بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

أوطان في مزاد الخريف الدولي

 

 

شبكة المنصور

 الوعي العربي

 

منذ بدء القطيعة بين كل من حركة حماس وفتح عقب ما اُطلق عليه بانقلاب حماس علي الشرعية وحسم قضية الإنفلات الأمني في قطاع غزة ويومياً يخرج علينا رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في رام الله بالضفة الغربية بالمزيد من الخطوات التي تُكرس لإنفصال الضفة عن غزة في الوقت الذي يرفض فيه ورئيس وزرائه سلام فياض إجراء أي حوار أو لقاء مع أي مسئول من شركاء القضية من حماس ويرفضوا أي حوار يهدف إلي رأب الصدع أو وساطة أي من القوي الفلسطينية أو العربية أو مبادرات شخصية قامت بها بعض الشخصيات القومية لعودة تشكيل حكومة وحدة وطنية في ذات الوقت الذي نجد هذه السلطة تتمسك بعقد لقاءات مع رئيس وزراء الكيان الصهيوني اولمرت وأركان إدارته اقل ما توصف بانها لقاءات عديمة الجدوى اللهم عدة لقطات امام عدسات الكاميرات علي كام حضن وقبلة من هذا الأفعي الصهيوني في الوقت الذي يبدو علي عباس النشوة لعناق اولمرت علي الرغم من تأكيد الصهاينة أنفسهم أن ما يجري خلال تلك اللقاءات لن تكون بالضرورة خاضعة للتنفيذ كما أن التجارب مع الصهاينة تثبت كل يوم أنهم يتلاعبون بالعرب والفلسطينيين من خلال مناوراتهم التي أتقنوها جيداً مع محيطنا العربي عبر سنوات الصراع العربي الإسرائيلي .لقد إختار أبو مازن عزل نفسه عن شعبه و القي بنفسه مختاراً في الحضن الأمريكي والإسرائيلي إلا إننا لا نريد أن نصُب كل اللوم علي عباس وحده فهو لا يختلف عن كثير من العرب الذين يتخذون البيت الابيض قبلة لهم ويحجون اليه ويطوفون حوله لكي يرضي عليهم الراعي الأول للديمقراطية في العالم فالكل يراهنون علي الراعي الأمريكي ولكن ما يدمي القلب أن قضية كل العرب فلسطين لا تحتمل المساومات أو المغامرات أو المفاوضات العقيمة واللقاءات الحميمة بين أركان الإدارة الأمريكية والإسرائيلية من ناحية وحكامنا ورئيس ما يسمي بدولة فلسطين لكي يراهنون عليها ولا نعرف ما سر هذا الرهان مع تشدده في ذات الوقت مع شركائه من حركة حماس والجهاد وغالبية الشعب الفلسطيني و مع فتح ايضا لقد وجد عباس ضالته في اولمرت لاعتقاده بان اولمرت شخصيية مهتزة وضعيفة ومن الممكن أن يجلس واضعا ساق علي ساق ويشعر أمامه بشعور الرؤساء متجاهلا شعبه الذي قاسي وعاني وفقد كل غالي ونفيس لوقف الطموح الإسرائيلي عن طريق التفاوض المنقوص علي الرغم من أن مشروعه سيتحطم ووقتها ستتخلي عنه أمريكا وإسرائيل كما تفعل دائما مع كل من يقدم خدماته مجاناً لهم والتضحية به عند اقرب مقلب للنفايات ليجد نفسه وحيداً في مهب الريح .

أن الإدارة الأمريكية الحالية وكل السياسات الأمريكية التابعة إلي اللوبي الصهيوني لا يهمها حل القضية الفلسطينية بل علي العكس أن إسرائيل ومن خلفها أمريكا يريدون فرض هيمنتهم وتنفيذ مشاريعهم الشرق أوسطية من خلال فرض الشروط والتبعية وقيادة قطيع من النعاج بعصا الترهيب والرضا والمعونات التي تاتي مغموسة بدماء الشهداء من العرب والمسلمون .

 لقد اختار الشعب الفلسطيني المقاومة طريقا لهم وأدركوا منذ البداية أن العدوان والإحتلال لن ترده سوي القوة أما التوسل وزرف الدموع والإستسلام فلا ثمن لهم خاصة في مواجهة عدو اتسم بالخسة والخيانة وأن مشروع عباس وقريع وعبد ربه وعريقات ودحلان في مواجهة المقاومة يأتي طبقا للدور المرسوم لهم من قبل من يدعموه ويساعدوه ليس حبا أو إخلاصا له ولكن لتوسيع هذه الخلافات بين الفلسطينيين لصالح المشروع الأمريكي الصهيوني والوصول إلي مرحلة الحرب الأهلية بين شركاء الوطن لكي يتكفلوا ببعضهم البعض إلا أن مشروعهم محكوم عليه بالفشل مهما طال عليه الزمن.

نحن لا نوجه كل اللوم لرئيس السلطة ابو مازن ولا نبرئ حماس من بعض الأخطاء التي وقعت فيها أو سقطت فيها وهي قبولها المشاركة في العملية السياسية القائمة وتخليها عن سلاح المقاومة ربما إعتقاداً منها بأنها ربما تستطيع فعل شئ يخدم القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني ولكن اخطأ ابو مازن في محاولة إنفراده بالسلطة بوصفه المسئول الوحيد عن الشعب الفلسطيني محاولاً تهميش جانب كبير من الشعب بحجة انه من يملك الشرعية وان باقي الأطراف لا تملك سوي الرضوخ إلي هذه الشرعية وعليه نقول أن الوضع الفلسطيني يختلف عن أي نظام عربي يستأثر فيه الحاكم علي السلطة و علي الشرعية في كون فلسطين ترزح تحت الإحتلال ولابد من مقاومة هذا الإحتلال بكل أشكال المقاومة و يجب بالا نسلم بأي شكل عن ثوابت هذه القضية أو حتي الي الحد الادني من الحلول إلا أن يبدو هدف أبو مازن هو أن يكون رئيسا بلا دولة وسوف يخسر كل شئ إذا ما تمسك بانفراده في إجراء مفاوضات مصيرية بدون الرجوع لشركاء الوطن .

إن ما يجري الأن في إطار الإنتقال بالصراع الفلسطيني الدموي علي السلطة المفقودة والذي تجسد في حمام الدم أثناء الإحتفال بالذكري الثالثة لابو عمار والمؤسف ما تسعي إليه قيادة فتح الأن بالإشتراك مع الصهاينة علي مد الصراع من الداخل إلي الخارج للامم المتحدة بدعوتهم المنظمة الدولية لإصدار مشروع قرار باعتبار حركة حماس ميلشيات إرهابية وهذا القرار الدولي وبكل أسف إذا ما صدر يتيح لإسرائيل إقتحام غزة ووصف حماس بالخروج عن الشرعية الدولية كما فعلت أمريكا بالعراق وفي مقابل الإنشغال الفلسطيني علي السلطة يدفع الشعب الفلسطيني فاتورته بالدم مقابل الإقتتال الفلسطيني الفلسطيني وعلي ضوء هذا الإنشغال يأتي إتفاق عباس و اولمرت علي تشكيل إقرار وثيقة مشتركة تشكل أساسا للمفاوضات بعد المؤتمر المزمع عقده في انا بوليس أمريكا في خريف هذا العام علي الرغم من رفض اولمرت دعوة عباس إلي وضع جدول زمني محدد لحل قضايا الوضع النهائي ولم تقدم إسرائيل ما يشير الي نواياها السلمية فيما الطرف الفلسطيني ممثلا في ابو مازن يؤكد أن لقاء الخريف الأمريكي سيخرج بما يحقق طموحه في إقامة الدولة الفلسطينية وإيجاد الحل السياسي للازمة التي مر عليها أكثر من نصف قرن فالرئيس الفلسطيني ومن يدعمه من الأنظمة العربية والتي بالطبع تدعم أمريكا وإسرائيل تتحمل تبعة إقامة السلام الإسرائيلي الفلسطيني بغض النظر عن المسارات العربية الأخرى علي الرغم من أن إسرائيل أعلنت عن ماهية وجوهر مؤتمر الخريف حيث صرح بعض ساسة إسرائيل من أن المؤتمر ليس لقاء من أجل دفع مسيرة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية حول التسوية الدائمة وإنما هو قضية أمريكية تتعلق باستعداد الكيان الصهيوني لمساعدة بوش في ضائقته السياسية قبل الوصول إلي نقطة الحسم في مواجهة ضرب إيران وأن غرض التسوية سيمكن أمريكا من حشد الدعم الدولي وإقامة تحالف عربي من دول ما يسمي بالإعتدال العربي ضد إيران مع إفراغ قضية فلسطين من مضمونها بإجهاض حق العودة من خلال إعتراف عربي فلسطيني مسبقاً بان إسرائيل دولة ذات طابع يهودي كشرط للتوصل لوثيقة المبادئ المطلوب إعلانها وهو ما يعني عدم السماح بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلي أراضيهم داخل دولة إسرائيل اليهودية وحقهم في العمق التاريخي للكيان اليهودي علي الأرض والغريب في الأمر أن تخرج علينا أصواتًا عربية لتعلن بان فلسطين ليست معنية بالإعتراف أو لا اعتراف وإنما المعني بذلك هي المنظمة الدولية للامم المتحدة التي لها الحق في تضمين دولة إسرائيل بالدولة اليهودية وبذلك نكون كمن يبحث عن مخرج لهذه الورطة أو يبحث عن حلول لإنقاذ إسرائيل من هذا المأزق فكم من حقوق ضاعت وانتُهكت علي يد هذه المنظمة الدولية هكذا تفكر بعض العقول العربية وتكون أكثر صهيونية من الصهاينة ذاتهم هكذا يفكرون في بيع الأوطان والقضايا عن طريق المزاد الدولي العلني وسوف تسعي إسرائيل إلي مزيد من الحصار والدمار والقتل وبناء المستوطنات والإستيلاء علي الأراضي وتخريب وهدم المسجد الأقصى بعمل الأنفاق من تحته وتهويد القدس وعدم أحقية اللاجئين في العودة إلي ديارهم ومزيد من الإعتقالات والأسر ولن يبقوا علي شجر أو حجر طالما هناك غطاء اسمه المفاوضات أو المناورات أو المؤتمرات ولا بديل عن ذلك كله إلا بسلاح المقاومة فهم يخشون الأسطورة الحقيقية والتي تسمي بالمارد العربي الذي يقاوم كل أشكال الاستعمار وعلينا أن نستيقظ نحن العرب من ثُباتنا هذا وكفانا صداقة وشراكة ولباقة وحبا وهياما للشيطان الأمريكي والصهيوني حتي لا نستيقظ يوما بعد فوات الأوان ونفاجئ بضياع وخراب ما تبقي وسقوط دولة عربية أخرى.

 

 

 

 

شبكة المنصور

الجمعة /  13  ذو القعدة 1428 هـ  الموافق  23 / تشــريــن الثاني / 2007 م