بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

حينما يصبح بعض رجال الدين بلا دين

 

 

شبكة المنصور

ابو جعفر

 

هناك فرقاً شاسعاً بين (المؤمن بالدين) وبين (رجل الدين)، فالمؤمن بالدين له صفات منها انه يؤمن ان رأس الحكمة مخافة الله واتباع مبدأ الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وان الكلمة الطيبة صدقة، ومن الممكن ان يكون (المؤمن بالدين) من الرجال والنساء معاً.

اما رجل الدين الذي يحمل صفة (الذكرية) والتي سيطرت على هذا الاختصاص وهذه المهنة لمتابعة شؤون التطبيقات الدينية بنصوصها المطلوبة رسمياً او غير رسمياً واصبح رجال الدين جمعاً لرجل الدين.

والعالم الاسلامي في المرحلة الراهنة الذي يصل تعداده السكاني لاكثر من مليار نسمة ويتوزع على عدة نظم سياسية عربية وغير عربية وتتواجد فيه حركات واحزاب سياسية دينية اسلامية متعددة، يكون من الضروري ان يفهم مستقبله وستراتجيته ويدرك مايحيط به من خصوم ومايكتنفه من غموض وتعقيد وارباك واضطراب وما يحدث من عنف واقتتال بين المسلمين، وما يصفه البعض من اشارات وهي ان العالم الاسلامي ضد التجديد والتحديث والتقدم، ويعطوك امثله على ذلك مايجري في افغانستان وباكستان وايران ومافعلته القاعدة في العراق وتفعله حماس في فلسطين وحزب الله في جنوب لبنان وما يحدث في الجزائر ومصر ... الخ.

وازاء كل ذلك نجد ان بعض علماء ورجال الدين احتوتهم العاطفة واستهواهم التطرف في التعامل مع الواقع الحاضر والقائم، وازدادت شهوة الاجتهاد الشخصي ذو النظرة الذاتية التي يفرزها التحيز والتعصب وتندمج مع عناصر الجهل والاطماع لتصبح صورة يبحث عنها خصوم الاسلام والمسلمين، فتضيع قواعد الموضوعية العلمية ولغة العدالة الالهية التي تربينا عليها عائلياً واجتماعياً.

فيساهم عن قصد او غير قصد بعضاَ من علماء الدين في عملية تشويه حقيقة للنموذج الاسلامي المتقدم كظاهرة سياسية تستطيع ان تقود العالم الاسلامي نحو الرقيّ والتقدم وان يكون الاسلام والمسلمين قوة دولية تساهم في الامن والسلم والاستقرار الدولي.

ولكي نكون قريبين من قضيتنا كعراقيين ، نجد ان المحتل البغيض قد وفر كل الفرص المناسبة والجيدة لتواجد الحركات والاحزاب الدينية في البرلمان المشبوه والحكومة العميلة واعطاها ثقلاً قوياً في التصويت والتحكم بادارة الشؤون العامة للدولة والشعب والمحتل يعلم جيداً من هم هؤلاء.

ولكن ماذا حصل بعد ذلك؟؟ للاجابة يكفي ان نقول ان الحياة في العراق اصبحت تعني الموت وسرقة الاموال والثروات وسمح المحتل لرجال الدين ان يتصرفوا ويجتهدوا ويؤسسوا هيئات ومجالس وتيارات ومؤتمرات ودوائر للوقف واعدهم اوراقاً للخلافات والصراعات والاقتتال بينهم فكاوا حقاً نعم الاوراق السهلة.

وقد استجاب بعض رجال الدين لهذا الفخ الاحتلالي دون وعي وادراك او رجوع للاحكام الالهية الثابته، وفي قلوبهم الشيء الكبير من العله والمرض، وتناسوا ان العراق العربي المسلم قد احتل ودمر وذهبوا يتحدثون عن العملية السياسية ويسمون انفسهم رجال دين .

فبدأ يخرج علينا كل يوم وفي المشهد العراقي المؤلم بعضاً من رجال الدين ليفتوا مايريدون ويتحدثوا بتعصب او تطرف او خلاف او تحريض مثل ماقام به (الشيخ الجليل عبدالغفور السامرائي) تجاه هيئة علماء المسلمين حيث ووقف الشيخ رئيس (الوقف السني)، (كالوقف السني) مجلجلاً وصارماً ومهدداً لهيئة علماء المسلمين وكانه يقود العراق لانتصاراً بطولياً ضد المسبب الحقيقي لازمة العراق واحتلاله وحدده بهيئة علماء المسلمين واضاف مبتكراً واكتشف تطوراً بان هناك فقط (هيئة علماء العراق) وذهب ليتحدث وكأنه كان شاهداً على كل شهيد مغدور وبيت محروق وهو الذي يعرف ان الشريعة الاسلامية لاتجيز هذه الشهادة كونه اساساً لايقوى على الظهور والحضور لمثل هكذا احداث، فكيف يفتي ويتحدث عن حوادث لم يشاهدها او حاظراً في لحظتها فلنلاحظ كيف تسير التصريحات والفتاوى، وكيف يتصرف رجال الدين ازاء احداث العراق الكارثية وكذلك مايتحدث به (سماحة اية الله عبدالعزيز الحكيم) عن المحبة والالفة والوحدة الوطنية وهو الذي يشرف ويتابع يومياً على مايحصل ويجرى من قتل واعتقال وتشريد وسرقة اموال المواطنين والدولة معاً وبتنسيق مطلق مع دولة اسلامية جارة يصلي مسؤوليها يومياً خمسة اوقات فاين الايمان في هذه الصلاة ويكفي ان نذكر بما حصل في ملجأ الجادرية ووزارة التعليم العالي ومايجري يومياً في المستشفيات والعديد من (الحسينيات) التي استحدثت للاعتقال والتعذيب والقتل والانكى من ذلك ان يتم مداهمتها وكشفها وكشفها وفتح ملفات تحقيقية من قبل قوات الاحتلال، وكأن قوات المحتل اكثر عدلاً وشرفاً ورفضاً لهذه الجرائم البشعة، اما خطباء يوم الجمعة امثال (جلال الصغير) و (القبانجي) ... الخ، الذين نذكرهم بمعتقلات جامع براثا والكاظمية والحسينيات في حي الشرطة والشعلة والوشاش.

ويكفي الرجوع الى الخطب المسجلة ومقارنتها لتكشف مستوى النزعة العدائية والاجرامية في نفوس هؤلاء المعممون(وانني لادعوا القنوات الفضائية لئن تقوم بمراجعة جميع الخطب الدينية ومقارنتها وايجاد مقاطعاتها وخلافاتها مع ماتقره الشريعة الاسلامية ويقره القانون، واطلاع العالم الاسلامي عليها كجانب من مسؤوليتها في التوعية والتثقيف ونشر الحقيقة).

بصورة عامة اصطف الاف رجال الدين الذين كثرت اعدادهم وازدادت مراكزهم واتسعت سيطرتهم، وتعددت فتاويهم القادمة من طهران او قم او من بغداد او افغانستان او جنوب لبنان وهم يشاهدون يومياً قتل الابرياء واغتصاب النساء والرجال وهتك اعراضهم وسلب اموالهم وسرقة اموال الدولة واشاعة اكبر حالة فساد اداري في تاريخ العراق وحصول اعلى درجة انهيار اخلاقي وعلمي وخدمي في تاريخ العراق.

ولابد لرجال الدين ان يعرفوا جيداً فهم (الحكماء والعلماء والخلفاء) بان نفط العراق ثروة الشعب تسرق يومياً عبر انابيب سرية مخصصة لبعض رجال الدين وعناصر الحكومة العميلة ولقوات الاحتلال وللنظام الكويتي العميل (الدولة الشقيقة المسلمة) فلم نجد تصريحاً او استنكاراً او موقفاً حاسماً ومعارضاً ومضاداً من قبل رجال الدين ومنهم (رئيس الوقف السني) ولم يقفوا بشدة ازاء مايحدث من دمار وانهيار وتدهور في حياة العراق والعراقيين خلال خلال فترة الاحتلال باستثناء بعض الترنيمات المتعارف عليها عبر الفضائيات والتي تستغرق مابين (5-10) دقائق مليئة بالكذب والخداع والنفاق الواضح والمؤكد وينتهي الامر من بعدها لاستكمال مجاملاتهم وسهراتهم الخاصه .

ان الفكر الديني يمكن ان يرفعنا فوق حالة الزمن والازمة واعلى من الحياة المادية الزائلة اذا استطعنا ان نتجنب كسر وازالة الاواصر الاخلاقية والقيمية بيننا وبين مبادئ العدالة بمفهومها الالهي والانساني.

ان الفكر الديني سبيلنا في الحياة الايمانية الحقيقية التي تؤمن بان كل مانصنعه على الارض هو في زوال نهائي، ولم يبقى الا العمل الصالح في لقاء ربنا العظيم الخالق المجيد، العمل الصالح هو الشئ الوحيد الذي لايفنى، لانه العمل الوحيد الذي يجعلنا قريبين من الله جلت قدرته، وهو العمل الوحيد الذي يجعلنا نؤمن بان وطننا الارضي هو فرصتنا لعمل الخير من اجل وطننا العلوي الذي سنحاسب او نكافئ فيه وهذه هي قاعدة الايمان في الفكر الديني وغيرها استثناء ومغالطه للدين.

ان الروح الدينية الحق، تستوجب رفض الباطل والظلم والاعتداء، وهذا هو ديدن المؤمن وموقفه الدائم من الحياة الدنيا من اجل ان تبقى روحه خاليه من الاوهام والانحرافات الشيطانية وان يتحمل كل الفترات القاسية والصعبة (كما يحدث الان في العراق) كي يثبت بالنتيجة بانه يسير في طاعة ومشيئة الله العلي القدير.

فتجربة البحث عن رضى الله معروفة للصادقين والمؤمنين ومعرفة للاخرين ولرجال الدين ولكن من هو الذي سيفوز برضى الله الجبار العظيم؟؟ وماهو العمل الذي يجعلنا بعد حياة الارض خالدين معززين مكرميين؟؟ ولا اريد ان افتي هنا كم واحداً من رجال الدين سيحظى بهذا الفوز.

ان اصالة الطبائع الانسانية النبيلة، تتكرر وتتحسن من جيل الى جيل وتساهم في تقدم نوعية الروح الانسانية والدينية الى مالا نهاية، وهذه هي مسيرة الانسان المؤمن عبر تاريخ الرسالات السماوية السمحاء.

ومجاميع هؤلاء نجدهم في فئات وجماعات وافراد مهمة من شعبنا وامتنا ويحملون صفة (الوطنية ) و(الجهادية) فكراً وسلوكاً.

ونجدهم مسؤوليين عن نمو مبدأ الاصالة الشعبية والوطنية والقيم الالهية، والا من اين اصطفت فصائل المقاومة الوطنية والقومية والاسلامية؟؟ واتسمت بمبادئ الجهاد وقيم القتال لمواجهة المحتل والخونه والعملاء، على ارض الوطن، ومشرعيتهم في ذلك هو الشريعة الالهية التي تؤكد على مجابهة ومواجهة المعتدين والخائنين والمنافـقين اعداء الله.

لذا يتوجب على بعض رجال الدين ان لايفقدوا على اقل تقدير قانون الطبيعة الروحية الخاص الذي يجمعهم مع ذوي البذرة الطيبة والطاهرة، فانهم لامحال لابد ان يجتمعوا في العالم الابدي بعد ان كانوا في العالم الارضي وكلاً سيحاسب لذاته ولاعماله وماجمعت روحه طبقاً لقوانين الحاكم العادل العلي العظيم.

فمن لايرى في روحه الطبع الوطني المخلص ولايراه فيه الاخرين سيجهل العدل ولايعرف حب الوطن بل سيجده غريباً عليه، ويصبح من المنافقين الذين يكونون في الدرك الاسفل من النار.

لقد اثبت العراقيون الشرفاء الاصلاء الصادقون قوة حبهم وايمانهم بالعدالة والحق وتحدي ومواجهة الظالمين والاشرار.

فقوة العروبة والاسلام في وطنية المواطن وهو الوسيلة الوحيدة لبقاء الامة الاسلامية ولارتقائها والتي لاتنقطع عن الوجود ولاتقبل الظلم والعدوان ولاتنصهر في امة اخرى.

فلا تجعلوا يا رجال الدين الوطن والمواطن ميراثاً لاعداء وخصوم الاسلام عبر الاوهام الخاصة والغايات الانانية، وتكثروا الخلاف والكلام وتتجاهلوا المحتل البغيض والخائن المعلون والصفوي والمجوسي الكريه والمنافقين المتوالين، فمن احس بخفقان قلبه من اجل الوطن آمن واقتنع بان مقاومة المحتل هي الهدف المركزي وليس مقاتلة ومطارة ابن البلد وابن الدين، فالايمان من حب الاوطان فمن لا ايمان له لادين له ومن لاوطن له لا اصل له.

اما من كان يعتبر ان حب الوطن شيئاً خيالياً وكلامياً فانه الحوار معه عبث وغباء.

الله اكبر ... الله اكبر ... الله اكبر ...

تحية لفصائل الجهاد والمقاومة البطلة

تحية لمناضلوا الايمان والعقيدة من ابناء امتنا العربية.

تحية لقائد الجهاد والتحرير المؤمن عزة ابراهيم الامين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي

المجد والخلود لشهدائنا الابرار

 

 

 

 

شبكة المنصور

السبت /21  ذو القعدة 1428 هـ  الموافق 1 / كانون الأول / 2007 م