بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

ويسألونك عن الجيش بعقيدة إسلاميه معتدلة

الحلقة الرابعة

 

 

شبكة المنصور

اللواء الركن الأمين العسكري

 

وألان في حلقتنا هذه من سلسلة مقالاتنا التي نحاول من خلالها مناقشة الإطار الفكري الذي يحكم عمل قواتنا المسلحة حاليا وفي المستقبل وبعد أن عالجنا موضوعة الجيش المهني والجيش العقائدي وما يفيد قواتنا المسلحة وبلادنا منها ،، فأننا لاحظنا ورصدنا أطروحات مغرضة من بعض الأطراف تقول إننا نريد لجــيش العــراق أن يكــون ( جيش بعقيدة إسلاميه معتدلة)  وان حجة بعض اللذين يطرحون هذه الفكرة إن هنالك قوى إسلاميه مهمة كان لها دور مهم في المقاومة ولذلك فلابد لنا إن نأخذ بملاحظاتها وبمشروعها في تنظيم القوات المسلحة وان أفضل حل هو إن تكون للجيش عقيدة إسلاميه معتدلة تراعي موضوع الشريعة الاسلاميه وتأخذ بهواجس وضنون بعض الإسلاميين ،، وهنا نجد انه بات لزاما علينا أن نناقش هذه الفكرة ونطرحها ونستعرض ماذا تعني ووفق أي منظور يريدون أن تكون عقيدة جيشنا ،، وفي الوقت نفسه فأننا نكن كل التقدير والاعتزاز والمحبة للإبطال المجاهدين من الإسلاميين اللذين هالهم احتلال بلدهم فامتشقوا السيف مخلصين وبصفاء النية والاراده المخلصة المتجهة الى الله جل في علاه وقاتلوا قوى الاحتلال وقدموا أرواحهم وأموالهم وأبنائهم فداء للوطن الجريح المظلوم وكان شعارهم وهدفهم  تحرير بلادهم والنصر أو الشهادة وهم كثر في بلادنا والحمد لله ،، في الوقت الذي امتلأت وابتليت بلادنا بالكثير من رجال الدين المزيفين المنحرفين وتجار الحروب ممن استخدموا الدين كوسيلة لتحقيق أهداف أخرى لا شأن لها بالتحرير أو الحرص على الوطن ، وهذا ما سنناقشه في مقالات أخرى بأذن الله  .

1.أن الذين يطرحون هذه الفكرة يقررون سلفا إن جيش العراق العقائدي العظيم كان يعمل سابقا خارج ضوابط وأحكام الإسلام وشريعته السمحاء ،، وهم بذلك يكونون قد أساءوا الى هذا الجيش العظيم إساءة بالغة جسيمه وإنهم بذلك وباختصار أغبياء لا يفقهون شيء من بلادهم ومن دولتهم بل ومن كل تاريخ شعبهم ،، بل لا يعرفون شيء من مصادر كل الانظمه والقوانين التي كانت تسَير دولة مهمة وعظيمه مثل دولة العراق التي احتلت مكانتها بين الدول واحتل شعبها ما يستحق بين شعوب الأرض ، وراحوا يلقون بالتهم جزافا وعلى عواهنها كما يقولون ،، وهم بذلك يجهلون أو يتجاهلون إن دستور العراق وكل القوانين السائدة خلال الفترة التي سبقت الاحتلال كانت مصادرها الاساسيه هي القرآن الكريم أولا وألسنه النبوية الشريفة ثانيا والأعراف السائدة ثالثا والقوانين العربية والدولية وبالذات القانونين الفرنسي والمصري بالاضافه الى السوابق القانونية على اعتبار إن العراق واحدا من اعرق الدول التي سنت القوانين وشرعتها واعتمدتها في تنظيم الحياة ،، وان ذلك يعطي الانطباع الجازم والحازم من إن الجيش العراقي والقوانين التي تسَيره وتحميه كان الدين الإسلامي مصدرا رئيسيا لها وهذا ما يفقهه كل جهابذة القانون .

2.وفي مقالنا القصير هذا نعرف إن بلادنا وفي كل الأحوال متجهه الى النظام الديمقراطي بعد هذه المحنه والتجربة المريرة التي تمر بها ألان وذلك حالها مثل حال كل البلدان والشعوب التي  تطور فيها الفكر السياسي والاجتماعي  ، وستكون الديمقراطية التي يؤمن بها الشعب هي الديمقراطية الشعبية التي يتمكن من خلالها الشعب اختيار قياداته الحقيقية والفاعلة والتي تمثل إرادته وتراثه وطموحاته وغير ذلك ،، ولأجل ذلك ولا غناء موضوعنا الذي نتكلم عنه فأننا نقول ونؤكد لمن لا يعرف إن العقيدة العسكرية لأي جيش إنما هي من رحم العقيدة السياسية لذلك البلد أو إن العقيدة العسكرية هي ظل السياسة في الميدان وكما متعارف على ذلك في بلادنا ، وعليه مادام النظام الديمقراطي وتداول السلطة سلميا ويترك فيها القرار للناخبين وصناديق الاقتراع ، فلابد إن العملية الديمقراطية سوف توصل بعض من يتصدى للسلطة السياسية وهو يحمل في مشروعه السياسي عقيدة إسلاميه معتدلة أو متشددة أو يحمل توجها ليبراليا أو علمانيا أو غير ذلك من الأفكار والعقائد السياسية وسينعكس ذلك بكل الأحوال على العقيدة العسكرية التي يتبعها الجيش في الميدان ، وسوف يحاول التيار أو الاتجاه الذي يفوز بأعلى نسبه من مقاعد البرلمان إن يفرض رئيس الوزراء ممن يحمل نفس التوجهات التي يتبناه ذلك التيار أو الاتجاه ومن ثم يفرض ويطبق نهجه السياسي الذي يريده على السياسة والقوات المسلحة ، وبكل الأحوال سينعكس ذلك على النهج والسلوك والممارسة للقوات المسلحة عند تعاملها مع المهام الموكلة لها .

3.وبما إن مقالنا يتناول موضوعة الجيش ذو العقيدة الاسلاميه المعتدلة فلنفترض إن حزبا إسلاميا سنيا يتبنى المنهج الإسلامي المعتدل  هو من حصل على أعلى المقاعد في البرلمان وان الدستور في هذه الحالة قد منحه فرصة أن يكون رئيس الوزراء من بين صفوفه وينفذ برنامجه السياسي وعليه سوف ينهج ذلك الشخص منهجا يتلاءم مع أفكاره وبرنامجه ولا يتلاءم مع أفكار الحزب الإسلامي الشيعي الذي يتبنى المنهج الإسلامي المعتدل أيضا ، ونحن نقول ذلك لأننا نفهم بدقه وبعمق الإطار الفكري الإسلامي الذي تتبناه الأحزاب الاسلاميه التي تدعي الاعتدال على الساحة السياسية في بلادنا ألان ، وان ذلك سوف يجعل رئيس الوزراء والمؤسسة العسكرية في حيرة من أمرها عند إعدادها لعقيدتها العسكرية القابلة للتطبيق والتنفيذ ، وهل تكون توجهاتها ذات منحى سني أو شيعي معتدل وكيف له أن يفك الاشتباك الذي يحصل في الكثير من المواقع عند تنفيذ هذا المنهج .

4.إن السياسيين في كل العالم يحاولون جعل المؤسسة العسكرية بعيدة عن الصراعات الحزبية ألضيقه ويحاولون قدر استطاعتهم أن يكون ولاء المؤسسة العسكرية للوطن وان تمارس دورها في الذود عنه وحمايته تجاه أي تهديد خارجي بعيدا عن كل صراع داخلي محتمل يؤثر في مستوى استعدادها وتهيئتها لهذا الواجب المقدس وكذلك في تنفيذها للواجبات المنوطه بها ، ولكن عقيدة عسكريه مولودة من رحم عقيدة سياسيه غير متفق عليها بل إن بعض منها يكفر الأخر في دينه وطقوسه الدينية  سوف تجعل الجيش ميدانا للصراع والتصارع المستمر وسينعكس ذلك حتما على أداء تلك المؤسسة ذات الاهميه المتعاظمة في ظل الظروف الدولية والاقليميه المحيطة وبالتالي ستكون عاجزة عن أداء مهامها أو على الأقل متعثرة في كل جوانب عملها .

5.ويعلم كل منتسبي جيشنا العراقي إن القوات المسلحة العراقية ضمت بين أبنائها من الذين كانت ديانتهم مسيحيه أو يزيديه أو غيرها أعداد كثيرة وكان لقسم كثير منهم شرف قيادة الوحدات والتشكيلات أو الخدمة في أماكن مهمة أخرى ، فكيف سيتم التصرف إزائهم في هذه الحالة ، وهم المطلوب منهم الدفاع عن بلادهم عندما تتعرض للتهديد أسوة بأبناء الشعب الآخرين و ماهي ألطريقه التي تعتمد في طريقة سوقهم للخدمة العسكرية وفق العقيدة العسكرية الاسلاميه المعتدلة ، هل يتم إعفاءهم من الخدمة العسكرية كما فعلنا خلال معارك القادسية المجيدة مع أشقائنا وشركائنا في الوطن من القومية الكردية ، عندما كان أبناء العراق يدفعون انهارا من الدماء للدفاع عن بلدهم وهم يتصدون للهجمة الايرانيه التي تريد تصدير ثورتها الى بلادنا ، وتركوا هم بعيدا متفرجين على من يدفع ضريبة المواطنة من أبناء القوميات الأخرى ، ولنا أن نتصور ألان كيف إن قسما منهم لهم لسان يتكلمون به ويقولون أنهم مظلومون سابقا ... على كل حال إن هذا موضوع أخر يحتاج الى أحاديث مطوله ، ولكننا نريد من الذين يطرحون فكرة الجيش بعقيدة إسلاميه معتدلة إن يجيبوا على مثل هذه التساؤلات المهمة والكثير غيرها .

6.إننا عندما نتحدث عن هذه الأفكار فإننا نطرحها من واقع التجربة الطويلة التي خاضها جيشنا الباسل الجسور في ميادين الصراع الطويلة وكيف إن مثل هذه الأفكار قد تقود الى صراعات طويلة لها أول وليس لها أخر ، وإنها بالنتيجة سوف تجعل الجيش والقوات المسلحة ميدانا ووسيلة  للفتنه الدائمة وللصراع الدامي بين أبناء الشعب وهذا ما يريده أعداء العراق الكثيرون ، وأننا نعتقد إن الفكرة الأمثل للعقيدة العسكرية العراقية هي الفكرة المؤمنة بثوابت الوطن والأمة في الاستقلال والتحرير وهي العقيدة التي تتمكن من جمع أبناء الجيش في بودقه واحده عربا وأكرادا وتركمانا وأقليات أخرى وهي التي تجمع ألسنه مع ألشيعه وكل الأطراف الأخرى ، وهذا لعمري ما كان عليها جيش العراق البطل وعلى ضوئها صاغ عقيدته العسكرية وسوقه ( إستراتيجيته) العسكري وعلى ضوئها تطورت أفكاره التعبوية والعملياتيه والسوقية وبها تمكن من إعداد وتجهيز وتسليح قواته المسلحة وأنتج عقيدة للقتال كانت ملائمة لظروف البلاد ومستوى إعداد أبناءها على كل المستويات وقام بمناورات واسعة بالنيران وبالقطعات وبحجوم كبيره وحقق انتصارات رائعة نالت إعجاب الأعداء قبل الأصدقاء...

عاش العراق العظيم حرا مستقلا و وطنا للأحرار البواسل

عاش جيش العراق العقائدي الأبي جيش المجد والبطولة

عاش رجاله الأحرار المجاهدين الثابتين على العهد

والنصر من عند الله العزيز القدير ومنه العون والتوفيق

 

اللواء الركن
الأمين العسكري
تشرين ثاني 2007

 

 

 

 

شبكة المنصور

الجمعة /  20  ذو القعدة 1428 هـ  الموافق  30 / تشــريــن الثاني / 2007 م