بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

  انتهاء موسم سبات الخلد : الجواسيس ينهضون (3 – 3 )

 

 

شبكة المنصور

صلاح المختار

 

ما معنى كل ذلك ؟

ان معناه الواضح هو ان الجهد الرئيس للاحتلال يتركز على تدمير البعث ، والسطو على اسمه وتسجيله باسم مرتدين ومتآمرين خونة ، بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى ، بمساعدة من جهات عديدة عراقية وغير عراقية ، بعضها ينتمي للاحتلال وبعضها الاخر يناهضه ، لكن القاسم المشترك بين هؤلاء هو العمل على تدمير البعث ، اما بالبندقية ، كما تفعل امريكا وعملاءها ، او بالكلمات التي تشيطن البعث ، أي تشوه صورته ، خصوصا حينما تصدر عن عناصر تقف ضد الاحتلال اعلاميا ، مثل التكفيريين الذين يتولون واجب تكفير البعث ، او من خلال تشجيع عناصر حزبية على سلوك طريق ملغوم وخاطئ يوفر الفرصة لنسبه الى البعث وليس للاشخاص . لذلك علينا ان نتذكر ان شيطنة البعث ليست مجرد قانون للقضاء على البعث ماديا واجتثاثه فكريا بل هي بالاساس خطة شيطنة للبعث ، فمن دون ان تشويه صورته امام الناس لا يمكن للاجتثاث الجسدي ان ينجح . فلابد اذن من ان يحول البعث والبعثي الى شيطان رجيم ، بالكذب والتشويه ، خصوصا حينما يقوم بهما من يحمل البندقية الرصاصة او البندقية الكلمة ضد الاحتلال ، لانهما يملكان صدقيه ، لكي يسكت الناس على ابادة مئات الالاف من البعثيين .

11 – وشهد عام 2006 اخطر واوضح يقظة للخلد الايراني الاعظم في الوطن العربي ، وهو حسن نصرالله ، الذي قام باخطر خطوة لصالح ايران وهى على حساب لبنان وشعب العراق ، باشعاله المتعمد لحرب غير محسوبة النتائج على لبنان ، لكنها حسبت وصممت لغسل الدم العراقي من وجه ايران ولالحاق الاذى الفادح بالثورة العراقية المسلحة ضد الاحتلال الاستعماري الامريكي – الايراني للعراق . لقد وصلت سمعة ايران الى الحضيض في الوطن العربي والعالم ، وفقدت اغلب ما انجزته من دعاية لتضليل العرب والمسلمين خصوصا ادعاء دعم الشعب الفلسطيني ، نتيجة دورها الاجرامي والمشين بكل المعايير في العراق ، والذي  تجلى في بروزها كمحتل للعراق شريك لامريكا ويتجاوز دوره الاحتلال البريطاني في خطورته ، خصوصا دوره الفاعل جدا في تدميره وابادة مئات الالاف من العراقيين وتهجير ستة ملايين عراقي من ارضهم ووطنهم ، وادخال اكثر من اربعة ملايين ايراني الى العراق ومنحهم الجنسية العراقية لتغيير تكوينه السكاني ، واشعال فتن طائفية . وحينما قررت ايران القفز الى مرحلة التساوم مع امريكا حول حجم حصتها في العراق والخليج العربي ، كانت عاجزة عن عقد المساومة لوجود راي عام عربي يتراوح ما بين ناقد ومدين بشدة ومساو لها باسرائيل ، لذلك احتاجت وكشرط مسبق الى تحسين صورتها في الوطن العربي والعالم الاسلامي ، بعمل كبير من طراز ربط اسم ايران بحرب تقع مع اسرائيل ويتحقق فيها نوع من النصر على اسرائيل ، ولم يكن هناك مؤهلا لهذا الدور غير حزب الله الايراني الولاء رسميا ، والذي اعد جيدا منذ الثمانينيات لدور خادم لايران وليس للبنان او الامة العربية .

ان حرب العام الماضي كانت ، وبامتياز كامل ، امريكية وايرانية التخطيط ، ولاول مرة تقع اسرائيل في فخ ساهمت بنصبه لها امريكا لان الاخيرة ، كما ايران ، تواجهان المأزق الاعظم والاخطر وهو هزيمتهما في العراق امام المقاومة العراقية المسلحة . لذلك كان يجب ان يعزز دور ايران عربيا واسلاميا لتعيد تنشيط دورها في العراق وتحافظ على زخم محاولاتها المستميتة لتقسيم وتقاسم العراق . وتعزيز الدور الايراني في العراق بواسطة بواسطة عمل جيد ولا يمكن سوى دعمه لانه موجه ضد اسرائيل ، كان شرطا حاسما لتواصل ايران وامريكا محاولات تقسيم العراق باثارة الفتن الطائفية ، وتصعيد العنف ، ووضع خطة متفق عليها بين امريكا وايران ، رغم خلافهما حول تقاسم المكاسب تقوم على تصفية المقاومة والبعث ، لانهما التهديد الاول والاخطر للوجود الاستعماري الامريكي الايراني في العراق .

لقد قام حسن نصر الله بغسل جسد ايران المغطى بدم مئات الالاف من العراقيين ، واعاد تمشيط شعرها لتبدو جميلة في العراق وغيره ، واعد الطابور الايراني الخامس في الوطن العربي ، الاحقر من بين كل طوابير الاستعمار الامريكية والاسرائيلية الاخرى ، لاستغلال تلك الحرب لاعادة الاعتبار لايران ، ورفع عملاء الطابور الايراني اصواتهم ، بوقاحة مثيرة ، للقول ب(ان ايران تقود الصراع مع امريكا لذلك يجب دعمها ) ، وتجاهل هؤلاء نتيجة خيانتهم للامة العربية عمدا حقيقة ان من يخوض الصراع الحقيقي والستراتيجي ضد امريكا هو المقاومة العراقية ، وليس ايران شريكة امريكا في غزو العراق وتدميره ونهبه وقتل مليون عراقي وتهجير ستة ملايين عراقي اعدادا وتنفيذا واستمرارا ، ومثيرة اخطر فتنة يتعرض لها العرب في تاريخهم وهي فتنة تقسيمهم طائفيا بين شيعي وسني . نعم ان مرتزقة امريكا العرب ، من ساسة وكتاب ، سواء تبرقعوا باسم الدين او مناهضة امريكا ، ما هم الا حثالات العملاء واكثرهم دناءة ووضاعة لانهم يرون بأم اعينهم ما يجري في العراق وماتقوم به ايران ومع ذلك يمتلكون القدرة على الدفاع المستميت عنها !

لقد كان الخاسر الاكبر بشريا وماديا هو الشعب اللبناني ، اما الخاسر سياسيا فكان المقاومة العراقية المسلحة والموقف الوطني العراقي المناهض للاحتلال ، لان ايران جيرت فورا مكاسب حزب الله لصالحها وبدون خجل او تمويه ، واخذ وزير خارجية ايران يتحرك ويفاوض حول لبنان ، ويتحدث وكانه يحكم لبنان من خلال نفوذ حزب الله ! واخذ من خفض صوته من مناجذ ايران في مجال الثقافة والاعلام والتنظيمات السياسة ، بعد افتضاح صورة ايران الحقيقية في العراق ، يرفع صوته مرة اخرى ليدافع عن ايران مستندا على ما انجزه حزب الله في لبنان في تأكيد لا يقبل الشك او التشكيك على ان حزب الله ليس اكثر من ذراع ايراني مسلح واستخباري يعمل من لبنان على تأمين المقتربات الستراتيجية لايران لصالحها ، وهي تتحرك لبناء إمبراطورية فارسية قومية لا صلة حقيقية لها لا بالاسلام ولا بالتشيع الحقيقي !

ان المناجذ الايرانية في الوطن العربي ، والتي وصلت حد ممارسة نفوذ رئيسي داخل منظمة كان يفترض ، من تسميتها ، ان تكون خط الدفاع الاول عن العروبة ، وهي المؤتمر القومي العربي ، والتي قبلت في عضويتها اشخاص يحملون الجنسية الايرانية ، مثل محمد صادق الحسيني مستشار وزير الاعلام الايراني ، واخذوا يتحدثون من داخل المؤتمر القومي العربي دفاعا عن ايران وضد شعب الاحواز المحتلة وضد العراق المحتل ، ويكذبون من يقول بان لايران مطامع رسمية في الخليج العربي وغيره ،  في اكبر فضيحة رشوة مالية وخداع استخباري يتم من خلال منظمة قومية عربية ! من داخل هذا المؤتمر اخذت عناصر من مناجذ ايران تشكك بطبيعة المقاومة العراقية وتصفها بانها تحولت الى حرب طائفية ، وبدعم من قنوات عديدة ، تعد هي الاخرى من مناجذ امريكا الاعلامية ، وبشكل خاص داخل قناة الجزيرة ، ومن ثم وجدت الفرصة  للقول بان المقاومة الحقيقية الان في لبنان ! وجاء الوصف المشبوه والخطير والملغوم لحسن نصر الله بانه ( سيد المقاومة ) تعبيرا عن تنفيذ اوامر المخابرات الايرانية لرفع اسم نصرالله والحط من شأن المقاومة العراقية ، التي هي في الواقع سيدة الشارع وشهداءها وقادتها هم اسياد المقاومة وليس من يتبع الاستعمار الايراني ، ولا يلتقي بمرجعيته وهو علي خامنئي الا ويقبل يده ، في تعبير لا يخطأ ابدا عن نوعية علاقة نصر الله بايران ، وهي علاقة تبعية وعبودية تصل حد تقبيل اليد !  وبما ان من يدعم حزب الله  هو ايران فان دعم ايران ضروري جدا لمواجهة امريكا !

لقد ادت حرب لبنان وظيفتها الاساسية وهي خدمة اهداف امريكا وايران في الوطن العربي ، ورغم ما  اعترف به نصر الله من انه لو كان يعرف رد الفعل الاسرائيلي الشامل ، والذي الحق بلبنان دمارا لم يسبق له مثيل حتى في غزو اسرائيل للبنان عام 1982 لما قام بخطف الجنديين الاسرائيليين ! ان هذا الاعتراف وحده هو ادانة تامة لحزب الله لانه يقوم باعمال تسبب الكوارث ويدعي انه لم يكن يعلم بانها ستقود الى الكوارث . ومع قناعتنا بانه كان يعرف بما سيترتب على خطف الجنديين ، لانه اعترف ايضا بان اسرائيل كانت تستعد لمهاجمة لبنان وتبحث عن حجة لذلك ، فان الحقيقة الاسطع تبقى واضحة وهي ان من يقبل يد خامنئي لا يمكن الا ان يكون عبدا مطيعا له ولأوامره الواجبة التنفيذ ، حتى لو كانت النتيجة ذبح الاف اللبنانيين  والعراقيين وتعقيد مقاومة شعب العراق لدور شريك امريكا الاول في غزو العراق وهو ايران . نعم ان عام 2006شهد قيام الخلد ايراني حسن نصر باخراج كل جسمه من الحفرة التي نام فيها طويلا ليعد نفسه للحظة تقديم الخدمة الاكبر لمرجعيته الاولى ووطنه الحقيقي وكعبته الحقيقة : ايران .

12 – كما ان عام 2006 شهد اعدام القائد الوطني الاكبر والاعظم صدام حسين بقرار امريكي وتنفيذ ايراني ، والسبب هو ان امريكا وبعد ان يأست من امكانية عقد صدام حسين مساومة معها حول العراق ، وبعد ان تأكدت انه مازال المحرك الاول لجماهير العراق المقاتلة ، وان وجوده ومحاكمته قد زادتا من شعبيته وان مستقبل العراق سيتقرر على يديه ، قررت امريكا التخلص منه كخطوة اولى نحو تفريغ العراق من قيادته الوطنية المجربة والقادرة على اعادة الامن للعراق فور هزيمة الاحتلال او انسحابه . لذلك اعقب اغتيال سيد الشهداء صدام حسين اغتيال نخبة من قادة العراق الابطال وفي مقدمتهم الشهيد البطل طه ياسين رمضان . اما ايران فانها كانت ومنذ بداية الغزو واسر القائد تضغط على امريكا لاعدام الشهيد وبقية القيادة العراقية الوطنية وتعدها الضمانة الاساسية لتجنب هزيمة الاحتلال . لذلك ما ان قررت امريكا اعدام الشهيد حتى عجلت ايران بتنفيذ القرار وقامت باتباع طقوس طائفية انتقامية زادت من حقد ملايين الناس على ايران . 

ما معنى ذلك عمليا ؟ ان الاستعداد الامريكي للانسحاب في ظل بقاء المقاومة والحزب متماسكين وقويين يقود الى نتيجة واحدة حتما وهي نجاح القيادة الوطنية العراقية ، نتيجة لخبرتها وامكاناتها العسكرية وشعبيتها التي تضاعفت بعد الغزو وبكونها تملك التنظيم الشعبي الوطني الوحيد ، اي الذي يغطي كل العراق ، في السيطرة على العراق واعادة الامن خلال ساعات . ان هاجس عودة البعث بقيادة صدام حسين رئيس العراق  الشرعي كان مهيمنا على عقل وعاطفة امريكا ، وفي هذا الاطار توصلت المخابرات الامريكية الى قناعة تامة بانه يستطيع ببيان واحد بصوته ان يحل الامن والاستقرار في العراق ، من الجنوب الى الشمال من الشرق الى الغرب ، وهذه النتيجة مناقضة كليا لما خططت له امريكا وايران ، وهي انه يجب بقاء العراق ، بعد الانسحاب مفككا ومتشرذما ويفتقر للامن والاستقرار . من هنا فان اغتيال سيد الشهداء كان من بين اهم الشروط المسبقة لحرمان العراق من متطلبات الاستقرار السريع واجباره على الخضوع لقيادات غير مجربة وغير حكيمة ، وهي اخطر من العملاء ، لانها تخرب القطر باسم الجهاد والمقاومة نتيجة الجهل ، او نتيجة الايديولوجيا الظلامية التكفيرية . كما ان اغتيال قادة البعث يشكل مجالا لفتح الطريق امام المناجذ المندسة في البعث للتحرك من اجل شق الحزب ، لان وجود الحزب قويا وموحدا وفعالا ، كما هو الان ، يمنع امريكا وايران من تحقيق هدف شق المقاومة واشعال فتنة طائفية كما اثبتت تجربة الاعوام الاربعة من الاحتلال .

وشق البعث يدخل ايضا في خطة تحشيد اكبر عدد ممكن من التنظيمات المؤثرة لانجاح الاحتلال ، بعد التخلص من المناجذ القديمة التي كشفت واحتقرت في سنوات الاحتلال الاولى ، ولهذا فان دعوة امريكا لاعادة النظر بقانون اجتثاث البعث تهدف الى جر عناصر حزبية ، وليس بعثية ، انتمت للحزب بدافع انتهازي ، الى المشاركة في حكومة جديدة تحكم العراق بعد رمي علاوي والمالكي والجعفري والحكيم والجلبي في سلة المهملات . ولذلك رحبت حكومة المالكي وحزب الحكيم ، وهما اشد اعداء البعث حقدا ، بمؤامرة الخونة القابعين في سوريا وشتما البعثيين الحقيقيين وفي مقدمتهم المناضل عزة الدوري . ويجب ان نذكر بان هناك مطلبا شاملا كانت تطالب به الاحزاب الحاكمة تحت ظل الاحتلال وهو القائل بان اعدام صدام حسين شرط مسبق لاستقرار العراق لانه يحرم المقاومين الاساسيين من الرمز والقائد ويضعفهم وربما يمزق صفوفهم . 

ولئن كان هذا ماخططت له امريكا وايران حول العراق فان الطرف الاخر لم يكن غائبا عن ساحة التخطيط والرد على ما يخطط له الاعداء المشتركين ، فالبعث وبعد ان لاحظ خطوط التأمر المتعددة الاطراف هذه وخطورة ما اقدموا عليه ، قرر ان يواجه ذلك بموقف وطني مسئول واكثر نضوجا مما سبق وهو الدعوة لتوحيد الصف الوطني خصوصا على مستوى المقاومة المسلحة ومواجهة انخراط عناصر مندسة في صفوف المجاهدين في الحملة ضد البعث ، بالحكمة والصرامة بنفس الوقت مع تجنب الانجرار الى صراع شامل مع فصائل اخرى .

                                                   ملاحظات ختامية

                                              عتاد المناجذ التي تستيقظ

      في ضوء ما تقدم فان اهم اسلحة المناجذ ، التي نشم رائحة استيقاظها الان ، هي الاساليب التالية :

      1 – من اهم مميزات واسلحة مناجذ الوقت الحالي تخصصها بتفجير المشاكل المفتعلة داخل الجماعة الوطنية الواحدة ، او بين الجماعات الوطنية المختلفة ، مع ان المشاكل التي تفجرها لاضرورة لها ولا مصلحة فيها ، بل ان الانسان العادي يدرك انها مضرة . واهم دوافع تفجير المشاكل هي :

      أ – اشغال القوى الوطنية بمشاكل ثانوية تستنزف الطاقات وتترك شروخا داخل الجماعة الواحدة وبينها وبين الجماعات الاخرى ، مع ان المطلوب هو توحيد الصفوف وتمتين العلاقات بين مناهضي الاحتلال .

      ب – خلق اجواء عدم الثقة بين الوطنيين وتسييد مشاعر القلق من جراء تفجر خلافات في وقت تشكل الوحدة احد اهم شروط الانتصار .

      ج – تغليب التناقضات الثانوية على التناقضات الرئيسية وبذلك تفقد القوى الوطنية المبادرة وتصبح بيد الاحتلال .

      هـ - تسقيط العناصر الوطنية المرشحة لقيادة العمل بالاتجاه الصحيح ، من خلال اجبارها ، بالاستفزازات  الوقحة لها والاعتداءات الصارخة عليها ، على الانغماس في سلوكيات رد فعل حمقاء لا تدل على النضج والوعي ، وبذلك يخلو الجو للضعفاء ، او المشبوهين ، للحلول محل الاكفاء والمخلصين والمجربين .

      و – تعهير كل مقدس لدى الوطنيين ، ابتداء من كوادرهم وانتهاء بمبادئهم مرورا بتنظيماتهم . فوجود مبادئ سامية وممارسات راقية محترمة والتزام يخدم العمل واجواء صحية كل ذلك يحفظ للجماعة مستقبلها نتيجة استمرار ثقة الجماهير بها . ولكن اذا عهّرت كل الايجابيات وشوهت فان النتيجة تكون تحول موقف الراي العام من داعم يحترم الجماعة الى ناقد او رافض لها ، فتعزل وتبدأ رحلة سقوطها . وبسقوطها تسقط معها كل المشروعية الوطنية والثورية .

      2 – اعتماد تكتيك توالد المشاكل وعدم السماح بتوقفه ، فما ان تحل مشكلة ويشعر الوطنيون  بالراحة حتى يصدموا بتفجير مشكلة اشد واكثر ايذاء . والهدف هو عدم السماح ببقاء الامل وجعل المناضل اسير مشاعر الياس الظاهر او الباطن .

      3 – افتعال تناقضات شخصية بين الكوادر الوطنية المتزنة بكافة الطرق وتشجيع روح التأمر داخل الجماعة الواحدة ، واستغلال العقد الشخصية لتحقيق ذلك .

      4 – تشجيع الادمان على الخمر والتعلق المرضي بالنساء ، واذا امكن الدفع للقمار ، لان هذه الاجواء هي التي تولد اغلب تجليات الفساد الشخصي ، وهو بدوره المدخل الطبيعي للخيانة الوطنية ، كما اثبتت التجارب الواقعية .

      5 – دعم المخابرات المعادية العناصر المتخلفة ثقافيا وناقصة التجربة ضمن صفوف الوطنيين ، خصوصا دعم من يفتقر للخلق القويم ويتميز بالسفالة في التفكير ، والانانية في الدوافع ، والشعور العميق بالنقص ، لان هذه العناصر تستطيع بانحطاطها الاخلاقي ان تقوم بكل تصرف منحط ضد العناصر المتزنة والمتوازنة . 

      ان مجموع هذه الممارسات تتلاقح وتتفاعل لتقود حتما الى نتيجيتين : تسقيط رموز وطنية بنظر الجماهير ، وهو تسقيط يفضي حتما لتسقيط الخيار الوطني . وهكذا يصبح بالامكان تمزيق القوى الوطنية باسهل الطرق . هذه هي اعتدة المناجذ التي قد لاتلفت انتباه من يظن ان المشاكل هي دائما نتاج تصرفات عفوية وقلة التجربة ، فتغيب عن باله وحساباته امكانية انها تصرفات محسوبة بدقة بهدف التخريب تقوم بهام مناجذ مكلفة بعمل لا يبدو سياسيا لكنه يدمر البيئة الصحية للعمل السياسي الوطني .

                                                معايير التمييز  

      ومع هذا كله فان التمييز قد يصبح صعبا بين الخلد العامل والوطني قليل الخبرة والتجربة ، ولكي لا  نظلم احدا او ان نخسر وطنيين تصرفوا بطريقة تخدم العدو فنظن انهم مناجذ ، فان ثمة معايير يجب الانتباه اليها والتقيد بها لتجنب حصول الخلط ، وعلى الوطنيين الحريصين على تجنب الشك بهم نتيجة سلوكياتهم الخاطئة الانتباه الى كيفية تصرف الخلد وتجنبها . واهم المعايير هي :

      1 – الحكمة وليس التهور : ان من اهم مظاهر الاخلاص الحقيقي اتباع طرق حكيمة في التعامل مع الاحداث ، فمهمها كان الشخص وطنيا يضع نفسه في موقع الشبهات حينما يكون تهوره سببا في وجوده في خانة واحدة مع المخربين والجواسيس . لقد قيل وبحق ( عدو عاقل خير من صديق جاهل )  في تعبير دقيق عن تجربة تاريخية اكدت ان المهم ، ليس النوايا ، وانما نتائج الاعمال ، فاذا كانت النوايا طيبة ، لكن اعمال الشخص مخربة فانه يقع تحت طائلة القانون . وهذه الحقيقة تنطبق اكثر على السياسة ، فالذين يكثرون من الاخطاء وارتكاب الحماقات يلحقون ضررا بالمصلحة الوطنية حتى لو كانت نواياهم طيبة ، وهي اضرار اكثر خطورة من اخطاء فرد عادي او طبيب يؤذي شخص او عشرة ، في حين ان الخطأ في السياسة يؤذي الملايين . اذن الحكمة هي من اهم مميزات الوطني ، ومن لا يمتلكها عليه ان لا يطمح في موقع مؤثر وقيادي لانه سيحاسب على اخطاء ترتكب نتيجة الافتقار للحكمة . ولهذا على كل وطني ان يضبط لسانه ويسيطر عليه وان لا يركض وراء شهوة الكلام المطلق ، وان يعتمد لغة حذرة عند التعامل مع الاخرين تقوم على احترامهم لتجنب اثارة ردود افعال قوية لديهم . ان الخلد في مرحلة من مرحل عمله  يلجأ الى اسلوب التهور في التعامل مع اطراف معينة لاجل جرها الى معارك جانبية جبرا ، مع انه في تدريبه الاساس مبني على عدم التهور ! وهذا التهور وظيفته استنزاف جميع الاطراف ان لم يكن منع اتفاقها على برنامج مشترك .

      2 – التفاعل وليس الانعزال : ان اهم اهداف العمل الوطني هو التفاعل من اجل المزيد من التقارب مع الاخرين من القوى الوطنية ، فالحوارات والجدل والاتصالات تهدف الى العثور على المزيد من مجالات العمل المشترك وليس تعميق الجراح والتسبب في المزيد منها . ان اللغة المستخدمة في الحوار هي لغة تقارب ونقد بكلمات لا تنطوي على استفزاز او تجاوز على الاخر ، وبهذه اللغة نحصر الخلافات التي لا نستطيع حلها ونؤسس صلات تلاق بيننا . اما اذا ناقشنا مشكلة ما بلغة ملغومة بالمتفجرات والكلام الاستفزازي فان ما يوجد بيننا من تقارب مهما كان محدودا ، سينسف ، وتصبح العلاقات اكثر سلبية . والمشكلة الاساسية التي تعترض النجاح في تحقيق التفاعل هي اننا احيانا نظن بان من حقنا ان نقيد الاخرين بما نرى متجاهلين انه مستقل عنا ونتحاور معه لاجل ايجاد نقاط لقاء وليس الحاقه بنا وافقاده خصوصيته واستقلاله ! والقيام باعطاء اشارة للطرف الاخر باننا نريد الحاقه بنا تجبره غالبا على التحصن ضدنا بموقف لا يسمح بتحقيق التفاعل المطلوب .

      ان النزعة الانعزالية في السياسة تتجلى ، اشد ما تتجلى ، في عدم الاعتراف الفعلي باستقلالية الاخر ، ومهما قلنا اننا نعترف ، لان الاعتراف يتقرر عمليا بشعورنا باننا يجب ان نعترف بخصوصية الاخر ، ومن ثم فان من حقه ان يقول ما يريد ويدافع عما يريد ويحتفظ بما يريد حتى لو اتفق معنا على امور اخرى . ومن اهم مظاهر النزعة الانعزالية اشتراط ان يكون الاخر او الاخرون مثلنا او مطابقين لنا في المواقف مع اننا نسعى للعمل معهم من اجل التوحد على اساس العوامل المشتركة بيننا . لذلك فان اول مخرج للتحرر من الانعزالية هو الانفتاح القائم على ضرورة التفاعل بين طرفين او اكثر . ان النزعة الانعزالية لدى الخلد هي نوع من انواع اجبار الاخرين الذين يفترض توحدهم مع من يمارس الانعزال على التحصن ضده من منطلق الحرص على الذات والدفاع عن النفس تجاه نزعة استعلائية إملائية .

      3 – التوحد وليس الشرذمة : ان من اهم اهداف الجبهة هو التوحد والتخلص من الفرقة والتناثر ، والعمل على ردم الهوة بين الاطراف الوطنية ، لذلك حينما يتحول الحوار الى جدل بيزنطي ، او خوار ثيران ، ويصل حد الاتهامات وتلفيق الاكاذيب والطعن غير المبرر فان الامر يحتاج لتفسير خارج اطارات حسن النية . ان تعمد تنفير الاخرين بطرق مختلفة هو تكتيك الخلد عندما يتولى واجب التقارب والتقريب .

      اذن ان القدرة على التمييز بين الخلد والوطني ناقص التجربة تتجلى في تفكيك السلوك الى مكوناته الاساسية ودراسة اثاره الفعلية ومن ثم تقرير لمن يخدم : هل يخدم هدف الوحدة ؟ ام انه يساهم في زيادة الفرقة ؟ وبما ان الجبهة وقيامها واجب وطني لا يعلو عليه واجب الان فان كل عمل يخدم الفرقة هو ، اما نتاج عمل خلد نائم ، او انه نتاج نقص في الكفاءة والاداء . وفي الحالتين علينا ان لانسلم مصير شعبنا لخلد نائم نرى انه يخدم العدو بسلوكه الغريب ، ولا لناقص الخبرة ، الذي قد يكون مدفوعا ودون ان يعلم من قبل خلد نائم ، مستغلا نقص خبرته وسذاجته للوصول الى استخدامه لتحقيق الهف الاسمى : بقاء الفرقة بين جماعات ينبغي ان تتوحد باستخدام اساليب استفزازية او مرفوضة .

ان المطلوب وطنيا هو العمل الجبهوي ، فاذا كان البعض يري انه مستعد له فان اول خطوة صحيحة هي التعبير عن ذلك بطرق مباشرة وبسيطة وسهلة ، وهي الاتفاق على قواسم العمل المشترك ، حتى لو فشلنا في حل كل المشاكل بيننا . فالجبهة ليست حزبا واحدا لنطلب الانسجام التام ، وانما هي اتحاد قوى مختلفة حول امور كثيرة ، ويمكنها ان تحافظ على اختلافاتها بشرط ان تتوحد في موضوع مواجهة الاستعمار . فهل هذه الضرورة غامضة ؟ وهل هي صعبة الفهم ؟ ان طفلا غرا يعرف انه حينما يرى جيرانه يريد ضربة يلجأ  لاخيه الاكبر حتى لو كان في حالة خلاف معه ، فكيف يمكن لساسة قضوا عقودا من الزمن في العمل ان لا يستطيعوا فهم هذه الحقيقة البسيطة ؟

       ان من لا يفهم ضرورة الجبهة ويسلك سلوك انشقاقيا رغم ان المطلوب هو التوحد هو واحد من أثنين ، فهو اما خلد نائم او انه ساذج لا يفقه في موضوع السياسة ابسط اولوياتها . ان المطلوب الان غلق كل منافذ الخلافات الثانوية والاهتمام بالاتفاق على مواجهة الاحتلال من قبل كل الوطنيين العراقيين ، وان يكون السلاح موجها للاحتلال وعملاء الاحتلال فقط ، بما في ذلك سلاح الكلمة .

      4 - الغيرية وليس الانانية : حينما نبحث في الدوافع الحقيقية للسلوك التخريبي في السياسة نكتشف كثيرا ان الانانية هي المحرك لاعمال تخريب عديدة الحقت ضررا فادحا بالحركة الوطنية . وبما ان السياسة  في اطار حركات التحرر الوطني وليس في الغرب ، هي عمل نضالي هدفه خدمة الوطن او القضية العامة ، فان من ابرز شروط العمل السياسي شرط التجرد من الانانية والاستعداد للتضحية بالنفس من اجل القضايا العامة . ان هذه البديهية في العمل السياسي التي يجب ان تحكمه تصبح هدفا لمناورات وتجاوزات العديد من الساسة الذين لم يتخطوا حدود امراض المجتمع التقليدي ، ولكنهم تستروا بشعارات نضالية واندمجوا في صلب العملية النضالية ، فنشأ عن ذلك ضرب من الازدواجية في سلوكهم ، الذكي فيهم ينجح في تمويهه من خلال عدم السماح لهم باكتشافه على الاقل في مراحل صعوده الى موقع مؤثر .

      وبعدان يحتل الاناني موقعا متقدما يأخذ بالتعبير عنها بطريقة متدرجة ومدروسة لانه يعلم ان هناك من يرقب سلوكه ، فيبدأ بممارسة الانانية مع من هم دونه ثم ينتقل الى من هم في مستواه ، وفي الحالتين يكون قادرا على مواصلة التمويه لانه يستمر في تمثيل دور الغيري ( عكس الاناني ) ، من جهة ، كما انه يبحث دائما عن سند في المستويات الاعلى منه ليحميه من جهة ثانية ، وتتشكل علاقة تبعية طابعها الغالب التملق للاعلى واضطهاد الادنى ، خصوصا من خلال سرقة جهوده او منعه من اخذ دوره الحقيقي . وحينما يلاحظ عليه سلوك خاطئ او انتهازي وخداع الاخرين يتظاهر بالسذاجة او عدم الفهم ، مع انه غير ذلك ، مقابل ان يبقى بعيدا عن العقاب ! وكلما ازداد الاناني قوة وارتفع في سلم المسئولية يكشف اكثر عن انانيته وتتخذ تصرفاته اشكال عديدة مثل النزق وقلة الادب والاستعداد للتطاول على غيره حتى لو كان سابقا من حماته ومن اولئك الذين قدموا له خدمات كبيرة مكنته من الصعود ! والسبب هو ان الاناني لا قيم تردعه ولا حافز لديه سوى مصالحه الانانية ، فهو متحلل من أي ضابط وخلق ومصالح عامة . وفي مرحلة الاشتباك مع من كشفوه يزداد التصاقا بحماته الاعلى منه وتملقا لهم ويؤلههم ، لكنه يمارس اقذر اشكال التهجمات والتشويهات ضد المناضلين الحقيقيين ، وبهذا تبدأ صورته الحقيقة تظهر للعيان ، ويصبح بشكل متزايد عبئا على من يحميه .

      متى يبدأ الانحراف الاخطر لدى الاناني ؟ حينما تبرز ازمة تهدد دوره ومصلحته ويجد خارج جماعته من لديه استعداد لحمايته حتى لو كان عدوا للجماعة ! وهنا تبدأ رحلة التجسس والخيانة الوطنية لدى هذا الصنف من الناس . منذ 2006 اخذ العدو يخرج مناجذه من حفرها لتخرب في مرحلة حسم الصراع ، ورغم الاثر السلبي لتصرفات هذه المناجذ الا انها ولحسن الحظ منحطة تماما خلقيا وتأهيلا ، لذلك كشفت نفسها بسرعة وقبل ان تنجح في تحقيق هدف جوهري .

      اننا نستخدم في اللهجة العراقية وصف ( حبربش ) لنشير الى سقط المتاع او العناصر المنحطة والتافهة او الحثالات ، واليوم نرى هؤلاء (الحبربش ) يتحركون لخلق المشاكل بين القوى الوطنية وداخل صفوف كل قوة وطنية على حدة ، علنا وبغباء واضح وبغاء أوضح . انهم يتعمدون الكذب والتشويه والتحريض والطعن والاستفزاز وخلط الاوراق ، والتطاول على الرموز الوطنية ، المعروفة بمواقفها المشرفة من الاحتلال وبدورها الاساس في اعادة بناء الحركة الوطنية ، بكلام لا يستخدمه الا أبناء الشوارع ، ولذلك فان مناجذ اليوم ليسوا سوى فقاعات عابرة . والسؤال المهم هو : هل ستسمح القوى الوطنية ممثلة بالعناصر المؤهلة والناضجة لهولاء الحبربش بمواصلة  دورهم ؟ ام ان الواجب يفرض تحييدهم ؟

انتهى

Salah_almukhtar@gawab.com

 

 

 

 

شبكة المنصور

السبت / 28 / تمــوز / 2007