأي العام الأمريكي والعالمي لاحتلال العراق والسيطرة على مقدراته...

إن كل ممارسات الاحتلال الامريكي في العراق هي أشبه بأعراض الحمل الكاذب ولا يمكن ان تمس ضمير الشعب العراقي لا من قريب ولا من بعيد لأنها غير شرعية .

أن الإدارة الأمريكية وحلفائها لم يعودوا اللاعبين الوحيدين في تحديد توجهات ألمنطقه بل هناك لاعبين يزداد فعلهم هم من سيحددوا صورة المستقبل القريب والبعيد فيها وفي مقدمة هؤلاء اللاعبين المقاومة الباسلة في العراق التي أفشلت أهم حلقات المخطط الأمريكي في المنطقة اضافه الى تنامي قوى منظمة بدا فعلها واضح ومتزايد في عدد من الدول ويعتقد أنها ستتسع في المدى القادم لتشمل مناطق أخرى وهذا ما يجعل المنطقة برمتها معرضة للانفجار طالما أن الإدارة الأمريكية الحالية مستمرة بذات السياسة الكارثيه لإحداث التغيرات التي تنسجم مع مصالحها الكونية في المنطقة .

 

 

 

 

شبكة المنصور

الاحد  / 21  ذو الحجة 1428 هـ  الموافق  30 / كانون الأول / 2007 م