بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

تعليقا على مقال الأستاذ السيد زهرة

 

 

شبكة المنصور

دجلة وحيد

 

يتعرض عقل وتفكير المواطن العربي بصورة دائمية ومستمرة الى إختراقات وتأثيرات سلبية عدة من قبل قوى خارجية وداخلية معادية لتطلعات الأمة العربية وفي بعض الأحيان تأتي هذه الإختراقات أو الخروقات الغير خلاقة من قبل مثقفينا العرب عن قصد أو عن غير قصد من خلال كتاباتهم وطروحاتهم المتعددة الجوانب في هذا الوقت العصيب من تاريخ امتنا العربية المجيدة. الإختراقات والتأثيرات السلبية فكريا أو نفسيا تصاغ على شكل جمل جرثومية معدية للأدمغة الحساسة والضعيفة التي تفتقر الى المناعة الفكرية لمجابهة متداخلات تلك الجمل الفكرية المشوشة والمعادية. الجراثيم الفكرية قد تصيب أيضا الفكر المسلح مناعيا لكن الإصابة بهذه الجراثيم وقوة تأثيرها التغييرية على الأدمغة المعرضة للإصابة تعتمد بالدرجة الأولى على القدرة المناعية فكريا التي يتمتع بها العقل المعرض لتأثيرات الإصابة زمنيا ومحيطيا وحسب الظروف المناخية سياسيا وإجتماعية لإنتشار تلك الجراثيم المعدية وظهور أعراض الإصابة السلبية القاتلة فكريا في بعض الأحيان.

كتبنا سابقا مقالا إنتقادي نشر تحت عنوان "أزمات العرب بين إستسلامية سليم الحص وإنبطاحية د. فيصل القاسم" تعرضنا فيه الى الطروحات الإنهزامية والأفكار الجرثومية المعدية وعناصرها المسمومة التي نشرت في مقالين منفصلين لهذين السيدين. إنتقدنا الروح الإستسلامية والتعريفات الجرثومية الجديدة التي يراد من خلال نشرها بعث روح الإنهزامية وقبول الأمر الواقع لظروف إحتلال العراق في مقال الدكتور سليم الحص "نجحت أمريكا في العراق!" وعرينا السموم الجديدة المفسدة للعقول العربية في المقال التهريجي "الوطنية العربية الساقطة!" الغير موزون الذي كتبه الدكتور فيصل القاسم الإعلامي في فضائية الجزيرة المنبطحة.

قرأنا قبل عدة أيام نص المحاضرة للأستاذ السيد زهرة التي القيت في جمعية التجمع القومي في البحرين والتي نشرت في عدة مواقع تحت عنوان "ماذا ينتظر الأمة؟". في محاضرته تحدث السيد زهرة بإسهاب عن المؤامرات التي تحاك ضد أمتنا العربية وعن الوضع العربي المزري وحلله واضعا إصبعه على عورات الأمة وجراحاتها المؤلمة ومن ثم أنهى مقاله بإقتراحه المحق "نحن مطالبون بالتصدي للحرب الشرسة على هويتنا العربية وثقافتنا الوطنية وانتمائنا القومي. هذا هو الاطار الجامع الذي ننبذ من خلاله الهويات الطائفية والانعزالية ونحفظ به للأجيال القادمة حق الدفاع عن الامة ومواجهة اعدائها".

الذي أثار فضولي للكتابة والتعليق على ماجاء في المحاضرة نقطتان غير واضحتان وبإعتقادي غير موفقتان للوصول الى هدفهما التوعوي وهما أولا، تعريف الفشل أو الهزيمة الأمريكية في العراق. ثانيا، ما ذكر بأن "هناك اليوم تيارا في الفكر الإستراتيجي الامريكي يدعو الى شكل من اشكال التحالف، او على الاقل التفاهم الاستراتيجي الدائم بين امريكا وايران". وهنا قدم السيد زهرة بعض الأمثلة - لفكر هذا التيار الأمريكي - التي لم نسمعها سابقا رغم متابعتنا للسياسة الأمريكية والحوارات الصحفية والإعلامية بخصوص العراق ومنطقة الشرق الأوسط. المثال الأول كان "القول بأن في ايران ثقافة ديمقراطية على عكس الدول العربية". المثال الثاني كان "القول بأن «الاسلام الشيعي« في ايران هو اكثر تفهما من المنظور الغربي من الاسلام السني في الدول العربية". المثال الثالث كان "انه في نهاية المطاف، لا مفر امام امريكا سوى الاعتراف بأن ايران هي اكبر قوة اقليمية في المنطقة، وانه لا سبيل سوى التفاهم الاستراتيجي معها". ثم يتراجع السيد زهره بعض الشيئ موضحا "بالطبع لا نستطيع ان نقول ان هذا التيار يمثل رؤية رسمية امريكية. لكن في نفس الوقت لا ينبغي ان يغيب عن بالنا انه على الرغم من الصراع الحالي بين امريكا وايران والذي يصل الى حد التهديد بالحرب، فان هناك مؤشرات اخرى تشير الى اتجاه آخر".

السيد زهرة يترجم الفشل أو الهزيمة الأمريكية في العراق وحسب تحليله للفكر الأمريكي بأنه "الفشل لا يعني بالنسبة لهم انهم فشلوا تماما في تحقيق ما يريدونه في العراق. فهم نجحوا في تحقيق هدفهم الاكبر بتدمير العراق وتمزيقه. الفشل يعني انهم دفعوا تكلفة باهظة لتحقيق ذلك على عكس ما كانوا يتصورون". بتصورنا أن هذه الترجمة غير واقعية نسبة لما كان يخطط له الأمريكان والصهاينة ضمن مخطط إستراتيجية الشرق الأوسط الجديد وبناء الإمبيراطورية الإقتصادية العالمية الأمريكية وهنا يقع الأستاذ السيد زهرة في نفس الخطأ التعريفي الذي وقع به الدكتور سليم الحص. صحيح أن المخطط الصهيوأمريكي للمنطقة كان يبغي تقسيم منطقة الشرق الأوسط وخلق كيانات جديدة ضعيفة ومستضعفة سهلة السيطرة عليها وتسييرها إبتداءا من العراق من قبل التحالف الصهيوأمريكي الفارسي الصفوي لكن هذا لا يعني أن الأمريكان "حققوا هدفهم الأكبر بتدمير العراق وتمزيقه" لأن تمزيق العراق وليس تدميره هو هدفهم الجوهري والأساسي للسيطرة على خيراته النفطية وموقعه الإستراتيجي. إن الذي أدى الى تدمير العراق من قبل الأمريكان والبريطانيين وعملائهم وحلفائهم من فرس وصهاينة وجنسيات أخرى هو رفض الإحتلال من قبل أحرار الشعب العراقي ومقاومته المسلحة الباسلة وهذا بدوره أدى الى زيادة تكاليف الحرب الغير منتهية والإحتلال المرفوض أساسا بسبب عنجهية وغباء إدارة المجرم بوش التي لم تتقبل فكرة الهزيمة والإنسحاب بل أخذت تتمادى في غيها والقيام بجريمة تلو الجريمة بحق العراق وشعبه الأصيل. لو إفترضنا أن الشعب العراقي إستسلم وتقبل الإحتلال والهيمنة الصهيوأمريكية بعد وصول قوات الإحتلال الى ساحة الفردوس الواقعة في وسط بغداد العاصية الحزينة لما شاهدنا هذا الدمار الذي حل في العراق وشعبه ولما عايشنا الإجرام الفارسي الصفوي الذي أدى الى تمزيق المجتمع العراقي من الداخل بسبب الطائفية المقيتة الى صدرها الى وطننا المغتصب حاخامات قم وطهران عن طريق عملائها المنتمين الى الأحزاب الشيعية الصفوية ولم يكن بإستطاعة إيران بسط نفوذها وتأثيرها المباشر والغير مباشر في المنطقة. إذن الإحتلال لم ينجح في أي شيئ في العراق بل العكس هو الصحيح أنه فشل فشلا تاريخيا ذريعا لأنه قام بجرائم مقرفة بحق العراق وشعبه وأن الجريمة لا تعتبر مكسب إيجابي بل أنها عمل عار سيحاسب كل من قام به وحسب شرعية القوانين الدولية وشريعة السماء إن طال زمن الإحتلال أم قصر.

إيران وحسب إعترافات مسؤولين كبار في دولة الملالي الصفوية (محمد علي أبطحي وهاشمي رفسنجاني) ساهمت بصورة مباشرة وغير مباشرة في عملية إحتلال كل من أفغانستان والعراق وليس هناك جدل حول هذا الموضوع. وليس هناك جدل أيضا حول التحالف الأمريكي الصهيوني المبطن مع إيران ضد تطلعات أمتنا العربية ويرجع تاريخه الى زمن الشاه المقبور محمد رضا بهلوي وإستمر بعد قدوم الدجال الأكبر سمسير وعراب السياسة الصهيوأمريكية في المنطقة المقبور خميني وخير دليل على ذلك هو فضيحة إيران - كونترا وإستيراد الأسلحة الأمريكية من إسرائيل أثناء حرب الثمان سنوات بين إيران والعراق. إضافة الى ذلك يجب أن لا ننسى وحسب المعلومات المتداولة أن الدجال هاشمي رفسنجاني هو رئيس المحفل الماسوني في منطقة الشرق الوسط.

ترجع أسباب الخلافات الظاهرية بين أمريكا وإيران الى تمادي نظام حاخامات قم وطهران في بسط نفوذه في العراق عن طريق عملائه في الأحزاب الصفوية ومزاحمة أمريكا وحلفائها على تقاسم الكعكة الجغرافية والإقتصادية في عراقنا المغتصب. في نفس الوقت، أمريكا تعتمد على المساعدات الإيرانية المباشرة والغير مباشرة لمطاردة المقاومة العراقية، بث روح الطائفية المقيتة بين أبناء الوطن الواحد، الحث على تقسيم البلاد من خلال القيام بالأعمال الإجرامية النتنة لترويع وتهجير الشعب العراقي الصامد وترويضة للقبول بالإحتلال كمخرج من الوضع المزري الذي يعيشه حاليا. وبناءا على ذلك عقدت الإجتماعات المشبوهة في المنطقة الخضراء بين السفير الأمريكي في بغداد وممثلين عن نظام ملالي قم وطهران للإتفاق على خطط جديدة لإستتباب ما يسمى بالأمن في العراق والتعجيل على إتخاذ القرارات المهمة والمصيرية من قبل حكومة المالكي العميلة والبرلمان العميل وذلك لتسهيل الحصول على الثمرة النفطية التي أتى الإحتلال من أجلها الى العراق. ومرة أخري نقول يرجع الفضل في زيادة التعاون الأمريكي الإيراني في العراق الى أفعال ونشاط المقاومة المسلحة العراقية الباسلة ورفض أحرار العراق للإحتلالين الصهيوأمريكي - الفارسي لوطننا المغتصب. هذا الرفض الصارم للإحتلال من قبل أحرار العراق وزيادة عمليات المقاومة العراقية المسلحة الباسلة التي أدت الى خسائر أمريكية كبيرة جدا في العراق حدى بمجموعة دراسة العراق التي يترأسها وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جيمس بيكر بعرض إقتراح تعاون أمني أمريكي – إيراني في العراق لتسهيل عملية السطو على نفط العراق ليس إلا. هذا الإقتراح رفض من قبل المجرم بوش حينما عرض عليه أول مرة ولكنه قبله مجبرا بشكل أو بأخر فيما بعد بعدما تبين أن ورطة إحتلال العراق قد تفاقمت وليس هناك حل عسكري لهذه الورطة سوى الإنسحاب أو الهزيمة المخزية لأمريكا وحلفائها.

أما بالنسبة للقول بأن "في إيران ثقافة ديموقراطية على عكس الدول العربية" فهذا القول لم نسمعه سابقا في الإعلام الأمريكي ولكن الذي يردده هذا الإعلام هو أن الحكم في إيران حكم ثيوقراطي وأن إيران تحكمها شلة من الملالي المتخلفة المتسلطة على رقاب الشعب الإيراني المتعطش للحرية الحقة. الكل يعلم بأن الإنتخابات في إيران هي إنتخابات شكلية وأن الحاكم الديكتاتوري المطلق في إيران هو الدجال الحاخامي علي خامنئي الذي يتمتع بكل السلطات الدينية والدنيوية ويتحكم برقاب الشعب الإيراني من خلال مجرمي عصابات إطلاعات وكلابها المنتشرة في كل مكان. الخبل والمهرج أحمدي نجاد رئيس ما يسمى بالجمهورية الإسلامية لا يتمتع بأي سلطات سوى تلك السلطات الشكلية التمثيلية التي تعرض على شاشات التلفزيون بين الحين والأخر.

أما بالنسبة للقول بأن "«الاسلام الشيعي« في إيران هو اكثر تفهما من المنظور الغربي من الاسلام السني في الدول العربية" فهو قول غير صحيح وباطل ولم نسمعه في الإعلام الأوربي أو الإعلام الأمريكي. أتصور أن هذا القول هو ترسيخ للتقسيم وفرض مصطلحات جديدة على مجتمعاتنا الإسلامية لا مبرر لوجودها لأنها تدعو الى تقسيم الدين الإسلامي الى دين إسلامي شيعي ودين إسلامي سني وهذا يغاير الحقيقة لأنه توجد هناك فقط إجتهادات دينية التي أدت الى ظهور المذاهب التي لا تختلف جوهريا عن بعضها البعض في تفسير تعاليم الدين الإسلامي الحنيف. الواجب منا إذن هو فضح تعاليم التشيع الصفوي الإستعماري والمخرب التي تخالف تعاليم الدين الإسلامي الحنيف وأيضا تخالف مبادئ ومفاهيم المذهب الشيعي الجعفري وليس فقط المذاهب السنية.

 

 

 

 

شبكة المنصور

الجمعة / 27 / تمــوز / 2007