بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

افتتاحية طليعة لبنان الواحد
العدد: منتصف أيلول 2007
تمخض تقرير كروكر – باتريوس فولَّد كذبة جديدة

 

 

شبكة المنصور

طليعة لبنان الواحد

 

ممنوع في قاموس الأميركيين اليمينيين الجدد أن ينهزم مشروعهم في العراق لأن السيطرة على بوابة العراق تفتح أمامهم بوابة العالم، لأن الهزيمة فيه تعني تقويضاً لمشروعهم العالمي.

كما هو ممنوع في قاموس المقاومة الوطنية العراقية أن تتوقَّف إلاَّ بعد التحرير الكامل للعراق.
مشروع الأميركيين اليمينيين الجدد أعدوا له منذ هزيمتهم في فييتنام، وحضروا له كل موجبات نجاحه. وكان من أهمها أنهم أسهموا في إسقاط منافسيهم الدوليين لكي تصبح ساحة العالم مفتوحة أمامهم.

ولهذا أسهموا في تفكيك الاتحاد السوفياتي سابقاً، وألغوا بتفكيكه ثنائية السيطرة على العالم والهيمنة عليه. وهو السبب الذي أزاح من دربهم منافساً قوياً على الصعيدين الإيديولوجي والعسكري. فالاتحاد السوفياتي كان يعمل على إلغاء النظام الرأسمالي وهو يمتلك العدة العسكرية التي كانت في أضعف مراحلها تلجم جموح القوة العسكرية الأميركية، السبب الذي ولَّد سياسة الحرب الباردة، والحرب بالواسطة، نتيجة توازن أسلحة الرعب بين القوتين الأعظم في العالم.

لقد توهَّم الأميركيون أن العالم قد أصبح خالٍ من أية قوة تحاول أن تردع مشروعهم، فأقدموا على تفكيك آخر معالم الأنظمة الاشتراكية في يوغوسلافيا سابقاً، واقتحموا آخر حصون القاعدة في أفغانستان، وراحوا يستكملون مشروعهم الإمبراطوري بالسيطرة على نفط الوطن العربي عندما قرروا العدوان على العراق واحتلاله من جهة وإسقاط آخر مواقع المقاومة العربية المتمثلة بنظامه الوطني.

ومن الجدير بالذكر، أن نذكِّر بما أصبح حقيقة واضحة المعالم والنتائج، وهو الدور الكبير الذي أقدمت على تسطيره المقاومة الوطنية العراقية منذ بداية العدوان، وتعمَّقت أكثر بعد التاسع من نيسان من العام 2003، بخاصة بعد أن ابتدأت صفحة المواجهة الشعبية المسلحة.
وبمثل تلك الوقائع هيمنت على الساحة العراقية ثنائية (الاحتلال والمقاومة)، وبها انتقل صراع الثوابت بينهما حسب المعادلة التالية: ممنوع على الاحتلال أن يتحول إلى فشل، وكما هو ممنوع على المقاومة أن ترضى بغير التحرير الكامل والناجز.

وفي هذا الإطار أيضاً نرى من الضروري أن نُذكِّر بأن عصر ما كان يُسمى بـ«عصر أحمد سعيد»، أي أسلوب الإعلام المضلِّل قد انتهى بالنسبة للمقاومة العراقية، وابتدأ بالنسبة للإدارة الأميركية.
واستناداً إلى الحقيقتين: ثوابت طرفيْ الصراع، وموضوعية الحقائق على الأرض وطريقة الإعلان عنها، أصبحت هي الثنائية التي على أساسها سنقوم بقراءة تقرير كروكر – بترايوس الذي ناقشه الكونغرس الأميركي منذ عدة أيام.

أولاً: على صعيد ثوابت الطرفين:

1-إن حقائق الأمور، التي تعلنها الأوساط الأميركية، ومن أهمها المؤسسات التشريعية كمجلسيْ الشيوخ والنواب، تدل بوضوح على أن مشروع الاحتلال يسير على طريق الهزيمة المؤكَّدة. وهذا الأمر تؤكده الخسائر الملحوظة التي يدفعها الاحتلال من دم جنوده وأرواحهم من جهة، ومن جيب المكلَّف الأميركي من جهة أخرى.
2-كما تدل حقائق الأمور على أن المقاومة العراقية هي التي تستنزف مشروع الاحتلال، بفعالية ومقدرة، وبثبات لا يدحضه أي برهان على أن أداء المقاومة الوطنية العراقية قد يضعف، فهي قد بدأت بسرعة وتميزت بزخم لم تعهده المقاومات الأخرى، وهذا يعني أن الخسائر سوف تستمر. كما يعني فشل محاولات الاحتلال، بالتآمر مع قوى دولية أخرى ودول إقليمية ومشاركة أنظمة عربية رسمية، في جر المقاومة للتفاوض على الشروط الأميركية، على أنه دليل قاطع على قوة المقاومة وفعاليتها.

إن المقارنة بين مستوى الدفاع بين طرفيْ ثنائية (الاحتلال والمقاومة) تدل على أن ثوابت المقاومة تتقدم بخطوات كبيرة على ثوابت الاحتلال. وبالتالي فإن ثابت الإدارة الأميركية في أنه ممنوع عليها الفشل أصبح بدرجة من الضعف الشديد، بحيث أن مزاعم جورج بوش بالنصر أخذت تثير سخرية الأميركيين أنفسهم. وهو دليل واضح وقاطع بأن ثابت المقاومة هو حقيقي عندما تقول بأنها مستمرة في نضالها حتى التحرير الكامل والناجز.

ثانياً: على صعيد الأداء الإعلامي:

1-لقد تأكدت حقيقة، وهي رائجة في الأوساط الأميركية الشعبية والرسمية، هذا ناهيك عن الأوساط الدولية المماثلة، أن الإدارة الأميركية، التي يرأسها جورج بوش، تتميز بمستوى كبير من الكذب والخداع، والصلف والغرور. تسري موجة الاتهامات هذه كالنار في الهشيم في الوقت الذي يزعم فيه جورج بوش أنه سيحقق النصر.

2-وفي المقابل تأكدت حقيقة، لا تقبل الجدل أمامها أو وراءها، هي أن المقاومة الوطنية العراقية، كانت صادقة في كل بياناتها، وتقاريرها، وهي التي ينتظرها الرأي العام العالمي والعربي، لمعرفة ما يجري في العراق.
وبالمقارنة بين الأسلوبين الإعلاميين، تظهر حقيقة لم يعهدها الإعلام العربي، الذي كان المثل يضرب بسلبيته، بأنه يحول الهزيمة إلى نصر. فقد انقلبت موازين التقويم وأصبح المثل يضرب بسلبية الأداء الإعلامي الأميركي، وبرئيس الإدارة الأميركية، وكل الزمرة الحاكمة التي تحيط به، وتفكر له وتخطط له، وتقاتل له.

نخلص من استعراض هاتين الحقيقتين أعلاه، لنفسح المجال لقراءة تقرير كروكر – باتريوس، ومناقشته على ضوء الحقيقتين أعلاه:

كانت من أهم توصيفات الوضع، والنتائج التي توصل إليها التقرير، ما يلي:

زعم التقرير أن خطة بوش قد حققت نجاحات في الأنبار، وهي تحتاج الى وقت اطول، حيث إن قوات الامن العراقية تنمو وإن بطيئاً. وقد زاد عديدها وأصبحت 440 الف عرضة للزيادة، كما وعد المالكي. كما أن العشائر رفضت القاعدة وتتعاون مع الامريكان.

ويشخص بترايوس في المقابل الصعوبات:

إن المصدر الاساسي للصراع في العراق هو الفتنة الطائفية والعرقية. وينسبها كروكر إلى أنها نتائج وخيمة لحكم (صدام). ويعترف أن (القاعدة) لم تهزم بشكل مؤكد ولكن اختل توازنها .كما أن المعركة لا تخاض في الميدان فقط وانما عبر الانترنيت. ويوصي بأنه يجب وقف هذه الوسيلة.

في النتائج:

النتيجة النهائية تطابق ما كان يصرح به جورج بوش، بدعوة الأميركيين إلى الصبر. إذ يؤكد التقرير أن الوضع مازال معقداً، ولكن الخطة تحتاج الى وقت طويل وجهود مستمرة. وعلى الرغم من ذلك يزعم التقرير أن أميركا ستصل الى النتائج الإيجابية في النهاية. وحول ذلك يقول كروكر: إنه من الممكن للولايات المتحدة ان ترى اهدافها تتحقق في العراق . ولكن تحقيق ذلك ويقول علينا الا نستغرب ان العراقيين لم يحلوا هذه المشاكل بعد ولكن هذا يدفعنا الى المزيد من العمل من اجل العراق . نحتاج الى وقت اطول .

في الاقتراحات:

2-أوصي بترايوس بعملية تخفيض اولي للقوات تشمل أربعة آلاف جندي في كانون الاول (ديسمبر) تليها عمليات تخفيض تدريجية للتوصل في صيف العام 2008 إلي المستوى الذي كانت عليه القوات مطلع 2007، أي 130 ألف جندي. وهذا يعني أن (سحب الزيادة = لا انسحاب للقوات الاصلية).

قراءة في التقرير

من الملاحظ أن قراءة التقرير تبرهن على أن ما توصَّل إليه ليس أكثر من إملاءات كان قد ردَّدها جورج بوش في خطاباته، التي لم ينقطع سيلها منذ بداية العام 2007، تاريخ البدء في تطبيق خطة حفظ النظام في بغداد، ومن بعدها خطته في الأنبار، التي استقدم من أجلها أكثر من ثلاثين ألف جندي.

لقد اعتبر الشارع الأميركي، المناهض للحرب، والمطالب بسحب القوات، أن جورج بوش «كاذب ومخادع»، وقد مضى على وعده بإحراز النصر تسعة أشهر، أما النتيجة فكانت دفع المزيد من أرواح جنوده، وصرف مئات المليارات من جيوب الأميركيين.

وكانت معارضة مجلسيْ الشيوخ والنواب، بالإضافة إلى حالة الاعتراض التي ظهرت على شاشات التلفزيون، اتهام جديد لإدارة بوش، وبشكل خاص لتقريريْ بترايوس وكروكر، بالكذب والخداع.
ولأن التقرير نسخة طبق الأصل عن مضمون الخطة المعلنة في أوائل العام 2007، فهو يسوِّق كذبة جديدة من أكاذيب الإدارة الأميركية الحاكمة.

وصحَّ القول بأن تقرير بترايوس – كروكر، قد تمخَّض عن كذبة جديدة، ملَّتها آذان الشعب الأميركي الذي يدفع من دم أبنائه وأرواحهم، كما يدفع من جيوب مكلَّفيه. ومن يكون ابنه مرشحاً للموت في أية لحظة، لأن طاحونة الموت على أيدي المقاومة العراقية مستمرة ولم تتوقف، فقد نفد صبره، وهو يرفض رجاء رئيسه ومرؤوسيه طالبين منهم الصبر والثبات والاصرار.

 

 

 

 

شبكة المنصور

الاربعاء /  7 رمضان 1428 هـ  الموافق  19 / أيلول / 2007 م