بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

فلسطين
لا انتصار إلا على الاحتلال ولا خيار إلا الوحدة الوطنية

 
شبكة المنصور
طليعة لبنان الواحد
 

لم يشهد الوضع الفلسطيني منعطفاً خطيراً مثل الذي يشهده هذه الأيام بتحدياته وتداعياته منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، في أوساط الستينات من القرن الماضي، بما يهدد مستقبل العمل الوطني الفلسطيني ومشروعه الوطني، وما تحقق من إنجازات ومكاسب طيلة عقود من العطاء والتضحية ودماء الشهداء.

لقد واجهت الساحة الفلسطينية محناً وأزمات عديدة، كما شهدت خلافات وتبايناً في الآراء أمام استحقاقات كثيرة إلا أن حدة الانقسام لم تصل إلى هذه المستوى في أي مرحلة من مراحل الكفاح الفلسطيني، وإذا أضيف إلى الأمر الاعتماد على القوة العسكرية من خلال الاقتتال لحسم السيطرة على مناطق النفوذ بما رافقه من إجرام وبشاعة، كما حدث في غزة، تبلغ المأساة ذروتها، خاصة إذا كان الصراع على نفوذ غير موجود، و«سلطة اللا سلطة» على مناصب وكراسي أسيرة إرادة الاحتلال وجنوده وتوغلاته اليومية، التي لا تميز بين وزير ونائب، مواطن ومقاوم.

والأغرب في كل المشهد الفلسطيني وما أثاره من مرارة وأسى في نفوس أبناء فلسطين. وكل الخيرين والشرفاء العرب أن يحتفل المنتصر بمهرجانات وأعراس ومواكب فرح يطلق فيها النار في الهواء وتتحدث عن التحرير الثاني لقطاع غزة بينما الاحتلال على مرمى حجر، وفي تحرير هذا الذي دمر الوطن ومزق الوحدة الوطنية وارتد فيه الآخر على أخيه المتوحد معه في الجرح والحصار والجوع.

جذور الأزمة الفلسطينية الراهنة عميقة، وتعود في الأصل إلى توقيع اتفاق أوسلو الذي خلق حالة انقسام فلسطينية حادة بين مؤيد ومدافع عن هذا الاتفاق، وبين الذين رأوا فيه نفقاً مظلما لا بد أن يصل إلى طريق مسدود رغم ما قدمه من تنازلات تاريخية وإستراتيجية عن الحقوق الفلسطينية الثابتة. كما أن العدو الصهيوني استغل إلى أقصى الحدود ضبابية هذا الاتفاق وغموضه، فتعامل بانتقائية مع الالتزامات المتبادلة فيه: لجهة استكمال السيطرة على مدينة القدس، توسيع المستوطنات، بناء الجدار العازل، ومواصلة أحكام سيطرته الأمنية على الضفة الغربية وقطاع غزة عبر الحصار والحواجز، القتل ونسف البيوت، الاغتيالات والاعتقالات، ناهيك عن ضربه عرض الحائط بأي حديث عن حق عودة اللاجئين، وكذلك ربط الاقتصاد الفلسطيني باقتصاده وتحويله إلى تابع يخدم أهدافه السياسية والأمنية والاقتصادية. كما أن العدو ذهب بعيداً في سياسة تدمير البنى التحتية الفلسطينية، وفي إضعاف منهج السلطة ومؤسساتها وأجهزتها الأمنية بحيث حولها إلى مجرد سلطة وهمية غير قادرة على الفعل أو التأثير مبرراً بذلك مزاعمه عن عدم وجود شريك فلسطيني مناسب.

هذه العوامل، وغيرها الكثير، أصابت أبناء فلسطين باليأس والإحباط، ودفعته بعيدا ًعن السلطة وقواها الأساسية وفصائلها الرئيسة المساهمة فيها، بحيث باتت السلطة تعيش مأزقاً تاريخياً لا تعرف سبيلاً للخروج منه، خاصة بعد أن عزَّ الدعم العربي والدولي لها، وتُركت وحيدة بين أنياب الذئب الصهيوني لترتفع أصوات عديدة تطالب بحل هذه السلطة والعودة بالأوضاع إلى ما كانت عليه قبل قيامها، إلا أن تغليب الذاتي على الموضوعي، وسيادة منطق المناصب والاستئثار أبقى الأمور تراوح مكانها وكأن عجلة الزمن قد توقفت.

في هذه الأثناء كان المشروع الفلسطيني المقاوم يشق طريقة بثبات، ويؤكد صوابية نهجه وصحة خياراته، ويحظى بتأييد فلسطيني متزايد، خاصة في ظل انتفاضة الأقصى المبارك، انتفاضة العام 2000، التي بلغت ذروتها بالفعل الاستشهادي الذي تحول في ظل جرائم الاحتلال وممارساته من فعل فصائلي إلى ظاهرة شعبية فلسطينية. كما ساهم غياب القائد الشهيد ياسر عرفات، الذي اغتالته الأيدي الصهيونية في ظروف غامضة، إلى جانب عدم قدرة حركة فتح على تنفيذ وعودها الإصلاحية والتصدي لظواهر الفساد في السلطة، إلى التأثير سلباً على شعبية الحركة وقوتها في الساحة الفلسطينية.

في هذه الأجواء جرت انتخابات المجلس التشريعي للسلطة الفلسطينية في دورته الأخيرة، وقد ساهمت العوامل آنفة الذكر إلى جانب عوامل عدة أخرى إلى فوز ساحق لـ«حماس» على حساب حركة «فتح» وباقي الفصائل الفلسطينية المشاركة في العملية السياسية، لتدخل الساحة الفلسطينية مرحلة جديدة بدأت تتضح خطورة ملامحها منذ اللحظة الأولى.

لم تستطع حركة «حماس» أن تميز في تقريرها بين التأييد الشعبي لها وبين تأييد أبناء فلسطين للمشروع المقاوم، وأن جزءاً من الالتفاف الجماهيري الفلسطيني حولها كان احتجاجاً فلسطينياً على أفق التسوية المسدود، ففوجئت كما غيرها بهذا التأييد في انتخابات ديمقراطية شهد العالم على حياديتها ونزاهتها، ولقيت الديمقراطية الفلسطينية إشادة قلَّ نظيرها، وانتظر الآخرون الخطوة التالية لـ«حماس»، وكيف ستتصرف؟ وهل تستطيع التوفيق بين المشروع المقاوم ورفضها للتسوية وحقائق الواقع الجديد؟
حركة «حماس»، كان عليها الإجابة على عدة تساؤلات من بينها:
-كيف يمكن إقامة توازن بين رفضها لاتفاق أوسلو ودخولها الانتخابات على أساسه باعتبار أن السلطة الفلسطينية ومجالها التشريعي هما نتاج اتفاق أوسلو وليس محصلة حالة نضالية فلسطينية تفرض نفسها؟!
-كيف يمكن تشكيل حكومة أو مشاركة في حكومة فلسطينية مرجعيتها أوسلو أيضاً والالتزامات الدولية المقدمة من السلطة الفلسطينية مثل الاعتراف بالكيان الصهيوني، ووقف أعمال المقاومة والدخول في مفاوضات؟!
-كيف يمكن مواجهة الحصار الدولي والعربي (غير المشروع واللامبرر) الذي قوبلت به، وبدأ تنفيذه مع تشكيل حكومتها الأولى، وانعكس سلباً على الأوضاع المعيشية والاقتصادية للشعب العربي الفلسطيني؟!
-ما هو التصور للعلاقة مع الرئاسة الفلسطينية المنتخبة أيضاً، وما هي ضوابط وحدود العلاقة مع منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب العربي الفلسطيني.

بالمقابل اتجهت الأنظار إلى حركة «فتح» التي كان عليها الإجابة هي الأخرى عن جملة من التساؤلات من بينها:
-كيف ستتعامل الحركة مع مستجدات الوضع الفلسطيني، فهل تسلم بالهزيمة، وتؤمن انتقالاً سليماً للسلطة إلى الآخرين؟
-هل تقرأ النتائج قراءة استيعابية مستفيدة من عوامل الاخفاق في الانتخابات لإجراء مراجعة شاملة لأسباب الخلل والتراجع سواءٌ أكانت سياسية أم تنظيمية أم سلطوية؟

-هل فتح قادرة على التخلص من تبعات السلطة من فساد مالي وإداري تتحدث عنه أوساطها أكثر مما يتحدث الآخرون عنه؟

-هل بالإمكان العودة إلى نبض الشارع الفلسطيني وتحسس همومه؟ أم أن مناصب السلطة وامتيازاتها باتت عبئاً ثقيلاً لا يمكن التخلص منه؟

في أجواء هذه التساؤلات وغيرها الكثير، كان الصراع على السلطة والنفوذ، والاستئثار بالامتيازات والمناصب، يبدو واضحاً وشرساً لا تحكمه ضوابط ولا يقف عند حدود، وقد اخترق كل المحرمات، وفي مقدمتها حرمة الدم الفلسطيني الذي يعتبر خطاً أحمر، فيستباح في غزة وتقام الاحتفالات وفق جثث المواطنين والمقاومين والمناضلين، والأهم يقوم على تقطيع أوصال وطن تمزقه الحسابات الفئوية والمصالح الضيقة، مما أتاح للعوامل الإقليمية والدولية أن تجد في الحالة الفلسطينية هامشاً واسعاً للمناورة والضغوط، بغية تحسين مواقعها وتسجيل النقاط لصالحها.

فالقضية الفلسطينية كانت وما تزال محور الصراع الأساس في المنطقة، وإمساك الورقة الفلسطينية ما زال هدفاً رئيسياً لرسم الاستراتيجيات الدولية وفرضها، أو لتحسين مواقع قوى إقليمية وتعزيز دورها في لعبة النفوذ، وهذه المعادلة الدولية الإقليمية ساهمت إلى حد كبير في تفجير الأوضاع في غزة مع بروز ملامح تفاهمات تحدد الأدوار وترسم مدياتها من العراق إلى فلسطين فلبنان وصولاً إلى الصومال ودارفور.

إذن، تداخل الذاتي بالموضوعي، العام بالخاص، في صراع ينظر إليه كل طرف من زاوية متباعدة عن الطرف الآخر ان لم تقل متناقضة، يبرز ذلك في إجابة كل طرف على التساؤلات التي سبق وأوردناها، فحركة «فتح» تمسكه بمرجعتيْ الرئاسة ومنظمة التحرير، واستندت إلى قوتها السلطوية في الأجهزة الأمنية والشرطة للإبقاء على الواقع القائم دون تقديم تنازلات جوهرية، محاولة قدر الإمكان الحفاظ عل مواقع تعتبرها نتاجاً طبيعياً لنضال قرابة خمسة عقود، بما تحمله من إرث نضالي وتراث تاريخي كانت فيه على الدوام في موقع قيادة الشعب العربي الفلسطيني، لذلك لم تنجح المراجعات، ولم يتلمس المواطن الفلسطيني إصلاحات جدية أو إعادة نظر في المواقع والمناصب أوفي الأشخاص إذا تطلب الأمر ذلك.

أما حركة «حماس»، التي خاضت الانتخابات على أرضية أوسلو رغم موقفها منه ومن التسوية، ورفعها شعار المقاومة، وهي مواقف إيجابية تحظى بتأييد الشعب العربي الفلسطيني ومباركة كل قواه الخيرة، فبدأت منذ اللحظة الأولى محاولة التكيف مع الواقع الجديد، وطرحت هدنة مع الاحتلال تمتد لسنوات طويلة تصل إلى عدة عقود، كما أنها بدأت حرب الصلاحيات مع الرئاسة الفلسطينية، وأطنبت في الحديث عن نظرية المؤامرة التي تستهدفها عند أول أزمة أو توتر في العلاقة مع فتح، كما أنها حاولت تشريع قوتها الأمنية الذاتية ممثلة بالقوة التنفيذية بديلاً للأجهزة الأمنية المتواجدة، وهي القوة التي وصل عددها إلى 12 ألف مقاتل، وتسلحت في مواجهة كل من اعترض على نهجها أو أدائها في هذه القضية أو تلك بأنها نتيجة ديمقراطية. إن هذا صحيح ولا أحد يجادل فيه، لكن امتلاكها الشرعية الديمقراطية لا يلغي شرعية الآخرين، ولا يتيح لها أن تجنح بعيداً نحو الاستئثار بالسلطة واحتكارها. كما أن محاولات الحركة الحثيثة والجولات الإقليمية والعربية لإسماعيل هنية لم تنجح في فك الحصار العربي الذي فرض على الشعب العربي الفلسطيني، وأموال المساعدات التي قدمت لها ذهبت إلى صندوق فلسطين في الجامعة العربية المرهون للإدارة الأميركية وأوامرها باستثناء ما حصلت عليه نقداً استخدم لأغراضها الذاتية. أما بخصوص العلاقة مع منظمة التحرير الفلسطينية فقد أكدت «حماس» في أكثر من مناسبة عدم اعترافها بوحدانية تمثيل المنظمة للشعب العربي الفلسطيني، واشترطت للتعامل معها إعادة هيكلة المنظمة وتفعليها في إشارة واضحة إلى نيتها السيطرة عليها للاعتراف بها وإلا تتجاوزها نحو بدائل أخرى.

وهنا يجب التأكيد على مسألتين في غاية الأهمية:

الأولى هي أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب العربي الفلسطيني في الداخل والخارج، وهي بهيئاتها أعلى سلطة فلسطينية، وأي حديث غير ذلك يصيب المشروع الوطني الفلسطيني في الصميم، ويلحق ضرراً بالغاً بمستقبل القضية الفلسطينية مهما كانت التسميات والمبررات، وأي خلل في أداء المنظمة لا يبرر اتخاذ موقف سلبي منها إلاَّ إذا كان الهدف خلق أكثر من مرجعية فلسطينية، وهو المشروع الأخطر الذي يطل برأسه بعد التطورات الأخيرة إذ برز الحديث عن مرجعية في الضفة وثانية في غزة وربما ثالثة تعني بشؤون فلسطيني الخارج (الشتات) بعد مؤتمر حق العودة الذي عقد في بيروت مؤخراً.
أما الثانية فهي اعتبار الوحدة الوطنية الفلسطينية ثابتاً لا يجوز المساس به، وعلى كل الأطراف إدراك أن أحداً لا يستطيع أن يلغي الآخرين، ففي الساحة متسع للجميع، كما أن القضية الفلسطينية بحاجة إلى جهد كل القوى والفصائل لأن الصراع ما زال طويلاً ومفتوحاً على كل الاحتمالات.

في هذه الأجواء شكَّل اتفاق مكة محاولة لوقف الاقتتال، إلاَّ أنه كان هدنة هشة استندت إلى أرضية المحاصصة بين «فتح» و«حماس»، وقد حُذفت الفصائل الفلسطينية، من ذلك، ولكنها أيدته علَّه يضع حداً للاقتتال ويقطع الطريق على الحرب الأهلية المدمرة، لكن اتفاق مكة لم يصمد إذ عصفت به مخططات الاستئثار وعوامل الصراع الإقليمي والدولي التي التقت في محطة معينة وتضغط لحسم محطات أخرى.

إن ما حدث في غزة من عنف وإجرام يندى له الجبين ولا يبرره عقل أو منطق أو هدف، ومهما كانت الذرائع والمبررات التي تساق كل يوم فهي تثير الاستغراب والعجب.

كما أن ما آلت إليه الأوضاع في غزة خلقت أرضية مناسبة للقوى الدولية والإقليمية لممارسة الضغوط واتخاذ مواقف تزيد الجرح الفلسطيني عمقاً من خلال الوقوف وراء هذا الطرف أو ذاك، خاصة بعد أن سقطت دعوات الحوار على الأرض في غزة، وبالإجراءات التي اتخذها الرئيس محمود عباس بتشكيل الحكومة وإعلان حالة الطوارئ فعلياً على الضفة الغربية بعيداً عن إمارة غزة.
أما الموقف العربي، الذي اتَّسم بالعجز والضعف على الدوام، والذي خذل أبناء فلسطين في أكثر من مناسبة ومحطة، فلم يجد سبيلاً لمعالجة الأزمة إلاَّ بتشكيل لجنة خجولة لتقصي الحقائق ودعوة ضعيفة لمعاودة الحوار، وهو الموقف الذي قوبل بالرفض من الرئاسة الفلسطينية وتجاوزته قرارات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ومجلسها المركزي.
في ظل الوضع الراهن، بما يحمل من مخاطر على مجمل القضية الفلسطينية ومستقبل قضية العرب المركزية، قد يتساءل البعض عن السبيل للخروج من المأزق الراهن بعد أن سُدَّت سبل الحوار وتقطعت لغة التفاهم إلاَّ أنه لا بد من الإقرار بأن الحوار بات صعباً لكنه ليس مستحيلاً، وهو بحاجة إلى عدة شروط للعودة إلى سكة الانطلاق، وهي مشروطة بتقديرنا بوضع دعوات الحوار ونوايا أصحابها على المحك، وهي:

-العمل على إعادة الأوضاع في قطاع غزة إلى ما كانت عليه قبل الأحداث الأخيرة برعاية الفصائل الفلسطينية ومشاركتها الفعلية، كخطوة أولى لتبديد هواجس الاستئثار والتفرد، وتحكيم مرجعيات فلسطينية متعددة.

-التأكيد على وجدانية وشرعية تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية لكل أبناء الشعب العربي الفلسطيني في الداخل والخارج، واحترام قراراتها، مع البدء بدراسة صيغ تفعليها واستكمال مؤسساتها التنفيذية والتشريعية.
- توحيد الأجهزة الأمنية الفلسطينية في جهاز واحد وإنهاء المظاهر الميليشياوية والفئوية.
- الذهاب إلى انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة باعتبار أن الشعب الفلسطيني هو المرجع والحكم على كل ما جرى من أحداث، وله كلمة الفصل، وأي قوة أو فصيل يدعى تمثيله للشعب لا يخاف من العودة إليه في المنعطفات الحاسمة والخطيرة.
- صيانة المشروع الفلسطيني المقاوم بعدم تحميله أعباء السلطة والتزاماتها من خلال تشكيل إطار جهادي فلسطيني يضم كل الفصائل باعتبار أن المعركة طويلة وما زالت بحاجة إلى كل الجهود والطاقات. ولكل من يعتقد أن التسوية باتت قاب قوسين أو أدنى، بات واضحاً أن هذا الوهم قد ساد في أعقاب حرب تشرين عام 73، ولكننا نرى أنه بعد أكثر من ثلاثين عاماً لا تزال الأمور تراوح مكانها، إن لم نقل إنها تزداد سوءاً وتهدد بضياع كل شيء.

-وضع خطة فلسطينية لكسر حالة الحصار المفروض على الشعب العربي الفلسطيني، ومواجهة تداعيات الوضع المستجد في غزة على الحاجات الإنسانية والمعاشية لأبناء الشعب العربي الفلسطيني هناك.
إن مثل هذه النقاط على بساطتها قد تكون المدخل لإعادة الحيوية إلى حوار فلسطيني معطل، بعيداً عن الاتهامات المتبادلة وسياسة التخوين واحتكار الوطنية من هذا الطرف أو ذاك. وكذلك الانتباه إلى أن الدعم والتشجيع الإقليميين لمن يديرون شؤون غزة راهناً، وكذلك الدعم الأميركي والدولي للسلطة الفلسطينية، لا يهدفان إلاَّ إلى تعميق الجرح الفلسطيني وتعقيد الصراعات وأجواء الاقتتال خدمة لمصالحهم ولحساباتهم واستراتيجياتهم في المنطقة، وفي المقدمة منها فلسطين. فقمة شرم الشيخ بقيت مجرد كلام وأمنيات، وقدمت السم في العسل لتعمق الانقسام وتعقيد الخلافات.

إن صحوة وطنية فلسطينية باتت ضرورية ومطلوبة، وقضية فلسطين هي أكبر من كل المواقع السلطوية والمناصب والحسابات الضيقة. نعم لوقف حمام الدم، والتوقف عن التغني بانتصارات وقودها دماء المقاومين وجراحات المواطنين وأشلاء وطن يكفيه تقطيعاً وتمزيقاً من الأعداء، وهو بحاجة إلى جهود كل أبنائه وليس خناجرهم المنغرزة في صدره، وليكن شعار الجميع أن فلسطين أكبر من كل الحسابات، وأن الربح والخسارة هو في ميدان المواجهة مع العدو ليس إلاَّ.

 
 
 
شبكة المنصور
السبت / الثلاثون / حزيران / 2007