بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

ذكرى الشهيد تملأ دنيا العروبة ومجد العراق يأبى الأفول

 

 

شبكة المنصور

الأستاذ الهادي المثلوثي

 

لقد كان الموت حقا والأعمار بيد الله وقد كانت الشهادة أمنية كل مؤمن مجاهد وكل مناضل جسور وقد كان صدام المؤمن بقدره والمعتز الواثق بمشيئة ربه جديرا بأن ينال التكريم والتخليد، فاستشهد محفوفا بعزة النفس وسمو المبادئ وقيم الرجولة وشهامة الأبطال. لم يتمكن الأعداء من زعزعة إيمانه وهز وجدانه ولا تحييده عن مبادئه الوطنية والقومية.

لقد استجمع خصال العروبة وامتثل قيم الرسالة وسما بقيم الجهاد الى مستوى القديسين في زمن تحتاج فيه الأمة إلى أمثاله. أدى ما عليه وأكثر فكان رمزا ملهما وقائدا استثنائيا في أشد مراحل التاريخ اختلالا واضطرابا. بنى ووحد العراق فشد انتباه الأحرار الأصدقاء وإليه رنت النفوس المتطلعة الى الكبرياء والحرية مما أثار غيض الأعداء والمناوئين من الأشقاء على حد سواء.

لم يكن صدام شخصا عاديا ولم يكن حاكما مفتريا كما هم حكامنا الدمى وملوكنا الجبناء وأمراؤنا العملاء. لم يحكم العراق بل تحكم بتطلعات وطموحات الجماهير وشغل القاصي والداني ممن يتربصون بوحدة وتحرر الأمة فلم يتركوا وسيلة للإطاحة به بهدف الإطاحة بكل الأمة وآمالها.

لم يمت صدام كما يشتهي الأعداء وأراد المتآمرون والخونة بل تحول عبر الاستشهاد إلى بطل خالد ورمز للأمة لينغص على من أرادوا به كيدا ومن اغتياله درسا لمن يأبى الخنوع والاستسلام. أرادوا إزاحته من الواجهة وإسقاط مشروعه الانبعاثي ليخلوا لهم العراق ويتمكنوا من احتوائه وليحققوا من خلال ذلك إنهاء دوره الريادي وإحباط الأمة وإذلالها.

واجههم صدام بكل عنفوان الثورة في الأمة وبكل قيم العروبة ومبادئ العقيدة فأخزاهم وهو حي وأسقطهم إلى الحضيض وهو شهيد فازداد العراق به شموخا وثورة على الظلم والاحتلال وازدادت به الأمة بعثا لروح المقاومة والجهاد.

كان فكره يأسر العقل وإيمانه يهز الوجدان، له موهبة في بعث روح الأمل وتحرير الإرادة فوجد شعبه فيه القائد الملهم والثائر المحرر، فانبعث الشعب العراقي وانطلق حرا كريما يتحدى المستحيل ويعلي البناء في زمن الحرب والسلم، يجيد التضحية والسخاء في محنة الحصار وفي حالة الرخاء. كان هو ذلك العراق بقيادة صدام وهذا هو صدام الذي أراده ويريده شعب العراق. كان رجلا كشعب وشعبا كرجل واحد، يد تبني ويد تقاوم، لا فرق بين هذا وذاك ولا ميز بين ملة وأخرى، جعل الوطن للجميع والجميع في خدمة العراق وفي خدمة الأمة العربية والقيم الإنسانية. فكان صدام بتلك المكانة هدية البعث للعراق وهدية العراق للأمة كما يقول مؤسس البعث ومفكر العروبة.

وباقتداره على تعزيز وحدة العراق وعلى كسب التأييد الشعبي المطلق عراقيا وعلى امتداد أرض الأنبياء، صار العراق حصنا منيعا للعروبة وقلعة تحرر وطني وقومي في زمن الردة والاستسلام. وكان قدر العراق أن يخوض معركة الانبعاث العربي متفردا وأن يجهد نفسه ليحرر نفطه ويوطد اقتصاده ويبني قوته العلمية والعسكرية وأن يقود المواجهة المفتوحة في التصدي لأعداء الوحدة والحرية والعدالة والكرامة العربية. صار العراق على طريق البناء المستقل والتحرر الشامل فأغضب قوى الهيمنة والاحتكار وضرب عراق البعث على أيدي المجوس الطامعة في أرض العرب وصد رياح الثورة الخمينية الغادرة فأثار حقد الفرس العنصري والطائفي، وشل أيدي الخونة والانفصاليين في الشمال فاستعانوا بالصهيونية واستباح وكر العمالة والرجعية في الجنوب فاستنجدوا بالإمبريالية وقصف تل أبيب عاصمة الظلم والاحتلال فاستثار حنق الغرب الصليبي والصهيونية العالمية.

وهل كان على العراق ألا يفعل وهو يؤمن بوحدة الوطن وسيادته وبوحدة الأمة وتحررها من المتطاولين على كرامتها ومن المعتدين على حقوقها والمحتلين لأراضيها. هل كان على العراق أن يكون تابعا حتى يكسب ود الأعداء وأن يكون ضعيفا ويقبل بانفصال الشمال وأن يستقبل المد الخميني صاغرا وأن يتجاسر أقزام الكويت عليه ويصمت وأن يستمر الكيان الصهيوني في انتهاكاته وجرائمه في حق الشعب العربي الفلسطيني ويظل رأسه في الطين وأن يستمر التآمر على كل نبض حي في الأمة ويكون شريكا في الاستسلام العربي الرسمي وتخاذل الأنظمة المطلق؟.

فعل العراق ما تمليه عليه عروبته وعقيدته، وعمل صدام على أن يكون فعله تاريخيا يفخر به الأحرار في الحاضر والمستقبل واستشهد صدام وظل العراق العربي الحر على طريق الثورة مجاهدا عنيدا ومقاوما لا يلين. فهل هزم العراق أم دخل التاريخ من بابه الكبير ودشن عهدا جديدا لقيم الصبر ومعاني البطولة والتحدي مما أوقع قوى الشر والعدوان في مستنقع بلا قاع؟.

ألم يكن العراق على حق؟ ألم يكن صدام مصيبا في مشروعه الانبعاثي المقاوم؟ ألم يكن البعث من عقيدة الأمة ومشروع بناء ونضال؟. أليس من حقنا الافتخار بقوافل الشهداء لأنهم الأكرم منا جميعا والخالدون أبدا؟. أليس من واجبنا مقاومة المحتل ولعن من كانوا به سعداء من حكامنا ومن كانوا له أعوانا في العلن وفي الخفاء؟. ألا يحق القول فيهم خسئتم يا سادة الفجور والخيانة ونماذج الذل والمهانة. وبالمقابل، ها هي ذكرى الشهيد تملأ دنيا العروبة تكريما وتمجيدا وها هي عفونتكم تزكم الأنوف ولعنة الشرفاء والأحرار تحاصركم من كل صوب وريح. فالرحمة وطيب الذكرى للشهداء والنصر للأوفياء الثائرين والخزي نصيبكم في الدنيا والآخرة.

 

تونس في 25-12-2007

 

 

 

 

شبكة المنصور

الخميس / 18  ذو الحجة 1428 هـ  الموافق  27 / كانون الأول / 2007 م