عوني القلمجي

شبكة المنصور

 

 

    

 في ماثور الاقوال نذكر ، شر البلية ما يضحك.  فـ نوري المالكي الذي لا يقوى  على تحريك سرية في جيشه الوثني دون تصريح من المحتل ، تنسب اليه المبادرة بدعوة الدول الصغيرة والعظمى الى مؤتمر عالمي ويحدد لها المواعيد والكل يستجيب على وجه السرعة !!!. ومن هذه البلاوي ايضا ، برر المستجيبون  قبولهم للدعوة بذريعة المساهمة في انقاذه العراق من حالة الدمار والخراب ، وليس من اجل أنقاذ مشروع الاحتلال من السقوط. وكان اكثر ما يثير السخرية ، هو التفسير الايراني ، حيث ادعى وزير الخارجية دون حياء ولا خجل ، بان ايران ستحضر المؤتمر وتتنازل للشيطان الاكبر ، لحرصها الشديد على العراق واهله!!!!. في محاولة ساذجة لخداع الخلق والتستر على جرائم ايران في العراق وعلى تحالفها مع امريكا والكيان الصهيوني ، ذلك التحالف الشبيه  في متانته ومناعته بالخرسانات الكونكريتية التي تحمي المنطقة الخضراء.

اصل الحكاية ان امريكا وايران على وجه الخصوص تحتاجان بين فترة واخرى ، الى تجديد خططهما للنيل من المقاومة العراقية. وقد برز ذلك جليا في تطبيق استراتيجة بوش الجديدة والتي من اسسها اعادة احتلال بغداد وفرض السيطرة الدائمة عليها ، عبر خطة عسكرية اطلق عليها اسم خطة فرض القانون. الامر الذي تطلب من ايران سحب مليشياتها المسلحة من المدينة وانهاء او تحجيم عمليات القتل والتفجيرات والسيارات المفخخة ضد المدنين. وهذا ما يفسر استدعاء  مقتدى الصدر مع معظم قياداته الى ايران ، مثلما تطلب من سوريا تشديد الرقابة على الحدود والتعاون مع حكومة الاحتلال وتقديم الدعم السياسي لها . وفي هذا السياق تدخل زيارة جلال الطالباني لايران وسوريا وما نتج عنها من التزام البلدين ، باستراتيجية بوش الجديدة والعمل على نجاحها. وتدخل كذلك زيارة كوندليزا رايس لدول الخليج اضافة الى مصر والاردن ، حاملة معها تهديد بوش الذي ذكر فيه ، اذا لم تساهموا في الاستراتيجية الجديدة بفاعلية اكبر ، فان نار المقاومة اتية لا ريب فيها لتحرق بيوت القش التي تسكنوها.

لكن الدعم الذي قدمته ايران وسوريا  حينها لبوش لم يحقق ، على ما يبدو ، الهدف المنشود.  فالخطة بدأت فاشلة ، الامر الذي دعى بوش للتفكير بانتاج خطط جديدة ، لا تقتصر هذه المرة على امريكا وايران ، وانما اشراك دول اخرى تحت عباءة مؤتمر دولي عام. وهنا يبرز السؤال التالي : ترى ما الذي سيجنيه بوش من هذا المؤتمر وماذا سيضيف لاستراتيجيته الجديدة وخططه اللاحقة؟ وما هي الفوائد التي من شانها تدعيم خططه ولم تستطع امريكا وايران وبقية الحلفاء تحقيقها دون هذه الضجة العالمية؟  ام ان هناك ضرورة لعقد مثل هذا المؤتمر الدولي كونه قادرا على تقديم  خدمات ذات شان لمشروع الاحتلال؟

أكد جميع الخبراء العسكريين وفي المقدمة منهم الضباط الأمريكيون  العاملين ببغداد ، بأن الولايات المتحدة لم يعد أمامها سوى ستة أشهر للانتصار في الحرب على العراق ، واذا ما فشلت الخطة الجديدة  فإن انهيارًا -مشابهًا لذلك الذي وقع لها في فيتنام  سيكون مصيرها الحتمي. اما صحيفة الجارديان البريطانية فقد نقلت عن فريق أمريكي مهمته تقديم المشورة لقائد القوات الأمريكية في العراق الجنرال ديفيد بتراوس، قوله :

 إن هذا الانهيار سيكون أولاً على المستوى الشعبي والسياسي، مما قد يجبر الجيش على سحب قواته بصورة متعجلة. في حين كشف الجنرال بيتر بيس عن أحدث تقرير رُفع إلى الكونغرس وتضمن :

 أن قدرات الجيش الأميركي تتآكل إزاء مطالب حربي العراق وأفغانستان وتعاظم المخاطر على قدراته للتحرك والإستجابة السريعة لمواجهة أزمة أخرى حول العالم ، واشار التقرير الى تردي وضع الجيش عن العام الماضي حيث تراجع تصنيفه الى درجة متوسط مثل هذا المصير الاسود ، قض مضاجع بوش وزاد مخاوفه  من حدوث الانهيار وهو قد وعد الكونغرس والشعب الامريكي بالنجاح هذه المرة.  ومصيبة بوش لا تقتصر عند هذا الحد ، وانما هو الذي سيتحمل وحده مسؤولية ذلك الانهيار دون غيره ، فالانتصار له اكثر من أب في حين ان للهزيمة أب واحد .  وهذا يتطلب منه مزيد من التفاهم مع ايران وجرة اذن للدول العربية المعتدلة ، واستجداء الدول الكبرى على امل ان توفر له دعم لخططه البديلة واضفاء صفة الشرعية عليها  ، خاصة وان  بوش ينوي تصعيد العمل العسكري بشكل اكثر وحشية وهمجية. وهذا لا يعني بمجمله تجاوز الحلف الثلاثي لمشروع الاحتلال. والمقصود بالطبع الحلف الامريكي الايراني الصهيوني فهذا التحالف يبقى الاساس فيه  سمات الديمومة والصلابة وصعوبة تصدعه امام العقبات ، لما تربط اطرافه  من مصالح واهداف مشتركة ، واول واهم هذه الاهداف هو تدمير العراق وتمزيقه الى اكثر من عدد محافظاته ال 18.  

فمن دون تدمير العراق وتمزيقه لا يمكن لاي طرف تحقيق ماربه الخاصة .  والشواهد على ذلك عديدة. فايران المتخفية بالاسلام ، سعت الى احتلال العراق ضمن مشروع قومي فارسي ، يرى في العراق والامة العربية مجاله الحيوي ، مثلما راى المشروع النازي مجاله الحيوي في كل مساحة اوربا. وعلى هذا الاساس اصر الخميني على مواصلة الحرب حتى اسقاط صدام واحتلال العراق. في حين وجد خلفائه  السبيل لتحقبق ما عجز عنه الخميني ، عبر التعاون مع مشروع الاحتلال الامريكي. ولم يخف قادة ايران ذلك بل تباهوا به وعلى رؤوس الاشهاد ، فليس هناك من مسؤول ايراني الا واكد  بالقول : بانه لولا ايران لما تمكن بوش من احتلال بغداد وكابول. وعلى ارض الواقع فان حزبي الحكيم والجعفري وهما حزبان ايرانيان ، كانا من بين اهم الاطراف الاساسية التي مهدت للاحتلال العراق.  ثم بعد الاحتلال جاء دور الايراني الاخر علي السيستاني فاصدر فتاويه بمنع الجهاد ضد قوات الاحتلال ومباركته لمجلس الحكم ودعوته لدعم العملية السياسية والانتخابات المزورة والدستور الذي قسم البلاد والعباد. لينتهي هذا التعاون الى غنيمة في الحكم وتواجد في الجنوب واكتساب قوة اقليمية واعدة اما الكيان الصهيوني فله اهدافه الخاصة من تدمير العراق. فالعراق بالنسبة  له عدو مبين ، ومن دون التخلص من خطره فان هذا الكيان لن يهدا له بال.                

فليس غريبا ان يصرح شوارزكوف قائد العدوان الاول على  العراق ،  بان هذه الحرب قامت من اجل اسرائيل ، في حين اعترف بول بريمر بان حل الجيش العراقي كان بطلب اسرائيلي . ولتامين تلك الاهداف ، قدم الكيان الصهيوني كل ما يلزم لتكريس الاحتلال وانقاذه من السقوط. اما امريكا فلها غايات ابعد من تدمير العراق حيث يمثل مشروع الاحتلال وديمومته الحلقة المركزية في بناء امبراطوريتها التي ينتهي التاريخ عند ابوابها.  ومن اهم اهداف امريكا ، السيطرة على نفط العراق والانفراد بامتلاك الحقول وحق التحري والتنقيب في كل ارجاء العراق والتحكم بانتاج  النفط وتسويقه وتوزيعه وتحديد اسعاره واستخدامه كسلاح ضد خصومها. وفي هذا الصدد قال لورانس ليندساي كبير المستشارين الاقتصاديين السابق للرئيس بوش  قبيل الغزو الأمريكي للعراق قال " إن النفط هو الهدف الرئيسي لأي هجوم أمريكي على العراق وان التأثيرات السلبية والتكلفة الاقتصادية لأي  عمل عسكري ضد العراق ستكون بسيطة للغاية مقارنة بالمزايا الاقتصادية المرجوة في حالة نجاح الاحتلال ضمن هذا السياق ، اولى بوش اهتماما كبيرا من اجل انجاح هذا المؤتمر لتشكل نتائجه  سندا  قويا للحلف الثلاثي غير المقدس. بالمقابل وهنا بيت القصيد ، فان بوش ابدى اهتماما اكبر حول تنشيط  اطراف الحلف السيء الذكر ليصبح اكثر فاعلية ، من خلال تقديم حوافز لايران لدورها المتميز ، ومن بين هذه الحوافز راس الشهيد صدام حسين ، والتعهد بضمان ديمومة المحاصصة الطائفية بما يضمن لها الاغلبية في حكم العراق ، مع ارغامها على القبول في تحسين وضع سنة الاحتلال ، لتشجيع القوى السنية الاخرى للدخول في العملية السياسية ، على ان تسارع ايران بدفع اتباعها في الحكومة والبرلمان للتوقيع على قانون النفط  والغاز الذي بموجبه يكون نفط العراق ملك للشركات الامريكية لمدة 30 عام ترى هل سيفلح بوش ومؤتمره الدولي في تحقيق اهدافه والقضاء على المقاومة العراقية وانقاذ مشروع الاحتلال من السقوط ؟ ام انه سيخيب وتخيب جميع مشاريعه واستراتيجياته وخططه الامنية كما خابت في السابق؟

لقد هزم بوش حين سقطت حجج العدوان على العراق الواحدة تلو الاخرى ، وهزم حين صنع من العراق جحيما وقوده الناس والحجارة ، وهزم بعد تعري ديمقراطيته في سجن ابي غريب وهزم في الجانب الاخر حين القى بالتهلكة عشرات الالاف من الجنود الامريكيين وهزم حين استنزف الاقتضاد الامريكي وهدر مئات المليارات من الدولارات ، وهزم حين مرغ سمعة وهيبة امريكا في التراب وهزم بافتضاح اكاذيبه حول النصر واكمال المهمة.

واذا استطاع بوش التغلب على كل هذه الهزائم  ، فكيف له التغلب على هزيمته امام المقاومة العراقية وفي كل يوم يشتد ساعدها وتنتقل من نصر الى اخرام ان بوش لايزال له امل بتحقيق النصر واشد المؤيدين لبوش ، هنري كيسنجر اكد له بان النصر في العراق اصبح مهمة مستحيله؟.

يقول الامام ابن تيمية ما هزم جيش مقاتل وورائه شعب يسانده ويضحي من اجله. وهل حظيت مقاومة في التاريخ القديم والحديث وبهذه السرعة ، على اسناد شعبي كما حظيت به المقاومة العراقية ؟ وهل هناك شعب ضحى بالغالي والنفيس من اجل انتصار المقاومة كما ضحى الشعب العراقي  ؟ وهل هناك شعب تحمل نار الاحتلال ولهيبها جراء دعمه للمقاومة كما تحمل الشعب العراقي؟

ستنتصر المقاومة حتما وحين تشرق شمس التحرير ، سيسجل التاريخ في صفحاته هذه الملحمة البطولية باحرف من نور ، ليس كونها حررت العراق من قوة عاتية ، وانما لكونها هزمت  اكبر امبراطورية شهدها العالم  وخلصت البشرية في كافة ارجاء المعمورة من شرورها.  

 ترى هل يحق لي والنصر قادم ان افخر  بانتمائي  للعراق؟

 

 

 

                                      شبكة المنصور

                                    03 / 03 / 2007

امريكا وايران : خطة جديدة لمواجهة المقاومة العراقية