د. أبو هلال البغدادي

شبكة المنصور

 

 

 

عرف العراق الابي عبر كل الازمنة والعصور،وبالذات عصرنا الحاضر بلدا متماسكا أجتماعيا برغم اختلاف وتعدد مكوناته طائفيا ودينيا وقوميا.
وسمت روح المواطنة الحقة على ما سواها من السمات الاخرى ؛وأرتبطت بروح المحبة والتأخي والمشاركة والعيش المشترك فيما بين افراده ؛حتى عدت عمليات التفريق بينهم على اساس تعدد المكونات من المحاولات اليائسة والصعبة ،وزيادة على ذلك راح ابناء الشعب العراقي عموما يعيبون على اية محاولة للتفريق بينهم ،حتى وان كانت من باب المماحكة او الهزل.
في ضوء ذلك قد يبرز للمرء المحايد تساؤلا ما الذي دفع بكم دفعا الى الوصول الى هذا الحد من التقاطع بين مكونات المجتمع العراقي ما دمتم بالوصف الذي تذكرون.....؟
ولكي نتوخى الموضوعية في الاجابة نقول ونتمسك بشدة راينا الذي سقناه في البداية ،ولدينا ادلة وشواهد كثيرة على ذلك ،نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر حالة التماسك و التأزر الاجتماعي التي ظهر عليها العراقيون جميعا في مرحلة الحرب العراقية الايرانية التي دامت ثمان سنوات طوال في مأسيها وتضحياتها وصعوباتها التي مست حياة العراقيون في جميع جوانب حياتهم ،ورغم ذلك ظل الجانب الاجتماعي متماسكا وصلدا في وجه كل محاولات القوى والتيارات المعادية ؛وكثير منها عامل الان ؛ للتأثير عليه أو أثارته سلبيا ضد بعضه البعض او بالضد من قيادته الوطنية الشريفة ،وما الاحتفالات الجماهيرية التي أقيمت لاشهر اثر اعلان انتهاء الحرب عام 1988 بنصر عراقي مؤزر ،وفي احتفالات الذ كرى السنوية لهذا النصر على مدى سنوات توالت لهو دليل مضاف اخر على دقة رأينا.
الحقيقة المهمة التي يجب ان يعرفها اي مهتم تكمن في أن الفعل التأثيري لحالة بث روح الفرقة والطائفية والتعصب قد كان سياسيا صرفا ولصالح أهداف تأمرية معادية تسعى الى أحداث ابلغ الضررفي مصالح الشعب العراقي ووحدته الاجتماعية قبل اي جانب اخر.
وقد مر هذا التوجه المسموم والمحموم بعد ان سخرت له أبتدأ الوسائل الدعائية كافة ودعم بالامكانات المادية والبشرية وبالمشورة المحمومة بخبث وحقد على العراق والعراقيين في مراحل وادوار عدة هفتت تارة وتصاعدت تارة على شكل متناسق ومقصود ومفبرك على وفق اهداف واغراض الجهات والدوائر والتيارات والدول التي تألفت جميعا بمحور شر وبغي على أيقاع الاذى بالعراق وشعبه في بداية التسعينات من القرن المنصرم.
كما لم يكن ذلك التوجه المتعدد الاوجه والاغراض بعيدا عن الاجراءات التعسفية الشاملة التي فرضت ومورست بقسوة ضد العراق وشعبه الصابر عمليا سياسيا واقتصاديا وعسكريا وعلميا...الخ فالجميع يستذكر بمرارة تأثيرات الحصار الاقتصادي الجائر الذي فرض على الشعب العراقي ،وكيف كانت نتائج ذلك الفعل اللا إنساني عليه ،وكم هي غالية وعظيمة التضحيات التي قدمها العراقيون من اطفال وشيوخ ونساء أبرياء بسبب نقص الدواء والغذاء والحاجات الانسانية الاخرى.
ورغم هذا ما كان لعمليات التأثير الدعائي ان تحدث التأثير المطلوب لولا دعم وتوجيه وتمويل وتخطيط وقيادة اركان الحلف الامريكي الصهيوني الصفوي ؛وتسخيرهم لجميع وسائلهم المتفوقة تكنلوجيا؛واشراكهم الى جانب ذلك للعديد من التوابع الرخيصة من الابواق العائية الاخرى من هنا وهناك قربا وبعدا من جغرافية العراق والتي كانت تنفذ بشكل اعمى خطط وتوجيهات حلف الشر وتردد تخرصاته واحقاده الدعائية وكانهم عبيد أذلة لاحول لهم ولا قوة الا التكرار والتركيز بهدف ايذاء الشعب العراقي المحاصر.
ومثلما جمعت امريكا واجهزتها الاستخبارية شتات شراذمة الفعل السياسي المعادي للعراق وقيادته الوطنية الشريفة من تيارات واحزاب وتكتلات واشخاص وجعلت منهم ما يعرف بقوى المعارضة ؛فأن امريكا واجهزتها قد ركزت ايضا على تجميع شتات وشراذمة الدعاية لتجعل منهم ابواقا دعائية رخيصة تعمل لصالح بث سموم دعايتها المختلقة للتأثير سلبيا على معنويات شعبنا العراقي العظيم.
واذا ما كانت الاحداث التي توالت في مرحلة ما بعد الغزو الغاشم للعراق قد اثبتت كذب وبطلان كل تخرصات وتهم امريكا وحلفائها الاشرار ضد العراق وباعتراف صريح وواضح منهم ،الا ان تأثيراته في وقتها قد أدت أغراضها بعمق على الصعيد الدولي بالتحديد رغم المحاولات الاعلامية والسياسية العراقية لفضحها ؛حيث كان الامرصوت حق واحد مقابل اصوات باطل وكذب كثيرة ؛أما على الصعيد الداخلي فان تأثيراتها لا تكاد تذكر قياسا بانواع التأثيرات الدعائية الاخرى وتنوعها التي كان العراقيون يواجهونها كمتلقين واعين ومتميزين يصعب اختراقهم بسهوله.
وللادلة على دقة رأينا هو الفشل الذريع الذي أصيبت به معظم الحملات الدعائية الخارجية لبث الفرقة والطائفية التي كانت توجه من الخارج فبالرغم من دقة تخطيطها لم تفلح في احداث الاثر المطلوب الا بعد سنوات من الاحتلال ومرادفتها بافعال ومؤثرات وعمليات قذرة استخباريا على الارض .
وللحقيقة التأريخية نذكر ان موضوع الاثارة ذلك لم يكن يكتب له النجاح لو كان بأسلوب وفعل امريكي صهيوني فحسب.ولكن التدخل الفارسي الصفوي المباشر عبر اجهزة ايران المختلفة وعملائها واولا افعال مليشياتها القذرة التي اوجدتها على الساحة العراقية ومرادفة كل ذلك بفعل دعائي ودعوي متعدد الاشكال والصيغ والاساليب والوسائل لاْيقاع التأثير السلبي على ابناء المجتمع الواحد.
واذا ما كانت ايران وعملائها قد ركزوا على الدور الصفوي لاحداث التأثير السلبي على بعض الجهلة من ابناء الطائفة الشيعية ،فان المسؤلية الوطنية والموضوعية تدفعنا الى ان تأثيرات الفكر التكفيري الغريب والمستهجن ايضا في العراق قد استهدف بعض الجهلة من ابناء الطائفة السنية ونشط عبر وسائله واساليبه في ذات الوقت لاحداث التاثير السلبي على المجتمع العراقي بشكل يتوافق ويتناغم مع اهداف دول الشر قبل الاحتلال وتصاعدت وتائره وتاثيراته بعدها.
مع هذا كله سنحت الفرصة لقوات الغزو الغاشم وعملائهم الذين نصبوهم على مقدرات العراق زورا وبهتانا الى استثمار التفاعلات السلبية التي حدثت في الجانب الاجتماعي العراقي لصالحه،فعمليات اذكاء الاقتتال الطائفي والمذهبي ستوفر له الغطاء المناسب للبقاء جاثما على ارض العراق ونهب خيراته مثلما ستوفر له الفرص المناسبة لتشويه واستهداف اي فعل وطني جهادي مقاوم له ولعملائه وتغليفه بـأغلفة مغايرة لحقيقته والصاق تهمة الارهاب بسهولة به ولهذا ركز المحتل وعبر عدد من العمليات الاستخبارية القذرة الى تعميق حدة الاقتتال الطائفي وما عملية استهداف مرقد الاماميين العسكريين عليهما السلام الاّنموذج لمرادفة الفعل الدعائي بفعل استخباري قذر لاحداث الاثر السلبي الذي يطبق او يعتمد على مبدأ فرق تسد .
كما ان شدة الاحتراب الطائفي التي مورست من قبل ملشيات عملاء ايران وعمليات القتل والتهجير التي صاحبتها قد طغت على افعال وتصرفات مشينة قامت بها عصابات منظمة متعصبة قوميا تحت اشراف وتوجيه قيادات الحزبيين العميليين في شمال العراق حيث تفشت بسبب ذلك في محافظات الشمال العراقي والمناطق المحاددة لهم عمليات القتل والاعتقال والتهجير القسري والنهب لابناء الشعب العراقي من العرب والتركمان وابناء الديانة المسيحية ؛فضلا عن احكام السيطرة على الاراضي والمناطق الجديدة لضمها زورا وبهتانا الى ما سمي اقليم كردستان وذلك في عملية احتيال عبر دستور مخزي ومزور مرر تحت حراب المحتل الغاشم لدق اسفين التجزئة لاوصال ارض العراق الواحد وشعبه الموحد ،ومن يمعن النظر في خارطة العملاء في شمال العراق وما يهدفون اليه من اضافة اراضي جديدة لاحلامهم الخائبة يدرك بما لا يقبل الشك ان هؤلاء المتعصبون المنغلقون المتامرون يريدون التوسع على حساب ارض وشعب وخيرات العراق باكثر ما توسعت به الشر الصهيونية على حساب الامة العربية منذ عام 1948 .
لذلك نستنتج الى ان الفعل الدعائي المعادي لم يكن ياتي بنتائج تذكر في التاثير طائفيا لولا وجود ارادات شر سياسية تمثلت بعملاء المحتل واعوانه وتالفها جميعا لتنفيذ اخطر اجندة معادية يكون العراق انموذجها ومن ثم عكسها على باقي دول المنطقة وبالذات العربية منها كمهدد جديد وفاعل لامنها القومي مستقبلا فضلا عن انعكاسات ذلك على الدول الاسلامية وعلى المسلمين بشكل عام .

 

 

                                      شبكة المنصور

                                    22 / 02 / 2007

    نظرة في أزمات العراق..محاولات بث الفرقةوالطائفيةوالتعصب