بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

راية الله اكبر تخفق في السماء .. رغم أنوف الخونة والعملاء

 

 

شبكة المنصور

علي الكاش / كاتب ومفكر عراقي

 

تحير بعض الناس من رجوع موضوع العلم العراقي إلى حلبة الصراع ثانية بين الفئات السياسية المتناحرة العراق. وهي ما أن تهجع قليلاً حتى تنهض ثانية بنشاط لتخلق مشاكل فيما بينها أو تكد للعثور على ما تستفز به العراقيين بإثارة اللغط في أمور لا نقول أكثر من أن الوقت غير مناسب لمناقشتها في ظل الأوضاع المتأزمة والتي بدأت حدتها تتناقص نوعا ما مما شجع بعض اللاجئين العراقيين للرجوع إلى نار الوطن مفضليها على نار الغربة التي كوتهم بعد أن استنزفت كل ما في جيوبهم وعقولهم وقواهم, ليجدوا أن مفاجأة أخرى كانت بانتظارهم فقد توسع مفهوم الاحتلال ليشمل بيوتهم التي احتلت من قبل الغير أو سرقت أو عبث بمحتوياتها رغم الخطط الأمنية الهزيلة التي قامت بها حكومة الاحتلال الرابعة التي أمنت رجوعهم إلى العراق ولكنها فشلت في تأمين بيوتهم عند غيابهم.

ولابد من الرجوع قليلاً إلى الخلف لمعرفة أسباب أثارة هذه الزوبعة المفتعلة في مثل هذه الظروف الحرجة,ضمن أهدافها الدعائية حاولت حكومة المنطقة الخضراء أن تجير عودة العراقيين إلى حسابها من خلال تأمين وسائط النقل المجاني من سوريا والأردن إلى العراق للتمويه عن نجاح خططها الأمنية,بالرغم من أن الاستماع إلى الإخبار اليومية وعدد الانفجاريات وجثث المغدورين ومحاولات الاغتيال تفند كل ادعاءات الحكومة في تحسن الوضع الأمني وتعصف بالخطط الأمنية لتركنها في حاويات القمامة, فقد توسعت المعارك باتجاهات متعددة, ففي الوقت الذي يقاتل فيه رجال المقاومة الشجعان قوات الاحتلال ويكيدوها يوما بعد آخر المزيد من الخسائر, فأن القوات الأمريكية بالتعاون مع قوات بدر تشن حملة من الغارات والاعتقالات ضد التيار الصدري, ومن المتوقع أن تزداد حدة هذه المعارك في جنوب العراق بعد انسحاب القوات البريطانية, سيما إذا نفذ صبر التيار الصدري وهو على وشك النفاذ كما تشير كل الوقائع, ومن المؤمل أن يتآزر حزب الفضيلة مع التيار الصدري ضد قوات بدر وحليفها قوات الاحتلال, وربما يجد التيار الصدري أن الوقت قد حان للدخول إلى ميدان الحرب الفعلية ضد قوات الاحتلال بدلاً من حرب الشعارات التي شنها بعد معارك النجف وكربلاء في عهد أياد علاوي.

في وسط العراق ما تزال المحافظات ومنها العاصمة بغداد وديالى تنذر بليالي ليلاء فقد فشلت قوات الاحتلال والحكومة العراقية في جميع خططها الأمنية لتحسين الوضع وما أن يخيم الهدوء إلا وتليه عاصفة هوجاء تعيد الأوضاع إلى ترديها السابق.

في الشمال الوضع لا يقل سوءاً فمع ابتداء العمليات الحربية التي شنتها القوات التركية ضد عناصر حزب العمل الكردي التي تتخذ من شمال العراق وبتواطؤ من الزعماء الأكراد أوكارا تنطلق منها لشن العمليات الإرهابية ضد تركيا التي تكبدت عن ما يزيد عن(75) ألف قتيل منذ عام 1984 ولحد الآن, ورغم إن العمليات كانت محدودة لكنها صدعت رأس الزعماء الأكراد عندما وجدوا أن أيديهم مشلولة عن أي عمل لدرء هذه الهجمات باستثناء مطالبة الأخوة في أوربا لنجدتهم وتقديم المساعدات للمنكوبين في ظل صمت الراعي الأمريكي وقطعان المنطقة الخضراء. وقد أكد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان تصميم حكومته على بذل كل الجهود الممكنة من اجل القضاء على حزب العمال الكردستاني الإرهابي, مضيفاً" أقولها بسرور أن العمليات كانت ناجحة تماماً".

والحكومة العراقية لم تؤمن له ما يحتاج فهي نفسها ما تزال تلعق بقايا الفشل في خططها الأمنية وهي غير قادرة على تأمين الحماية لنفسها فكيف للأكراد, ولم يكن لها مناص سوى أن تستجدي من تركيا التنسيق معها عند شن الهجمات كأنها وحدة عسكرية تابعة إلى تركيا, كما أن مجلس النواب العراقي معطل بسبب كارثة الحج الجماعي لمجلس النواب الذين حجوا نيابة عن الشعب العراقي ولغرض التكفير عن ذنوبهم التي لا حدود لها. والزعيم البرزاني يدور في فلك الحيرة فليس لدى بيشمركته القوة لتصد اية عملية عسكرية فأن قدرتها لا تتجاوز تأمين الحماية له ولحكومته المعوقة فقد أدرك أن قواته أضعف من أن تشارك في حرب, وكل ما قيل عن استعدادات وتحديات ودفاع عن الإقليم لم يكن أكثر من زوبعة في فنجان. والشعب الكردي المسكين المبتلى بهؤلاء الشرذمة أنفرط عن قادته نازحا إلى مناطق أكثر أمان داخل أو خارج كردستان, بل تحرك بشكل موجات كبيرة إلى أوربا طلبا للجوء بدلا من الدفاع عن حياض الإقليم, منتهزين فرصة الهجوم التركي التي ستوفر لهم إمكانية الحصول على اللجوء فيها.

القائد العسكري الهمام البرزاني الذي قضى شطراً من حياته في الجبال محارباً الجيش العراقي البطل قد تعود حياة البذخ والرفاهية وهو لا يستسيغ العودة إلى التسكع ثانية في الجبال الوعرة مستذكرا حياة العصاة. ولا يستطيع أيضا اعتراض طريق المارد التركي أو يتلافى صفعاته الشديدة, والصديق الأمريكي الوفي للأكراد وقف مكتوف الأيدي تجاه ما يحدث فتركيا حليف مارد وليس حليف قزم, والتضحية بالقزم مقبولة من وجهة نظر المصالح, وهذا ما ذكره صراحة رئيس هيئة الأركان التركي الجنرال يسار بوبوكانيت بقوله" فتحت أمريكا المجال الجوي العراقي لنا الليلة الماضية فأعطتنا بذلك الموافقة على هجومنا. كما أن الكيان الصهيوني أبعد من أن يدخل نفسه بشكل مباشر أو غير مباشر في هذه المعارك بموقف يحسب عليه من قبل الأتراك إذن الحلفاء جميعا انفرطوا والبقاء وحيداً في الميدان يعني الخسارة وليس سواها.

الزعيم البرزاني ترك كردستان قبل بداية الهجوم في زيارة إلى أوربا وقيل للنمسا ولم يكن الهدف من زيارته تأمين الحصول على مدافع نمساوية عيار (180) ملم كما جرى في زيارة طارق عزيز للنمسا خلال الحرب العراقية الإيرانية وإنما لمعالجة أسنانه! وكانت الزيارة كما كشف عنها رئيس ما يسمى وزراء كردستان محط دهشة الكثيرين بما فيهم أصحاب الأسنان السليمة, فعندما تكون الحرب على الأبواب هذا يعني الانصراف كلياً لها فهكذا تعلمنا خلال الحروب السابقة حيث كان هناك حشد إعلامي وسياسي واقتصادي واستحضارات وتحركات على المستوى الوطني والعربي والإقليمي والدولي وزيارات ميدانية لمواقع جبهات القتال ومؤتمرات وندوات وخطط طوارئ واستعدادات للدفاع المدني وتأمين العلاج الصحي, بمعنى نفير على كل المستويات الرسمية والشعبية. أما أن يترك البرزاني كل ذلك خلفه ويتوجه إلى أوربا لمعالجة أسنانه المسوسة كنظامه فهذا أمر يثير الدهشة.

وقد تساءل الكثير عن طبيعة الدولة الكردية القادمة التي يطالب البرزاني باستقلالها ويهدد بذلك كل مرة فأن كانت هذه الدولة غير قادرة على تأمين العلاج لأسنان رئيسها فهل يا ترى تتوفر فيها بقة مقومات الدولة؟ كما يبدو أن الشعب الكردي في وادي وزعمائه في وادي آخر, لذلك لم تكن دعوة البرزاني لشعبه بمساعدة النازحين عن جبهة القتال سوى تعبير واضح عن عجز القيادة الكردية عن تأمين الدفاع والحماية لشعبها وتركته ليتلقى مصيره وحده.

كانت البيانات العسكرية التركية قد كشفت عن استخدام أسلحة طويلة المدى للقوات البرية قامت بدعم العمليات الجوية, وأشارت إلى استمرار العمليات العسكرية وفقا لاحتياجات الجيش لتصفية حزب العمال الكردي الذي قوامه (3)آلاف مقاتل ويتخذ من شمال العراق قواعد لانطلاق عملياته الإرهابية. وكالملاكم المترنح الممسك بالحبال خشية سقوطه لم يجد رئيس الإقليم ما يسعفه من كلمات حول الهجوم التركي أكثر من وصفه بأنه" جريمة بشعة" مطالباً محافظي السليمانية واربيل والمنظمات الحزبية أن تقوم بواجبها الوطني والإنساني لإسعاف وإغاثة المتضررين المدنيين بجدية ولم أفهم ما المقصود بكلمة "جدية". في الوقت الذي أنكر رئيس هيئة الأركان التركية توجيه ضربات لأية أهداف مدنية.

الظروف في كردستان يعتم على حقيقتها الإعلام الموجه من الطالباني والبرزاني, فالأكراد يعانون من نقص حاد في الكهرباء ففي الصيف يزودون بثلاث ساعات يوميا وفي الشتاء ساعة واحدة فقط, يضاف إلى ذلك مشكلة الماء حيث يزودون به ثلاث ساعات فقط خلال اليوم الواحد وهناك مشكلة الوقود فطابور البنزين يستنزف من المواطن حوالي العشر ساعات, كما أن سعر قنينة الغاز(40) ألف دينار عراقي, وسعر برميل النفط (270) ألف دينار بما يعادل(240) دولار وهو سعر يضاهي سعره في أوربا, يضاف إلى ذلك كله ارتفاع أسعار الخضروات وبقية السلع والخدمات, لذا فأن صفة الجحيم أقرب إلى كردستان من الجنة رغم ادعاءات الزعماء الأكراد.

مسألة كركوك لم تكن هي الأخرى قد حسمت رغم تبجح البرزاني بأن الأكراد سيأخذون كركوك في نهاية الأمر, وأن تطبيق المادة(140) من الدستور المسخ كان الغرض منها استعادة ما وصفه "بالحقوق الكردية " في هذه المدينة الملغومة, ورغم إعلان بعثة الأمم المتحدة عن التوصل إلى اتفاق بين المسئولين العرب والأكراد لاتفاق يمدد عمل اللجنة الدستورية بشأن تطبيق الفقرة(140) لمدة ستة أشهر بعد حددت في الدستور إلى ما قبل بداية العام 2008بسبب صعوبات فنية لوجستية. فقد اعترضت الكتلة التركمانية في مجلس محافظة كركوك على نشر البيان المتعلق بتمديد العمل بهذه المادة المفخخة باعتبار أن البرلمان هو الجهة المسئولة لأجراء أية تعديلات على فقرات الدستور. وأصدرت الكتلة بيانا رفضت فيه التمديد معتبرة أن المادة (140) تعتبر ملغاة بانتهاء المدة المقررة لها. وهذا يفسر الزيارة المفاجئة التي قامت بها وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس يوم 18 من الشهر الحالي إلى كركوك لإيجاد مخرج من هذه الدوامة بعد أن نفذ صبر الإدارة الأمريكية من الفشل المتلاحق للحكومة العراقية من تحقيق تقدم سياسي منظور. ويبدو إن كوندي ستكون شديدة هذه المرة مع إتباعها المسئولين العراقيين ولذلك رفضت الالتقاء بالبرزاني الذي حاول أن يداري فضيحته مدعياً بأنه رفض اللقاء بها ولا أحد من العاقلين يظن أن باستطاعة البرزاني أو أي مسئول عراقي آخر على اتخاذ مثل خطوة التحدي هذه لأن النتيجة ستكون صفعة ساخنة على قفاه, خصوصا إن السندريلا السوداء خارجة من فضيحة مدوية بعد أن أوردت صحف أمريكية ومنها(National Enquirer) بأن السيدة الوزيرة سحاقية من الدرجة الأولى وان هذا الأمر كان السبب وراء رفض ترشيحها لرئاسة الولايات المتحدة وفق ما صرحت به صحيفة التايمز البريطانية.

في ظل هذه الأوضاع المتأزمة في كردستان كان لا بد من تحويل اتجاه بوصلة التفكير إلى اتجاه آخر وهذا أمر يعرفه العراقي أكثر من غيره فتأريخه حافل بمثل هذه التكتيكات, وقد فكر البرزاني بصفو بال بعد جولته إلى أوربا بأنه لا بد أن يخلق مشكلة لتحويل الأنظار عن هذه المصاعب التي تجتاح إقليمه, فبدأ بالعزف ثانية على أسطوانته المشروخة " تغيير العلم العراقي " وهي اسطوانة تفوح منها ضجيج وألحان نشاز تزعج جميع الوطنين والشرفاء, لكنها تلقى صدى ايجابيا في إسماع العملاء والخونة.

فقد طالب البرزاني مجلس النواب باستحداث علم جديد يداوي به أوجاع إقليمه المريض وان يمثل جميع مكونات العراق, ولا نعرف عن أي علم في الدنيا لا يمثل مكونات شعبه, باستثناء العلم الذي يرفعه البرزاني نفسه وهو علم كردستان. وفي حدة تشتم منها رائحة حقد دفين يؤكد بأن العلم الحالي هو علم البعث, ورغم كل سيل المعلومات المتدفق عبر آلاف المقالات والأخبار فأن الزعيم الكردي يرفض أن يرفع عن أذنه مانع الجهل والحمق ليفهم دماغه الثقيل والمثقل بالعمالة بأن هذا العلم أعتمد في شباط عام 1963 بعد إلغاء العلم الذي اتخذه عبد الكريم قاسم عام 1958 وأن النجوم الثلث هي تعبير عن الوحدة الثلاثية بين مصر والعراق وسوريا كان وان ألوانه تمثل رايات العرب المسلمين في صدر الإسلام والعباسيين والأمويين واستمدت من قصيدة رائعة للشاعر صفي الدين الحلي رداً على سياسة التتريك التي اتبعتها الدولة العثمانية ( بيض صنائعنا سود وقائعنا ... خضر مرابعنا حمر مواضينا) ولكن فهم البرزاني للأمور يذكرنا بقصة الحمار الذي هرب من كردستان إلى كركوك وعندما سألته فصيلته عن سبب هروبه؟ أجابهم :- لانتشار مرض أنفلونزا الطيور في كردستان! فاستغربوا من جوابه وقالوا له :- ما شأن الحمير بأنفلونزا الطيور؟ فرد بحسرة :- "هذا صحيح بس تعال فهم البرزاني" !

وكان البرزاني قد قرر في نهاية شهر آب عام 2006 إنزال العلم العراقي من الأبنية والمؤسسات الرسمية واستبدله بعلم العراق عام 1958 مدعيا بأنه تشاور في ذلك مع الرئيس الطالباني ورئيس الوزراء المالكي, وكان رد رئيس الوزراء أن علم العراق الحالي هو العلم الوحيد الذي يجب ان يرفع على كل شبر من العراق, مما يعني أن القائد الكردي كان كاذبا في إدعائه!

عام 206 كانت تخريج البرزاني بان هذا العلم هو" علم البعث والأنفال والقصف الكيماوي والمقابر الجماعية وتجفيف الاهوار وتدمير العراق بأكمله" والتخريج الأخير أطلقه كفحيح الأفاعي مدعياً بأن حزب البعث قد حلً وفق قانون اجتثاث البعث ولا يمكن أن يكون علم البعث هو العلم العراقي, وبموجب هذه الفكرة المريضة كان من المفروض أن يغير علم مصر بعد انتهاء الحكم الناصري وكذلك العلم الروسي وإعلام دول المنظومة الاشتراكية بنهاية الحزب الشيوعي فيها؟ ومن الطرائف أن يكرر البرزاني حماقاته في مؤتمر جامعي في أربيل ضم أكثر من(350) أستاذا جامعيا, كان الله في عونهم وهم يستمعون إلى محاضرة سقيمة من زعيم قبلي يجهل كل المعارف والعلوم باستثناء فنون العمالة التي تغذى عليها وهو جنيناً, فقد أصبحت كردستان في عهده المظلم أفضل مستورد للعملاء وأفضل مصدر للفوضى والدمار. ومن الصعب أن يفهم البرزاني إن حزب البعث ما يزال ناشطا على المشهد العراقي وأن الأفكار والمبادئ تبقى حية ولا تموت, وهي لا تخضع إلى تحديدات الزمان والمكان لا يمكن أن تجتث سيما إن تراث البعث تراثا ضخماً ليس من السهولة اجتثاثه حتى لو تم اجتثاث كل عناصره ومكوناته فأنه قابل على توليد نفسه تلقائياً, الأفكار لا تتنازل عن عرشها إلا لأفكار أفضل منها, وهذه حقيقة تاريخية فالبقاء للأفضل في ميدان العقل والفكر. ومن الملفت للنظر ويثير الفضول أن البرزاني والطالباني والحكومة العراقية يشيدون بحزب البعث في سوريا وفي نفس الوقت يجتثون حزب البعث في العراق رغم انه حزب واحد؟

من المفارقات الغريبة أن البرزاني يتبجح بالدستور المسخ بشأن كركوك, ولكنه تجاوز الدستور برفضه رفع العلم في شمال العراق, فقد ورد في المادة(18) من الدستور الفيلدماني" يحدد علم الدولة العراقية وشعارها ونشيدها الوطني والأوسمة والعطلات الرسمية والمناسبات الدينية والوطنية بقانون" بمعنى أن تصرف البرزاني يمثل مخالفة دستورية واضحة فقد ألغاه دون الرجوع إلى القانون!

أما ادعاء البرزاني بأن العلم يرمز إلى النظام السابق وممارساته! فنتساءل بدورنا وماذا عن ممارساتكم الدموية ضد الشعب العراقي, الم يقتل (650) ألف عراقي وتسرق(18) مليار دولار ويهجر (4) مليون عراقي في ظل العلم نفسه؟ لماذا تحملون العلم ما لا طاقة له به ولا علاقة له؟ وبأي حق يحاسب رمز البلاد عن جرم لم يرتكبه وإثم لم يقترفه؟ إن العلم ليس قطعة قماش مزينة ومطرزة بالألوان لا يمكن أن يمثل شخصا ما أنه رمز للوطن وهيبته وهويته, أنه مجد وحضارة وتأريخ أمة وهو يمثل سيادة العراق, في حين إن العلم الذي ترغبونه مهما كان فهو سيمثل عار الاحتلال وسيكون رمزاً للعمالة والطائفية والعنصرية والتبعية والفساد الإداري والمالي والتدمير والخراب, ويكفي أنه لا يمثل سيادة العراق واستقلاله.

إذا كان العلم يتحمل مسئولية السلبيات فلماذا لا يتحمل الايجابيات أيضاً؟ أليس هذا العلم كان راية العراق في المشاركة في حربي حزيران وتشرين ضد الكيان الصهيوني وراية القادسية الثانية ضد الحقد التاريخي المستوطن في قلوب الفرس منذ حوالي(1400) عام, وهو نفس العلم الذي تم خلاله منح الأكراد الحكم الذاتي الذي ما يزال يمثل حلماً ورديا لأكراد دول الجوار, وتحته تم تأميم النفط العراقي, ومجانية التعليم والقضاء على الأمية وبناء وفتح الجامعات وبناء أكبر المنشئات الصناعية والقضاء على الأمراض السارية جميعا باستثناء داء العمالة الذي يعاني منه شمالنا الحبيب بوجود بؤر النجاسة البرزانية والطالبانية التي تساعد على نشره وانتشاره؟ أليس هو نفس العلم الذي حمله الجيش العراقي الباسل وهو يلبي استغاثة البرزاني عام 1996 الذي كان على قاب قوسين أو أدنى من الاندحار والسقوط في (حرب الجحوش ) مع الطالباني؟ أليس هو نفس العلم الذي أصبح فيه الجيش العراقي خامس قوة عسكرية في العالم؟ وهو نفس العلم الذي رسم على الصواريخ التي دكت تل أبيب وجعلت الإسرائيليين يهرعون إلى جحورهم كالفئران المرتعدة؟

البرزاني والطالباني لهما سجل حافل بالخيانة والحق أن الرقم القياسي الذي حققاه في القفز على الموانع الوطنية لم يكسره احد بعد ومن حقهما أن يدخلا بفخر سجل غينيز للأرقام القياسية, ولكن المصيبة الأخرى أن تنطلي اللعبة على الائتلاف الموحد فقد أدلى النائب حميد رشيد معلة والنائب الشاعر الفاشل حسن سنيد بدلوهما في نفس البئر مطالبين بتغيير العلم العراقي, والكارثة أن يدلي رئيس جبهة التوافق عدنان الدليمي بدلوه المرتعش أيضا بعد أن تعكر الماء,معتبرا أن الأمر لا يمثل مشكلة خلافية كبيرة, من المؤسف أنه لم يسجل موقف وطني واضح وصريح من الكتل البرلمانية سوى رئيس الجبهة العراقية للحوار صالح المطلك الذي اعتبر إنزال العلم العراقي من شمال العراق خطا لأنه يمثل خروجاً عن إرادة العراقيين, موضحا بأن البرزاني في موقف محرج بسبب انعقاد المؤتمر البرلماني العربي القادم في شمال العراق في شباط من العام الجديد.

من الثوابت إن العراقيين يرفضون بديلا لعلمهم رمز شموخهم وقوتهم وكبريائهم, كما أن البرلمانيين العرب المشاركين في المؤتمر القادم سيرفضون حتما ًأي بديل للعلم الحالي, وان أي علم آخر يفترض أن يؤدي إلى إلغاء المؤتمر أو عدم شرعيته وبذلك وضع البرزاني نفسه في خضم هذه المعمعة بين كفتي الرحى.

ولاشك إن شعبنا الأبي سيكون بالمرصاد لهؤلاء الأقزام العملاء وسيجهض مؤامرتهم الدنيئة من خلال الثبات على المبادئ والثوابت الوطنية برفض العلم البديل, وان الرد المناسب هو أن يحمل كل عراقي مع اقتراب موعد المؤتمر البرلماني العربي علماً عراقيا يعلقه على صدره وان يرفع العلم على سطوح البيوت ويعلق على الجدران والمحلات وفي الشوارع وان تبرزه وكالات الإنباء الوطنية والصحف على صفحاتها الأولى وتعلق تحته شعارات ترفض فكرة تغيير العلم " لا جديد ولا بديل عن العلم ألأصيل" وأن تطالب القوى الوطنية الشريفة والتيارات الرافضة للاحتلال وأقزامه جميع المشاركين في المؤتمر البرلماني بان لا يعقد مؤتمرهم إلا في ظل راية الله وأكبر وما أعظمها من راية. ونهيب بأصحاب الأقلام الحرة أن يسخروا أقلامهم لفضح هذه المؤامرة الدنيئة وإفشالها.

فيما مضى انتشرت فكرة جميلة تقول" قل ليً ما تقرأ ؟ أقول لك من أنت" ويمكن أن نغيرها في الوقت الحاضر وفقاً للأحداث بصيغة ثانية " قل ليً موقفك من العلم؟ أقول لك من أنت" .

وأخيراً نهمس في أذن البرزاني بأن ( سبق أن أذعنت لأمر الوزيرة السحاقية كوندي عندما طلبت منك عدم وضع علم كردستان خلف قفاك فوافقت صاغراً على طلبها, فلماذا لا تصغ لصوت الشرفاء وهم يطالبون بالإبقاء على راية الله واكبر) ؟
 


Alialkash2005@hotmail.com

 

 

 

 

شبكة المنصور

الخميس / 18  ذو الحجة 1428 هـ  الموافق  27 / كانون الأول / 2007 م