بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

معجم جمهورية المنطقة الخضراء
-9- تقرير ليفن

 

 

شبكة المنصور

الدكتور عبد الستار الراوي

 

هو التقرير الذي قدمه السناتور كارل ليفن إلي مجلس الشيوخ في نيسان / إبريل 2005 يحث التقرير الإدارة الأمريكية أن تتحرك بأقصى سرعة , للإعلان عن جدول للانسحاب من العراق في ضوء تردي الأوضاع وازدياد حجم الخسائر التي خرجت أو فاقت المعدلات النسبية والمتوقعة .

وقد رصد كارل ليفن الحقائق التالية :

 

1- الارتفاع المفزع في معدلات القتلى والجرحى .

 

2- إنخفاض الروح المعنوية للجنود والضباط علي حد سواء , وان كثيراً منهم يشكو من سوء حالتهم النفسية , ورغبتهم الجامحة في العودة إلي بلادهم , بعد أن أصبحت الحياة لا تطاق في العراق , بفعل العمليات (الدقيقة) التي ينفذها المسلحون .

 

3- إن المئات من الجنود هربوا إلي خارج العراق , خوفاً على حياتهم من الموت , الذي يترصدهم في كل وقت ومكان , وإن إستمرار حالات التسرب من صفوف قواتنا قد يؤدي الى حدوث كارثة كبرى , لذلك ينبغي العمل على إيجاد معالجة سريعة لتطويق هذه المشكلة قبل ان تتحول الى ظاهرة يتعذر السيطرة عليها .

 

4- يعاني الجنود من أنواع مروعة من الأمراض العصبية , التي تدفع ببعضهم إلي الجنون والانتحار , وإلى إرتكاب جرائم كبيرة في حق المدينين والمعتقلين العراقيين .

وان الجندي الأمريكي , أصبح في حالة خروج دائم ,علي القيم الأخلاقية التي أنشئ عليها؟!!.

 

5- التحذير من عواقب لجوء العديد من الجنود إلي الإسلام , وان هناك مجاميع دينية مؤلفة من رجال ونساء عراقيين وأجانب يسعون إلي جذب مقاتلينا لدين محمد (ص) , وهي حالة ستكون لها إنعكاساتها السلبية علي أداء هؤلاء الجنود , الذين يفضل بعضهم الأقتران بعراقيات , ورفض القيام بالمهام الموكلة إليهم , بل وتحوّل بعضهم إلى جواسيس لصالح (الإرهابيين ) ؟!!

 

6- العلاقة بين الضباط والجنود تتسم بالبيروقراطية والمباعدة وقد ساءت بين الطرفين إلى أقصى حد متصور .

 

7- ان الخسائر المالية إقتربت خلال شهري (فبراير ومارس) من (مليار دولار) بفعل عمليات الحرب التي شنّها (الإرهابيون) ؟!! الذين وحدّوا صفوفهم في جبهة متراصة , تضاعفت أعداد المنضوين تحت رايتها , حتى وصل عددالذين يحملون السلاح ضد قواتنا في الوقت الحاضر , إلى قرابة (مليون) شخص ,

 

8- إن تأهيل (160) مائة وستين ألف جندي عراقي للقيام بمهام الأمن وحفظ النظام داخل العراق , لا يمكن أن يحقق أهدافه في ظل الأعداد المتزايدة من المسلحين الذين نجحوا في تكوين مركز جديد ومتطور لتنظيمهم القتالي .

 

9- وأشار التقرير إلى ضرورة ان يتأمل أعضاء المجلس الملاحظات التالية :-

 

أ- يتعمد بوش وإدارته المدنية والعسكرية تضليل الرأي العام الأمريكي , باختلاق الأكاذيب والافتراءات التي لا سند لها من الواقع حتى نقبل سياسات وتخطيط عاجز عن مواجهة الحقائق علي أرض العراق .

 

ب- إن جنودنا الذين يقتلون ويموتون كل يوم ضحية للأعمال المضادة ,
لا يمكن أن نلقي بهم في ظل هذا الفشل الذريع , وأنه لا يمكن القول أن استتباب الأمن أو تحقيق الإستقرار في العراق يمكن أن يكون قريباً , أو أن له رؤية محددة وواضحة , بل أن العراق سيمثل بؤرة (الإرهاب) الدولية , خلال العقد القادم . ولن تستطيع أية دولة في العالم السيطرة عليه .

 

ج- إن ما تروجه الإدارة من تحقيق تقدم , هو محض أدعاء .

فلا يزال الأمن هشاً وضعيفاً , بل وفي أسوأ حالاته , ولا يمكن أن تؤسس عليه أي سياسات مستقبلية , خاصة  وان متوسط الهجمات العسكرية المضادة في اليوم الواحد بلغ (78) هجوماً .

وهذا لوحده يدلّلّ بوضوح , على فشل البنتاغون في القيام بواجبها على النحو المطلوب فبدلا من إلقاء القبض علي المسلحين , الذين لا زالوا خارج سيطرتها , فإنها ترتكب خطأ كبيرا وهي تواصل زّج عشرات الالوف من المدنيين و الأبرياء في السجون , مما يضيف مشكلة جدية أخرى لقواتنا المسلحة  هناك.

 

د-  لقد ثبت بأن الوسائل العسكرية لوحدها لا يمكن أن تحقق الإنتصار في العراق , وان مثل هذه الوسائل يمكن أن تكون ذات جدوى في مواجهة جيوش نظامية , ولكن الأمر يختلف في الوقوف أمام شعب أصبح غالبيته من المسلحين أو متعاطفاً معهم , مما يعني أن الجنود الأمريكين جاءوا إلي حتفهم في مستنقع عميق بلا قرار .

 

هـ - الخاص (النموذج) ينصرف إلي (العام) , فالفشل العسكري في العراق سيؤدي بالضرورة إلي إخفاق تام لبرنامج التطبيق الديمقراطي في الشرق الأوسط . وان أيا من الدول العربية , سترفض الأخذ بأي توجيهات أمريكية سواء في إطار الديمقراطية , أو الإنتخابات أو غيرها .

 

و- لعل الخيار الأكثر نفعا في التعامل مع العراقيين هو أن نقبل بوضع جدوّل زمني لانسحاب قواتنا من العراق , وان يبدأ ذلك الآن , وإلا فأن المستقبل في هذه المنطقة لن يكون لصالح أيّ مشروع أمريكي , سواء كان سياسياً أم إقتصادياً , , و سيؤدي إلى زعزعة الإستقرار والأمن في ربوع الشرق الأوسط .

 

وان هزيمة الولايات المتحدة في العراق ستعني إنتصار التطرف العربي علي الاعتدال الذي يبديه بعض القادة (العرب) وان ذلك سيؤدي إلي إنحسار نهائي للنفوذ الأمريكي في هذا المكان من العالم  .

 

معجم جمهورية المنطقة الخضراء

-10- الديمقراطية البنفسجية

 

 

مفهوم سياسي ساخر , بوصفه دلالة حسيّة مباشرة للّوْن الحبر (البنفسجي ) الذي غمس فيه الناخبون من العراقيين أصابعهم في 30/1/2005 , وقد عدت الإدارة الأمريكية هذا البوم إنتصاراً لسياستها و (شهادة) براءة حيال الشبهات التي أحاطت بها وبقواتها في العراق .

 

وقد واصل الإعلام الأمريكي وأبواق الأحزاب المؤتلفة في العملية السياسية بتسويق المقولات والشعارات الدعائية علي نحو لم يسبق له مثيل في تاريخ الشرق الأوسط , وفي العراق على وجه خاص . الذي يخوض أول تجربة ديمقراطية منذ تأسيس الدولة العراقية في عام 1921 حسب زعمهم .

 

وان (8) ثمانية ملايين من المواطنين خرجوا للأدلاء بأصواتهم من أجل إنتخاب المجالس المحلية والجمعية الوطنية .

 

وبغض النظر عن التنقاضات التي إقترنت بهذه العملية , وما شابها من مخالفات , وما قيل عنها من ضروب التزوير , والتدخلات , فأن قوى المعارضة علي إمتداد البلاد , إتخذت موقفاً مناهضاً من هذه الإنتخابات , ودعت الشعب إلي مقاطعتها , لأنها في رأيهم أجريت في ظل بنادق الإحتلال الأجنبي , وان الخطة الأولية لها أعدت واعتمدت من (بول بريمر) الحاكم الأمريكي في أواخر العام 2003 .

 

وقد صيغت الخطة بطريقة تمنح سلطة الإحتلال حق التدخل في توزيع المقاعد في الجمعية الوطنية وقد كشفت مجلة (نيويوركر) الأمريكية في تقريرها الذي أعده (سيمور هيرش) في 5/2/2005 والذي فضح من قبل (جرائم أبي غريب) , عندما أشار صراحة إلي أن مسؤولين حاليين وسابقين في إدارة بوش , إعترفوا بأن واشنطن شرعت العام الماضي في تنفيذ خطة سرية , الغاية منها التأثير علي سير الإنتخابات لضمان فوز المرشحين المؤيدين للولايات المتحدة والموالين لإيران , وان تنسيقاً مسبقاً جرى مع (المفوضية) المعنية بهذا الشأن , بما في ذلك تصميم الإعلانات الدعائية التي تظهر الإقبال الكبير علي عملية التصويت .وإن المفوضية بغالبية القائمين عليها كانت طرفامباشرا في عملية إستبدال الصناديق وتزييف البيانات وتزوير النتائج , وهو ماجعل العراقيين يواجهون هذه الفضائح  بسخرية شديدة ( حاميها حراميها) بعد أنْ خرجت  رائحتها من الغرف المغلقة الى ميدان الاعلام .

 

 

معجم جمهورية المنطقة الخضراء

-11- القتل الأمريكي

 

 

من شان تأويلات البنتاغون الفاشية للنص المقدس أن تجعل من القتل أنشودة سياحية, وفعلاً بطولياً , أنها يد الحرب الأمريكية الباطشة التي قلّبت الوصايا العشر علي رأسها ذلك أن الإنتهاكات الجسيمة , والجرائم البربرية , تجد لدى البنتاغون تبريراً جاهزاً لانتهاك القواعد واللوائح في الحروب العدوانية , التي شنت تعسفاً ضد الأمم والشعوب بدعاوى باطلة , وذرائع هزيلة , فحصدت نيرانها عشرات المئات , وعشرات الآلوف من البشر دونماً رحمة أو تمييز , وبكل أنواع السلاح, وعندها يقولون ببساطة بأنهم لم يعمدوا الى فتح النار وقتل المدنيين لّولّمْ يشاهدوا (حركة مريبة) في هذا (الحيّ) أو تلك (القرية) , أو أن رصاصة أطلقت من هذه الجهة أو تلك , ومعركة الفلوجة الأولى والثانية برهان مؤكد علي الخروفات اللاإنسانية الفاضحة التي تجاوزت فيها القوات الأمريكية وصايا السماء وقوانين الأرض , عندما قامت جندية الولايات المتحدة بعمليات التطهير (السكاني) , أو المحق الشامل , باستخدام القنابل الفسفورية و العنقودية , و أشد أنواع العتاد قوة وتدميراً .

 

فيما تواصلت ظاهرة القتل (العمد) , عندما حصدت بنادق المارينز رؤوس المدنيين , في ذات الوقت الذي إنطلقت فيه الجرافات الأمريكية العملاقة باجتياح وتخريب أحياء الفلوجة بطريقة وحشية تذكرّنا بالأسلوب الصهيوني في أرض فلسطين المحتلة , وهي تزيل كل شئ أمامها , المنشأت والعمارات والمؤسسات المدنية , المدارس والمساجد , المستشفيات , ويتواصل الفعل الإجرامي ليصل إلي ذروته المأساوية ,بتحويل البيوت إلي مقابر جماعية بطريقة هدم المنازل علي ساكنيها بالقصف الجوي والتفجير المباشر, لتجعل (الحي) بكامله قاعاً صفصفاً .

 

هذا مثال واحد مما جرى في أحياء (البعث) و (الرسالة) و (العروبة) و (الشهداء) و (نزّال) و غيرها .

 

و إذا كان مثل هذا السلوك الكارثي , قد حدث في الفلوجة , فأنه جرى أيضاً وبنفس الإيقاع البربري , في كل الأمكنة والمدن والمحافظات , التي وصلت إليها القوات الغازية الغارقة في إجرامها , دلالة أخرى علي إنحطاط وجدان العسكرية الأمريكية , وتجردها من خصائص الكائن البشري , بعد ان تحوّل هؤلاء إلي ذئاب هائجة , وكلاب مسعورة , فعدوانية (الجندي) الأمريكي لا تتقيّد بفعل القتل فقط , وإنما بارتكاب الفواحش ما ظهر منها وما بطن , كالاغتصاب , والتمثيل بالضحايا , النهب , الإيذاء الجسدي .

 

في المقابل فأن جندي الولايات المتحدة إعتبر المنظومات السكانية المدنية كافة أهدافاً عسكرية يتعين عليه بث الهلع في قلوب مواطنيها .

 

أما القتل الجماعي فأنه يعتمد منطقاً مقلوبا على رأسه تماما, فالجزء يمثل (الكل) , وهو ما يدفع آلة الحرب الأمريكية إلي تجاوز المحاذير الأخلاقية ضد القتل , بإعلان هذه المدن / القرى / الجماعات المدنية , كائنات غريبة , أو أدني كثيراً من مرتبة البشر .

 

هذا هو التمهيد (الذرائعي) , لارتكاب البشاعات المروعة سواء في الحرب علي المدن والأحياء , أو في ممارسة إحتفالية التعذيب الداعرة في أبي غريب والسجون الأخرى .

تحدث في كلا الحالين حيلة تجريد المدنيين من الصفة الآدمية , حينما يركز الأمريكي القاتل علي إحدى خصائص الآخر غير المرئية , نحو : لون البشرة , شكل العينين , و بالإمكان تضخيم أية خصيصة , بحيث تصبح هي (الكل) , أو حتى استخدام (المجاز) المرسل , أو تلك الصورة البلاغية التي يذكر فيها (الجزء ) للدلالة علي (الكل) .

 

 

 

 

شبكة المنصور

الجمعة / 27  ذو القعدة 1428 هـ  الموافق 07 / كانون الأول / 2007 م