صلاح المختار

شبكة المنصور

 

                                     

 

صلاح المختار

أخي الفاضل د.عادل سمارة المحترم

تحياتي وتحيات رفاقك المناضلين العراقيين من حملة السلاحين البندقية والقلم .

لقد سررت ان استلم منك رسالة كريمة ، خصوصا وان ماورد فيها من ملاحظات يمنحني الفرصة لابداء رأيي في مواضيع مهمة كنت منذ زمن اود مناقشتها .

                           مقاتل التفكير الاسلاموي                 

لقد فتحت جرحا أحسه انا بالذات منذ غزو العراق بشكل خاص ، وهو جرح الموقف القطري ، والاضيق من القطري ، ليس لمن كنا ومازلنا نعدهم سبب كارثة امتنا ، أي الحكام ، بل لمن كانوا يهاجمون الحكام العرب بسبب قطريتهم بالذات ، بل ان بعضهم كان يهاجم الجماهير العربية بسبب ترك الشعب الفلسطيني وحده يواجه اضطهاد الصهاينة ، منتقدين ورافضين النزعة القطرية ، التي استخدمت أداة لحماية الانظمة والحكام ! الان توسعت همومنا بانضمام فئات كانت نظريا ضد القطرية الى ساحة العمل القطري وما هو أسوأ من النزعة القطرية ! فكيف تم ذلك ؟ ولماذا ؟

تقول في رسالتك : ( أليس من المحزن حقاً، أن لا يرد على المرزوقي عربي آخر، أقصد من غير العراقيين؟ صحيح ان للكل مشاغله واهتماماته، ولكن شأناً قومياً لا بد أن يشغل الناس على صعيد قومي، لا أن تتحول المسألة كل يتحدث عن قطره بقطريته! وهل هناك مشاغل أعلى كعباً من مناصرة المقاومة؟ ) بهذه الفقرة لخصت ازمة نخب عربية وازمة قوى سياسية عربية عجزت ، وهنا تكمن مأساة فقر وعيها ، عن اكتشاف انها تعرضت عمدا وتخطيطا لما تعرضت له الانظمة العربية قبلها ، فتحولت الى ادوات بيد الاستعمار البريطاني والفرنسي في مطلع القرن العشرين ، وانتهت بان اصبحت وكالات للاستعمار : كومبرادور محلي يحمي مصالح الاستعمار ويدافع عنها ضد الحركة الشعبية .

ان هذا الدرس مهم جدا : حالما تتحول النخب ، سواء الحاكمة او المناضلة ضد الحكام والاستعمار،  من مدافع عن الامة بكليتها الى مدافع عن مصالح قطرية ضيقة ينتهي بها المطاف الى التقوقع في أطار اضيق واسوأ من القطرية بكثير ، وهو ما يضعها جبرا وقسرا ، في صف واحد مع من كانت تعاديه وهو الاستعمار والصهيونية . وقدر تعلق الامر بقوى وطنية فان الانتقال من النضال ضد الاستعمار والصهيونية والكومبرادور الى التوافق معها يمر بمرحلة انتقالية حتمية ، وهي مرحلة تأليه التنظيم وتحويله من اداة نضال الى معيار للتقويم السياسي والستراتيجي ، مستغلة ارثه النضالي للدفاع عن وجوده وحقوقه في القيادة والعمل ، بالحق او بالباطل ، رغم ان ذلك يقود الى التخلي عن بديهيات الامة ، بل وبديهيات التنظيم بالذات . باسم التاريخ النضالي للتنظيم ، والذي يجعله معتقدا انه محصن ضد الانحراف او ضد النقد ، يقدم التنظيم على خرق مقدسات الامة وفي مقدمتها الرابطة القومية .

 ومثال موقف تنظيمات فلسطينية اسلاموية *من ايران يقدم صورة كئيبة ومحزنة جدا لتحول التفكير من تفكير اسلاموي اممي ، تجاوز الرابطة القومية باسم هوية اسلامية مفترضة ، الى تفكير تحزبي ضيق يدعي خطأ تمثيل الامة كلها ملخصا مصلحة الامة كلها بمصلحة التنظيم ! انها اسوأ انواع النزعة القطرية ، حتى وان تمظهرت بغطاء اسلاموي ، واشدها خطورة على الرابطة القومية للامة لانها تتبرقع بغطاء وطني وجهادي ، بعكس القطرية الحاكمة والفاسدة والمفسدة ، والتي صارت رسميا وفعليا وكالات محلية تحمي مصالح الاستعمار والصهيونية . ربما تقول بان هذه التنظيمات بالاصل لم تنطلق من منطلق قومي او وطني وانما من منطلق أسلاموي كان الممهد المنطقي الشكلي للتعامل مع ايران وكأنها مساوية للعراق في الوضع والانتماء الديني ، لكن هذا الاعتراض ومهما كان صحيحا يبقى عاجزا عن تجاوز بديهية نعرفها جميعا ، وهي ان الانتماء الوطني ، وحلقته الاوسع الانتماء القومي ، هما التكوين الابتدائي الاساسي لوجود أي تنظيم سياسي سواء كان قوميا او أسلامويا . فالهوية العربية واضحة ومحددة وهي تختلف عن الهوية الباكستانية والايرانية وغيرهما ، وافراد تلك التنظيمات الاسلاموية عرب ينطقون بالعربية ويعترفون بأنهم عرب الهوية ، خصوصا عند التقابل مع الصهاينة في فلسطين المحتلة ، لذلك فان الهوية السياسية الاخوانية لتلك التنظيمات  لا تنزع من مناضليها هويتهم العربية مهما تجردوا نظريا منها ، وهنا يكمن مأزقها الحالي .

لقد لخصت تلك التنظيمات الاسلاموية مصلحة ( الامة الاسلامية ) المفترضة في قضية فلسطين ، تماما كما فعل البعث وفتح بصواب تام ، لكن المشكلة برزت حينما اراد البعض ان يلخص مشكلة فلسطين بتنظيم ، لان هذا القسر كان مقدمة لتحويل التنظيم من اداة الى هدف ومن صيغة عمل بشري الى تابو لا يجوز مسه حتى بوردة ! فحماية التنظيم ودوره صار هو المعيار وهو القضية ، في دمج مصطنع وخطير بين القضية وأداتها ، وترتب على ذلك ان تلك التنظيمات مثلا حينما تتعامل مع حكومة الكويت تتنصل من صلتها بعراق صدام حسين وهو عراق العروبة والالتزام القومي الثابت والمجرب ، دون انتباه الى حقيقة ان مشكلة الكويت هي جزء اساس من مشكلة الامة العربية وانها ليست قضية العراق فقط ، وبغض النظر عن اختلافات وجهات النظر ، كما اثبت الدور الكويتي في غزو تدمير العراق وتنفيذ محاولات تغير هويته العربية تحقيقا لاهداف عدة اطراف دولية واقليمية ومنها امريكا واسرائيل وايران !

واذا كان التفكير الاسلاموي قاصرا ولم يكتشف الدور الكويتي ، في اطاره الستراتيجي ، القائم على المساهمة الفعالة في تدمير الامة كلها انطلاقا من تدمير العراق ، فان مأزق هذا التفكير لا يختلف عن مأزق النظم العربية التي باعت فلسطين باسم الواقعية والمصالح القطرية الضيقة . لقد تغلبت متطلبات التفكير النخبوي ، الادنى والاضيق من التفكير القطري ، لدى اسلامويين على حتميات الانتماء القومي ، وباسم القضية ، والتي استيعض عنها بضمان استمرارية التنظيم الحزبي ، ضحى بالجزء المقوم ، أي الاكثر حسما وهو الجزء العراقي المقاوم للاستعمار الامريكي ! هل هذا الاستبدال يختلف من حيث الجوهر والواقع عن استبدال الحكام العرب القضية الفلسطينية بالدفاع عن نظمهم ، منذ غزو فلسطين ، تحت غطاء تبلور الان بصيغة موحية وذات دلالات خطيرة تحت شعارات مثل :  ( مصر اولا ) او ( العراق اولا ) ...الخ ؟ الان نجد تنظيمات فلسطينية بفعلها تمارس شعار ( فلسطين اولا ) ، حتى لو لم تقل ذلك بكلماتها ، لكنها لا تعني تحرير فلسطين ، مادام ذلك مرتبطا حتما بمعركة الحسم الاكبر في العراق والتي تتجاهلها ، بل تعني ( التنظيم الحزبي اولا ) ! وهكذا تنحدر القضية من قمة جبل اعتبارها القضية المركزية للامة كلها ، وتتدحرج لتصبح كرة ثلج اسمها الانا التحزبية الاكثر خطورة وشرذمة للامة من القطرية الرجعية والعميلة ، التي ناضلنا ضدها وما زلنا نناضل ، وكانت السبب الرئيسي في تراجع الامة العربية وتقدم الاستعمار والصهيونية .

باسم صنمية قاتلة هي ( التنظيم اولا )، وهي المحرك الحقيقي للعلاقة بالكويت وايران مثلا وليس تحرير فلسطين ، ابتعد التنظيم عن هدفه الاصلي ، وهو تحرير فلسطين ، واقترب من موقف التسوية وقبل الاعتراف باسرائيل ضمن حدود ماقبل عام 1967 كما اعلن التنظيم رسميا ذلك ! هكذا اوصل التمركز حول الذات التحزبية ذلك التنظيم الى تقوقع قطري اختصر نفسه ، على نحو مذهل ومحزن ، بالتبرؤ من القضايا القومية الاخرى والاصطفاف مع ايران بلا تردد ومهاجمة الشهيد صدام حسين ( قبل اغتياله ) والتبرؤ من دعم ابناء فلسطين للعراق في ازمة عام 1990 ! وبهذا التحول وجد التنظيم  نفسه مكوما على نفس قاعدة وقوف بعض الحكام ، الذين ابتدءوا مسيرتهم بالعمل من اجل فلسطين لكنهم ، وبعد مواجهة تحديات خطيرة كانت اكبر منهم ، تراجعوا تدريجيا وتقلصت احلامهم وطموحاتهم لتصبح الاحتفاظ بالسلطة حتى لو كان الثمن هو الطلاق مع المبادئ الاصلية والقضية الاكبر ، فاصبحوا حكاما مجردين من الموقف الذي ابتدءوا به !

ان السؤال الحاسم الذي لا تستطيع تلك التنظيمات الاسلاموية الاجابة عليه ، ويكشف قاع القطرية العميق جدا ، الذي تستخدمه  ليكون غطاء لتحزب متطرف يرى في الحزب وليس القضية محور الكون ، هو هل ما تفعله ايران في العراق ، وفي الخليج العربي منذ الغزو تحديدا يختلف عما تفعله وما فعلته اسرائيل في فلسطين وشعبها ؟ مما لاشك فيه ان ايران دولة استعمارية كلاسيكية أبتدأت الاستعمار قبل اوربا بالقيام بغزوتين عالميتين قبل الاسلام وصلت من خلالهما الى اليونان وشملت اغلب الاقطار العربية ، واستعمارها الحديث بشكل خاص  اقرب للاستعمار الاستيطاني الصهيوني منه الى الاستعمار الغربي ، وبغض النظر عن النظم الحاكمة فيها ، وفيما يلي بعض مظاهر هذا التشابه الخطير بين الاستعمارين الصهيوني والايراني :

1 – ان الهجرة الفارسية المنظمة ( يجب ان نتذكر بان اسم ايران استخدم في عشرينيات القرن العشرين لاخفاء الطابع العنصري للنظام وكان الاسم التقليدي لها هو بلاد فارس ) الى العراق والخليج العربي منذ مئات السنين ، أي قبل ظهور الحركة الصهيونية وهجرتها ، كانت ومازالت مصممة لتحقيق هدف تحويل بعض المشرق العربي سكانيا من وطن عربي الى منطقة فارسية ، تماما كما كانت الهجرة اليهودية المنظمة تستهدف تحويل فلسطين من وطن عربي الى وطن ( يهودي ) .

2 – ان الدعوة الطائفية الايرانية ، والتي تستغل غطاء للتغلغل القومي في الوطن العربي وتقسيمه وشرذمته خدمة لاهداف قومية فارسية ، تشبه الدعوة اليهودية الدينية الطائفية من حيث الهدف النهائي وهو أقامة دولة يهودية الدين لكنها تريد تأسيس قومية من خلالها ، فايران تريد اقامة امبراطورية فارسية بغطاء اسلامي على حساب هوية العرب واستقلالهم بشكل خاص .

3 – ان اساليب التغلغل الفارسي التقليدية ، وحتى قبل ظهور اسرائيل ، والمتمثلة في استخدام النساء والمال للتغلغل وتغيير الهوية العربية لا تختلف عن اساليب الصهيونية . أدرسوا دور البرامكة مثلا ستجدون ان النخبة الفارسية كانت تعمل حتى داخل الدولة العباسية لانتزاع السلطة من العرب بوجود دور فعال للنساء ، سواء بتزويج القادة والامراء لفارسيات او بالتخطيط لزواج واسع النطاق اجتماعيا من فارسيات او بنشر الفساد الاخلاقي ، او باستخدام المال لتحقيق النفوذ وشراء الذمم . هل تتذكرون زواج الامبراطور الفارسي قورش بأستير اليهودية والتي اقنعته قبل الاسلام بغزو بابل وتدميرها باسم اطلاق سراح الاسرى اليهود فيها ؟

4 -  ان التقية الفارسية هي ذاتها التقية اليهودية حيث يتم خداع الضحايا بممارسة اساليب تستبطن غير ما تظهر ، وبتبني مطاليب وشعارات مغرية ومطمئنة للضحية . باسم دعم قضية فلسطين دعائيا ، والتي لخصتها ايران بدعم تنظيمات اسلاموية فلسطينية ماليا ، وليس بستراتيجية عملية لتحرير فلسطين ، والتي لا يمكن ان تكون جادة الا بالتعاون مع القوى القومية العربية وهو تعاون مستحيل من وجهة نظر ايرانية ، بهذا الثمن البخس الذي تستلمه تلك التنظيمات من ايران ، تمارس ايران ابشع الجرائم ضد الفلسطينيين في العراق وتمهد لتقسيم ابناء فلسطين الى شيعة وسنة كما تؤكد مجريات النشاط الايراني في فلسطين ، خصوصا من تحت مظلة تلك التنظيمات التي تروج الان للصفوية الايرانية بنشاط  دعوي تعرفونه في الضفة وغزة .

مقابل الصمت على جرائم ايران في العراق تقدم ايران دعما ماليا  لهذه التنظيمات  الفلسطينية وغير الفلسطينية في صفقة واضحة وغير سرية !، والسؤال الجوهري الذي لابد من الاجابة عليه هنا هو : ما هي طبيعة جرائم ايران في العراق ؟ هل هي مجرد نزاع حدودي يمكن حله او تحمله واستمرار صداقة بعض العرب مع ايران ؟ ام انه عمل خطير يمس الامة كلها ويهدد الهوية العربية تماما كما تهددها الصهيونية ؟ ان جرائم ايران في العراق ليست من طراز الجرائم الهامشية والتي تسمح لاي عربي بالاستمرار في الصداقة معها بل هي اعمال تمس الوجود العربي ، والهوية العربية بالذات ، تماما كما تمس الاعمال الصهيونية الوجود العربي في فلسطين . ان جرائم ايران في العراق تكشف عن خطورة ايران ستراتيجيا وتاريخيا على هويتنا ومستقبلنا كعرب ، ومنها جريمة العمل الايراني الجاد والواضح جدا على محو هوية العراق العربية وتقسيمه وابادة الاف العراقيين وتعمدها هي وامريكا تشريد حوالي ستة ملايين عراقي بتهجيرهم الى خارج العراق ، وجلب اربعة ملايين ايراني واسكانهم في العراق ومنحهم الجنسية العراقية ، وهي جرائم لن تتوقف اثارها داخل العراق بل ستكون لها نتائج مدمرة على مستقبل الهوية العربية كلها .  

هذا الصمت المدفوع الثمن لتنظيمات اسلاموية عربية نجده محاطا  بصرخة ضمير مدوية : كيف تفصل تنظيمات اسلاموية فلسطينية نفسها عن الامة العربية بهذه الطريقة ومع ذلك تطلب استمرار دعمها وتشكو من عدم دعمها او قلته ؟ وكيف تفرط بالعراق وعروبته ومستقبله ومع ذلك تستطيع القول انها ملتزمة بمصير فلسطين وحقوقها ؟ ان التنازل عن جزء من الامة يؤدي تلقائيا الى التنازل عن اجزاء مهمة اخرى حتما ، لذلك لم تكن صدفة اقتران تجاهل كارثة العراق ، عبر الصمت على احد المجرمين الرئيسيين وهو ايران ، بالتنازل عن هدف تحرير فلسطين وقبول دولة مقزمة على اراض فلسطينية في اطار القرار 242 وليس على كل ارض فلسطين ، كما كانت تلك التنظيمات تريد في بداية عملها . هذه هي النتيجة الحتمية لصنمية التفكير النخبوي والتي تجرد الحركة او الشخص حتى من غطاءه الاول ، سواء كان قوميا او اسلاميا ، وتدفعه دفعا ورغما عنه الى اعماق قاع موقف هو الاشد ظلاما وظلامية وغرابة .

5 – ان الحقد على العروبة سمة مشتركة ايرانية وصهيونية ، واذا كان هناك من يشكك بهذا الحقد قبل غزو العراق لاسباب شتى فان ما حصل ويحصل في العراق منذ الغزو يؤكد بلا ادنى شك بان الشوفينية الفارسية الحاكمة تحت غطاء الملالي حاقدة على العرب كلهم وبلا استثناء ، رغم انها تستغل القضية الفلسطينية لتجميل وجهها البشع والمرعب ! لم تكتفي ايران ومخابراتها وعصاباتها بالتنكيل بعرب العراق ببشاعة لم يسبق لها مثيل بل تحدت كل العرب ، وبشكل خاص الفلسطينيين منهم ، بارتكاب مجازر ضد الفلسطينيين في العراق وبطريقة قد لا تفهم الا اذا وضعت في سياقها التاريخي ، وهو صراع الامتين العربية والفارسية القديم جدا والسابق للصراع العربي الصهيوني . لقد رفضت ايران ورفض حزب الله اللبناني توجيه حتى نداء لفظي لفرق الموت الايرانية ، مثل عصابات مقتدى الصدر وفيلق بدر ، لاجل ايقاف مجازرهما ضد الفلسطينيين في العراق مع ان هذه العصابات تأتمر بامر علي خامنئي وكاظم حائري وهما ايرانيان ، فعلى ماذا يدل هذا الموقف ؟ ان من يريد تبرئة ايران من تلك الجرائم عليه ان يتذكر بان اتباع ايران في العراق خاضعين لقاعدة طائفية صارمة ملزمة وهي طاعة المرجعية الطائفية بلا تحفظ او تردد والا فان لعنة التكفير ستحل بمن يخالف . ان الدليل الساطع على ذلك هو ان المرجعية الطائفية في النجف والاحزاب العميلة لايران قد ساهمت بغزو العراق  تنفيذا لاوامر ايرانية معروفة ، واشتركت في الحكومات العميلة المتعاقبة ، بل ان عملاء ايران هم الحكام الشكليون للعراق المحتل ! وهذا الموقف اتضح اكثر حينما بدأت ايران تتصارع مع امريكا حول حصتها في العراق ، وردت امريكا بان الحصة تقررها هي وليس ايران ، وعندها بدأت لعبة عض اصابع ايرانية امريكية ساحتها العراق . وكجزء من هذه اللعبة امرت ايران بعض اتباعها بالقيام بدور اخر وهو مهاجمة الاحتلال باعمال محدودة كوسيلة ضغط على امريكا ، وهكذا سمعنا هؤلاء العملاء يهددون امريكا بضرب قواتها في العراق اذا هاجمت ايران مع انهم كانوا ومازالوا الاداة الاولى والاهم في غزو امريكا للعراق ! فهل هذه التبعية التامة لايران لا تصلح لاصدار امر لتلك العصابات بالتوقف عن ذبح الفلسطينيين في العراق ؟

6 - ان النزعة الاستعمارية الايرانية تشبه النزعة الاستيطانية الصهيونية من حيث ان المشروعين ينفذان بواسطة عدة اجيال ويخضعان لخطة طويلة المدى ، تشبه (بروتوكولات حكماء صهيون) ، تنفذها حكومات مختلفة ايديولوجيا وسياسيا وفي عقود وربما قرون متعددة ،  مثلا حكومة الشاه العلمانية وحكومة الملالي الدينية في ايران عملتا على تنفيذ هدف التوسع الايراني الخارجي والاحتفاظ بما احتل من اراض ومصادر مياه عربية ، كالاحواز والجزر العربية الثلاث ونصف شط العرب ...الخ ، وهذا ينطبق على حكومة حزب العمل وحزب الليكود في فلسطين اللتان عملتا على اقامة اسرائيل الكبرى ، بغض النظر عن الاختلافات السياسية والايديولوجية .

اذا اكتفينا بهذه الامثلة فانها تطرح بجدية مسألة صداقة ودعم ايران للقضية الفلسطينية وتثير بجدية اكبر واهم مسألة دور تنظيمات فلسطينية داعمة لايران في الدفاع عن القضية الفلسطينية بالاعتماد على دولة معادية وهي ايران ، كما تثبت احداث العراق وكل الوطن العربي الذي يتعرض لاخطر محاولات تفكيكه على اسس طائفية تنشرها ايران وعرقية تنشرها امريكا واسرائيل ، وهي خطة اسرائيلية بامتياز ! ان قطرية تلك التنظيمات الاسلاموية الفلسطينية ، والتي تقلصت واصبحت صنمية التنظيم ، تقف الان امام امتحان حاسم يلخصه جواب السؤال التالي : هل ان القضاء على العراق ، بتقسيمه وتغيير هويته العربية ، منفصل عن تذويب هوية فلسطين العربية ؟ واذا كنا كلنا عرب ونعد فلسطين شقيقة للعراق كيف يمكن لتنظيم فلسطيني  ان يقايض السكوت على تدمير وتقسيم العراق بالدعم المالي الايراني للتنظيم  وليس لفلسطين ؟ وهل من المنطق والامانة انتقاد الدور الامريكي في العراق وتجاهل ان ايران هي الشريك الاول لامريكا في كل ماحدث ويحدث للعراق وهي شراكة اعترف بها خاتمي الرئيس الايراني رسميا وعلنا ؟ أين يتجسد الوعي القومي والوطني لدى هؤلاء لما يجري في الوطن العربي مع انه البيئة الاساسية التي تؤثر على ما يجري في فلسطين مباشرة ؟ واين تظهر تلك التنظيمات مفهومها للاسلام الحقيقي الذي يضع مصلحة الاسلام فوق مصلحة حزب او فئة ؟

أخي عادل : ان كارثة امتنا العربية كبيرة جدا ليس لان العدو شرس وقوي فقط بل الاهم لان بعض ابناء الامة تقوقعوا وتقزموا الى حد صار الحزب هو الامة وهو القضية ، وهي نتيجة تفضي الى ماهو اخطر وهو الاستعداد للتخلي عن القضية المركزية للامة وهي فلسطين التاريخية بالاكتفاء بدولة قزمة ضمن حدود عام 1967 . ألم تعلن تلك التنظيمات قبولها ذلك الحل ؟ أذن اين قدسية التنظيم والتي حلت محل قدسية القضية الام والمركزية وهي فلسطين ؟ وما الفرق بين حاكم ابتدأ بالمطالبة بتحرير فلسطين لكنه تراجع وتراجع الى ان وصل الى الاعتراف باسرائيل ، وبين تنظيم ابتدأ ايضا بشعار تحرير فلسطين وتوسع جماهيريا على اساس نقد تراجعات فتح عن هدف تحرير فلسطين ، لكنه الان يصل الى نفس الارض التي تقف عليها فتح وحكام عرب من زاوية الاستعداد للاعتراف باسرائيل ؟ هكذا ابتدأ السادات خليفة عبدالناصر ، وهكذا انتهى السادات مطبعا ومعترفا باسرائيل ، بعد ان مهد لذلك بحرب تأهيل للاعتراف باسرائيل وهي حرب اكتوبر !

ان تخلي نخب عربية عن الدفاع عن العراق لم يكن بالاصل من فعل انفار تائهين وصلاتهم معروفة بالغرب ، مثل منصف المرزوقي وهيثم مناع ، بل ان الامر اخطر من ذلك بكثير لان الغرب عمل على التأثير ، بهذه الطريقة او تلك ، على قوى وطنية واسلامية مشهود لها بالجهاد ، واجبارها على التراجع عن منطلقاتها الاصلية والانخراط في مسيرة التسوية ، على طريق الساداتية ذاته ، تدريجيا معتمدة على ارثها الجهادي والوطني كغطاء يحميها من النقد ، بوضعها امام تحديات مستمرة تلين موقفها تدريجيا ، بتسخينه الى درجات تجعله مرنا ثم تبدأ عملية الطرق واعادة قولبته . هل وصلت تنظيمات اسلاموية فلسطينية الان الى هذه المرحلة من اعادة القولبة بعد ان مهد لها بتعريضها لضغوط وتحديات كبيرة ؟

ان اهم مؤشرات خروج تلك التنظيمات عن نهجها الاصلي الجهادي ، وهو نفسه منطلق فتح الاصلي وهو نفسه منطلق حركة القومية العربية الاصلي ( تحرير فلسطين ) يتمثل فيما يلي :

1 – الفصل بين قضية فلسطين والقضايا المصيرية العربية الاخرى وفي مقدمتها قضية عروبة العراق وعروبة الخليج العربي وعروبة الاحواز التي تحتلها ايران ويبلغ عدد سكانها ثمانية ملايين عربي ، ووحدة الوطن العربي المهددة بالترويج الطائفي الايراني المنظم والخطير والمدعوم امريكيا واسرائيليا .

2 -  باسم رفض القطرية العربية نجد هذه التنظيمات تمارس ما هو اسوأ واخطر من القطرية وهو فصل فلسطين عن امتها وتبني شعار ( التنظيم اولا ) ، قبل الامة كلها وقبل القضية الفلسطينية بالذات .

3– مقايضة صمت تنظيمات فلسطينية  على الدور الايراني الرئيسي في اغتيال الهوية العربية في العراق وغيره بالدعم المالي الايراني .

4– تركز الدعم المالي الايراني على بقاء تنظيم وليس بقاء قضية ، وهذه حقيقة يجب تذكرها باستمرار، لان قبول تنظيمات التنازل عن فلسطين التاريخية مقابل دويلة قزمة في الضفة والقطاع يجعل التعاون مع ايران قائما على الاحتفاظ بتنظيم فقط  ، في اطار ما يبدو ظاهريا تنافسا مع تنظيمات اخرى على السلطة ، وهو مظهر مخادع .

ان هذه المظاهر الاربعة  ما هي الا نتاج نزعة قطرية خطيرة ساهمت في خلقها التربية الحزبية الاخوانية التي قامت اساسا على تكفير الانتماء القومي وربطه ، قسريا وتزويريا ، بالقوميات الاوربية ، وتنشئة اجيال من الاخوان المسلمين الذين يعادون الفكر القومي والانتماء القومي ويحطون من شأنه باسم الدين الاسلامي ، لذلك ملآ الفراغ في الهوية الذي احدثته التربية الاخوانية ، بهوية اسلامية مفترضة وهشة وقابلة للاختراق ،لان من المستحيل بناء هوية اسلامية من دون قاعدة وطنية او قومية تشكل مركز اسناد لها . وتلك لعبة خطيرة انطلت على احزاب دينية اعتقدت ان الاسلام لوحده يمكن ان يصبح هوية للعرب .  لذلك يجب ان نسلط الضوء على احد اهم دروس المرحلة الماضية هو ان الهوية الاسلامية وحدها عاجزة القيام بذاتها أولا ، وعاجزة عن التعويض عن الهوية القومية ليس بالنسبة للعرب فقط بل بالنسبة لكل القوميات الاسلامية ثانيا ، لان القومية العربية اقدم وارسخ من الهوية الدينية والدليل هو ان القران الكريم نزل بلغة القومية العربية . ان الاسلام دين وفيه قواعد للحياة لكنه بذاته لا يمكن ان يشكل هوية منفردة لاي انسان ، الا اذا كان انسانا افتراضيا وغير واقعي هبط الينا من السماء قبل ان تتكون له ملامح شخصية ، فهل يمكن لانسان ما ان يكون بلا هوية مع انه ناضج من حيث السن ؟ ان الرابطة القومية هي القاعدة المادية الاساسية والخلفية الثقافية المتبلورة للانتماء الديني والتي بدونها تصبح الهوية الدينية محض طقس لا يصد تحديات الحياة الواقعية . وهذه الحقيقة استوعبتها ايران منذ مئات السنين فغلبت الرابطة القومية الفارسية على أي انتماء ديني  وسخرت الدين لخدمة القومية وليس العكس .

ان ايران التي تصر على تسمية نفسها ( جمهورية ايران الاسلامية ) وصادقت تنظيمات اسلاموية فلسطينية ، وغير فلسطينية ، تحت هذا الغطاء تقدم لنا انموذجا حقيقيا لمسالة الهوية ، فايران في الواقع دولة لها مصالح قومية تتغلب على ماعداها ، سواء كان دينا او صداقة او علاقة تاريخية , والدستور الايراني واضح وحاسم بهذا الشأن لانه يعترف بان لايران مصالح وانها امة ايرانية ولها هوية ايرانية واراضيها لا يمكن ان تفرط بها لامم اسلامية اخرى . وهذا الذي ورد في الدستور عبر عن ثقافة النظام ( الاسلامي ) التي قدمها خميني شخصيا ، والذي عرف عنه بعد استلامه للحكم انه يرفض الحديث باللغة العربية مع من زاره من العرب ويصر على التحدث بالفارسية رغم انه يتقن العربية مع انها لغة القران ! كما ان الصراع مع العرب حول الجزر الثلاثة وحول الحدود والمياه مع العراق والاحواز العربية المحتلة وحول تسمية الخليج العربي أمثلة اخرى على ان ايران دولة تعمل وفقا لمصالحها القومية وليس خدمة للاسلام . فلماذا تستطيع ايران ان تعمل لخدمة مصالحها القومية فيما الاحزاب الاسلاموية العربية تتخلى طوعا عن هويتها العربية باسم هوية اسلامية مفترضة وغير موجودة في الواقع ؟

ما الذي اردت قوله اخي عادل ؟ لقد اردت التشديد على ان القطرية العربية التي هاجمناها ورفضناها قد اصبحت اقل خطورة من نزعة ذاتية تحزبية تحل التنظيم محل الامة وتختصر القضية بالتنظيم ، لذلك نحن نواجه مع الاسلامويين عملية بالغة الخطورة وهي العدمية القومية والتي يخدع اصحابها انفسهم بتبني هوية اسلامية بديلة عن الهوية القومية وهي ، أي الهوية الاسلامية ، غير موجودة ولا يمكن توجد الا على قاعدة الرابطة القومية ! ان الاسلامويين يكفرون القومية ورابطتها ومن ثم فانهم يقيمون جبلا من نار على مخدة هواء لن تلبث ان تحترق ويقعد المجاهد منتظرا موته الكارثي مع موت القضية ! هل ترى اخي عادل اين يوصلنا التفكير الاسلاموي اللا قومي العدمي ؟ انها محنة والله ان نجد منا من يضحي بالهوية القومية مستعيضا عنها بهوية اسلامية أفتراضية ، لكنه في مراحل الحسم يجد ان هويته الافتراضية قد تبخرت لانها كانت فقاعة ووهم خطير ! لقد ضحت تنظيمات اسلاموية بالرابطة القومية ولكنها في النهاية فقدت البديل الوهمي وهو الرابطة الاسلامية ( بعد خراب البصرة )، أي بعد ان فقدت أي خيار آخر ! لقد اعتقدنا ومازلنا نعتقد في البعث بان الهوية الاسلامية ، اذا كان يجب ان تتشكل فانها لن تقوم ابدا الا على قاعدة الاعتراف بان الهوية القومية لكل امة اسلامية هي الاساس والمدماك القوي والوحيد لتبلور هوية اسلامية مشتركة . هذا ماحاوله العرب اجدادنا اثناء حكمهم للعالم ، فاحترموا القوميات الاخرى في العالم الاسلامي لكنهم لم يضحوا بقوميتهم العربية لاجل وهم اسمه الهوية الاسلامية المستقلة عن الهويات القومية للامم الاسلامية .

نعم كنت اتمنى لو ان مثقفا عربيا من غير العراق هو الذي رد على الارهابي المزمن منصف المرزوقي ، الذي يهددنا ويريد ابتزازنا بسيف صدأ اسمه ( حقوق الانسان) ، لكن هذه القطرية اللعينة المصحوبة الان بصنمية تحزبية العن ، والمحاطة ببيئة لا مبالاة كافرة ، هي التي تجعل عربيا ، قوميا كان او غير ذلك ، يتفرج غالبا على رفاقه العراقيين وهم يقاتلون وظهورهم مكشوفة امام العدو وهو يرى ذلك لكنه يتفرج على الرصاصة وهي تتجه لاختراق جسد رفيقه العراقي الحامل للبندقية ، او للقلم رمزها التنويري القائد . لقد قلتها وانت تطلق صرخة كتمناها منذ زمن حرصا على الحبل السري الذي يربطنا بالحياة وهو القومية العربية وقررنا  ان نتحمل الام الامة كلها نيابة عن كل ابنائها الضالين والمهتدين على امل ان الغد سيشهد اطلاق محاربي ما اسميته بصواب ( حرب غوار الثقافة ) من اسرهم لاجل اسقاط الاوهام السائدة . 

                                                          حرب غوار ثقافية

            تقول في رسالتك (المواجهة والمقاومة على المستوى الثقافي هي "حرب غوار ثقافية) . هل نحن نواجه حرب غوار ( حرب عصابات ) ثقافية ؟ نعم لقد وضعت المسالة الاساسية في سياقها الواقعي والصحيح ، فامتنا تواجه ، باعتراف خبراء امريكا ومسئوليها ، حربا اخطر من حرب العسكر ، وهي حرب الافكار واعادة تشكيل وعي الناس جماعات وافراد ونخب . بل ان ازدياد مأزق الاحتلال في العراق وتعمقه يعزز الاتجاه الامريكي لتصعيد حرب الافكار ، ناهيك عن ان احد اهم اهداف امريكا المعلنة هو اعادة تشكيل العالم ليصبح على شاكلة امريكا ، او للدقة ليصبح مهيئا ثقافيا وسايكولوجيا لخدمة الهدف الامبراطوري الامريكي . الم تسمى اهم دراسة اعدت في نهاية التسعينيات القرن الحادي والعشرين بانه ( القرن الامريكي ) ؟ اليست تلك حرب افكار وصور ؟  وبسبب هذه الطبيعة للحرب التي تتدخل في اعادة تشكيل وعي الناس ، فانها تتخذ شكل حرب عصابات افكار تقع موازية وغالبا سابقة وممهدة للحروب العسكرية .

وقد  لا تبرز الخطيئة القاتلة للانتلجنسيا العربية واضحة للعيان الا اذا نظرنا الى هزائمنا  في مجال حرب العصابات الثقافية والسايكولوجيا ، والتي تفوق فيها الغرب واسرائيل علينا  بصورة ساحقة ، والان وفي الساحة العراقية بالذات تتخذ حرب غوار الثقافة بعدا خطيرا ، يستحق ان نناقشه لاهميته البالغة الخطورة ويتجسد في محاولات امريكا تغيير بنية المجتمع العراقي من مجتمع مدني منذ الاف السنين الى مجتمع طوائفي يقوم على التشرذم ، من خلال القسر الدموي . كيف تنفذ امريكا هذه الخطة التي تنكرها وتنسبها لغيرها ؟

                     الحرب السرية الغربية الصهيونية : ما هو راس حربتها ؟

حينما توصل زبغنيو برجنسكي ، في النصف الثاني من الستينيات ، الى استنتاج صحيح وهو ان الايديولوجيا البورجوازية قد هزمت امام الماركسية – اللينينية ، لان الاولى بلا جاذبية فيما الثانية تتمتع بجاذبية قوية في الاوساط الشعبية واوساط الانتلجنسيا الغربية والعالم ثالثية ، كما قال في كتابه ( بين عصرين : العصر التكنوتروني ) ، ألقى قنبلة مدوية وخطيرة لم نسمع نحن والعالم معنا دويها ، الذي كتم عمدا ، الا بعد حوالي 15 عاما في الثمانينيات في 1 - جبال افغانستان و2 - بازار ايران و3 - نقابات التضامن في بولونيا ، ومن تلك الاماكن الثلاثة انتشر الدوي الى العالم كله ! لقد اختارت الجماعة التي يطلق عليها اسم حاويات الفكر ( think tank ) ، والتي هي نخب الخبراء والمختصين ، ان تحرك القوة الميتافيزيقية المقدسة للدين ، وهي لذلك جبارة ، وتضعها في سياق تصادمي مع الشيوعية من جهة ، ومع الحركات القومية التحررية خصوصا ذات النهج اليساري القومي في العالم الثالث من جهة ثانية . وكان محور اعتقادها هو ان الدين يشكل قوة جماهيرية ضخمة لم تحرق بعد وتستطيع التصدي للشيوعية وحركات التحرر الوطني ، وربما تستطيع تحقيق ما فشلت الايديولوجيا البورجوازية والعسكرية  الراسمالية في تحقيقه وهو دحر الشيوعية والحركات القومية بدون ان تخسر امريكا الرجال وهيبتها وبدفع اقل ما يكمن من المال . فماذا حصل ؟

بعد ان كانت حقب الستينيات والسبعينيات تتميز بانطلاق اليسار ومناهضي الحرب والاستعمار في اوربا واميركا الشمالية وهيمنتهم على المشهد السياسي والثقافي ، تميزت نهاية السبعينيات بانبعاث ( الاصولية الدينية ) على مستوى العالم ، ونحن هنا لا نتحدث عن الاصولية الاسلامية ، بل عن الاصولية الدينية المسيحية والاسلامية واليهودية والهندوسية وكافة فروعها المذهبية والطائفية . ففي الهند مثلا وصل الحزب القومي الهندوسي للحكم في عام 1998لاول مرة منذ استقلاله بعد ان كان لا يملك اكثر من اربعة مقاعد حتى مطلع الثمانينات ، وفي اسرائيل وصل الليكود للحكم في النصف النصف الثاني من السبعينيات بعد ان كان حزب العمل المحسوب على اليسار قد احتكر الحكم منذ إنشاء اسرائيل ، وفي اوربا ( الشرقية بشكل خاص ) انتعشت الكنيسة بعد وصول البابا البولوني الاصل وتعاونه مع الاجهزة الامريكية في العمل ضد الشيوعية ، خصوصا في بلده بولونيا  من خلال دعم البابا ل( نقابة التضامن ) ، ومنها توسعت حركة مناهضة الشيوعية على اساس ديني ، وفي افغانستان دعمت المخابرات الامريكية ما اسمته حركة ( المجاهدين الافغان ) ضد الغزو السوفيتي لذلك البلد ، وفي ايران وصل الملالي المتطرفين عنصريا ، بمساعدة امريكية واوربية واضحة ، بعد ان ابعدت امريكا عمدا القوى التحررية والتقدمية من قيادة الانتفاضة الشعبية الايرانية ضد الشاه ، وفي امريكا صعدت موجة التدين والاصولية الدينية واخذت تؤثر حتى على البرامج التعليمية العلمانية هناك مثل تدريس نظرية دارون ومعارضتها بنظرية الخلق الدينية .

ذلك تم خلال فترة حكم الرئيس جيمي كارتر ( أبتداء من النصف الثاني من السبعينيات ) وكان الداينمو المحرك لهذه السياسات هما مستشار الامن القومي زبجنيو بريجنسكي ، الذي طبق افكاره التي وردت في ماكتبه حول الاصولية الدينية قبل ان يحكم ، وسايروس فانس وزير خارجية كارتر ، وكلاهما كلف من قبل ( اللجنة الثلاثية ) وهي القوة السرية الرئيسية التي تتحكم في مسار امريكا واوربا واليابان ، قبل سنوات من وصول كارتر للحكم ، باعداده ليكون رئيسا لامريكا ، لانه ضعيف وجاهل بالسياسة الدولية وخبرته الاساسية كانت زراعه الفستق ، مما يسمح لمستشار الامن القومي وغيره من اقطاب الحكومة السرية بالتحكم بكارتر واستخدام صلاحياته الرئاسية لتنفيذ خطة قلب العالم ستراتيجيا ! واهم سؤال منطقي في هذا المجال هو : هل كان صعود ، وتزامن هذا الصعود ، للاصوليات الدينية المختلفة على مستوى العالم كله صدفة ؟ ام انه ثمرة تخطيط دقيق بعيد المدى لاعادة تشكيل كل العالم ؟ ان ما حدث فيما بعد يؤكد تماما انه كان امرا مخطط بدقة ولم يكن صدفة ابدا لان الصدفة لا يمكن ان تصل الى هذا الحد وذلك المستوى من الدقة والنجاح في تغيير الوضع الستراتيجي العالمي .

لقد وجد مناخ جديد في العالم سادت فيه التيارات الدينية وتنحت الماركسية وتراجعت ، واخذت الانظمة الشيوعية تواجه هجمات قوية غير مألوفة لانها لا تنطلق من فكر بورجوازي مندحر ومهزوم ومفلس بل من فكر ديني مشبع برموز روحانية عظيمة هائلة الزخم والاقناع . واذا تركنا ما حصل في العالم وركزنا على ما حصل في الوطن العربي والعالم الاسلامي يمكننا ان نلاحظ بان التيارات الاسلاموية ، سواء كانت اصولية ، أي متطرفة ومتزمتة تريد استنساخ الماضي وفرضه بحد السيف على حاضر مختلف تماما ، مما يخلق فوضى وتمزقا هائلين في الوطن العربي ، وهذا هو الهدف الاساس لدعم امريكا لهذه الاصولية ، او اسلاموية معتدلة وقد انتعشت مع أنها لا تريد ، ولا تملك القدرة ، على تغيير شيئ من واقع الامة الفاسد بل تدعمه وتديمه ، وهذا هو المطلوب امريكيا ، ومقابل ذلك اخذ الفكر القومي التقدمي يتراجع لانه فكر توحيدي يربط كافة مكونات الامة المختلفة ، ولذلك كانت مصلحة الغرب والصهيونية تدمير الحركات القومية ! اما الشيوعية في الوطن العربي فكانت قد ضعفت وانتهى دورها كقوة اساسية ، ولم يبقى في ساحة المواجهة مع الاستعمار والصهيونية سوى التيارات القومية التقدمية . لذلك فان العدو الاول والاهم للغرب كان محددا وواضحا وهو الفكر القومي والتيارات القومية العربية . وهنا نواجه السؤال المركزي والحقيقي وهو : كيف تعامل الغرب مع الاصولية الدينية ومع القومية العربية وحركاتهما وتنظيماتهما ؟

لقد نفذ الغرب ، وبواسطة مخابراته واعلامه وانظمة عربية والبترودولار ، خطة لدعم الاصولية الدينية في الوطن العربي اصبحت واضحة الان وتتميز بالركائز الاربعة الاتية :

أ – دعم وتشجيع ما سمي ب ( الاعتدال الديني ) من خلال بعض الانظمة العربية ، ليملأ فراغ التنظيمات القومية ، التي تعرضت لهجمات أجتثاثية دموية وسياسية وايديولوجية شرسة ، او ليحل محلها . ان من يحلل برامج التلفزيون العربي بأغلب محطاته ، خصوصا الخليجية ، يلاحظ بسهولة تامة انها تقدم برامج دينية بطريقة وعدد يقنع المراقب بان هناك خطة تنفذ لاحلال البديل الاسلاموي – وليس الاسلامي - محل الفكر والانتماء القوميين ، خصوصا وان تلك التربية الاسلاموية قامت على تكفير القوميين العرب  واعتبار القومية العربية  ، وبسذاجة ملفتة للنظر ، ( بدعة غربية مناقضة للاسلام ) ! وهذه الملاحظة جوهرية لانها تكشف النقاب عن حقيقة ان المطلوب ليس دعم الاسلام الحقيقي وتعميم ثقافته ومبادئه بل استخدامه ، بعد تزويره وتصنيع رموز اسلاموية تفرض على الجمهور ، عدوا للقومية العربية ، لذلك راينا المدارس الدينية والرموز الدينية الاسلامية التي كانت تعد العروبة والاسلام وجهان لعملة واحدة ، وانهما الجسد والروح ، قد صفيت تقريبا وعزلت اعلاميا عمدا وسمح فقط للتيارات التي تكفر القومية العربية او تنكرها بالانتشار . وهنا يجب ان نذكّر بان بريطانيا قد تولت منذ الثلاثينيات من القرن العشرين مهمة تشجيع اقامة تنظيمات اسلاموية في الوطن العربي لاستخدامها كمصد للشيوعية والحركات القومية الاستقلالية ، ثم دخلت المانيا على الخط وتبنت هي الاخرى دعم اسلامويين عرب ولكن ضد الحلفاء ! وكان الهدف الرئيسي هو استقطاب شباب عرب مخلصين لامتهم ودينهم في اطار تنظيمات اسلاموية وجعلهم ادوات تحارب الفكر القومي وتكفره وتستنزفه مباشرة ، بدلا من اضطرار الاستعمار للصدام مع القوميين العرب وهو صدام  مكلف له ولا يجدي في دحر القومية العربية بل ينميها ، وتلك هي بذرة الفتنة الاهلية التي زرعها الاستعمار الغربي .

ب – محاربة التطرف الديني من قبل الانظمة العربية والقوى الغربية بوسائل تعزز دوره ولا تقضي عليه . لقد أكتشف الغرب ومخابراته وكذلك الصهيونية بان من يتعرض لهجمات الغرب والصهيونية يكسب ثقة اوساط واسعة من العرب والمسلمين ، وذلك نتيجة للدور الاستعماري والصهيوني في تدمير وتقسيم الامة العربية والحاق افدح الاضرار بها . ان تعزيز التطرف الديني هدف استعماري – صهيوني – أيراني كبير وجوهري لانه الضمانة الاساسية لشرذمة الامة العربية على اساس طائفي ، فالتطرف الديني هو منتج النزعة الطائفية الاصيل ، ويقوم على قانون مطلق خطير هو النزوع الجارف للتشرذم نتيجة الخلافات في تفسير النص ، طبقا ليس للطائفة فقط بل لاجتهاد افراد غير مؤهلين للفتوى ، ومع ذلك يمارسونها بافراط ينتج التشرذم الحتمي ، وهذا وضع مثالي بالنسب للاستعمار والصهيونية وايران . ان التطرف بحد ذاته موقف يلغي العقل والمنطق ويحل محلهما القرار المبني على الجهل والعاطفة والنزوات الفردية المريضة ، وهذه هي البيئة المثالية لطغيان الموقف العدمي لدى المتطرفين دينيا ، والذي يرفض ما هو قائم ويعمل على تدميره لكنه لا يملك البديل العملي والواضح والممكن التطبيق في الواقع ، وتلك من اهم متطلبات شرذمة الامة واستهلاك طاقاتها في صراعات داخلية مهلكة . ولهذا يدعم الغرب واسرائيل وايران التطرف الديني حتى لو سبب لهم بعض المشاكل التي اذا قورنت بفوائده تبدو ثمنا مقبولا .

ج – التشكيك بالحركات القومية اليسارية في كافة المجالات ، فمنظري الغرب يصفونها ب(الشيوعية ) ، والتيارات الاسلاموية تصفها بالخارجة على الدين وغالبا تكفرها ، والانظمة العربية تصفها بالحالمة او بانها تهديد للوضع القائم ! وهكذا يخلق مناخ معاد للفكر القومي ومشوه له ، في اجواء حرمانه من القدرة على الرد في الاعلام الجماهيري وابرز ادواته التلفاز ، والذي يخاطب الملايين يوميا .

د – اغراق الحركات القومية بالاخطاء ، بوضعها امام خيار اجباري وغالب وهو الفشل ، من خلال تشديد الخناق عليها وعدم السماح لها بالتفكير الهادئ نتيجة تفجير الحروب والازمات الساخنة المستمرة والانشقاقات والانحرافات والفشل ...الخ . ان وضع التجارب القومية امام تحديات ، اكبر من قدرتها على تحملها وتستغرق زمنا اطول من الزمن المتاح لها للعمل العادي ، تجبرها على الخروج عن مسارها الاصلي والتوقف عن تنفيذ اهدافها المقررة ، والعمل وفقا لقوانين الطوارئ ، مما يفقدها عذريتها ونقاوتها ويورطها في سلسلة اخطاء ، وربما انحرافات تحرق صورتها الجميلة بنظر الجماهير ، بل والاخطر بنظر حتى ابناءها المنظمين في صفوفها ، وهذا هو بالضبط ما تريده امريكا واسرائيل وايران ، الاعداء التقليديين والشرسين للامة العربية .

بتطبيق هذه الخطة نواجه نتيجتين متناقضتين : شيطنة التيارات القومية ورحمنة ( من رحمن ) التيارات الاسلاموية ، مع ان الاولى رحمانية والثانية شيطانية كما هو واقعها في غالب الاحوال ! وفي اجواء السيطرة الاعلامية الصارمة نجد انفسنا بأزاء دعم غربي اوايراني اوعربي حكومي ، اومن اثرياء الخليج والجزيرة ، دعوي ومالي بشكل خاص ، للتيارات الاصولية السنية والشيعية ، وبغض النظر عما يقال في الاعلام الموجه .

هذه هي الحرب السرية التي واجهناها ونواجهها والتي لا يدرك الكثيرون منا وجودها وان لاحظوه فبطريقة من يتعامل مع ظاهرة غير اكيدة الوجود ، وتلك هي منطقة القتل في وعينا القاصر للخطط الاستخبارية السرية للعدو المشترك . كيف نواجه هذ الحرب السرية والتي يصعب تقديم وثائق كاملة تثبت وجود اهدافها وخططها ، رغم توفر القناعة والشواهد على وجودها ؟ الجواب بحرب الغوار الثقافية ، والتي يجب عليها ان تضرب خطط العدو في القلب كما يضرب مقاتل حرب غوار المدن في العراق الاحتلال في القلب ، وهو تحييد قوته العسكرية المتفوقة بحرمانه من استخدامها على نطاق واسع واجباره على خوض معارك صغيرة ومحدودة لا تستخدم فيها الا اسلحة محدودة وغير متطورة . فكيف نطبق ذلك في حرب غوار الثقافة ؟

ان اهم ما في حرب غوار الثقافة هو التمييز بين الدور التحرري للدين الاسلامي وبين استخدامه من قبل العدو لاجهاض الثورة المسلحة . ان النقطة المركزية هنا هي  فضح  دور الغرب في أحياء وانعاش وتضخيم الاصولية الدينية في كافة الاديان ، وتوضيح الفوائد والمكاسب التي يحققها الغرب والصهيونية وايران من وراء ذلك ، باثبات حقيقة ان هذا الثالوث الشيطاني هو الذي يكسب في النهاية من هيمنة الاصولية الدينية على الساحة لان خسائره الموازية ثانوية القيمة وتكتيكية ومحسوبة بدقة من قبله مقارنة بالمكاسب الستراتيجية العظيمة التي يحققها . والاهم هو لفت نظر المثقفين والساسة الوطنيين الى حقيقة معروفة ، لكنها تضيع وسط حروب التأهيل الذكية والمخططة بدقة ، وهي ان المهم ليس خوض الحرب ضد تحالف امريكا واسرائيل وانما الموقف النهائي ونتائجه العملية لمن يخوض تلك الحرب . فنحن في العراق مثلا نلاحظ الان بان هناك تنظيمات نخبوية اسلاموية اشتركت في المقاومة المسلحة ضد الاحتلال واكتسبت سمعة طيبة ، لكنها الان ، في مرحلة الحسم وهي الاختبار الحقيقي ، تلعب دورا خطير يهدد بشق المقاومة لانه يقوم على اتجاهات تخريبية واضحة منها :

1 – تكفير المجاهدين من التنظيمات القومية والاسلاموية غير التكفيرية والمؤمنة بترابط العروبة والاسلام .

2 – اغتيال كوادر تلك التنظيمات .

3 – العمل علنا على محاولة السيطرة على الساحة الجهادية والانفراد بالقيادة والقرار ، وهذا نهج لا يمكن الا ان يثير رد فعل مضاد لدى القوى الاخرى وهي القوى الاساسية .

4 – مهاجمة العراقيين من غير العملاء والمتعاونين مع الاحتلال وقتلهم من منطلق طائفي صرف ، وتقليل الهجمات على القوات الامريكية او عدم القيام بها .

5 – استعداء البيئة الحاضنة للمقاومة العراقية وهي بيئة العشائر والاحياء والرموز الوطنية الشعبية التي توفر للمقاومة المال والمعلومات والدعم والاخفاء ...الخ .

بهذا السلوك ، والذي وقت حدوثه في زمن الحسم ، لا يمكن تجنب السؤال التالي : هل هذا السلوك عفوي ناتج عن الجهل فقط ؟ ام انه ثمرة تخطيط استخبارات الاحتلال  ؟ ليس ثمة شك في ان الحرب السرية التي يخوضها الاحتلال الامريكي تقوم على تنفيذ خطة جوهرها هو شرذمة المقاومة لانه بدون ذلك لن يستطيع الاحتلال التخلص من مأزقه القاتل . وفي ضوء ما تقدم يبدو واضحا ان اهم ما في حرب غوار الثقافة هو فضح هذه الخطة الاستخبارية ، بواسطة مثقفي المقاومة وكتابها ومفكريها ، بتجاوز التفسير الساذج والخطير القائل بان الامية ونصف الأمية السائدة في اوساط التكفيريين هي السبب في موقفهم التخريبي وليس عمالة رموز منهم . ان ما يحدث في العراق هو عمل استخباري امريكي وايراني منظمين يقومان على تحويل حرب تحرير العراق من الاحتلال الى حرب طائفية ، وهذا الهدف مستحيل التنفيذ من دون وجود اطراف مقاتلة لها مصداقية ودور جهادي معروف لان العملاء المكشوفين عاجزين عن اختراق صفوف الثوار .

بضرب مخطط العدو في الصميم ، عن طريق كشفه وتحديد مكوناته ، نكون قد بدأنا حرب غوار الثقافة ، والتي هي في الواقع حزمة الضوء التي تنير الدرب للثوار لتجنب الغامه المخبوءة بعناية في مناطق قتل . وبتسليط الضوء على الدور الفعلي لعناصر اسلاموية ابتدأت مجاهدة لكنها في مرحلة الحسم ادارت بندقيتها وصوبتها نحو جبين الثورة نكون قد واجهنا العدو في جبهة الحرب السرية واكملنا تطوير قدرة الثورة المسلحة على خوض حرب سرية كان العدو متفوقا فيها ، مثلما خاضت وتخوض المقاومة العراقية المسلحة حربا عسكرية ناجحة وظافرة على العدو المحتل . وفي هذه الحرب السرية يجب التأكيد على واحد من اهم قوانين السياسة وهو انه ليس مهما ان يبدأ المرء ثائرا وانما ان يختتم مسيرته ببقائه ثائرا ، لان اصل العمل السري الاستخباري هو التمثيل والتظاهر الناجح بان الشخص ، او النخبة ، تقوم بدور تحرري مقنع اذا كان مطلوبا منها  هو ضرب الثورة في قلبها في لحظة الحسم .

                         عناصر حرب غوار الثقافة

اننا نواجه حروبا سرية بالغة الخطورة منذ مطلع القرن العشرين ، وما سايكس بيكو ووعد بلفور ، واللذان كانا في البداية سرين مخفيين ، الا نماذج من تلك الحروب عرفناها بعد ان كشفت ، اما مالم يكشف بعد وسيكشف بعد نصف قرن ، كما تنص قوانين الحروب السرية الغربية ، فانه يشكل مصدر التهديد الاساسي لامتنا ومستقبلها . من هنا فان ضمان استمرار الثورة المسلحة في العراق ، وإنهاض المقاومة في فلسطين وتعميم ثقافة المقاومة الشعبية ، بكافة اشكالها ، في الوطن العربي ، يتطلب جهدا جماعيا للمثقفين العرب يركز على فضح الحروب السرية وتحديد اهدافها الحقيقية ومقارنتها بالاهداف العلنية المناقضة . ان هذا الكشف سيعزز مسيرة التحرير ويعزل العناصر المندسة في صفوف الثورة ويحيدها ويضمن مواصلة الثورة تطورها باتجاه التحرير دون تشرذم قاتل تتعرض له في لحظة الحسم . باختصار فان المطلوب اساسا في حرب غوار الثقافة هو ضرب العدو في الحلقة الرئيسية لجهده الفكري وهي حلقة احلال الصراعات التشرذمية ، ومنها الطائفية ، محل الصراع التحرري ، والاصرار على ابقاء كل البنادق موجهة للاحتلال الامريكي ومن يقف معه .  ان اهم ما نحتاج اليه الان للوصول الى ذلك هو ما يلي :

1 – تعزيز الفكر القومي العربي من خلال اثارة نقاش خلاق حول مرتكزاته ودحر ما لصق به كذبا او خطئا من قبل العدو او التيارات الاسلاموية .

2 – التأكيدعلى الطبيعة اليسارية للفكر القومي العربي من خلال ربطه العضوي والحتمي بالاشتراكية ، فلا قومية منتصرة وتخدم الجماهير الا بالفكر الاشتراكي التقدمي الذي يحل اهم واخطر مشاكل الامة بعد مشكلة التجزئة وهي مشكلة الفقر والاستغلال الطبقي وما يترتب عليهما من مشاكل خطيرة اخرى ، كالامية والتخلف والفكر الرجعي . لقد اثبتت التجربة التاريخية الحديثة منذ الخمسينيات بان الفكر القومي بدون مضمون اشتراكي لن يخدم سوى اعداء الامة ويقود الى هزيمة التجارب القومية . والفكر الاشتراكي الذي نؤمن به لا يقوم على المادية الديالكتيكية التي تنكر وجد الله ، واقحمت قسرا على الصراع الاجتماعي ، وكانت نقطة قاتلة في الفكر الماركسي – اللينيني عزلته عن ملايين الناس المؤمنين واضرت بمصالح الفقراء ، بل هو فكر أيماني . ان اشتراكيتنا مفهوم اجتماعي لا صلة له بالفلسفة المادية الجدلية .

3 – توحيد التنظيمات القومية العربية في جبهة واحدة تعتمد ستراتيجية قومية واحدة هدفها التحرير واعادة بناء الوحدة الوطنية في كل قطر عربي وتعزيز الجبهة القومية على المستوى العربي .

4 – التركيز على توضيح الطبيعة التوحيدية للفكر القومي العربي مقابل الطبيعة التشرذمية للفكر الاسلاموي .

5 – كشف الطبيعة التخريبية والمشبوهة لخطة افتعال تناقض بين القومية والاسلام لانهما في الواقع جسد ( وهو القومية ) وروح ( وهو الاسلام ) ولا يمكن فصل الجسد عن روحه وهذا هو االاساس الفكري للتيارات القومية العربية .

6 – فضح التلاقي او الانسجام بين اطراف عربية اسلاموية والمخطط الصهيوني من حيث العمل على شرذمة الامة العربية على اساس ديني او طائفي ، والتذكير بمخططات اسرائيل القديمة والجديدة القائمة  على تفتيت الوطن العربي على اسس عرقية وطائفية ، مخطط عوديد ينون ، مثلا ، في موضوعه الموسوم ب( ستراتيجية لاسرائيل في الثمانينيات ) .

ان عملنا في اطار هذه الافكار سيمكننا من خوض حرب غوار ثقافية ناجحة بكل المقاييس لاننا سنجرد من خلالها العدو المشترك من اهم اسلحته وهو الحروب السرية والخطط السرية ، والاطراف السرية المندسة في صفوف الوطنيين والاسلاميين ، والتي تتناقض سلوكياتها الفعلية مع مواقفها المعلنة .

                              زرازير مسرح العبث الاخير

          تقول في رسالتك ( كنت أتوقع أن تستحضر في ما كتبت ملف "محمد جعفر، وهو كنعان مكية، وهو سمير الخليل" وكيف انتقل من أقصى اليسار المناهض للإمبريالية إلى مبارك لذبح العراق وتجول بين واشنطن وتل أبيب وبغداد المحتلة. وهل تستغرب أن هناك في الأراضي المحتلة من تسلل خلسة عن الناس ليقابله ويعانقه في تل ابيب؟ ) . ان الاسماء التي ذكرتها هي عناوين للنذالة ( واسمح لي باستخدام هذه الالفاظ التي لم اتعود على استخدامها لكنها هي الوصف الدقيق لهؤلاء ) والسقوط الانساني وهو سقوط مروع ، لان من سقط ليس أميا او جاهلا بل هو مثقف ، عمرة السياسي والثقافي قريب من  نصف قرن ، لذلك فان سقوطه اقترن بالادراك الفائق لعملية سقوطه الانساني والاخلاقي والوطني . لكن هذه الظاهرة ليست جديدة بل هي قديمة وعانينا منها نحن القوميون العرب مبكرا ، وهي تقع في قلب حرب غوار الثقافة .

ان المسألة الاهم التي تثيرها عملية سقوط هؤلاء الانذال هي انها تجبرنا على طرح  التساؤل التالي : أذا كنا الان نرى الانذال الساقطين ، بعد ان تستروا باسماء وطنية لمدة تقرب من نصف قرن ، فمن هم المتسترون الان بعناوين وطنية واسلاموية ولم يكشفوا  بعد ؟ وماهو الغطاء الذي يتخفى هؤلاء تحته ؟ تلك هي مهمتنا في حرب غوار الثقافة : أزاحة الغطاء عن الوجوه التي مازالت مندسة بين جلدنا ولحمنا وتهرش في اعصابنا كلما شعرنا بالراحة !

في عدد ايلول عام 1969  ( على ما اذكر ) من مجلة ( دراسات عربية ) ، التي كانت تصدرها دار الطليعة في بيروت ، نشرت دراسة بعنوان ( العسكريون والثورة ) باسم (ابو اوراس ) ردا على موضوع كتبه زرزور كان يرتدي قميصا احمرا اسمه العفيف الاخضر هاجم فيه البعث ، وهو تونسي كان انذاك مندسا في صفوف ما كان يسمى ( يسار ) المقاومة الفلسطينية ومن اشد المزايدين وقتها في اليسار والفكر اليساري . وقد استعملت وقتها وصف زرزور لتحديد طبيعة اولئك الذين يتقافزون كالزرازير متنقلين من موقع الى موقع مناقض كليا ! العفيف الاخضر هو الاسم الرمزي لكل المنحطين والانذال من المثقفين الذين استخدمتهم المخابرات الامريكية والاسرائيلية لاختراق صفوف فصائل من المقاومة الفلسطينية باسم الماركسية واليسار ولعب هو وغيره دور بارزا في شق منظمات المقاومة الفلسطينية باسم اليسار ! واليوم وبعد غزو العراق ثبت ان هذا الاخضر كان عميلا بامتياز لانه الان من اشد انصار العصر الامريكي وهو الضيف المفضل لفضائية ( الحرة ) ! فهل كان ذلك صدفة ؟ ولم نواجه الان ظاهرة مذهلة وهي ان العملاء الرئيسيين لامريكا هم من الشيوعيين الذين كانوا مرتبطين بمخابرات الاتحاد لسوفيتي واوربا الشرقية ؟ لم الشيوعيين بالذات هم من تصدروا صفوف عملاء المعسكر الشيوعي ولكنهم الان يتصدرون صفوف عملاء امريكا بنفس الحماس والتطرف ؟ هل كانت تلك صدفة ؟ ام انها ثمرة الحرب السرية الامريكية والتي استهدفت اول ما استهدفت تنظيمات الاحزاب الشيوعية وعملت على اختراقها وتجنيد العدد الاكبر من كوادرها ؟ وهل كان ارتباطهم مزدوجا منذ وقت مبكر ؟ وما معنى تخوينهم في الخمسينيات وما بعدها للقوى القومية العربية باتهامها بانها عميلة للغرب ؟  

          لنذكّر بحقيقة معروفة وهي ان من يقبل بان يخدم جهاز استخباري اجنبي يسهل عليه لاحقا بيع نفسه لغيره مادام المبدأ  قد قبل . ان سايكولوجيا التجنيد حينما تعمل مرة يمكن ان تعمل مرات اخرى ، تماما كاللص الذي يسرق مرة فيصبح جاهزا للسرقة مرات ومرات بعد ان فقد عذريته . من العفيف الاخضر الى كنعان مكية ، مرورا بالجاسوس المتعدد الارتباطات فخري كريم ، هناك خيط يربط جميع الانذال وهو فقدان انسانيتهم وتحولهم الى مخلوقات نادرة في عالم الحيوان تتميز بالقدرة على الايذاء كلما لامسوا حياة او حجرا او شجرا ، لذلك واحتقارا مني لانحطاطهم لم اذكرهم في السابق وعلى الارجح لن اذكرهم مستقبلا . ان الحقيقة التي يجب تذكرها دائما هي النذالة لا تظهر فجأة بل هي نتاج تدرج في التكون ، يبدأ ببيع الضمير سرا وما ان تتم تلك العملية حتى يفقد الانسان انسانيته ويصبح نذلا او عاهر ضمير ! وبما انه يعرف انه اصبح نذلا يمارس عهر الضمير فانه لا يتصرف الا كنذل  والا كعاهر . فهل يستحق الانذال والعاهرين ان نتحدث عنهم طويلا ؟

                               الكومبرادور : بداية عهر الضمير ونهايته

تقول  ( وفي النهاية لي عتب صغير، حينما نتحدث عن الاحتلال، أرجو الإشارة إلى  أن هناك احتلالين: الاحتلال الكمبرادوري العربي الرسمي وهناك أراض عربية محتلة من

الأهواز (وأخشى أن يلحق بها جنوب العراق)  وحتى سبتة ومليلة مرورا بإنطاكية وطنب الصغرى والكبرى وايو موسى، أما العتب أنك نسيت الصومال. لك محبتي وللمقاومة كل الشرف.) أخي د. عادل : تعاتبني لانني لم اذكر الصومال وانت محق تماما فلقد نسيت الصومال لكن ربما تقبل عذري واعتذاري حينما تتذكر باننا في العراق نسير في طريق تعرفه جيدا اسمه  ( طريق الجلجثة )  ، نحمل الصليب ونقاتل في عدة جبهات وجروحنا تنزف دما  وعيوننا تترصد رصاصات العدو المحتل ، والتي قد تسبقها الى جبيننا رصاصة من يقف معنا ضد الاحتلال ! اما الكومبرادور فقصتهم معروفة لانهم ربطوا بين وجودهم في هوامش مكب المال وخدمة السيد الجالس في المتروبولتين . لقد حسموا امرهم ، خصوصا منذ زمن المرحوم جمال عبدالناصر ، واختاروا مكب المال وطلقوا الامة والهوية ، ولذلك تراهم اول السيوف التي تشهر على فرسان الامة . هل نسينا ان من اغتال العراق اولا هو الكومبرادور العربي ؟ هل غاب عن سمعنا صوت عبد كومبرادوري يحرض على اغتيال سيد الشهداء صدام حسين ؟ تبقى نقطة مهمة وهي انك عبرت عن خشيتك على جنوب العراق ، وهي خشية مشروعة لكن واقع العراق يجعلني مطمئنا الى ان جنوب العراق تحميه عروبة ابناء الجنوب المقاومين للاحتلال المشترك الامريكي الايراني ، فالعروبة حسمت الامر واختار ابناء الجنوب العروبة وليس الطائفة واسقطوا اهم اسلحة امريكا وايران وهو سلاح استبدال هوية الامة بهوية الطائفة ، لذلك ارجو وان تطمئن على حنوب العراق كما كل العراق .

 لك محبتي واحترامي .

أخوك

صلاح المختار

salah_almukhtar@gawab.com

* - نستخدم مصطلح ( اسلاموية ) لاجل التمييز بين الاسلامية وهي ملك لنا جميعا لانها تشير الى انتماءنا لديننا ولا يحق لاي طرف كان ان يحتكرها لنفسه ، والاسلاموية وهي وصف لتنظيمات سياسية تستخدم اسم الاسلام وصفا لها مع ان ذلك غير جائز مادام الاسلام ديننا جميعا وليس ملكا سجل باسم أي طرف كان .

* - نص رسالة د. عادل سمارة الى صلاح المختار :

كنعان النشرة الألكترونية

السنة السابعة  ـ  العدد 1129                       23 نيسان (ابريل) 2007

رسالة من د. عادل سمارة الى د. صلاح المختار

 

http://www.kanaanonline.org/articles/01129.pdf

 

ملاحظة من "كنعان":

كان موقع البصرة قد نشر رسالة مفتوحة من د. منصف المرزوقي حول ما يسمى ب(المؤتمر الثقافي السنوي في اربيل) وألحقها بقائمة المثقفين الذين لبوا دعوة حضور هذا المؤتمر. تبع ذلك رد د. صلاح المختار على دعوة د. منصف المرزوقي. وفي مقالة اليوم، تنشر "كنعان" رد الدكتور عادل سمارة على رسالة الدكتور صلاح المختار.

تجدر الاشارة الى ان "كنعان" كانت قد عالجت المؤتمر المذكور في مقالة بعنوان "شعار المرحلة: نعم للدكتاتورية.. نعم للاحتلال..!" بقلم بثينة الناصري (15 نيسان/ابريل 2007). بوسع القارئ ان يطلع على مقالة الاستاذة الناصري على الرابط التالي:

http://www.kanaanonline.org/articles/01121.pdf

*****

عزيزي د. صلاح المختار،

قرأت ردك على السيد منصف المرزوقي، وأنا أقدر حتى قبل المذبحة في العراق، قناعاتك وتفانيك العروبي.

لكن استوقفتني ملاحظات أود الحديث فيها.

أليس من المحزن حقاً، أن لا يرد على المرزوقي عربي آخر، أقصد من غير العراقيين؟ صحيح ان للكل مشاغله واهتماماته، ولكن شأناً قومياً لا بد أن يشغل الناس على صعيد قومي، لا أن تتحول المسألة كل يتحدث عن قطره بقطريته! وهل هناك مشاغل أعلى كعباً من مناصرة المقاومة؟

بصراحة، يدهشني ويشعرني بالفجيعة أنه ما زال هناك بشراً، فما بالك بعرب، يُغطُّون على المذبحة! بصراحة، أنا لست يافعاً، ولي في الحياة تجربة، ومع ذلك لا استطيع تصور إنساناً يرى كل هذا الذبح، ومعه ذلك يمالىء الطبقات الحاكمة في الغرب والشرق التي تسيل دماء أمة وتحوله إلى تراكم رأس المال.

من البداهة في العمل مع منظمات حقوق الإنسان، أن يتنازل المرء عن حقوقه في التفكير الحر، فما بالك بالانتماء والمقاومة. لذا اعتقد أن د. مرزوقي لم ينصف نفسه، فما بالك بأن ينصف المقاومة العراقية!

إن من يعيش تحت الإحتلال، ومنه الإحتلال الداخلي العربي، احتلال الأنظمة للأمة يعرف أساليب محاولات احتواء المثقفين لتوجيه إمكاناتهم الفكرية والثقافية لصالح مشروع الاستعمار بطبعات وحتى "ما بعد الحداثية منها".

كنت أتوقع أن تستحضر في ما كتبت ملف "محمد جعفر، وهو كنعان مكية، وهو سمير الخليل" وكيف انتقل من أقصى اليسار المناهض للإمبريالية إلى مبارك لذبح العراق وتجول بين واشنطن وتل أبيب وبغداد المحتلة. وهل تستغرب أن هناك في الأراضي المحتلة من تسلل خلسة عن الناس ليقابله ويعانقه في تل ابيب؟

لم تخطىء المقاومة في نشر الأسماء. فمن يذهب وهو مقتنع، فعليه "أن يسطع بما يؤمر". ألم يقل أبو القاسم الشابي، وهو عربي تونسي:

 قف دون رايك في الحياة مجاهداً           ان الحياة عقيدة وجهاد.

 تحضرني في هذا المستوى محادثة قصيرة مع د. موسى البديري في رام الله.

التقينا صدفة ذات صباح بعد نشر كتابي "مثقفون في خدمة الآخر: بيان أل 55 نموذجا" وهو كتاب واجهت به المثقفين الذين أدانوا ببيان علني في الصحافة المحلية ودفع أجرته كإعلان الاتحاد الأوروبي، اقصد ادانوا العمليات الإستشهادية.

التقينا...مرحبا ...الخ

قال: مالك انقلبت ضد أصدقائك القدامى؟

قلت: من هم؟

قال الذين نشرت أسمائهم في نهاية كتابك؟

قلت: هل اسمك معهم؟

قال: كمان بتكتب الأسماء وما بتتذكرها؟

قلت: بالضبط، لأنني لا أحمل حقداَ شخصياً، وإنما أخدم وطن، فإذا كان اسمك معهم، فذلك لأنك معهم، وليس لأنك صديق، أو عدو قديم أو حديث، فالأصدقاء بمواقفهم  أما المتقلبين كالحسن البصري فلا يعودوا أصدقاء "فما اكثر ما يتقلب هذا الحسن البصري". ثم لماذا تزعلوا، فقد نشرتم اسمائكم في الصحف وبإعلان، وما قمت به قد يكون دعاية انتخابية لكم؟

قال: قصدك تهيئة لإعدامنا؟

قلت: إذا كان الأمر كذلك فما قمت به ليس سوى إعادة نشر ما نشرتموه، ولكن حقوق "أل..."

 هم يا رفيقي هكذا، يريدون ارتكاب المذبحة، سواء الجسدية أو الفكرية ولا يريدون لنا حتى ان نذكر اسمائهم. وإذا لم تنشر المقاومة اسماء هؤلاء، فهل سينشرها البيت الأبيض وزبجنيو بريجنسكي والموساد والعسس العربي؟

ولا حاجة لتذكيرك ما تفعل الأنظمة العربية المحتلة بمن ينشرون قوائم باسماء من يمارسون التطبيع.

إن المواجهة والمقاومة على المستوى الثقافي هي "حرب غوار ثقافية"

قد نكون في الأرض المحتلة (الإحتلال الثاني 1967) فهناك الإحتلال الأول 1948، قد نكون سذجاً أو لنقل بعضا منا. فلا أتخيل أن يزور عربي عراق الإحتلال، إلا ان يتسلل مقاوماً. واقولها لك بصراحة، يحزنني أنني لم أفعل.

وفي النهاية لي عتب صغير، حينما نتحدث عن الاحتلال، أرجو الإشارة إلى أن هناك احتلالين:

الاحتلال الكمبرادوري العربي الرسمي

وهناك أراض عربية محتلة من الأهواز (وأخشى أن يلحق بها جنوب العراق)  وحتى سبتة ومليلة مرورا بإنطاكية وطنب الصغرى والكبرى وايو موسى، أما العتب أنك نسيت الصومال.

لك محبتي وللمقاومة كل الشرف.

عادل سمارة

 

                                      شبكة المنصور

                                    12 / 05 / 2007

مآزق القطرية ومقاتِل ألتفكير الاسلاموي