بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

 لماذ تأخر أعلان انفصال ألاكراد عن العراق ؟

 

 

شبكة المنصور

طـــلال بركـــات

 

ان الدعوات الشهيرة التي كانت تمن بها قيادات الاحزاب الكردية على العراقيين من كونهم كانوا منفصلين ويصرون على العودة للالتحام بالوطن لم تكن حبا بالعراق ووفاء" لشعبة وإنما مزايدات في أوقات لم تكتمل فيها متطلبات مشروع الانفصال خصوصا من الناحية السياسية والاقتصادية والعسكرية ولم تكن قد تهيأة عوامل داخلية وإقليمية ودولية بعد. فقد تبخرت تلك الدعوات عندما اقتربت مقومات نجاح ذلك المشروع بعد أن تمكنت القيادات الكردية من السيطرة على اغلب مفاصل الدولة العراقية بعد الاحتلال والهيمنة على القوى السياسية التي تشاركها في العملية السياسية ودأبت تفرض عليها شروط تعجيزية وتهدد بالانفصال بين الحين والاخر وباتت تمارس نشاطات انفصالية على المكشوف على الصعيد المحلي والاقليمي والدولي التي يمكن اعتبارها مؤشرات عملية لاقامة الدولة الكردية المنشودة ومن الاهمية بمكان استعراض تلك النشاطات مع بيان اسباب تأخر اعلان الانفصال.

1ـ نشاط القيادات الكردية على الصعيد المحلي:ـ أن القيادات الكردية غير قادرة على تحقيق الدولة المنشودة إلا من خلال تدمير العراق وإقامة دولتهم المزعومة على انقاضة، فقد لعبت تلك القيادات دور كبير في مساعدة الولايات المتحدة على احتلال العراق والتعاون مع المخابرات الاسرائيلية لدمار بناة التحتية من اجل قلب المعادلة السياسية لتكون القوى الكردية هي الاقوى والحكومة المركزية هي الأضعف حتى وان تم أعادة بناء مؤسساتها بمعايير جديدة فلم يختلف الأمر من شيء مادامت تلك المعايير من صنع الاحتلال، وبذلك تمكنت القيادات الكردية من احكام هيمنتها على كل مفاصل الدولة العراقية بعد تفكيك مؤسساتها المدنية والعسكرية وتسخيرها لمصالح احزاب انفتحت شهية قادتها للغرف من خيرات العراق وصبها في اقليمهم المزعوم على حساب المصالح العليا للعراق دون الاكتراث للاحداث الدامية في هذا الوطن الجريح، فضلا عن احكام السيطرة التامة على اداء أي حكومة مركزية من خلال وضعها بين كماشتين هما الدستور والبرلمان.

فقد عملت من خلال الدستور المزعوم على إبعاد عنوان العروبة عن الدولة العراقية وتظليل الشعب العراقي بتسميات طائفية كالسنة والشيعة بدل العناوين العربية الحقيقية واعتبار الشعب العربي في العراق اقلية عرقية والعمل على أبعاد العراق عن محيطة العربي الذي يشكل العمق الاستراتيجي لأمنة القومي فضلا عن تنسيق الجهود مع الجهات المعادية للعروبة لضمان عدم إمكانية تفعيل الفكر القومي العربي بشكل منقى من أخطاء المراحل السابقة التي أساءت لهذا الفكر نتيجة ممارسات لا تمت لة بصلة بالاضافة الى تثبيت الفدرالية العرقية كاساس للنظام السياسي في الدولة العراقية علاوة على تثبيت حقوق دستورية مجحفة تصب في مصلحة الحزبين الكردين على حساب مصالح الشعب العراقي مثلما تم فرض المادة 140 في الدستور والتي تتضمن اجراء استفتاء عام في محافظة كركوك الغنية بالنفط بعد قيام قوات البيشمركة بالتصفيات العرقية والتهجير القسري للمواطنين العرب والتركمان منها ليتسنى ضمها الى الحدود الادارية لاقليمهم المزعوم لتكون عاصمة دولتهم المنشودة لفض اشكالية اختيار العاصمة ما بين اربيل والسليمانية من جهة ومنها سيتم الزحف على المناطق العراقية الاخرى لاكمال مسيرة الاحلام التوسعية حسب الحدود المرسومة لدولة كردستان من جهة اخرى والتمهيد لهذا الموضوع تم عن طريق التحكم بقوت الشعب من خلال الهيمنة على توزيع الحصص التموينية لمناطق محادية لاقليم كردستان تمهيدا لضمها الى الحدود الادارية لاقليمهم المزعوم مثلما حصل بتحويل الحصة التموينية لقضاء سنجار من محافظة الموصل الى محافظة دهوك التابعة لاقليم كردستان والبقية تأتي تباعا فضلا عن سن قوانين في ذلك الاقليم اغلبها يتعارض مع الدستور وبشكل يؤدي الى استنزاف الدولة العراقية وحلب ثرواتها والدليل على ذلك قانون النفط والغاز الخاص باقليم كردستان الذي بموجبة تم فرض مشاركة الاكراد في الواردات النفطية لجميع حقول الانتاج في العراق بينما تنفرد حكومة الاقليم في ادارة واستثمار الحقول الجديدة في منطقة كردستان دون السماح للحكومة المركزية التدخل في عقود التنقيب والاستثمار والتصدير. اما البرلمان الذي استحوذت القيادات الكردية فية على خمسة وخمسون مقعدا وذلك بسبب الخلل المقصود في اللعبة الانتخابية حيث أدى هذا الخلل إلى سيطرة تلك القيادات على ما يسمى بالعملية السياسية برمتها وجعل مفاتيح تشكيل أي حكومة عراقية مزعومة بيد الكتلة البرلمانية الكردية فضلا عن مزاد المساومات مع الكتل النيابية الأخرى لمن يقدم تنازلات أكثر حسب أصول لعبة التحالفات الطائفية والعرقية التي تمخضت عن مصيدة الانتخابات التي نصبتها سلطات الاحتلال من اجل شرذمة العراق وتقسيمة الى كانتونات عرقية واثنية وطائفية.

2- نشاط القيادات الكردية على الصعيد الإقليمي:ـ نستعرض في البداية نشاط تلك القيادات على صعيد الدول غير العربية المجاورة للعراق ولنبدأ بايران ثم تركيا .

تعتبر ايران الحليف القوي للقيادات الكردية قبل الحرب العراقية الايرانية وبعدها، وقد لعبت تلك القيادات دور تأمري كبير لمساعدة ايران في عدوانها على العراق بسبب التقاء ارادة الطرفين في اعتماد اسس طائفية وعرقية لتفتيت الدولة العراقية بينما نجد ايران تتبع سياسة التقيّة معهم حيث تقوم في بعض الاحيان بمسايرة تطلعاتهم الانفصالية لكي تدخرهم كخزين استراتيجي يضاف الى تعزيز نفوذها في العراق وفي احيان اخرى تقوم بكبح جماحهم للتحوط من عواقب تأثير تطلعاتهم الانفصالية على اكراد ايران التي لازالت في ذاكرتهم جمهورية مهاباد الكردية التي تأسست في عام 1946 بالرغم من القضاء عليها بعد عام من تأسيسها، وكذلك للحيلولة دون التمادي في اتباع مواقف سياسية خارج اطار الاجندة الايرانية خصوصا بعدما ظهرت انيابهم بعد الاحتلال.

اما تركيا التي ترفض بشدة تحقيق هذا المشروع فان القيادات الكردية دائما تذكّر ألامريكان بعصيان الحليف التركي الذي رفض استخدام أراضية والقواعد العسكرية لضرب العراق وغالبا ما تحاول تلك القيادات من إثارة الشكوك في كون هذا الحليف غير جدير بثقة الولايات المتحدة مستغلين الضرب على وتر تأثير الضغط الشعبي والإسلامي على الحكومة التركية خصوصا بعدما أفصحت إحصائيات موثوقة عن نسبة كراهية الشعب التركي للغول الامريكي والتي بلغت أكثر من 82% ، فضلا عن إلحاح تركيا للانظمام إلى الاتحاد الأوربي الذي سيجعل من سياساتها الخارجية تتماشى مع سياسات دول الاتحاد، فان من وجهة نظر القيادات الكردية إن دولتهم القادمة يمكن أن تعوض الولايات المتحدة عن كل ما مطلوب بدلا من منية تركيا التي ذاقت ذرعا بطلبات الحليف الأكبر لذلك تلح على الولايات المتحدة الاستعجال في بناء قواعد عسكرية في الشمال العراقي لحسم موضوع الرفض التركي لمشروع اقامة الدولة الكردية مستغلين عدم قدرتها على تنفيذ تهديداتها المتكررة نحو تجاوزات الاحزاب الكردية التركية المدعومة من قبل سلطات اقليم كردستان بسبب التناقضات السياسية داخل المؤسسات التركية فضلا عن العامل الاقتصادي المتمثل في الكم الهائل من الشركات التركية العاملة في اقليم كردستان لان العمران الذي يتمتع بة الاقليم المزعوم ما هو الا من دعم واسناد تلك الشركات، لذلك تعتقد القيادات الكردية انة ليس من الحكمة ان تقوم تركيا بهدم مصالحها مع العراق وامريكا والاتحاد الاوربي في مغامرة ليست في محلها ، لهذة الأسباب تعتبر تلك القيادات ان الفرصة الذهبية قد سنحت وحان موعد قطاف ثمرة الخدمات التي قدمتها الى صقور الإدارة الأمريكية لذلك تسعى من اجل الحصول على موافقة امريكية اشبة بوعد بلفور لإنشاء وطن قومي للاكراد في شمال العراق على غرار وعد بلفور البريطاني في فلسطين لكبح جماح كل من يريد تصفية حسابات معهم فيما يخص مشروعهم الانفصالي .

أما على صعيد الدول العربية المجاورة وغير المجاورة للعراق ومن خلال البعد العنصري في توجهات القيادة الكردية نجدها قد لعب دورا عدائيا للعروبة وخصوصا ضد سوريا حيث تدخر تلك القيادات نسبة من الأكراد لا يستهان بها من سكان تلك الدولة يمكن استخدامهم ورقة ضغط على الحكومة السورية وتسخّيرهم كاحتياط استراتيجي لصالح الولايات المتحدة عندما ترغب الأخيرة في فرض ضغوط حقيقية على تلك الحكومة متى ما استجدت ظروف تتطلب ذلك ودائما ترمي اتهامات متكررة على حكومة دمشق وتحاول ان تحملها مسؤولية فشل المشروع الامريكي في العراق من اجل اضعاف وتحييد الموقف السوري في مواجهة المشروع الانفصالي. اما على صعيد الدول العربية الاخرى تعمل تلك الفصائل على عزل العرب عن العراق تماشيا مع استراتيجية المشروع الأمريكي الصهيوني المعروف بالشرق الاوسط الكبير لإضعاف إمكانيات الأمة ومحاولة تأجيج الفرقة والخلاف بين الدول العربية وجعلها دويلات إقليمية متباعدة ومتناحرة تنفرد بها إسرائيل وتفرض عليها اتفاقيات استسلام مهينة كما يحلو لها، ومن وحي هذة الأفكار فرضت القيادات الكردية من خلال هيمنتها على وزارة الخارجية العراقية بجعل سياسة العراق الخارجية تتماشى مع توجهات المشروع الامريكي الصهيوني الرامي لاضعاف البعد القومي العربي للعراق وذلك من خلال الفعاليات السياسية التي تقوم بها تلك الوزارة والقيادات العراقية الجديدة والتي غالبا ما تتوج بسيل من الاتهامات إلى الدول العربية ليتسنى عزلها عن العراق من جهة واضعاف الموقف العربي في مواجهة المشروع الانفصالي من جهة اخرى.

وفي ضمن هذا السياق من استعراض نشاط القيادات الكردية على الصعيد الاقليمي لابد من الاشارة الى التعاون الاستراتيجي على كافة الاصعد بين القيادات الكردية والدولة العبرية التي اتخذت من منطقة كردستان مركز لنشاط الموساد الاسرائيلي في العراق، حيث ان هذا التعاون يحمل في طياتة مصالح واهداف استراتيجية مشتركة نابعة من انسجام اجندة الطرفين الكردية والصهيونية الرامية الى تقسيم العراق وتفتيتة الى دويلات اثنية وعرقية وطائفية وفق معتقدات قائمة على اسس دينية وتاريخية مهمة في ايدلوجية الفكر الصهيوني تتماشى مع المعتقدات الاثنية والعنصرية في اجندة الاحزاب الكردية وقد ترجم هذا التعاون بتعهد اسرائيلي يضمن حماية مستقبلية للاكراد تحسبا من احتمال اي فشل قد تمنى بة الولايات المتحدة في حربها على العراق يمكن ان يؤدي الى انسحاب امريكي مفاجئ لذلك تتعشم القيادات الكردية من اسرائيل ان تكون الظهير القوي لدعم مشروع تأسيس الدولة الكردية المنشودة مقابل قيام تلك القيادات مساعدة الصهاينة التغلغل في العراق ومنة الى منطقة الشرق الاوسط لتحقيق حلم اسرائيل الكبرى وفق معتقداتها الدينية وليس بالظرورة ان يتم من خلال احتلال عسكري للمنطقة بل يكفي اسرائيل موطئ قدم تنطلق منة للهيمنة اقتصاديا وعسكريا وسياسيا وثقافيا على دول المنطقة وفق اجندة المشروع الامريكي الصهيوني المسمى بالشرق الاوسط الكبير وقد توج هذا التعاون بانفتاح اسرائيلي على منطقة كردستان بعد الاحتلال الامريكي للعراق الذي تجلى بتواجد الشركات الصناعية والتجارية الاسرائيلية في شمال العراق فضلا عن غزو المنتوجات الصهيونية للاسواق العراقية بعد تغييرعلاماتها التجارية في الاقليم المزعوم بالاضافة الى تواجد رجال اعمال ومتعهدين ومقاولات لشركات استشارية واستثمارية عملاقة لاقامة مشاريع استراتيجية في مجال النفط والطاقة وكذلك في مجال استثمار الموارد المائية علاوة على انشاء مراكز بحوث ومكاتب ثقافية واعلامية وصحفية وعقود مع شركات أمن خاصة كان من ابرز انشطتها تهريب الاثار التي تتعلق بالتاريخ اليهودي وتصفية الكوادر العلمية والعسكرية ناهيك عن التفجيرات والسيارت المفخخة التي تحصد ارواح المئات من العراقيين في كل يوم فضلا عن عمليات الابتزاز والخطف والقتل التي حولت حياة المواطن العراقي الى جحيم ، والملفت للانتباة ان من بين المئات من عمليات التفجير والقتل والخطف التي تحدث في بغداد لم نسمع عن وجود كردي واحد من بين الضحايا، يبدو ان بركات العناية الالهية منزلة فقط لحفظ الاكراد من تلك العمليات أي ان الموت يطيل كل الاجناس والطوائف الا الاكراد. لقد بات الشعب العراقي على يقين من ان القيادات الكردية والمخابرات الاسرائيلية لهما اليد الطولى فيما يحصل في العراق.

3- نشاط القيادات الكردية على الصعيد الدولي:ـ لقد تجسد هذا النشاط من خلال تكريد السفارات العراقية وتسخير انشطتها الدبلوماسية من اجل تهيئة أجواء سياسية دولية تدعم مشروعهم الانفصالي فضلا عن القيام بمنح جوازات سفرعراقية لاكراد تركيا وايران وسوريا خصوصا المقيمين منهم في اوربا لتكون الغلبة العددية للاكراد في العراق عن بقية الدول المجاورة في الوقت الذي تقوم تلك السفارات بوضع العراقيل والقرارات التعجيزية لاقصاء العراقيين العرب من الحصول على وثائق تؤكد انتماأتهم الوطنية وهذة اجراءات عملية محسوبة من اجل تحقيق متغيرات جيوبولتيكية لها تأثيرات مستقبلية على الاحصائيات السكانية للمدن العراقية فضلا عن سياسة التهجير والتطهير العرقي التي تقوم بها قوات البيشمركة في مناطق متعددة من العراق، ناهيك عن الدور المشبوة الذي تلعبة المكاتب السياسية الكردية المعتمدة في دول مهمة من العالم لتمثيل اقليم كردستان ككيان سياسي مستقل على حساب سيادة العراق ووحدة اراضية.

أما من حيث العقبات التي تمنع من اقامة الدولة الكردية في الوقت الحاضر على اقل تقدير، لابد من ذكرها باسهاب وفق نفس الأبعاد والمؤشرات المذكورة اعلاة لان الكثير من ابناء العراق بات يتسألون عن اسباب تأخر اعلان الانفصال بالرغم من الشوط الذي قطع في هذا الاتجاة.
فعلى الصعيد المحلي هناك مخاوف امريكية من تقويض العملية السياسية في العراق حال حدوث الانفصال لان أمريكا ضمنت العراق من خلال الاحتلال والرموز التي جاءت بها واستعداد تلك الرموز الى تنفيذ كل متطلبات ما مطلوب منها، والذي بيدة الأصل لا يحتاج إلى الفرع والانفصال يعني هزة عنيفة للمشروع الأمريكي الذي جاء ببشائر الحرية والديمقراطية للعراقيين كما تروج لة الإدارة الأمريكية في الوقت الحاضر على اقل تقدير وليس بالتجزئة والتقسيم ، الا ان عامل الزمن من وجهة نظر القيادات الكردية كفيل بتبديد تلك المخاوف لان التطورات السياسية في العراق تسير لصالح اجندة تلك القيادات خصوصا بعد انحسار هيمنة الولايات المتحدة على زمام الامور لذلك نجدهم يتحينون الفرص المناسبة ويراهنون على الوضع الامني وحالة الفوضى التي وصل اليها العراق كذريعة للتهديد بالانفصال اذا ما ساءت الاوضاع في بغداد وهذا ما اكدة البرزاني بقولة( في حال استمرار الفوضى والحرب الطائفية قد يجعلان استقلال كردستان امر مطلوب) فضلا عن ظهورلاعبين كبار على الساحة العراقية ادى وجودهم الى تحجيم دور الولايات المتحدة وفقدان سيطرة قواتها على الوضع الامني والسياسي الذي بات ينذر بتعرض مشروعها في العراق الى الفشل مما زاد من تعدد خيارات القيادات الكردية خصوصا بعد التغلغل الايراني والتواجد الاسرائيلي الكثيف في الشمال العراقي الذي يمكن ان يعوضهم بدعم سياسي وعسكري عند احتمال اي انسحاب امريكي مفاجئ لذلك نجد تلك القيادات تشجع نزعة الانفصال على مراحل تبدأ بانفصال السنة والشيعة جغرافيا مستغلة ازدياد حالة العنف الطائفي بين الطرفين والعمل على تغذيتها لتجعل من تقسيم العراق امر واقع على اعتبار ان الاستقرار لا يمكن ان يتحقق الا بالتقسيم وفي النهاية ستبدو المنطقة الشمالية في حالة عزلة من غير ابداء رغبة ظاهرية بالانفصال، لذلك ترى القيادات الكردية ان الظرف الحالي يقتضي استثمار عامل الزمن واستغلال ضعف الحكومة المركزية وانحسار قوة الموقف الامريكي وتردي الاوضاع الداخلية للغرف من خيرات العراق وصبها في اقليم كردستان لبناء مقومات دولتهم المزعومة وتقوية دعائم بناها التحتية لان البقاء مع العراق في ظل اوضاعة الحالية قد يحقق فائدة اكبر من الانفصال الذي بات مضمونا بعدما عبدت تلك القيادات الطريق بتشريع الفدرالية دستوريا ولم يبقى الا انتظار اللحظة الحاسمة ليقضي اللة امرا كان مفعولا.

إما العقبات التي تواجة النشاط الانفصالي على الصعيد الإقليمي والدولي فانة في حال تحقيق وعد بلفور امريكي واعطاء ضوء اخضر لأقامة دولة كردية في شمال العراق لا يزيد من حدة معارضة تركيا وسوريا لة فحسب بل سيصعد من حدة الخلاف مع الولايات المتحدة التي بدورها لا تريد فتح ملفات جديدة تورطها أكثر من ما هي متورطة فية وبالتالي سينعكس ذلك سلبا على مشروعها المسمى بالشرق الأوسط الكبير المطلوب تسويقة الى دول المنطقة باعتبارة مشروع أصلاح وليس مشروع تقسيم، وإذا ما حدث ذلك الانفصال حتما سينجم عنة تخلخل كبير في مصداقية أمريكا اتجاة القضايا العربية وخصوصا القضية الفلسطينية أكثر مما هي علية اليوم ، وبالتالي زيادة حالة الكرة والعداء لها وربما سوف لن تكون بمنأى عن هستريا ضربات الجماعات المتطرفة. إلا إن القيادات الكردية تعتبر هذة العقبات معوقات مؤقتة يمكن تجاوزها بالرغم من التداعيات الاقليمية وتشابك المداخلات الدولية التي تحيط بالازمة العراقية وذلك من خلال تواجد المستشارين الإسرائيليين في اربيل والسليمانية الذين يخططون للمنطقة وبيدهم خرائط مشروع الشرق الأوسط الكبير بالاضافة الى ان تلك القيادات ليست بغافلة عن تلك التداعيات التي تعصف بمنطقة الشرق الاوسط فأنها تضع في حساباتها ردود افعال ومواقف دول المنطقة من الانفصال وفي مقدمتها تركيا وسوريا لذلك ترى القيادات الكردية ان بقائهم مع العراق في الوقت الحاضر يحميهم من المواجهة مع تلك الجارتين وان الاحتماء بالعراق المحتل يعني الاحتماء بمظلة الاحتلال الامريكي يعني الاستقواء بعضلات الاسياد، وبدلا من تحمل وزر تفجير قنبلة التقسيم يترك التنفيذ لاطراف اكبر ضمن ظروف افضل المهم في النهاية لهم الصافي لان دور تلك القيادات في المرحلة الحالية هو استغلال ضعف العراق للغرف من خيراتة وتسخير قدراتة من اجل تحقيق اهداف واجندات حزبية ومصالح شخصية استغرق التحضير لها سنين طويلة، فأن المطلوب من وجهة نظرهم وقبل كل شيئ هو اكمال مستلزمات بناء مؤسسات الدولة المنشودة وفي الوقت نفسة ممارسة نشاط اقليمي ودولي مكثف لاضعاف وتهميش الدور السياسي لتركيا وسوريا فيما يخص معارضتهما للانفصال ليتسنى الوصول الى الهدف المنشود من سكات ومن غير أثارة ولا شوشرة تذكر وذلك من خلال السعي والتحضير لابرام صفقة تطبخ على نار هادئة في منطقة كردستان بين امريكا وايران من جهة واسرائيل وايران من جهة اخرى الغاية منها تقسيم العراق الى اقاليم باعتبار ان هذا التقسيم اصبح مطلب عراقي امريكي اسرائيلي ايراني قبل ان يكون مطلب كردي خصوصا بعدما دفعت الولايات المتحدة ثمنا باهظا من جراء خطيئة الاحتلال وانحسار دورها السياسي والعسكري في العراق حتى باتت تفتش عن سيناريو يساعدها على الهروب ويرد لها ماء الوجهة بعد هروب حلفائها من سفينتها الغارقة ولم يبقى لها من خيار الا الرضوخ للامر الواقع والاذعان بقبول التقسيم خصوصا بعد ان ذاقت ذرعا من تصرفات عملائها في بغداد الذين بدورهم باتوا يباركون التقسيم بسبب عدم التمكن من الوصول الى حلول توافقية لخلافاتهم، كما ان فشل المؤتمرات الاقليمية والدولية التي تعقد في كل زمان ومكان ولم يأتي ثمارها بحل رموز شفرة الازمة العراقية وهذا مايسعد القيادات الكردية باعتبار ان المشكلة العراقية اصبحت مستعصية على الجميع ولا فائدة ترجى منها غير التقسيم وبذلك يأخذ التقسيم مجراة برغبة اقليمية ودولية والطبخة جاهزة ومفاتيح الحل بيد اللاعبين الكبار المشار اليهم في اعلاة باعتبارهم الاطراف الرئيسين في تلك الصفقة التي باتت تسير بخطى ثابتة ومدروسة وفق ما مرسوم لها وعلى مرام استرتيجية واجندة القيادات الكردية وان تحذيرات الزيباري في مؤتمر بغداد الثاني بمثابة رسالة موجهة الى الدول المجاورة الغير معنية في الصفقة المشار اليها انفا والمقصود بها تركيا وسوريا وقسم من الدول العربية المصنفين كطرف خصم في القضية العراقية ودائما ينظر اليهم بعين الشك والاتهام فيما يخص تسلل الارهابين من اراضيهم باستثناء ايران طبعا لان رئيس الوزراء العراقي اشاد بدورها في حفظ الامن بالعراق على هامش المؤتمر المذكور باعتبار ان القادمين من ايران مستشاريين في القتل والتعذيب وليس ارهابيين، وعلى هذا الاساس ستقف كل من تلك الدول عاجزة عن معارضتهم للتقسيم لان تركيا تعاني من ظروف سياسية واقتصادية لا يحسد عليها كما مبين في اعلاة لذلك تعمل القيادات الكردية على استثمار هذة الظروف للتعجيل في الاستحواذ على كركوك وضمها الى اقليم كردستان قبل اعلان التقسيم لاسقاط ورقة التوت من جعبة الاتراك حتى لا تكون هناك حجة لتركيا تستوجب المواجهة لو تم التقسيم، اما سوريا التي سأمت من اسطوانة التدخل في الشؤون الداخلية للعراق فأنها محصورة بين فكي كماشة الضغوط الامريكية من جهة والاسرائيلية من جهة اخرى لذلك فهي غير قادرة على مواجهة صفقة امريكا واسرائيل طرفين فيها وليس من المعقول نسيان ما حل بها في لبنان خصوصا وان حليفتها ايران لاعب رئيسي في تلك الصفقة لان تقسيم العراق بالنسبة لايران حلم عجزت عن تحقيقة في حرب الثمان سنوات وبذلك سوف لن ينفع سوريا سياسة اللعب على الحبال والقفز على التناقضات مهما حاولت، وبالتأكيد سينسحب عجز هاتين الدولتين على الدول العربية لانها غارقة في نومها وصامتة في خوفها من العصى الامريكية، وعلية يمكن اعتبار جولات الحوار الامريكي الايراني في بغداد خطوة اولى باتجاة تلك الصفقة التي اعقبتها الخطوة الثانية المتمثلة بالتحالف الرباعي بين الحزبين الكرديين وحزب الدعوة والمجلس الاعلى لان من واجبات هذا التحالف تنفيذ الخيارات الامريكية والصهيونية والايرانية الرامية لتقسيم العراق والتي تتماشى مع خيارات تلك الاحزاب التي باتت تفصح عن تطلعاتها في اقامة دولة كردية في الشمال ودولة شيعية في الجنوب ودولة سنية في الوسط وعندما يتحقق ذلك سوف ينأى الاكراد عن تحمل وزر جريمة التقسيم لوحدهم .

واخيرا لم يعد خافيا على احد معالم هذا المشروع العنصري الانفصالي الذي تروج لة قيادات عملت على توريث الاحقاد من جيل الى جيل من اجل مصالح شخصية واثنية وعرقية لأحزاب ثبت حقدها على العراق وشعبة مما جعل القوى الخيرة في العالم تتصدى لهذا المشروع العنصري الانفصالي واولها الشعب الكردي الذي بات يحس بالنار الذي تلعب بة قيادات تلك الاحزاب من اجل بناء امبراطوريات شخصية على حساب دماء آلاف من بسطاء الاكراد المغرر بهم الذين تم استغلال سذاجتهم وولائهم القبلي للمتاجرة بارواحهم وزجهم في وديان الموت بين سلاسل الجبال سنين طويلة من التمرد والعصيان ليصل تجار الحروب الى ما وصلوا الية اليوم من مناصب وثروات وشركات وارصدة في مختلف بنوك العالم وفلل وقصور وجوازات سفر وجنسيات متعددة، لذلك تيقنت القوى الكردية الشريفة بالزيف الذي تدعية تلك القيادات واعلنت مواجهتها وتصديها للمشروع الانفصالي وتضامنها مع الدول والشعوب والمنظمات الإقليمية والدولية والقوى الخيرة في العالم الرافضة لتقسيم العراق والعمل على وحدة أراضية.


Talal_barakat1@hotmail.com

للحديث بقية

 

 

مسعود , كارنر , جلال

 

 

 

شبكة المنصور

الاثنين /  5 رمضان 1428 هـ  الموافق  17 / أيلول / 2007 م