بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

أسباب إحتلال العراق وتراجع تفسير ألان جرينسبان المنافق

 

 

شبكة المنصور

دجلـــة وحيـــد

 

تعرض الكثير من الكتاب المؤيدين والمناصرين للمقاومة العراقية المسلحة الباسلة والمحللين المنصفين في معظم دول العالم الى أسباب الإحتلال الغير شرعي والغير قانوني للعراق وإتفق الجميع على أن السبب الحقيقي لغزوه من قبل الولايات المتحدة وحلفائها المارقين هو محاولتها السيطرة على خيراته النفطية وتقسيمه وبناء قواعد عسكرية دائمية فيه كمرحلة أولى من مراحل بناء الإمبيراطورية الإقتصادية الأمريكية العالمية وليس كما إدعت إدارة الشر الأمريكية كذبا بسبب علاقة النظام الشرعي السابق بقيادة شهيد الحج الأكبر الأسير صدام حسين المجيد بتنظيم القاعدة أو لإزالة أسلحة الدمار الشامل العراقية الغير موجودة أصلا. غيرت إدارة المجرم بوش الصغير أسباب غزوها وإحتلالها للعراق بعد أن فضح كذبها المخزي وبعد أن إتضح للعالم بأن العراق كان خاليا من أسلحة الدمار الشامل ولم تكن لنظامه الشرعي السابق أي علاقة مع تنظيم القاعدة حيث إنقلبت الأسباب بعد ذلك الى عمل إنساني ألا وهو تحرير الشعب العراقي من "النظام الديكتاتوري" وبناء "نظام ديموقراطي تعددي" وجعل العراق لؤلؤة الشرق الأوسط تشع منه أضوية الحرية والعدالة الإجتماعية التي ستمد خيوطها الضوئية البهيجة الى عموم منطقة الشرق الأوسط ليعم الخير والمحبة والسؤدد والسلام على شعوب المنطقة. بدلا من كل هذه الأحلام والعهود الوردية الخاوية دمر العراق تدميرا كاملا ونهبت خيراته النفطية وأغتصب وشرد وقتل شعبه وعم الفساد فيه ونبتت في نفوس مواطنيه بذرة الإنقسامات الأثنية والطائفية ورغم كل ما حدث ويحدث من قتل وتدمير على المستوى اليومي تصر إدارة المجرم بوش الصغير على أنها جاءت لتحرير الشعب العراقي وبناء الديموقراطية فيه ونكرت وما زالت تنكر بأنها غزت العراق من أجل السيطرة على نفطه الى أن إنفجرت القنبلة التي رماها عميد جمهوري، الإقتصادي ألان جرينسبان رئيس الإحتياطي الفيدرالي أو البنك المركزي الأمريكي  قبل عدة أيام من خلال كتابه الجديد "عصر الإضطرابات، مغامرات في عالم جديد".  كتب ألان جرينسبان أن أحد الدوافع الرئيسية للحرب وإحتلال العراق هو ضمان استمرار حصول الولايات المتحدة على إمدادات النفط الضخمة منه. لكن هذا الإعتراف جوبه بموجة نكران قوية من إدارة الشر الأمريكية وتعرض ألان جرينسبان إثر ذلك الإعتراف الى ضغوط ضخمة تراجع على أثرها نوعما عن تفسيره وقصده الأول الذي ذكره للصحافة.  

سيكون هذا التراجع محور مقالنا هذا والذي سيحتوي على المعلومات التي سمعناها وإستقيناها من مقابلة تليفونية مع ألان جرينسبان أجرتها مذيعة تلفزيون الديموقراطية الأن إيمي جودمان بحضور الكاتبة والصحفية الإستقصائية الكندية نعومي كلاين.  

في بداية المقابلة سأل ألان جرينسبان عن رأيه بالمجرم بوش فأجاب "بأن بوش يمتلك خاصية رائعة لمعرفة بأن ليس من صالحه أو من صالحنا أن يتدخل في نشاطات الإحتياطي الفيدرالي، ويجب أن أقول، خلال كل سنواته، أنه لم يحزر ولو لمرة واحدة ماذا كان يقوم به الإحتياطي الفيدرالي، ذلك كان مهم جدا بالنسبة لنا ونحن مقدرون ذلك جدا. لكنه لم يضيق الخناق، كما كنت أتوقع، على الكونجرس الذي كان يسيطر عليه الجمهوريون الذين صرفوا وبعثروا الأموال وسببوا خللا بالميزانية المالية". ونسى ألان جرينسبان أن يذكر بأن المجرم بوش الصغير هو أغبى رئيس جمهورية للولايات المتحدة ومنذ قيامها – وبإعتراف والدته باربارا بوش التي قالت أنه كان أغبى أولادها - وأنه مسير من قبل نائبه المجرم ديك تشيني وواجبه هو أن يطبق فقط أجندات أصحاب رؤوس الأموال الصهاينة  ومخططات الشركات الإحتكارية الأمريكية الكبرى وسياسة المحافظين الجدد أو اليمين المسيحي المتصهين المهيمن على السياسات الداخلية والخارجية الأمريكية.   

عندما سأل من قبل المذيعة إيمي جودمان عن ما ذكر في كتابه بأن "حرب العراق كانت من أجل النفط" غير ألان جرينسبان تفسيره لتلك العبارة بعد تعرضه لضغط شديد من إدارة المجرم بوش - التي نكرت ذلك الإدعاء - ومن الإعلام الأمريكي المتصهين  حيث قال "النقطة التي كنت أريد توصيلها هي أن لو لم يكن هناك نفط تحت رمال العراق، لم يكن صدام قادر على تجميع الموارد التي مكنته من تهديد جيرانه إيران والكويت والمملكة العربية السعودية. وبعد أن راقبته لمدة ثلاثون عاما، كنت خائفا جدا من انه لو أنجز صناعة أداة نووية - وإعتقدت بأنه من المحتمل كان قادر على شراء واحدة -  أنه كان سيسعى جوهريا وربما نجح في السيطرة على تدفق النفط من خلال مضيق هرمز، القناة التي من خلالها يتدفق في اليوم الواحد ثمانية عشر أو تسعة عشر مليون برميل من مجموع خمسة وثمانون مليون برميل من الإنتاج العالمي اليومي للنفط الخام. لو أنه قرر إغلاق، لنقل، سبعة ملايين برميل في اليوم، والتي كان بإستطاعته عمل ذلك إذا كان يمتلك السيطرة عليها، كان بإمكانه أن يغلق جوهريا أيضا جزء هام من النشاط الإقتصادي في كافة أنحاء العالم. أن حجم التهديد الذي شكله، كما رأيته يبزغ، إعتقدت كان مخيف. ولذا، كان إبعاده عن الرئاسة أو إبعاده عن موقع السيطرة الذي كان بحوزته، إعتقدت، ذلك كان ضروريا. سواء ذلك عمل بوسيلة واحدة أو بوسيلة أخرى ليس مهم، لكنها واضحة بالنسبة لي، لو لم يكن هناك مصادر للنفط في العراق، لكانت الصورة الكاملة لكيفية تطور ذلك الجزء من الشرق الأوسط مختلفة".  

بعد أن إنتهى ألان جرينسبان من تفسيره الغريب لأسباب شن الحرب على العراق وإحتلاله وتدميره ونهب خيراته وإغتصاب شعبه توجهت الصحفية الإستقصائية الكندية نعومي كلاين بالتعليق والسؤال الأتي على ما جاء أعلاه:  

أنا فقط أتسائل إن كان ذلك مزعجا للسيد جرينسبان بأن الحروب من أجل الثروات في البلدان الأخرى في الحقيقة هي حروب غير شرعية. السيد جرينسبان مدح في كتابه حكم القانون وأهمية حكم القانون، لكن في تعبيراته حول الأسباب التي دعت الى عدم مناقشة هذه المسألة علنا، قال بأنه من غير المناسب سياسيا في هذه اللحظة. لكن سيد جرينسبان أنها ليست فقط بأنها ليست مناسبة سياسيا، هل أنت مدرك بأن، طبقا لتعليمات لاهاي وإتفاقية جنيف، أن غزو بلد واحدة لبلد آخر من أجل الإستحواذ على ثرواته هو عمل غير شرعي؟  

أجاب ألان جرينسبان وبصورة غامضة ومتهربة ليست لها علاقة بالسؤال كالآتي:  

لا، الذي كنت أقوله هو أن القضية التي، كما تعرفين، أن أكثر الناس الذين كانوا يلحون على شن الحرب كانوا مهتمين بمكان وجود أسلحة الدمار الشامل. إعتقدت شخصيا بأن صدام حسين كان يتصرف بطريقة ما تشير بأنه كان من المحتمل يمتلك، كان بالتأكيد تقريبا يمتلك أسلحة دمار شامل. أنا فوجئت، كلأكثرية، بأنه لم يكن يمتلكها. لكن الذي كنت أقوله هو أن سبب سروري لرؤية صدام ازيح من منصبه لم يكن له علاقة باسلحة الدمار الشامل. كان له علاقة بالتهديد المحتمل الذي يمكن أن يخلقه لبقية العالم.  

ردت عليه نعومي كلاين قائلة:  

نعم، أدرك ذلك، لكنه ببساطة لم يخلع (وتعني الرئيس صدام حسين). الولايات المتحدة غزت العراق، إحتلته وسيطرت على موارده. وطبقا للقانون الدولي، أن شن الحروب للتمكن من الدخول الى البلدان الأخرى، بلدان ذات سيادة والإستحواذ على مواردها الطبيعية عمل غير شرعي.  

فأجاب ألان جرينسبان متهربا مرة أخرى ومتلعثما وبصورة أكثر غموضا مما ذكره أعلاه وكلأتي:  

نعم، لا، أنا بالكامل مدرك للحقيقة بأن تلك الى حد كبير، قضية مهمة جدا. وكما قلت في تعليقات أخرى، بأنني فكرت دائما بأن المسألة التي جوهريا تبلغ الى الذي يدعى في أغلب الأحيان وقائي، عمل وقائي من ناحية بعض البلدان لضمان الموارد أو شيئ آخر مثلها، هي قضية تعود الى زمن الحرب الباردة، عندما كنا نمتلك المعضلة الأخلاقية الصعبة جدا التي تعنى بماذا سنقوم ونعمل عندما تفكر بأن قذيفة صاروخية قادما بإتجاهنا وانت ليس متأكد هل أن ذلك كان حادث أو ليس حادث. وتلك هي المشكلة التي أعتقد أنها مشكلة أخلاقية عميقة في المجتمع المتحضر. والقضية هي واحدة التي لا أعتقد بأننا سنحلها بسهولة شديدة. وكما أنت أشرت، نعم، أنا مؤمن في حكم القانون، وأعتقد أنها مسألة حاسمة، ليس فقط للإقتصاديات المحلية، ولكن للإقتصاد العالمي ككل.  

هنا تدخلت إيمي جودمان ووجهت السؤال الأتي الى ألان جرينسبان حول الفساد المالي في العراق المحتل وسرقة المليارات من أموال الشعب العراقي لأن معظم الأموال التابعة للشعب العراقي والتي نقلت من الإحتياطي الفيدرالي - الذي كان يترأسه ألان جرينسبان في ذلك الوقت - الى بغداد قد نهبت وإختفت ولحد الأن لم يعرف مصيرها:  

هناك مقالة منشورة في صحيفة الـ "فانيتي فير" كتبت من قبل "جيم ستيل" و"دون بارتيل" يتحدثون فيها عن مليارات الدولارات التي فقدت في العراق. وبدءوا مقالتهم بالقول "ما بين أبريل/ نيسان 2003 ويونيو/حزيران 2004 شحن 12 مليار دولار بالعملة الأمريكية من الإحتياطي الفيدرالي الى بغداد - معظمها تعود الى الشعب العراقي - حيث أنها وزعت من قبل سلطة التحالف المؤقتة. البعض من  النقد ذهب لدفع ثمن المشاريع ولجعل الوزارات عائمة، لكن، بشكل لا يصدق، ضاع على الأقل تسعة مليارات دولار، غير محسوبة، في هيجان سوء الإدارة والطمع. ألان جرينسبان، عندما كنت رئيس الإحتياطي الفيدرالي، ما هو مقدار معرفتك بهذه القضية؟ هل تحريت عنها؟ هل كنت مدركا بها في ذلك الوقت؟  

أجاب ألان جرينسبان على السؤال بطريقة ملتوية تبرأ دور إدارته في تدمير إقتصاد العراق وإختفاء أموال الشعب العراقي على الرغم من أن الإحتياطي الفيدرالي الذي كان يترأسه مول الحرب واشرف على إقامة النظام المالي الحالي الفاسد في العراق حيث قال:   

حسنا، إسمحي لي القول بأن الذي إشتركنا به كان يسعى جوهريا لخلق عملة فعالة للبنك المركزي العراقي. والذي قمنا به هو - أعتقد بنجاح باهر - خلق نظام مالي فعال، حتى في الظروف التي كانت موجودة في وقتها. كان هناك، بقدر ما يمكنني  أن أحكم، إرتشاح ضخم للموارد الى مناطق التي لا أحد الى يومنا هذا يفهمها أو يتابعها. لم تكن لها علاقة بالبنك المركزي. في علاقتنا معهم، كنا نعمل مجرد كوسيط لمساعدتهم في خلق النظام، الذي يمتلكونه الأن، الذي يعمل جيدا الى حد معقول، على الرغم من كل المشاكل المستمرة. أن القضية التي تشيرين إليها ليست لها علاقة بالإحتياطي الفيدرالي في أي من علاقتنا بالبنك المركزي. 

وردت عليه إيمي جودمان بشكل جاد ومحرج كما يلي:   

حسنا، تحدث الصحفيان بأن، في يوم واحد، على سبيل المثال، سحبت في مركز عمليات روثرفورد الشرقي للبنك الإحتياطي الفيدرالي في مدينة نيويورك، عنوانه 100 أوركارد ستريت في شرقي روثرفورد، شاحنة مقطورة، مألوفة على إستلام ونقل كميات كبيرة من النقد، وأن ذلك المركز ما سبق له أن عالج طلب وحيد مقداره 2.4 مليار دولار بعملة 100 دولار. لكن في النهاية، مرة أخرى، أن 9 مليار دولار من أصل 12 مليار دولار إختفت في العراق.   

ألان جرينسبان أجاب مرة أخرى بصورة تمويهية حيث أنه نكر علمه حول تعامل الإحتياطي الفيدرالي بمقادير نقدية ضخمة وحسب ما ذكره الصحفيان "جيم ستيل" و"دون بارتيل" حيث قال:  

ليس لي علم بأي من هذا الدليل.  وبالتأكيد لم يجلب الى إنتباهي. أنا، بصراحة، أجدها من غير المحتمل جدا بأن هذه المقادير الضخمة تضمنت في أي من الأعداد التي نتعامل معها. يجب أن تتأكدي بأن - هناك الكثير من التشويش حول الخسائر، وأن الناس إستعملوا الدينار، الوحدة النقدية الأساسية في العراق، وأفترض بأنها كانت دولارات أمريكية. وبالطبع، تلك تعطيك وجهة نظر مشوشة جدا. هناك، رأيت، عدة تقارير منذ عهد قريب جدا وجدت فيها مثل هذه الأنواع من الأخطاء. لكن الذي يمكنني أن أخبرك به هو أنه لم يجلب الى إنتباه الإحتياطي الفيدرالي مثل هذه المقادير  الضخمة التي تناقشيها.  

لكن نعومي كلاين ردت عليه بسرعة وسألته متعجبة:  

حسنا، أنا فقط أضيف بأنها شيئ مفاجئ جدا، في الحقيقة، بأن السيد جرينسبان غافل عن هذه الفضيحة حول المليارات العراقية المفقودة، لأن بول بريمر كان مجبور أن يشهد أمام الكونجرس وسأل مباشرة حول تلك المليارات المفقودة. أنها كانت موضوع تحقيقات عالية المستوى جدا. هناك أثر ورقي ضخم حولها. لذا فهذه بالكاد كانت سر، وهي بالكاد مجرد مسألة محصورة في فانيتي فير.  

بعد أن احرجته نعومي كلاين أجاب ألان جرينسبان متهربا مرة أخرى من الإجابة المباشرة كما يلي:  

أوه، لا أقول بأن الخسائر ليست حقيقية، أعتقد أنها حقيقية، لأن، من الواضح، نحن لا نستطيع تقدير كل الإيرادات النفطية. أنا فقط أقول بأنها، على حد علمي، ليست ذلك الشيئ الذي له علاقة مباشرة بأي من الأعمال، التي كنا نشير إليها، التي شارك بها بنك الإحتياطي الفيدرالي في نيويورك.   

كما ترى عزيزي القارئ مما جاء أعلاه أن ألان جرينسبان رغم تراجعه عن إتهامه المباشر والصريح لإدارة المجرم بوش بأن "شن الحرب على العراق كان من أجل النفط" وتبريره لإتخاذها قرار الغزو الغير شرعي وفي نفس الوقت أيد إتخاذ ذلك القرار الغير قانوني إلا أنه يكشف أيضا عن خساسة تفكيره الصهيوني الماسوني البدائي الجشع المعتمد على السطو وفرض الهيمنة بالقوة بغض النظر عن شكل أو حجم أو نوعية وسيلة القوة المستعملة لتحقيق المآرب، ويؤكد ما كانت تؤكده القيادة الشرعية السابقة للعراق وما كتبنا عنه وكتبه الكثير من كتاب المقاومة سابقا بأن تخطيط إحتلال العراق وتقسيمه والسيطرة على ونهب خيراته النفطية كان تخطيط قديم يرجع تاريخه الى ما بعد تأميم النفط العراقي في بداية العقد السابع من القرن الماضي حيث يقول ألان جرينسبان أنه راقب صدام لمدة ثلاثون عاما. كذلك عزيزي القارئ نستطيع أن نستنج أيضا أن مستقبل وحياة الشعوب وسعادة المجتمعات وتطورها يعتمد بالدرجة الأولى على طريقة الإستنتاج الفكري الأناني العفن للبعض من الحيوانات المفترسة الناطقة في موقع المسؤولية والتي تمتلك الأسلحة المتطورة والوسائل الحديثة للسطوا على مقدرات وخيرات الشعوب الأخرى الأقل تطورا لمنعها اللحاق بركب التطور الطبيعي والمستحدث.

 

 

 

 

شبكة المنصور

الاحد /  18 رمضان 1428 هـ  الموافق  30 / أيلول / 2007 م