بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

المقاومة العراقية واكاذيب بوش وعصابته المفضوحة...؟؟؟

 
شبكة المنصور
عوني القلمجي
 

سمعنا عن قوات التدخل السريع ، فهل سمعتم عن لجنة التدخل الاعلامي السريع التابعة لوزارة الدفاع الامريكية  والتي اشرف عليها لفترة الليكودي الصهيوني دوغلاس فيث حين كان مساعدا لوزير الدفاع المهزوم دونالد رامسفيلد ، الذي وضع تحت تصرفها عشرات الملايين من الدولارات لرشوة كتاب عراقيين ضمن برنامج SIAC؟.  

هذه اللجنة مهمتها الوحيدة ابتكار الاكاذيب واشاعتها بين العراقيين عند الحاجة ، لخدمة مشروع الاحتلال وانقاذه من السقوط. وفي الاونة الاخيرة وبعد افتضاح كذبة تنظيم القاعدة والارهاب الدولي كونهما العقبة التي  عطلت نجاح مشروع الاحتلال ، نشطت باتجاه اخر اكثر عقلانية وقبولا ، فاشاعت لذات الغرض عقبات  جديدة وفي نفس الوقت بشرت بقدرة بوش على معالجتها والتغلب عليها ، حيث اعادت الى الاذهان مقولات نسيناها حول عدم وجود خطة لما بعد الاحتلال افسحت المجال امام المشرفين الميدانيين على ادارة مشروع الاحتلال ، لارتكاب اخطاء جسيمة مثل حل الجيش العراقي والاجهزة الامنية وتحطيم  الدولة ومؤسساتها وقانون اجتثاث  البعث والقبول ببناء سلطة الاحتلال على اسس المحاصصة الطائفية والسماح للميليشيات المسلحة بالعمل بحرية وبشكل علني ، فليس غريبا ان تدلي  كوندليزا رايس اكثر من مرة وفي ذات الوقت باعترافات مجانية عن ارتكاب ادارتها الاف الاخطاء وتهاجم المليشيات المسلحة وتبدي حرصها على وحدة العراق وانه حان الوقت لاصلاح المسارحتى اذا تطلب الامر التضحية بحكومة عميلها نوري المالكي. . وكان الهدف من كل ذلك خداع العراقيين  واقناعهم  بان بوش قد عقد العزم على التغير والاصلاح  والوفاء بكل الوعود والعهود التي قطعها على نفسه حول بناء العراق الجديد الذي سيضاهي في نعيمه وبركاته جنة عدن!!!!. ومن المؤسف ان يجري التركيز على هذه الادعاءات الكاذبة من قبل بعض الاقلام الوطنية على حساب الفاعل الاصلي لهزيمة قوات الاحتلال وهي المقاومة العراقية. الامر الذي ولد ارباكا لدى بعض العراقيين حول هذه المسالة والذي قد يؤدي في نهاية المطاف ، اذا لم يجر التصدي له ، الى توفر قناعة بامكانية بقاء الاحتلال جاثما فوق الصدوراذا ما تمكن بوش من اصلاح المسار فعلا وحول الهزيمة الى انتصار. 

ولكن مهلا فـ ديفيد جيرجين أستاذ العلاقات الدولية في كلية جون اف كينيدي في جامعة هارفرد والمستشار السياسي لأربع رؤساء للولايات المتحدة الأمريكية ، يسفه هذه الاكاذيب ، في مقالته المنشورة في جريدة نيويورك تايمز يوم 18/11/2004 بقوله : "بان هناك 17 مجلدا تضمنت الدراسات والخطط المفصلة عن إدارة العراق بعد الحرب، قدمها معهد بوركينغز للدراسات الاستراتيجية إلى البيت الأبيض في بداية شهر شباط، فبراير عام 2003. وعكف على إعدادها 400  خبير وأخصائي في الشؤون الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والهندسية والعلمية والنفسية والدينية والتكوينات العرقية والطائفية للعراق ، كما شارك في إعدادها عدد من المختصين العراقيين والمصريين والعرب وغيرهم وسميت المجلدات الـ 17 بـ (خطة بناء العراق بعد التحرير). وكان من بين هذه الخطة توقع ظهور مقاومة عراقية ضد الاحتلال ووضع السبل الكفيلة لمواجهتها. وفي هذا الصدد  نشرت بعض الصحف الامريكية ومنها الواشنطن بوست  ، بان البنتاغون توقع قبلها ظهور مقاومة عراقية بعد احتلال العراق ، فوضع قادته خطة عسكرية لحرب المدن للقضاء على المقاومة المحتملة ، وشكلوا لهذا الغرض غرفة عمليات باشراف "توم جونستون" الكابتن في البحرية الامريكية مهمتها تطوير قيادة متخصصة في مثل هذه المعارك والحروب ، ومزودة اضافة الى ذلك بكل الاسلحة المتطورة ومن اجهزة سيطرة واتصالات وكومبيوترات مع برمجياتها الخاصة لهذا الغرض ، كون حرب المدن تتطلب ايضا عمليات رصد واستكشاف واستخبارات لتمكين القادة من ادارة العمليات على افضل وجه وسط غابات الخرسانة المسلحة والابنية العالية والشوارع الضيقة. 

 ليس هذا فحسب فقد ذكر بوب ودورد في كتابه حالة انكار الصفحة 121 الطبعة الانكليزية الاصلية ، بان خبراء من وكالة المخابرات المركزية كانوا يجتمعون كل يوم احد من ايام الاسبوع وفي امارة الكويت تحديدا  اثناء التحضير لغزو العراق ، ويناقشوا خلالها سبل التصدي للمقاومة العراقية التي ستظهر حتما ضد الاحتلال. واضاف المؤلف بوب ودورد بان العقيد " ستيف بيترسون "احد الضباط المعروفين بذكائهم وافكارهم المبتكرة ، قدم عرضا مفصلا في احدى هذه الاجتماعات لما اطلق عليها استراتيجية " سقوط الصقر الاسود" ، بنيت على اساس ظهور مقاومة عراقية وشرح اسباب ظهورها وتحدث عن الخطط الكفيلة لمواجهتها. وهذا يعني بان البنتاغون على وجه الخصوص لم يصدق عملاءه مثل الجلبي والحكيم والطالباني من ان الفرحة ستعم العراقيين وان استقبالا حافلا ستلاقيه القوات الغازية كونهم جاءوا الى العراق محررين لا فاتحين.!!!!

واقع الحال فان الحاكم المدني بول بريمر حين حل الجيش العراقي ، انما بدا بتنفيذ اول مهمة في هذه الخطة ، وقد جاء ذلك حسب اعترافاته ، بان حل الجيش العراقي كان قرارا مسبقا اضافة الى كونه مطلبا اسرائيليا ملحا ، وليس كما ادعى حينها بان هذا الجيش هو جيش صدام حسين.  ومرد ذلك القرار يعود الى قناعة التحالف الامريكي الصهيوني ، بان هذا الجيش مشهود له بالوطنية والكفاءة وانه ليس كبقية جيوش المنطقة ، او حتى العديد من جيوش العالم. فهو لم يقتصر تشكيله على وحدات قتالية وحسب ؛ بل ضم في صفوفه الالاف من الكفآءات والمواهب والابداعات ، شملت جميع الوحدات العسكرية والصنوف والحرف والمهن ذات المستوى العالي ،  ناهيك عن وجود الاف من الخبراء في مجالات متعددة ومنها مجال التصنيع العسكري ، ناهيك عن دعم الجيش بمئات من العلماء المتخصصين في مجال صناعة الاسلحة المتطورة بما فيها الاسلحة الذرية. وبالتالي فان بقاءه سيشكل خطرا على الاحتلال من جهة التفكير بالانتقام في اول فرصة  او باستخدام وسائل اخرى للحرب يسترد فيها شرفه العسكري الذي غدره التفاوت الكبير في ميزان القوى العسكري لصالح الجيش الامريكي ، او على اقل تقدير فان جيشا وطنيا بهذه المواصفات سيرفض الاحتلال حتما ولن يقبل ان يصبح جزءا منه  او يعمل وفق ارادته.

وهذا يقودنا الى المسالة الاشمل وهي حل الدولة العراقية بكل مؤسساتها السياسية والاقتصادية والاعلامية. حيث ان بقاءها كما هي وضمن ما تبقى من مواصفاتها وموروثها كدولة حديثة لامكان فيها للمحاصصة الطائفية ولا وجود لميليشيات مسلحة تعمل خارج سلطتها وتعبث بارواح الناس وتخلق الفتن الطائفية ، ستعرقل حتما اهداف المحتل الذي اتى وفي جعبته اقامة سلطة  يتصارع  فيها الدين مع القومية والاثنية مع الوطنية والطائفية مع الهوية العراقية الواحدة. فلا عجب من ان تكون الخطوة الاولى في بناء دولة الاحتلال تشكيل مجلس الحكم على اساس محاصصة طائفية غير مسبوقة ، لتحافظ على عناصر التفجير الطائفي وتبقي على نظرات الشك بين الاطراف التي ستشكل الحكومة التي سيتم تعينها لاحقا من قبل بريمر نفسه. ولكي يتم القضاء على اي امل في اعادة  التلاحم بين ابناء الشعب الواحد وانهاء وحدة الارض والشعب والدولة ، ساهم الاحتلال وبشكل اساسي في تشجيع القوى الانفصالية لتحطيم كيان العراق الموحد وفي اثارة النعرات الطائفية واطلاق يد المليشيات المسلحة  وفرق الموت التي شكلها نكروبونتي وجيش المرتزقة والموساد الاسرائيلي بهدف تمزيق وحدة المجتمع العراقي الصلبة. وما قانون ادارة الدولة ومن ثم الدستور الدائم سوى الصيغ القانونية والتشريعة لترسيخ هذا الانقسام في الدولة والمجتمع.  

باختصار شديد ومن اجل انصاف المقاومة العراقية كونها الجهة الوحيدة التي تقف وراء هزيمة قوات الاحتلال ، فان الادارة الامريكية لم ترتكب اي خطا ادى  الى وضع قواتها المحتلة على حافة الهزيمة ،  سوى انها فوجئت بسرعة اندلاع المقاومة وقوتها واتساع التاييد الشعبي لها يوما بعد اخر. واذا توخينا الدقة فان هذه الادارة لم تكن مخطئة في هذه النقطة ايضا ،  اذ لم يكن بمقدور اي  عقل سياسي او خبير عسكري امريكيا كان ام بريطانيا او من كوكب اخر ، ان يتخيل حتى في منامه  بروز مقاومة بهذا الشكل من بين ركام الدمار والموت والجوع والمرض ومن بلد عانى من الحروب وشمل الدمار كل اركانه والقي عليه من القنابل الفتاكة ما يعادل ست مرات القنبلة الذرية التي القيت على هيروشيما ونكازاكي ومن حصار ظالم وجائر مدة ثلاثة عشر عاما لم يشهد له التاريخ مثيلا  ويقع تحت احتلال غاشم من قبل اكبر قوة عسكرية في العالم ولديها 150 الف جندي مدججين باحدث الات الحرب فتكا وجيش اخر من المرتزقة قوامه 100 الف وقوات متعددة الجنسية واحزاب عميلة لديها مليشيات مسلحة من فيلق غدر الى قوات البشمركة الى الموساد الاسرائيلي الى قوات ايرانية بلباس مدني وتتعاون معها جميع دول الجوار والقوى الاقليمية والاتحاد الاوربي والمنظمات الدولية وهيئة الامم المتحدة ومجلس الامن بل وحتى المنظمات التي تزعم انها انسانية ، ساهمت في اخفاء او التعتيم على جرائم الاحتلال ، ناهيك عن المنظمات الاخرى مثل منظمة الوحدة الاسلامية والافريقية يضاف الى ذلك دور وتامر عرب امريكا من الانظمة العربية دون استثناء من خلال مشاركتهم الفعالة في احتلال العراق وتدميره وتقديم كافة المساعدات من اجل تكريسه بما فيها تقديم كل ما يلزم لمحاربة المقاومة العراقية سواء في السر او العلن  

لابد والحالة هذه ان نستنتج بان الارادة والعزيمة والايمان بالوطن والشعب وعدالة الاهداف في التحرير ونيل الاستقلال والسيادة ، غير كافية لان تقف وراء كل هذه الانتصارات التي حققتها المقاومة ، وانما كان ذلك ايضا بفضل رب السماء  وجنده والذين لابد وانهم يقاتلوا الى جانب هذا الشعب المظلوم. فالقران الكريم الذي نزل على سيد المرسلين محمد <<ص>> يخبرنا " في محكم اياته ، كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله والله مع الصابرين"  ويخبرنا ايضا " انهم فتية امنوا بربهم وزدناهم هدى " وايضا يخبرنا" وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى"  

نعم ستنتصر المقاومة وستهزم امريكا على ارض العراق ليس بسبب اخطائها ، ولكن بقدرة الخالق وبعزيمة المقاومة ورجالها الاشاوس الذين ينطبق عليهم قول شاعر العرب الاكبر ابو الطيب المتنبي الذي قال  

وتعظم في عين الصغير صغارها   =  وتصغر في عين العظيم العظائم

 فهل شهد التاريخ عبر عصوره المختلفة مقاومة ضد الاحتلال اعظم من المقاومة العراقية؟

 
 
 
شبكة المنصور
الخميس / الحادي والثلاثون / أيــار / 2007