بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

افتتاحية طليعة لبنان الواحد ( حزيران 2007 )
في رحيل ميشيل عفلق القائد المؤسس لحزب البعث العربي الاشتراكي
حالة التراكم الثوري العربي في تصاعد مستمر
والبعث في العراق أعطى الأمثولة الأكثر نهضوية وثورية في تاريخ الأمة العربية

 
شبكة المنصور
طليعة لبنان الواحد
 

لم يكن من قبيل المبالغة أن يُوصف حزب البعث العربي الاشتراكي بحزب الثورة العربية، لأنه تمثَّل ماضي وحاضر ومستقبل الأمة العربية في قاعدة نظرية واضحة الأبعاد والأهداف، خاصة وأنه واجه كل الأحزاب الأممية التي ابتعدت عن واقع الأمة واعتبرتها في حالتها الممزقة ملحقاً بمشاريع أممية أثبتت وقائع التاريخ أنها بعيدة جداً عن واقع التطبيق.
لم يقف حزب البعث العربي الاشتراكي عند حدود النظرية بل وضع لتطبيقها آليات تتناسب مع واقع المشاكل التي تعاني منها، وأرفقها بتأسيس حزب منظَّم امتدت تفاصيله في حياة معظم أقطار الأمة العربية، ولعب دوراً كبيراً على صعيد التبشير القومي، كما على صعيد البناء النهضوي في مشاريع ملموسة الآفاق والأسس، ولهذا أصبحت تفاصيل الحياة النضالية البعثية تُراثاً زاخراً بالمعاني والأسس والدلالات، وكان أكثره وضوحاً وتأثيراً تلك التجربة الكفاحية في مواجهة الاستعمار والصهيونية، وهل هناك أكثر دلالة ووضوحاً من أسلوب الكفاح الشعبي المسلَّح؟

يكفينا فخراً، ويكفي القائد المؤسس تكريماً، أن نستعيد في ذكرى رحيله ما فعله الحزب الذي أسَّس على صعيد مواجهة الاستعمار والصهيونية، وأكثرها إنتاجاً وتأثيراً، المقاومة الوطنية العراقية، هذه المقاومة التي ستغير وجه التاريخ العالمي بعد أن أدمت وجوه طغاة الرأسمالية بالدماء، وقوَّضت أسس أهدافهم في لجم حركة التاريخ، وهم الذين غزوا العالم من بوابة العراق العربي ليعلنوا من على ترابه (نهاية التاريخ) الذي توهموا أنه سيقف راكعاً أمام ديكتاتورية اليمين الرأسمالي المتطرف.
أيها القائد المؤسس،

لقد أصبحت الأمة العربية، التي أحببتها من كل قلبك، طليعة من أهم طلائع الحركات العالمية، وهي تؤسس لعالم خالً من أطماع الاستعمار والصهيونية، وإن هما استمرا فسيكونان عاقلين في حساباتهما مكبوحي الجناح عاجزين عن الطيران على أجنحة الصواريخ عابرة القارات، وسيعرفان أن أية مغامرة عسكرية، أي استعباد الشعوب بالسوط والأغلال، ستتكلل بالفشل، ولن ينقذها إعلان نصر موهوم من على متن البوارج العسكرية.

في ذكرى رحيلك، وبعد أن نعى العالم الرأسمالي كل ما عداه، وفي المقدمة منه الاتحاد السوفياتي، وكأن عالماً جديداً، كما توهمت الصهيونية وصقور اليمين الرأسمالي المتطرف، قد وُلد من جديد، هذه هي روسيا قائدة الاتحاد سابقاً تشعر بمرارة الذل الذي يمارسه تحالف الصهيونية والاستعمار، فراحت تدافع عن كرامتها واستقلاليتها والعمل على استعادة حقها في أن تكون قطباً لا يقل شأناً عن أي قطب آخر.

في ذكرى رحيلك، أيها القائد المؤسس، توَّج حزبك، وحزبنا، مسيرة شهدائه بكوكبة من البعثيين في مقدمتهم صدام حسين، رفيق دربك الذي وصفته بأنه أعطية الحزب لأمته العربية، فكان الأعطية الأهم في مسيرة الحزب النضالية، وكان الأمثولة الأهم في البذل والنضال والعطاء. وكان القائد الأهم في ترجمة فكر الحزب إلى واقع عملي ملموس، يتمثل بما يلي:
-بناؤه الأنموذج النهضوي الكبير في العراق، بنية علمية متماسكة كانت تنقل الأمة من (فم يستهلك) إلى (يد تعمل)، فدبَّ الذعر في ركاب أصحاب المصانع والشركات الكبرى، وهو خط أحمر دون تجاوزه الموت.
-بناؤه الأنموذج العسكري، المستقل عن استجداء السلاح من هنا أو هناك. هذا الأنموذج الذي كان ترجمة أمينة لهدف استئصال (الغدة الصهيونية السرطانية) من الأرض العربية، وهو خط أحمر أمام الصهيونية.
-بناؤه المقاومة الشعبية قبل الاحتلال الأميركي، وقيادتها بعد الاحتلال، وهو الأنموذج الذي أعاد ثقة الأمة بنفسها، وكشف عن مقدرتها ومخزونات القوة فيها، وهو الذي أثبت فعاليته الذي تصف تأثيراته وتعلن نجاحه أصوات الأميركيين في الشارع والمؤسسات الأميركية.
أيها القائد المؤسس
وإن كانت الجماهير العربية قد التقطت ما فعله البعث، وراحت أوساط غير قليلة تعمل على التقاط صورته الحقيقية بعد أن منعها التضليل المتواصل من التقاطها في السابق. وهي تعيد، بعد تجربة مقاومة البعث في العراق، صياغة مواقفها من جديد. فإن خوف الأنظمة العربية المستسلمة لإرادة الاستعمار والصهيونية يزداد، ويتنامى، وتحسب ألف حساب وحساب لما ستؤول إليه حركة التحرر العربية من متغيرات ومن دوافع وحوافز في إعادة صياغة آليات جديدة للنضال، ومن أهمها الانتقال من مرحلة التنافس على قيادة تلك الحركة إلى مستوى التكامل والتنسيق والتسابق على تسجيل نقاط نضالية للفوز بموقع داخلها.

إن حزب البعث العربي الاشتراكي أيها القائد المؤسس، على المستوى القومي بشكل عام، والقطر العراقي بشكل خاص، يُعد العدة للانتقال إلى مرحلة التعددية والتنوع سواءٌ أكان على مستوى الجبهوية النضالية في كل مكان في الوطن العربي، أم كان على مستوى قيادة النظام السياسي الرسمي، أينما تسنى لحركة التحرر العربية الوصول إليه.

في ذكرى وفاتك

-نستودع الله كل شهداء البعث، وفي المقدمة منهم صدام حسين، وطه ياسين رمضان، وبرزان التكريتي، وعواد البندر.
-وكل من يعمل الديكتاتور الأميركي على اغتياله بعد إصدار أحكام اغتيال جديدة بحق كل من الأبطال: علي حسن المجيد، وسلطان هاشم أحمد، وحسين رشيد التكريتي.

-أو الذين حكم عليهم بالمؤبد كأمثال صابر الدوري وحسين فرحان.
-أو الذين لا يزالون ينتظرون مصيرهم بصبر وشجاعة في معتقلات الاحتلال، وفي المقدمة منهم طارق عزيز، وكل البعثيين والعراقيين الذين يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب والإذلال.

نستودعك الله، مباركين للرفيق عزة الدوري انتخاب القيادة القومية له أميناً عاماً للحزب، وبه أصابت القيادة قراراً سليماً، أرادت به الاعراب عن تقديرها للموقع النضالي الكبير الذي يحتله البعثيون في العراق بقيادة أمين سر قيادتهم القطرية.
نستودعك الله، راجين أن تكون الذكرى القادمة مناسبة يحتفل بها العراقيون بالنصر، العراقيون الصابرون الصامدون المقاومون الذين يدفعون الثمن الباهظ من أرواحهم ودمائهم وأمنهم ولقمة عيشهم وراحتهم ما لم يدفعه شعب في التاريخ، اللهم باستثناء ما دفعوه في مراحل الغزو التتري، غزو جنكيزخان وهولاكو، منذ قرون مضت.

 
 
 
شبكة المنصور
السبت / الثلاثون / حزيران / 2007