بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

حكومة اردوغان والتحدي الكبير

 

 

شبكة المنصور

د فيصل الفهد

 

يرى كثيرون ان ما تقوم به تركيا ضد حزب العمال الكردستاني إنما هو تنفيذ لاستراتيجيه موضوعه اصلا وجاهزه للتطبيق هدفها حماية وترسيخ سيادة تركية على أراضيها، وهذا الهدف لن يتحقق الا بعد ترتيب البيت الداخلي العراقي واعادته موحدا ارضا وشعبا. وهنا وجد الاتراك انفسهم في مواجهة حادة وجدية مع المخطط الأميركي الصهيوني، لتقسيم دول الجوار الجغرافي للعراق وفي المقدمه منه تقسيم تركيا.

وفي ذلك لم ياتي الاتراك بجديد لانهم اعتمدوا ذات السياقات الامريكيه ( العمل العسكري الاستباقي ) فلماذا يسمح الامريكان لانفسهم احتلال دول وابادة شعوب على خلفية ضنون واكاذيب وهي دول تفصلها عن الأراضي الامريكيه الاف الاميال والمحيطات كما حدث مع العراق وأفغانستان في حين تعاني تركيا من هجمات عسكريه تنطلق من جوارها.. علما ان الأمريكيين هم المسؤلين عما يحدث في العراق وتركيا وكل تداعيات ألمنطقه الأخرى والأتراك في هذه ألنقطه يرون ان مصلحة تركيا اكبر من مصالح حليفتهم أمريكا .

ان كل الدلائل تشير بوضوح ان الاتراك لن يقفوا عنذ اية خطوط حمراء وهم يدافعون ضد ما يعتقدونه تهديدا جوهريا قد يؤدي ان سكتوا عليه الى شطب كيان كبير من خارطة المنطقه والعالم اسمه تركيا ولذلك فشلت المباحثات التي اجراها ما يسمى وزير دفاع حكومة الاحتلال في العراق قبل ايام في انقره لاسيما وان الحكومة التركيه تدرك تماما (ان حكومة الاحتلال في المنطقه الخضراء لاتملك اتخاذ أي قرار وهي اضعف من ان تدافع عن نفسها ) وهذا تعبير يستخدمه البارزاني وعصابته كجزء من الاستخفاف بحكومة العميل المالكي يضاف لها ان الطالباني سخر من الاتراك مرات آخرها قوله انهم لن يسلموا أي كردي بل لن يسلموا حتى قطه !! أما محمود عثمان وهو احد الذين تطالب بهم تركيا فذهب بعيدا عندما اشترط على الحكومة التركية تنفيذ مجموعه من المطالب التي تدلل على ان هؤلاء لا يعيرون الموقف التركي أي اهتمام بل ويتعاملون معه بشئ من التجبر والغرور والعنجهية الفارغة .

لقد ثبت للاتراك ان حكومة المالكي وبضغوط من الطالباني والبارزاني يدعمون حزب العمال الكردستاني ووفروا له المعسكرات التدريبيه وقواعد ليس في شمال العراق فقط بل في مناطق عده من العراق (المعسكرات موجودة في بغداد وخان بني سعد قرب بعقوبة وفي صدور ديالى وفي القاعدة الجويه في كركوك ومعسكر اخر قرب الاداره المحليه في كركوك عدا كم من المعسكرات في مناطق اخرى غير منظوره للعيان في شمال العراق ).

كما ان الاتراك يرون الموضوع من زاويه اخرى تتلخص بان حزب العمال هم مواطنين اتراك متمردين يستخدمون اراضي دوله اخرى لتهديد امن واستقرار تركيا ومن حقها دوليا المطالبه بهم او متابعتهم طالما ان الدوله المضيفه والداعمه لهم ( العراق المحتل ) لاتفعل شيئا لوقف اذاهم عن تركيا في حين ان حزب العمال الكردستاني يؤكد انه يتواجد على اراضي كرديه وهو شئ مشروع له لاسيما وان قادته يعتبرون ان شمال العراق وجنوب شرق تركيا واجزاء من سوريا وشمال وشرق ايران كلها اراضي دولة كردستان الكبرى المزعومة ومن حقهم الشرعي الانطلاق منها باي اتجاه يحقق لهم اهدافهم .

الأتراك ايا كان مذهبهم السياسي في الحكومة او ألمعارضه يدركون خطورة ما هو قادم من المخطط الأمريكي الإسرائيلي في ألمنطقه ويعلمون ان بلدهم على لائحة التقسيم ويعلمون تماما ان ما يحصل في شمال العراق من تمادي على وحدة العراق ارضا وشعبا بفعل السلوك الشائن للجحشين (العميلين ) الكرديين الطالباني والبارزاني سيترك بصماته ألسلبيه الكارثيه ليس على شمال العراق بل على جميع دول ألمنطقه لاسيما ايران وتركيا وسوريا ولبنان .

وكثير من المتابعين لشؤون المنطقه ومنها قضية احتلال العراق لايعرفون الأسباب الحقيقية وراء عدم دخول قوات الاحتلال الأمريكي الى العراق عبر الحدود التركية ومن هنا مفيد ان نلفت عناية هؤلاء وغيرهم الى ان السبب هو ليس في الرفض التركي بل رفض الحزبين الكرديين العميلين اللذين يعرفان جيدا ان القوات التركيه ان دخلت الى شمال العراق ذو الاهميه الاستراتيجيه لها ربما لن تخرج لانها تتوق لملاحقة حزب العمال الكردستاني ومراقبة اسلوب تعاطي الطالباني والبارزاني وسلوكهم الاستغلالي الجشع لتطويع كل نتائج احتلال العراق لمصالح فئويه شوفينيه لن تكون على حساب وحدة العراق حسب بل ستضر كل الدول ذات العلاقه وفي مقدمتها تركيا التي تعاني من تمرد كردي مسلح منذ اكثر من ثلاثين سنه تسبب في مقتل اكثر من خمس وثلاثين ألف تركي مدني وعسكري ولان الأمريكان كانوا حينها بحاجه لتطمين عميليها لم تضغط على حلفائها الأتراك للدخول من شمال العراق عدا ان تلك ألمنطقه من العراق كانت تحت سيطرة غير مباشره للأمريكان وإسرائيل منذ عام1991 بعد إنشاء ما سمي حينها بمنطقة حظر الطيران.

اذن الاتراك تيقنوا مبكرا لما سيرتبه احتلال العراق، وإسقاطه بيد براثن العناصر العنصريه الكرديه والطائفيه الايرانيه وسلبه سيادته،من تداعيات على اوضاع تركيا الداخليه وازدادت الهواجس والمخاوف التركيه على استقرار بلدهم خاصة عندما زاد صلف العميلين البارزاني والطالباني وتهديدهم المستمر بالانفصال عن العراق الامر الذي فتح شهية حزب العمال الكردستاني التركي المدعوم منهما، فازداد نشاطه المسلح داخل الاراضي التركيه بعد احتلال العراق وبشكل احرج حكومة اردوغان وحزبه لاسيما بعد بروز رغبات امريكيه مبيته تهدف الى تقسيم العراق، وهي جواز مرور لتقسيم جميع دول المنطقه وفي المقدمه منها تركيا حيث يعيش في جنوبها الشرقي اكثر من عشرين مليون كردي مدعومين باراده انفصاليه واضحه تنطلق من شمال العراق ( عدد اكراد العراق من 3-4 مليون كردي عراقي ).

ولدى الاتراك معلومات مهمه عن دعم الطالباني والبارزاني لمتمردي الحزب العمالي الكردستاني من النواحي المعنويه والماديه والتسليحيه اضافه الى الدعم الإعلامي والاخير في غاية الاهميه حيث ينشر يوميا كم من المواد والاعلانات الترويجيه لصالح حزب العمال الكردستاني التركي من قنوات داخل العراق كما ان صور عبدالله اوجلان تملأ مناطق كثيره في شمال العراق ... والاتراك يراقبون بحذر شديد عمليات التهجير القسري لسكان كركوك واحلال بدائل عنهم من اكراد جيئا بهم من سوريا وتركيا وايران ولبنان ويبلغ عدد هؤلاء قرابة نصف مليون كردي وكل ذلك تمهيدا لتطبيق الفقره 140 من دستور الاحتلال لتي يراد بها تنفيذ مسرحية تقرير مصير كركوك لتصبح جزء من نواة دولة كردستان وكل هذا يجري وفق اتفاق بين الاركان الخمس للعماله في العراق (المالكي والحكيم والهاشمي والطالباني والبارزاني ) حيث اتفق هؤلاء على تسليم كركوك للعملاء الاكراد مقابل تسليم بغداد لعملاء ايران ونسوا هؤلاء الخونه ان الذي يجب ان يستفتى على تقرير المصيرليسوا اهالي كركوك بل شعب العراق من زاخو في شماله الى صفوان في البصره بجنوبه.

لقد دأبت الحكومه التركيه على تهيأة ساحة العمليات لخطوتها المرتقبه القادمه ومن هنا كانت الدبلوماسيه التركيه نشطه على دول المنطقه( لاسيما من كوتهم نيران الغطرسه الغبيه للطالباني والبارزاني في شمال العراق) ومنها لقاءات وزير الخارجيه التركي مع الرئيس الايراني لان مشاكُلٌ الدولتين واحده بما يتعلق بالعمليات العسكريه للمتمردين الاكراد في اراضيهما انطلاقا من العراق والواضح ان حكومة اردوغان ارادت ارسال اشاره إلى أمريكا الخصم الايراني ( اعلاميا ) بان مصالحها القوميه لاتقل اهميه عن مصالح امريكا وهي تلجأ الى اي طرف يمكن ان يعينها على تحقيق او تأمين تلك المصالح الاستراتيجيه .

ان الحقيقه التي نتمنى ان تعي اهميتها وخطورتها جميع شعوب المنطقه ان امريكا بسياساتها العدوانيه وتخبطاتها العمياء هي مصدر كل مشاكل ومصائب المنطقه والعالم ( مع حليفها الكيان الصهيوني) والمخابرات الامريكيه كانت وراء اكثر من 200 انقلاب حدثت في دول العالم عدا تدخلها السافر في شوؤن فلسطين ولبنان والصومال والسودان ودولاسيا وافريقيا وامريكا اللاتينيه وغيرها ناهيك عن ابغض ما فعلته عندما احتلت أفغانستان والعراق وما تسببه اليوم من إشكاليات خطيرة لكل دول ألمنطقه .. كما نتمنى على شعوب امريكا ذاتها ان يهضموا حقيقة ما يصيبهم من كوارث ومنها حرائق كالفورينا الاخيره وما تركته في نفوسهم من الآم وحسرات على ما فقدوه ونعرب لهم عن مواساتنا واسفنا لما لحق بهم وفي نفس الوقت نقول لهم انالذي اصابهم بفعل اراده الهيه طبيعيه وكل ما عانوه وشاهدوه من دمار وخراب لايشكل الا قطره في بحر مما تفعله حكومتهم بشعوبنا يوميا من كوارث تفوق الحرائق والزلازل والأعاصير وغيرها فهل يمكن للشعوب الامريكيه بعدما عاشته من كوارث طبيعيه ان تفعل شيئا لدرء مصائب حكومتهم عنا .

ان المعلومات الوارده من اروقة عملاء الاحتلال في العراق تشير الى تهيئة سبع مباني لاسقبال البارزاني في المنطقه الخضراء في بغداد تحسبا لهروبه مع ثلته من شمال العراق ليكونوا بأمان حيث يمكن ان يدافع عنهم اسيادهم الامريكان لان البارزاني والطالباني لايخشون الاتراك بقدر خشيتهم من ابناء شعبنا الاكراد العراقيين الاصلاء فعاجلا ام اجلا سيكون تقرير مصير من باعوا ضمائرهم وسلموا العراق للاجنبي المحتل على يد الشعب العراقي سواء كان ذلك في الشمال او الوسط او الجنوب فالعراقيين الشرفاء قلبا واحدا وارداه واحده وهذا ما اثبتته الايام وستؤكده الايام القادمه بعون الله .

 

 

 

 

شبكة المنصور

الخميس /  28 شــــوال 1428 هـ  الموافق  08 / تشــريــن الثاني / 2007 م