بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

غزة وموضة المفخخات

 

 

شبكة المنصور

سامي الأخرس

 

الأحداث المتلاحقة التي تشهدها غزة منذ الإطاحة بمؤسسات السلطة الوطنية,والتقاسم الجغرافي والسياسي الذي افرزه قانون الحسم العسكري الذي اقتحم قاموسنا الفلسطيني,لم يترك لنا متنفساً للتفكير بهدوء,او الإستقرار النفسي,واعادة التوازن للقضية الوطنية,حيث اصبحنا غير قادرين على استيعاب مايحدث او إيجاد تفسيرات منطقية لجملة الأحداث اليومية التي تدور احداثها بين الفينة والأخرى في قطاع غزة والذي فيما يبدو يتجه لتبني النموذج العراقي وفق سياسة الخطوة-خطوة,حيث بدأ بعمليات الخطف والتعذيب,والأغتيال وكتطور طبيعي للبدايات اتجه صوب تجريف وحرق المنازل,وممارسة اشكال اقل ماتوصف بإنها حرب تطهير ولكنها ليس بالصبغة العرقية او الطائفية,بل اصطبغت بصبغة سياسية وحزبية,معركة شرسة تدور في الخفاء والعلن,تتوازى بطرفيها السياسي والعسكري,ولايدخر اي جهد لإعادة التوازن للساحة الفلسطينية من منطلقات وطنية صادقة..

وأخطر ماتناقلته الأنباء ليلة أمس هو حادث تفجير سيارة مفخخة بالقرب من ميناء غزة,أثناء مرور احدى دوريات القوة التنفيذية التابعة للحكومة المقالة,واعقبها بيان من مجموعة الشهيد ابو غريب بتبنى العملية,حيث تناول البيان التحذير,والتهديد والوعيد,ويحمل صيغة جديدة في الساحة الفلسطينية تضاف الى جملة ماشهدته ساحتنا من صياغات وثقافات لم نعهدها من قبل..

إن تأكد الخبر,والحدث فإنه مؤشر ومنحى خطر يقودنا الى الهاوية,ويضع مصير شعبنا تحت رحى تصفية الحسابات وعمليات التفجير والثأر,الذي سيجني عشرات الأرواح البريئه بلا ذنب كما إنه سيقودنا الى النموذج العراقي,وستتحول شوارع غزة لمذابح,ولا استبعد جمع عشرات الجثث من شوارعها على غرار بغداد..

لايمكن بأي حال من الأحوال استيعاب مثل هذه الاحداث التي تنذر بالكثير الكثير من المخاطر على مصيرنا الوطني,الذي بات في مهب رياح الضياع,في ظل حالة الإنقسام والتشرذم التي نعيشها منذ الرابع عشر من حزيران 2007م,والتي تدفع عجلة الإنهيار حتى بلغت ذروتها ووصلت لقمة الإنهيار الشامل وطنياً واخلاقياً.

انتقدنا حركة حماس خلال المرحلة السابقة والحالية,وانتقدنا ممارساتها الميدانية بكل قسوة كونها خرجت عن المفاهيم الوطنية والانسانية في العديد من التصرفات والممارسات التي تقوم بها القوة التنفيذية والقسام ضد أبناء شعبنا,وضد أبناء حركة فتح في غزة,كما انتقدنا الممارسات التي تمارسها أجهزة السلطة في الضفة الغربية من إعتقالات لأبناء حماس وهذا من حرصنا على ضرورة الإحتكام للعقل وتغليب المصالح الوطنية على المصالح الحزبية,وضرورة قيام الطرفان بخطوات وطنية لإعادة اللحمة للوطن,وإعادة الإعتبار للقضية الوطنية,بما إنها المصير المشترك لجميع الأخوة والفرقاء,وأن علاقتنا تحتكم لمبدأ الوطن فوق الجميع.

أما ماحدث ليلة أمس فهو يخرج عن نطاق الانتقاد والكلمة لما يشكل شعلة اللهيب التي ستحرق وتدمر كل شئ وستدفع بإتجاه إنتهاء القضية الوطنية نهائياً,وبذلك لابد من التصدي لمثل هذا الحدث قبل ان يتحول الى ظاهرة ومنهج,لا بل التصدي له بقوة وبحزم ومن جميع الأطراف الوطنية وكذلك من جماهير شعبنا.

والوقوف بحزم امام كل من يحاول إغراق غزة ببحر من الدماء,والحكم بالإعدام على كل ماهو فلسطيني .فإن كانت شهوة الثأر والإنتقام هي الدافع لمن نفذوا مثل هذا العمل,عليهم أن يدركوا ان هذه الشهوة ستحرقهم قبل ان تحرق الآخرين,والإنتقام سيؤدي الى الإنتقام,والثأر يولد الثأر وندخل في داشرة مغلقة لن نستطيع الخروج منها ابداً.

غزة ...تحتضر..

هي غزة التي كانت تبتسم أزقتها وهي تحتضن مناضليها ومقاتليها وثوارها,وهذه هي غزة التي رنمت اهزوجة النصر والوحدة,ورقصت وبحرها على انغام الإنسحاب الصهيوني مهزوماً ذليلاً,هي غزة التي اصبحت اليوم سجن مميت,مصيره مجهول,شوارعها حزينة,منازلها تبكي,تصرخ,غزة المحاصرة براً وبحراً,تحلق بسمائها غربان الإحتلال يومياً تقتل وتغتال,غزة التي تحولت لبحيرة موت من الفقر,والجوع,وغلاء الأسعار,غزة التي فارقتها البسمة والسعادة..

فالمشهد مأساوي ومظلم وصورته قاتمة,ولم يعد قادراً على تحمل أكثر من هذه المآسي,فماذا ستفعل بنا المفخخات لو غزت غزة؟؟

وللتأريخ,والحقيقة نسجل أن مايحدث هو وصمة عار على جبين هؤلاء القادة المتربعين على عروشهم,غير مبالين بشعب يحتضر,يقتل,يموت,يعذب أبنائه,يضطهد رجاله,تهان نسائه,تهدد كرامته,وتهتك اعراضه..
وكلماتي لكل اولئك الذين تبنوا الموت نهجاً,والتحريض لغة,الى أين ذاهبون؟!

فإحذر شعبنا من المؤامرة التي تحاك ضد مصيرك,وقضيتك,إنها مؤامرة تعدت كل الخطوط الحمراء,وأصبحت معالمها واضحة وجليه,لاتحتاج الى فك طلاسمها,مؤامرة تستهدف قضيتنا عامة,ومصير شعبنا,ولم تعد تقتصر على تجاذبات فصائلية وحزبية,بل مؤامرة بكل ما تحملة الكلمة من معانٍ..

فعلينا جميعاً ان نتوازن لكي نعيد البوصله لمسارها الصحيح,ونلفظ دعاة الفتنة والقتل والموت من بين ظهرانينا,ونقول لهم كفى,والف كفى..

كفى تلاعباً بدمائنا ومصيرنا,كفى حقد ضد هذا الوطن,وضد هذا الشعب..
وتبقى الكلمات هي سلاحنا في مواجهة عصر المفخخات,ويبقى الوطن ينتظر..

 

 

 

 

شبكة المنصور

الخميس /  22 رمضان 1428 هـ  الموافق  04 / تشــريــن الاول / 2007 م