بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

بيان سياسي حول قرار الكونغرس الأميركي بتقسيم العراق

 

 

شبكة المنصور

حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي

 

في اجتماعها الدوري توقفت قيادة حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي عند دلالات قرار الكونغرس الأميركي الخطيرة، والقاضي بتقسيم العراق إلى ثلاث دويلات، وأصدرت البيان التالي:

لا يزال العدوان الأميركي على العراق مستمراً، منذ العدوان الثلاثيني عليه في العام 1991، والحصار الظالم الذي فُرض عليه طوال اثنتي عشر عاماً، انتهاء باحتلاله في العام 2003، وآخراً وليس أخيراً إقرار تقسيمه من أعلى هيئة تشريعية في الولايات المتحدة الأميركية.

إن سلسلة الاعتداءات على العراق منذ ستة عشر عاماً، سبقتها خطط متواصلة ترسم سيناريوهات احتواء النظام الوطني في هذا البلد منذ ثورة 17 – 30 تموز من العام 1968، ولأن نصيبها كان الفشل، وُضع سيناريو إسقاطه على سكة التنفيذ.

كان السبب الأساسي والأهم، في استراتيجية الرأسمالية الأميركية، هو اجتثاث كل معالم الفكر القومي العربي، واجتثاث كل حركة أو حزب أو قوة تروِّج لهذا الفكر، وتناضل من أجل الوحدة العربية. لذا كان حزب البعث العربي الاشتراكي موضوعاً على لوائح التصفية منذ خمسينيات القرن الماضي، لأنه في دعوته للوحدة العربية ومحاربة الاستعمار والصهيونية، يتناقض مع أهداف التحالف الأميركي – الصهيوني، تلك الأهداف التي قام ذلك التحالف بتجديدها تحت مُسمَّى الشرق الأوسط الجديد الذي يقضي بإعادة تفتيت الوطن العربي وجواره إلى كيانات طائفية ومذهبية وعرقية.

لذا كان رفض النظام الوطني في العراق لكل مشاريع الأمركة والصهينة السبب في تنفيذ خطط تصفيته منذ أجيال عديدة. وعلى الرغم من كل ذلك فقد صمد في مقاومته، فلم يبق بداً من تصفيته بشكل الاحتلال العسكري المباشر وهذا ما حصل منذ التاسع عشر من آذار من العام 2003. لكن الاحتلال العسكري اصطدم بفعل تخطيط النظام الوطني لمقاومة الاحتلال، التي أوقعته في مآزق أصبح من الصعب عليه أن يجد لها حلولاً، وتكون المقاومة الوطنية العراقية بفرادتها قد حالت دون ابتلاع العراق وتطويعه. ولما ازدادت مآزق الاحتلال عمقاً بدأ العد العكسي لوجود الاحتلال في العراق. لذا فتحت المخابرات الأميركية أدراجها وأخرجت إلى العلن مشروع تقسيم العراق، هذا المشروع الذي كانت تحتال في إخراجه في السابق تحت صيغ دستورية قامت بتسويقها وإخراجها مجموعات من الخونة العراقيين العملاء.

لم تكن الإدارة الأميركية، لتعلن عبر الكونغرس قرار تقسيم العراق، إلاَّ ضمن خطة خروج آمن لقواتها على شرط إنقاذ ما يمكن إنقاذه من أهدافها، فجاء القرار المذكور ليترجم مضمون عدد كبير من سيناريوهات الانسحاب، فكانت له دلالاته وستكون له تأثيراته البالغة الخطورة، ومن أهمها:

1-بما لا يقبل الجدل، أصبحت آفاق المرحلة القادمة مفتوحة على قرار ما تسميه الإدارة الأميركية، بتأييد من الحزب الديموقراطي، «الخروج المشرف» من العراق. لكنها ستتركه بلداً غير آمن من جهة، ومشغولاً بمعالجة جراحه من جهة أخرى، وهذا ما سوف يدفعه إلى الانشغال بهمومه الداخلية.

2-تحويل ساحة العراق إلى ميدان لتصفية الحسابات بين طوائفه ومذاهبه وأعراقه، السبب الذي سيشكل حماية لما يريد أن يستبقيه من قواعد عسكرية، والإشراف على تنفيذ الاتفاقيات التي يعمل على توقيعها قبل الخروج، ويأتي قانون النفط الجديد من أهمها على الإطلاق، ذلك القانون الذي سيلغي كل إيجابيات قرار التأميم الذي أنجزه النظام الوطني لحزب البعث العربي الاشتراكي في العام 1972، وبه ستستعيد شركات النفط الغربية ما خسرته طوال أجيال سابقة.

3-لم يأت قرار الكونغرس بشيء جديد إلاَّ أنه أعلن عن خطة سابقة، كشفتها بعض التقارير التي نُشرت في أواخر العام 2003، وتقضي تلك الخطة بتأسيس دولة كردية في شمال العراق، تكون محمية سياسياً من الولايات المتحدة الأميركية، وعسكرياً من قبل العدو الصهيوني، ومدعومة مدنياً بخبرات صهيونية. كما تقضي الخطة بتوطين مئات الآلاف من النخب اليهودية في الدويلة الكردية، وإعطائهم امتيازات على شتى الصعد ليسهموا في بناء اقتصاده. وتشير تلك التقارير إلى أن الخطة تعطي امتيازات لإيران في جنوب العراق، ثمناً لسكوتها.

4-يشكل بقاء عدة ألوية من الجيش الأميركي في شمال العراق رادعاً لدول الجوار المتضررة من قيام دولة كردية، بحيث تتشكل خطوط عرض جديدة توفر حماية جوية لها، شبيهة بخطوط العرض التي فرضها العدوان الثلاثيني في ظل الحصار الظالم، تلك الخطوط التي شملت أجزاء من جنوب العراق وشماله.

لم تخدعنا أكاذيب الإدارة الأميركية التي أطلقتها قبل احتلال العراق وبعده، بل كنا نرى أن خطورة احتلال العراق، إنما هي خطورة ستشمل كل أرجاء الوطن العربي. ولم نكن في يوم من الأيام نرى في احتلال العراق ما كانت تراه المواقف السطحية من أن الإدارة الأميركية قامت بعدوانها من أجل تحرير العراق، بل من أجل ضرب آخر مظاهر المشروع القومي العربي الذي كان يمثله نظام حزب البعث العربي الاشتراكي، بقيادة صدام حسين.

لقد كشف الكونغرس الأميركي، بقراره الأخير، المخطط الحقيقي للنظام الأميركي، بجناحيه الديموقراطي والجمهوري، ولعلَّ في هذا الكشف المباشر ما يخيف العرب الذين كانوا مخدوعين بأكاذيب الإدارة الأميركية، أو كانوا يتعامون عن النظر إلى حقيقة الأهداف الأميركية والصهيونية.

إن قيادة حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي، إذ تقف أمام دلالات هذا القرار، وتحذر من تداعياته على مستقبل العراق، فإنها تدعو العرب، أنظمة رسمية، ومؤسسات قومية، وأحزاب وقوى وطنية وقومية، إلى العمل بكل جهد تتطلبه خطورة إعلان الكونغرس الأميركي، إلى رفع الصوت عالياً من أجل كشف خطورة الأهداف التي يتم تنفيذها في العراق وذلك عبر:

1-تشكيل لجان إعلامية تركز على أن قرار الكونغرس لا يضر العراق فحسب، وإنما يشكل خطورة كبرى حتى على الكيانات القطرية القائمة أيضاً.

2-إن المخطط الذي ذكرناه أعلاه يشير إلى أن كياناً صهيونياً جديداً سوف يقف على الكتف الشمالي للوطن العربي تحت حماية الردع الأميركي العسكري المباشر.

3-ليس الوقوف على الحياد من مصلحة أحد، أنظمة وحركات ومؤسسات أهلية وأحزاب سياسية، لأن تقسيم العراق، يمهد الطريق لتقسيمات أخرى، وإفشال ما يحصل في العراق هو دفاع حتى عن وحدة الكيانات الهزيلة القائمة.

4-منع نفاذ أي مشروع أميركي أو صهيوني، كمثل مشروع «الحرية للعراق»، أو مشروع «محاسبة سورية»، اللذان استقطبا أجناساً مشبوهة من المعارضات الداخلية، لأن المشروع الأميركي – الصهيوني يستغل أو يستغفل المشبوهين من أجل تحقيق أهدافه أولاً وأخيراً.

5-إن مقاومة قرار الكونغرس، ومنع نفاذه في شمال العراق، لا يمكن أن ينفصل عن الأطماع الإيرانية في جنوب العراق. وحتى نكون صادقين في شعار وحدة العراق، لا يجوز أن نرفض هنا ونسكت هناك. إن من ثوابتنا ليست وحدة العراق فحسب، وإنما وحدة كل الأقطار العربية، كمرحلة على طريق الوحدة العربية، وكل من هو ضد هذه الأهداف سيكون في مرمى رفضنا واستنكارنا.

 
 
 

حـــزب طليعـــة لبنـــان العـــربي الاشتـــراكــي

فـــي 03/ 10/ 2007

 

 

 

 

شبكة المنصور

الثلاثاء /  20 رمضان 1428 هـ  الموافق  02 / تشــريــن الاول / 2007 م