بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

بيان
نقابة المحامين العراقيين في الذكرى ال59 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان

 

 

شبكة المنصور

ضياء السعدي / نقيب المحامين العراقيين

 

·   في اليوم العالمي لحقوق الإنسان: شعب العراق يتعرض لأشد الجرائم خطورة وانتهاكاً لحقوقه الأساسية في الحياة والحرية والعيش بكرامة وأمان.

·   غزو العراق واحتلاله بالقوة العسكرية الأميركية عدوان على استقلاله وسيادته وصيغة استعمارية جديدة لتقسميه ونهب ثرواته الوطنية.

أدى الاحتلال العسكري الأمريكي للعراق الذي سيدخل بعد شهور عامه الخامس إلى تدمير كيان الدولة ومؤسساتها وأجهزتها في سابقة لم تشهدها البشرية من قبل وعلى خلفية المفاهيم والسياسات المتعلقة بالتدخل العسكري في شؤون الدول المستقلة و"الفوضى الخلاقة" وتقويض مبدأ السيادة الوطنية وإعادة تكوين الثقافة والهوية بما يخدم المشروع الأميركي الصهيوني الاستعماري الرامي إلى تجزئة العراق والهيمنة على الثروة النفطية لصالح الإدارة الأميركية وشركاتها وإقامة القواعد العسكرية لتقوم بدور استراتيجي يتجاوز حدود المنطقة الإقليمية.

وقد رافقت المشروع الأمريكي عملية سياسية غير مؤهلة لقيادة العراق مبنية على أساس التفريق الطائفي والقومي والإثني أفرزت العديد من القوانين والقرارات المقيدة للحريات العامة ومبادئ الديمقراطية وأجازت التدخل الحكومي بالشأن الخاص بالمنظمات النقابية والمهنية والمجتمعية وبما يؤمن فرض الوصاية الحكومية عليها وخرق استقلالها واحتكار العمل السياسي والحزبي باعتماد صيغ الإقصاء وإسقاط الحقوق المدنية والسياسية تجاوزاً على سلطة القضاء, وكذلك بناء مؤسسات الدولة والأجهزة الحكومية والأمنية بعيداً عن المهنية والولاءات الوطنية.

وما تزال الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان مستمرة, وتصرّ جهات أجنبية إرهابية وطائفية عديدة على ارتكابها.

وقد أصبحت هي الغالبة على المشهد العراقي اليومي وعلى امتداد سنوات الاحتلال مما يؤكد سقوط العملية السياسية التي تقودها سلطات الاحتلال العسكري في هذا الجانب أيضاً, ويفضح زيف ادعاءاتها بإقامة الديمقراطية وتعزيز الحريات وحماية حقوق الإنسان بعد أن أشرت تقارير المنظمات الدولية حجم الكارثة الإنسانية التي حلت بشعب العراق ليصبح مصنفاً ضمن أولى مجموعات الدول في مجال تدهور حقوق الإنسان وخاصةً في مجال حقوق المرأة والطفل والتعليم والصحة والخدمات والبطالة.

إن نقابة المحامين وهي تحيي مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 15 كانون الأول 1948 إنما تنطلق من مسؤوليتها القانونية والمهنية والأخلاقية فتدعو جميع المحامين العراقيين إلى تفعيل دورهم المؤثر وتصعيده في الدفاع عن حقوق شعب العراق وحرياته الأساسية واللجوء إلى وسائل التعبير الديمقراطي عن مواقفهم الصلبة إزاء هذه الانتهاكات وأن يضعوا نصب أعينهم التي رصدت مبكراً هذه الانتهاكات والمخاطر والآثار التي ترتبت عليها وبما يساعد على تحديد المهام المقبلة على هذا الصعيد وتسليط الأضواء على مفردات الكارثة الإنسانية الكبرى التي راح ضحيتها أكثر من مليون مواطن من العراقيين, والإيغال في النهج الدموي المتمثل بالقتل والاغتيال والظهور المرعب للجثث المجهولة الهوية التي تقترف يومياً خارج نطاق القانون.

وأمام استعراض انتهاكات حقوق الإنسان العراقي وهي ومتعددة في أكثر من مجال وصعيد وموثقة بتقارير دولية بالأرقام والوقائع, تبرز أمامنا عمليات النزوح الداخلي الإجباري ضمن المدينة الواحدة, والتهجير القسري للملايين من العراقيين اللذين لجأوا إلى شتى دول العالم, هذا إضافةً إلى الاعتقالات الكيفية والتدابير المفقدة للحرية التي تمارس من قبل القوات العسكرية المحتلة والأجهزة الأمنية العراقية واللجوء إلى أفعال التعذيب والمعاملة الحاطة للكرامة الإنسانية, يقابل هذا حجز واعتقال أكثر من سبعين ألف عراقي في مراكز لا تتوفر فيها أدنى الشروط القانونية, واختلاط الكبار والصغار فيها, ومنع الهيئات العراقية والدولية المعنية كاللجنة الدولية للصليب الأحمر من زيارة جميع أماكن الاحتجاز الدائمة والمؤقتة في الوقت الذي لا يستجيب الاحتلال العسكري والحكومة العراقية للمطالبات الداعية إلى إطلاق سراح المعتقلين الأبرياء رغم مرور مدة طويلة بدون استجواب أو تحقيق أو توجيه أية تهمة, وما تزال المليشيات والمجموعات المسلحة التابعة إلى تنظيمات سياسية طائفية وعصابات الجريمة المنظمة والشركات الأمنية الخاصة تتمتع بالحصانة القضائية المعلنة وغير المعلنة تحول دون مساءلتها عن ارتكاب الجرائم الدموية أو الخطف أو العدوان على المال العام أو الاستحواذ على العقارات العائدة للدولة أو للمواطنين بالقوة أو عن طريق التزوير والتلاعب بالسجلات والعائدية العقارية في إطار ظاهرة العقود الوهمية وسرقات ونهب المال العام والنفط وتفشي الفساد الإداري والمالي في الأجهزة الحكومية واختفاء العشرات من مليارات الدولارات بين المسؤولين الحكوميين العراقيين والأمريكيين.

إن الجرائم الإنسانية محرمة بالقوانين والمعاهدات الدولية وهي لا تقبل العفو أو المصالحة ولا تسقط بالتقادم, وإن العمل على تحقيق مساءلة قضائية جنائية وملاحقة المتورطين من مرتكبي هذه الجرائم ضد أبناء الشعب العراق وأمواله العامة وبغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية والسياسية والطائفية التي يجب أن لا توفر لهم أية حماية, باتت قضية واجبة التنفيذ تفرضها المسؤولية القانونية والحقوقية والوطنية, وإن نقابة المحامين قد وضعت مشروعاً تنفيذياً لهذه المهمة الوطنية العاجلة يحدد المتهمين ولوائح الاتهام وتفاصيله وأدلته القانونية ضمن ملفات قضائية يستند إليها في تحريك الدعاوى الجزائية أمام القضاء سيباشر فيها في الوقت المناسب.

وإذ نمضي في تحقيق مشروعنا الوطني هذا (المساءلة العادلة) نناشد المنظمات القانونية والإنسانية كافة مؤازرة ومساندة قضيتنا العادلة وبما يضمن حقوق شعب العراق والاقتصاص من مرتكبي الجرائم الإنسانية

ولترتفع أبداً راية الحق والعدالة والقانون...  

 

 

 

 

 

 

شبكة المنصور

الجمعة / 19  ذو الحجة 1428 هـ  الموافق 28/ كانون الأول / 2007 م