بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

"أن الأمريكان سينتحرون على أسوار بغداد"

"يعيش شعبنا العظيم وأمتنا المجيدة"

 

 

شبكة المنصور

علاء الشمري

 

 في البداية تحية الى المقاومة العراقية وفصائلها الطليعية المجاهدة التي تسطر بتضحياتها ودمائها الزكية ملحمة من اعظم ملاحم المقاومة العربية والبشرية بوجه مشروع الامبراطورية الامريكية الذي يتصدع على صخرة اسوار بغداد المقاومة. تلك الاسوار المتمسكة بخيار المقاومة الاستراتيجي اللامرتد لتحرير العراق. 

في هذه الايام تمر الذكرى السنوية الاولى لاستشهاد الرئيس صدام حسين, حيث نسترجع معكم ذكرى ذلك الاغتيال السياسي بمزيج من مشاعر الحزن والغضب ولكن ايضا بمشاعر العزة والفخر لتلك اللحظات البطولية الاخيرة لحياة الشهيد وهو يواجه ممثلي الاحتلال الامريكي-الايراني الملثمين خوفا في طريقه لوداعنا والخلود في عالم الشهداء  عند رب العالمين.

 تلك اللحظات التي تحولت بوعي وبلاوعي حتى للخصوم السياسيين الى ذاكرة جمعية عراقية متخطية المخيلة البشرية لتختزل قيم الرجولة والفروسية والنضال في الدقيقتين والنصف الاخيرتين لحظة غياب الروح.

 في تلك اللحظات يتجاوز الرئيس صدام حسين زعيق الغربان الفارسية الصاعد من تحت حذائه بهدوء وسكينة فكرية ويستعد لتسليم الروح بالشهادة وبكلمات "عاش العراق، يسقط الأمريكان والمجوس، عاشت فلسطين عربية، والله اكبر والنصر للمقاومة", ليودعنا والعراق تحت الاحتلال والمقاومة! . تلك اللحظات التي أرادها المحتل الامريكي-الايراني ان تكون محفزا ودافعا لمزيد من الاستفزاز الطائفي بين العراقيين لتنكشف بسرعة وتنقلب ضدهم كونها مؤامرة ثلاثية الابعاد ؛ فتل ابيب قالت؛ ( هو حكم العدالة القانونية) وتبجحت طهران؛ (انه حكم العدالة الالهية) وقالت واشنطن؛ (انه حكم سلطة العدل المستقلة).!!

 التوافق والتزامن بين الثلاثي واضح لكل من له بصر وبصيرة.

اليوم ونحن نستعيد الذكرى الاولى لاستشهاد القائد التاريخي صدام حسين لايسعنا إلا ان نحيي ذلك القائد الذي اختتم تاريخا سياسيا مفعما ومكللا بالنضال الدؤوب والتحدي الواعي والتصميم المبدئي في السعي والتضحية بهدف نهوض وتحرر العرب من الهيمنة الغربية. ذالك النضال الذي كللته القيادة العراقية التاريخية بتحقيقها لمشروع التقدم العلمي التكنولوجي في العراق والذي ابتدأته بقرارات؛ التاميم الخالد, وبيان 11 اذار التاريخي, ومعاهدة الصداقة والتعاون مع الاتحاد السوفيتي التي كان لحزب البعث بشخص القائد صدام حسين شرف اتخاذها.

 لقد استحق الرئيس الشهيد وبجدارة الوصف الذي وصفه الاخ المناضل حمدان حمدان بأنه "ابو الحداثة وبانيها في العراق". كاسرا بذلك خط التخلف الاحمر الذي فرضه الغرب ضمن معادلة تقسيم العمل الدولي ومدخلا العراق في عصر الحداثة والتصنيع.

فمنذ اتخاذ تلك القرارات التاريخية وُضع العراق وقيادته الوطنية على سلم أولويات أجندة الامبريالية الغربية لمحاصرته واسقاط نظامه الوطني. فقد عبأ الغرب الامبريالي عملاءه وادواته المحلية والاقليمية ابتداءا من الجيب العميل في الشمال مرورا بايران الشاه وخميني وانتهاءا بالنظام الرسمي العربي لزعزعة وعرقلة الاستقرار والتنمية في العراق. غبي وجاهل بكل ألف باء السياسة إذا لم يكتشف بعد كم الاكاذيب التي صنعتها عقليات متآمرة بأن استهداف بلدنا لم يكن لا بسبب عار الكذب عن اسلحة الدمار بل لمنع بلدنا من التحول الى نموذج في امتلاك العلم والمعرفة والتي هي حكرا للكيان الصهيوني.. غبي من لم يكتشف بأن "ديمقراطية" ابو غريب وغوانتنامو هي أفضل ما لدى الامريكي وحليفه الصفوي، وإلا فليخبرنا هؤلاء الأذكياء عن دواعي قتل الادمغة العراقية...وما أنتجوه من إرتداد من دولة عصرية الى دول الطوائف واخيرا العشائر, فأي عار لدعاة "التحرر الاميركي" وهم يرون تمزيق الوطن الى ولاءات وتجهيل مرتد بالبلد الى عصور سبق خروج عراقنا منها قبل وجود الدولة الاميركية ذاتها..

لكن بفضل وعي وتصميم القيادة التاريخية في العراق وعدم مساومتها على المبادئ وتيقنها بحتمية المواجهة مع راس الامبريالية الغربية استطاع العراق تجاوز ودحر كافة المؤامرات كحرب خميني التوسعية ليخرج العراق منتصرا وبجيش جديد اسمه جيش العلماء العراقي, والذي باعتراف الغرب فيه مايقارب الخمسة الالف عالم حسب المعيار الغربي. حيث استطاع هذا الجيش ومن خلفه القيادة العراقية والشعب بانجاز معجزة جديدة تضاف للعراق وقيادته هي معجزة اعادة البناء والتعمير في تسعينيات الحصار.

لقد تحلى القائد صدام حسين بصفات قل نظيرها وندرتها في قادة التاريخ العرب، ليس فقط لجهة المصالح الاستراتيجية والاصرار على ان تكون للأمة موقعها الذي تستحقه على عكس الاقزام ممن يدعون حكاما ومخططين في منطقتنا. وعليه فقد كان رحمه اللة واعيا ومصرا على بناء المشروع التحرري الوحدوي النهضوي-العراق قاعدة المشروع- واضعا نصب عينيه جوهر ومسببات التخلف والتأخر الذي لازم العرب مئات السنين مشخصا اسباب ذلك التخلف بتبعية الانظمة الرسمية واليهمنة الغربية, وبأن لامناص للخلاص من هذا الوضع المتردي إلا عن طريق التحرر السياسي الاقتصادي الكامل للعرب. لقد تحلى القائد الرئيس بقناعة سياسية متاصلة حول طبيعة وشمولية الصراع القائم في المنطقة ولم يساوره اي شك بمتطلبات ذالك الصراع. فقد كانت القيادة العراقية ممثلة بشخص محورها القائد صدام حسين مدركة تماما لاليات الهيمنة الخارجية في التحكم بالقرار السياسي للدول النامية. فقد كان ثاقب النظر سياسيا واستراتيجي التفكير والخطط ملما بالكامل بشروط بناء الدولة المستقلة. ففي بداية السبعينات واثناء معركة التأميم المصيرية زار وفد عراقي الاتحاد السوفيتي برئاسة النائب صدام حسين حيث طلب الوفد من الاصدقاء السوفيت جدولة دين عراقي بقيمة 17 مليون دولار لمدة سنة واحدة فقط, حيث قوبل الطلب العراقي بالرفض من الجانب السوفيتي مما اضطر النائب صدام حسين للعودة الى العراق والتعليق بغضب "سنسدد الدين هذا العام, حتى لو اضطررنا لبيع ملابسنا"!  وفعلا فقد تمكن العراق من تسديد الدين السوفيتي في غضون فترة شهرين بعد زيارة الوفد العراقي!

هكذا كان الرئيس القائد صدام حسين واعيا وحريصا على استقلالية القرار السياسي للعراق حتى من تأثيرات دولة صديقة للعراق, الاتحاد السوفيتي. نورد هذة الحادثة ليس بشأن اجراء المقارنة مع حكومة الاحتلال الرابعة فشتان بين الثرى والثريا, بل لاستخلاص العبر والدروس ولتعرية امعات الاحتلال الامريكي-الايراني لبيعهم العراق ورهن ثرواته الطبيعية بيد الشركات الامريكية بمكالمة مع عراب الاحتلال بوش الصغير.

الحادثة الثانية على خاصية الوعي والمصداقية السياسية عند القائد صدام حسين نجدها في اجوبته في المقابلة التي اجراها معه الاستاذ محمد المسفر في الاول من تموز سنة 2002. ففي جوابه حول المعارضة السياسية يؤكد القائد على التمسك المبدئي للرأي المعارض لكنه يحدد ويشخص طبيعة المعارضة العراقية بالقول:

-لكن الذين تراهم في الصور مع أعداء العراق صفا واحدا والذين يتنقلون بين المحطات الفضائية العربية وغيرها ويتنقلون بين عواصم الدول الغربية المتربصة بالعراق يحضون الأعداء على النيل من العراق والعدوان عليه من أجل تحطيم كل إنجازاته. فهل هؤلاء جديرون بالاحترام؟

لنمعن النظر جيدا : أين انتهت ماتسمى المعارضة العراقية؟

كان الشهيد محقا بتشخيصه للمعارضة العراقية في الخارج, تلك التي وصفها الرئيس شافيز بالقول "ارخص العملاء في العالم موجودين في العراق".

الاستاذ محمد المسفر ينتقل لموضوعة اخرى هي حرية الصحافة والسماح لصحف مستقلة بالصدور, فيأتي جواب القائد صدام حسين مبدئيا مشخصا جوهر إشكالية الصحف المستقلة والديمقراطية بالقول:

- درسنا فكرة إنشاء صحف غير حكومية ماذا وجدنا.

هذه الصحف لن تكون لها القدرة على الاستمرار ما لم يكون لها مصدر تمويل قوي وهذا المصدر من أين يأتي؟

إذا كان من جهات أجنبية أو جهات لها ارتباط بقوي خارج العراق، أيا كانت هذه القوي، فهو أمر مرفوض لأنها ستكون تابعة لمن يدفع ولن تكون صحفا وطنية في هذه الحالة.

إذا كانت هذه الصحف ستعتمد على التمويل الحكومي فإنها بالضرورة ستكون تحت مظلة النظام السياسي وتعبر عن ما يريد النظام فما هي حكمة إصدار صحف مثل هذا النوع إذا كانت ستعتمد على تمويل حكومي.

هكذا كان القائد صدام حسين صادقا مع نفسه وشعبه ومبدئيا رافضا الهيمنة الغربية والاعيبها السياسية في السيطرة واخضاع الاخر سياسيا واقتصاديا وثقافيا. رافضا اذلال العرب والعراق باصرار الابي والمخلص والناكر للذات الشخصية. وهكذا سنتذكر القائد صدام حسين رغم كل محاولات المس والتشويه المبتذلة.

أين يمكنك أن تجد قائدا عربيا يصعد الى الشهادة دون أن يتراجع قيد أُنملة عن مبادئه.. حتى حين فقد ابنيه وحفيده ظل الرجل رجلا بكل معنى الكلمة مبديا الوطن على حزن انساني لفقد الولد.. أين من القادة العرب من يحمل صفة زعيم وهو الرافض كل مغريات الخروج بمبادرات رجال اميركا من حكام المنطقة... قالها سأبقى بين شعبي وعلى ارضي يتقرر مصيري... وظل الرهط يصدق كذبته عن حفرة سينمائية وكأن القائد هوشي منه الذي مرغ أنف أميركا في الوحل لم يعش في الاقبية.. هؤلاء هم الكذبة الذين باسم القائد صدام انتشروا يتنعموا لجوءا وكذبا.. لكن الشهيد وحتى اللحظة الاخيرة كان صداما يرفض المساومة التي كُشف عنها مؤخرا... فلو قبل لكان الان قديسا في معشر المنافقين الذين باعوا اوطانهم ومبادئهم في سبيل البقاء على كرسي الحكم وتوريثه الى الابناء.. أُذكركم بالرفيق عزة ابراهيم الدوري، من ذات المعدن الثوري، ألم يكن بامكان الرجل ان يفعل كما يفعل صغار النفوس إلا أنه على أرض العراق المقاوم واحد من القادة في مدرسة القائد الرجولية التي تجتاح عالمنا العربي والاسلامي... فماذا لدى معسكر الخونة غير الخيانة والعمالة..

يقولون أن التاريخ يكتبه المنتصرون، أتذكرون جورج بوش حين اعلن في الاول من ايار 2003 عن انتهاء المهمة؟ ها هو اليوم يكتشف وكل يمينه المتصهين بأن التاريخ لن يكتبه الا رجال العراق المقاومين الذين أصابوا العرب قبل الغرب بمسار التاريخ القادم بهزيمة اميركية ستمتد مؤثراتها من العراق الى فلسطين... تمهلوا ايها السادة وستكتشفون من سيكتب التاريخ الذي بدأت حروفه الاولى تصير الى جمل في شرق عربي غارق في عاره بينما الشعوب اكثر توقا للتحرر مما نعتقد..

لقد دخلت ياقائدا سيفتقدك العراق والعرب طويلا التاريخ من أوسع ابوابه.

سنتذكر كلماتك المعبرة "يعيش الشعب! تعيش الامة" "اللة اكبر والنصرللمقاومة"!

لك ايها القائد الشهيد ولشهداء القيادة الشرعية والمقاومة العراقية الابرار الرحمة والغفران, والفاتحة على ارواحكم الطاهرة

allaa-irq@hotmail.com

 

 

 

 

شبكة المنصور

الجمعة / 12 ذو الحجة 1428 هـ  الموافق 21 / كانون الأول / 2007 م