بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

على ماذا يراهن بوش في العراق؟

 

 

شبكة المنصور

د. فيصل الفهد

 

لم يعد خافيا على احد ان ادارة بوش قد ادخلت الشعوب الامريكيه في نفق مظلم ليس فقط من ناحية الخسائر البشريه بل حتى والماديه التي فاقت كل التصورات والحسابات التي سبق وادعت هذه الاداره انها وضعتها وفق اسس علميه دقيقه جدا وبناء على مصادر معلوماتيه مستمده من الواقع العراقي.....واثبتت الوقائع بعد احتلال العراق ان كل تلك المعلومات عن العراق لم تكن صحيحة الامر الذي جعل الامريكيين يشعرون بالاحباط لان رئيسهم العتيد عرف كيف يحتل العراق ولكنه لم يتلمس لحد الان الطريق للخروج من هذه الكارثه.

ويبدو ان الحزب الديمقراطي اكتشف ان هناك تكاليف مضاعفه لحروب السيد بوش لاسيما النفقات الخفية وهذا ما سلطت الأضواء عليه دراسة جديدة قدمها النواب الديمقراطيين في الكونغرس الأمريكي حيث اشارت إلى أن "التكاليف المستترة" رفعت تكلفة الحرب في العراق وأفغانستان إلى نحو 1.5 تريليون دولار. و أن هذا الرقم هو ضعف مبلغ 804 مليارات دولار الذي أنفقه البيت الأبيض أو طلبها بناء على التقرير الذي أعده الديمقراطيون في اللجنة الإقتصادية المشتركة في الكونغرس التي تدرس التكاليف المستترة للحرب.

التي تتضمن ارتفاع أسعار النفط وتكاليف علاج قدامى المقاتلين الجرحى والفائدة التي تدفع على القروض لتغطية نفقات الحرب.

وتشير هذه الدراسه الى تاثير احتلال العراق وافغانستان على العائله الامريكيه، المكونة من أربعة أشخاص الى أكثر من 20 ألف دولار، بينما تكون التكلفة على الأسر الأمريكية المتوسطة الضعف وتصل إلى 46300 دولار خلال العقد القادم مع تحمل الولايات المتحدة تكاليف اقتصادية تصل إلى 3.5 تريليون دولار، إذا استمرت الاوضاع بمستواه الحالي.

ويضاف اليها تكاليف إصابات الجنود التي تقدر بأكثر من 30 مليار دولار عدا تكاليف الرعاية الصحية والإعاقة بما في ذلك مليارات الدولارات على شكل عائدات ضائعة بسبب مقاتلين سابقين لا يستطيعون العمل نتيجة اضطرابات ما بعد الصدمة.

ولن تقف الخسائر الامريكيه عند هذا الحد بل هناك اشكاليات اكبر فالموضوع لم يعد محصورا في خروج قوات الاحتلال الأمريكي من العراق ، فهناك حاجة إلى تخصيصات هائله من الارقام الفلكيه بمليارات الدولارات لإعادة بناء القوات الامريكيه ألمرهقه واستبدال تجهيزاتها و الأسلحة القديمة وتطوير القوات البرية التي أنهكتها هذه الحرب المضللة..!!

لاسيما وان هناك قناعات لدى الساسه الامريكيين ان الرئيس بوش ليس لديه خطة لإعادة القوات العسكرية.

وهذا ما جعل هذا الموضوع يشكل احد المحاور التي سيضعها المرشحين للرئاسة الأمريكية الجدد الذين سيركزون على انهم سيعملون على معالجة هذه الاشكاليه الكبيره ، ولكن عليهم أولاً أن يوضحوا خطط الإنسحاب من العراق ثم خطط إعادة بناء القدرة العسكرية للدفاع عن هذا البلد من التهديدات الجديدة.
ومن هنا بات السؤال الاهم الان امام الشعوب الامريكيه وقادتهم وهو هل هناك ستراتيجيه للانسحاب من العراق في وقت تشيع فيه الاداره الامريكيه أن هناك ثمة تقدم قد تحقق على الارض(رغم ان هذا امر مشكوك فيه وغير دقيق ) لان الانخفاض في معدلات القتلى في صفوف المدنيين والعسكريين العراقيين وكذلك الأمريكيين في الأشهر الأخيرة، وتراجع التفجيرات والهجمات التي كانت تستهدف الأمريكيين فضلاً عن غياب نسبي لمشاهد الجثث التي تحمل آثار تعذيب طائفي. لم يكن بفضل ما تدعيه ادارة بوش بل لاسباب اخرى بعيده عنها لأن سياسة الزيادة في القوات الأمريكية لم تاتي أوكلها عسكرياً، و لم تحرز تقدماً على الصعيد السياسي والتسوية في الساحة العراقية.

فالمدن العراقيه مازالت تشهد صراعاً طائفياً، ولا يوجد قانون للنفط أو خطط لتحقيق الإندماج في قوات الشرطة أو حتى خطط للحفاظ على وحدة البلاد من التشرذم.

لقد بات واضحا ان الرئيس بوش عقد العزم على عدم الانسحاب من العراق طالما انه موجود في البيت الابيض بل وانه يرغب ان يقنع من سيخلفه باستعارة تجربة كوريا الجنوبيه كنموذجاً لإبقاء 35 ألفاً من جنوده في العراق لعقد من الزمن بهدف الحفاظ على الحد الأدنى من السلام ومنع تقسيم العراق، ونسى السيد بوش إن العراق ليس كوريا الجنوبية، لأن الجنود في العراق سيواجهون حرب مستمره لن تتوقف طالما بقى جندي امريكي واحد، ، ولذلك عليهم أن يغادروا.

ان واحده من اكبر اخطاء بوش هي تطبيقه لمقترحات حليفته بريطانيا في ضرورة الاعتماد على شراء ذمم بعض شيوخ العشائر لأنها جاءت متاخره اولا ولان هؤلاء لم يعودوا قادرين على ضمان ولاء افراد عشائرهم وان ضمنوها اليوم فانهم سينقلبون حتما لسبب بسيط يتلخص بحسابات خاطئه او اشارات فسرت بغير معناها ومنها موقف العراقيين من تنظيم القاعده فالعراقيين الذين واجهوا القاعده لم يواجهونها إكراما لشيوخ العشائر او من اجل زرقة عيون بوش بل لاسباب معروفه وهي الدفاع عن النفس عدا ان كل الشعب العراقي يدرك ان كل معاناته كانت وستبقى من جراء الاحتلال الامريكي ولهذا فان الامر الاكثر توقعا ان كل جهود الامريكان مع هؤلاء ستذهب هباءا.

إن المسؤلين العسكريين الأمريكيين يبذلون جهود كبيره لتجنيد قرابة مائة ألف مقاتل عراقي لتحقيق الاستقرار الأمني في العراق،الا ان هذه الجهود تواجه تحديات كبيره لاسيما ان حكومة الاحتلال الرابعه ترفض هذه الخطوه جملة وتفصيلا وبالذات عند الحديث عن دمجهم في أجهزة الشرطة والجيش التي تتكون من عناصر مليشيات الأحزاب ألتابعه لايران.

ان هناك قناعات ومخاوف من هؤلاء المجندين كونهم من القبائل العراقية التي قاومت الاحتلال وعملائه ومنهم كثيرين محسوبين على الجماعات (المتطرفة)، أن حكومة المالكي تخشى أن يصبح هؤلاء المقاتلون المحليون معارضة مسلحة. لأنهم سيشكلون قوة ضخمة ويعتقد المسؤلين الامريكيين ان المجندين سيعززون الشرطة المحلية وتخفيف العبء عن الجنود الامريكيين الا ان هؤلاء يحتاجون الى تنظيم و هيكلة إداريه و بشرية للتجنيد والتدريب والتدقيق".

إن الكثيرين توقعوا أن هذه الخطوه لن تمر بسهوله في بغداد لانهم سيواجهون المليشيات الشيعية و قوات الأمن الفاسدة التابعه للحكومه العميله.

اذن فالسياسة الأمريكية القائمة على شراء ولاء الشيوخ بالمال لخطب ودها وشراء تأييدها لقوات الاحتلال محفوفة بالمخاطر ، ، أن دفع الرشاوى للإبقاء على السلام قائماً لن يصمد لانه يهدف بالأساس إلى إضعاف كافة مؤسسات الدولة الضعيفه اصلا وإخضاعها لسطوة القوى المتناقضة. واذا كان البريطانيون قد لجئوا لهذه الأداة أثناء حكمهم للعراق في القرن الماضي فان عراق اليوم هو غيره قبل قرن. أن هذه الإستراتيجية لا تخلو من المخاطر، بما في ذلك إشعال الفتن والحروب فيما بين القبائل ذاتها وإنشاء الميليشيات في مناطق يعتقد اهلها بعدم شرعية وسلطة كل ما أوجده الاحتلال. إن الإستراتيجية الأمريكية لشراء ولاء القبائل العربية في العراق ليس أمامها فرصة للنجاح وعلى ادارة بوش ان تستفيد من تجربة قرابة خمس سنوات وان تختار الطريق الصحيح للخروج من النفق العراق المظلم بالعوده الى ممثلي الشعب العراقي الحقيقين وهم رجال المقاومه ولم يعد هناك شك من ان الامريكيين فشلوا في اعتمادهم على الثلل التي ولوها على رقاب الشعب العراقي وحان الوقت ليعود بوش وادارته لرشدهم وان يحافظوا على ماتبقى من ماء وجههم وان يعترفوا بأخطائهم الكارثيه في العراق ومؤكد ان المقاومه العراقيه ستضمن لهم انسحاب وخروج (مشرف) كما يريدون فهل وصلت الرساله!؟

 

 

 

 

شبكة المنصور

الثلاثاء /  10  ذو القعدة 1428 هـ  الموافق  20 / تشــريــن الثاني / 2007 م