بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

ما اغلاك يا وطن!

 

 

شبكة المنصور

سعد الاوسي: رئيس تحرير جريدة الشاهد المستقل

 

في كل سفرة لي خارج العراق اتلقى عروضا للعمل في بعض المؤسسات الاعلامية وفي المكاتب الصحفية للمسؤولين الكبار في تلك الدول، وعلى الرغم من انها عروض مغرية ويحلم بها الكثير من الاعلاميين الاكفأ مني ومن الذين لا اصل الى براعتهم ومهنيتهم الا انني سرعان ما ارفضها دون ادنى تفكير، وفي جولتي الاخيرة في دول الخليج العربي كانت هناك عروض وعقود للعمل فيها من الامتيازات الشيء الكثير وعندما اقول لاصحاب تلك العروض هناك الافضل والاكفأ مني ويمكن الاستفادة منه يقولون لي.. نحن نعلم هذا الامر وعروضنا هذه ليست لكفاءتك فقط او لأنك صاحب قلم مميز بل بسبب خطك ونهجك الذي تتخذه في حياتك المهنية ومبادئك وقيمك الصحفية هي التي جعلتنا نقدم لك كل تلك العروض.. وبعد ان يسمعوا الرفض يرغبوا في معرفة سبب ذلك.. فأقول لهم انني لا استطيع العيش دون وطن وان كنوز الدنيا برمتها لا تساوي عندي ذرة من ثرى العراق، وعندما اقول هذا فأقوله بايمان وصدق واحساس فالمقربون مني يعرفون هذه الصفة عني وحتى اهلي وعمومتي وابناءهم دائما ما يطلبون مني ترك العراق والعمل خارج الوطن! بسبب المخاطر التي يتعرض لها الاعلاميون من الذين يسيرون على حقول الالغام (الصحفية)! واجابتي لهم دائما هي.. انني لا ارتوي الا من ماء دجلة والفرات ولا احس بطعم الحياة الا وانا اتجول في شارع السعدون والباب الشرقي والكرادة والوزيرية والعطيفية وزيونة ومدينة الصدر وحي جميلة والاعظمية والصليخ وعلاوي الحلة وشارع الرشيد وحي الجامعة والشورجة وسوق الغزل والمنصور وسوق الصفافير وحي الخضراء (مو المنطقة الخضراء.. هاه)! فعلى الرغم من كل ما فعله الاخرون بوطني.. فبلادي باقية كما هي بعيني وبعيون ابنائها المخلصين! فكيف لي ان اغادر العراق.. هل هناك الذ من (اكل العراق)! واعذب من دجلة؟ وانبل واكرم واشجع الناس في غير العراق؟! واين اذهب عندما تضيق بي الدنيا؟! فهل يوجد مكان مثل ضريح سيدي وامامي ومولاي امير المؤمنين عليه السلام في النجف الاشرف؟! عندما ازوره وابكي في حضرته وانفض همومي هناك قبل ان اجلب معي (طرشي الحبوبي)! و(دهينة ابو علي)! بعد الزيارة كما هو معتاد لدى الزائرين! وهل استطيع ترك لذة سمك مدينة (العمارة)؟! وهل اجد مثل طيبة وكرم اهل السماوة؟! اما مدينة الناصرية (الحبيبة) فكيف لي ان اتركها وافارقها وفيها اعز الناس والاحبة؟! واما مدينة الصبر والجهاد والعطاء (ديالى) العصية على كل اعداء العراق.. فلا استطيع ان تمر ايام الا واكون فيها بين ابناء العمومة والعشيرة! ومن هناك الى حيث تكية الشيخ عبد الله الشيخ مجول ابو خمرة في منطقة سرحه حيث اترك كل امور الدنيا جانبا وانقطع للتقرب الى الله.. وكيف لي ان اغادر وطني ولا ازور بين حين واخر سيد شباب اهل الجنة ذبيح كربلاء واخيه ابا الفضل العباس عليهما السلام؟ كيف لي ان لا ازور سامراء حيث الاحبة الذين يحيطون بمرقدي الامامين العسكريين عليهما السلام وهم يقيمون المواليد التي لا تزال ترن باذني ومنها ما اردده دائما مع نفسي (هله بتاج المشايخ يا علي الهادي... ابو جعفر ملاذ الصاح يا سيادي.. بدر شعت انواره افق سامره.. يسلطان المشايخ صاحب الحضرة.. صعد فوك الشمس والمنتهى قدره.. نلوذ بحضرته وشحده اليعادي).. وهل اجد خارج العراق مدينة تحمل معاني الرجولة باعلى مراتبها مثل الفلوجة؟! وكيف اغادر وطني وذكرياتي في مدينة (الحلة)؟! واما الديوانية فآه منها والف آه عليها! ففيها اعز الناس الذين حرمنا منهم القدر! كيف لي مغادرة وطني وانا بين حين واخر ازور الشيخ عبد القادر الكيلاني وابا حنيفة النعمان؟ وكيف لي ان لا ازور امام الهدى ابا الجوادين موسى بن جعفر؟ كيف لي ترك وطني ومن سيعطيني (خبز تنور)! وهل استطيع ان اشتري امّاً كأمي التي منذ ولدتني وهي تدعو لي في كل صلاة وعندما اسافر الى مكان بعيد تستيقظ قبلي بساعات لاجراء طقوسها المعتادة وترتيل ايات القرآن وتصر على مروري من اسفل القرآن وترش الماء خلف السيارة التي استقلها؟! والله واقسم بذي الجلالة انني في سفراتي خارج العراق جلست في افخم الفنادق وركبت السيارات الفارهة وقدمت لي الذ المأكولات ورأيت اجمل مناظر العالم المدهشة ولكني لم ار مثل وطني بجماله وخصاله وطيبته وحنانه.. فآه يا عراق.. انك تجري في عروقي ودمي.. فيك ولدت ونشأت وفيك الممات والحمل على الاعواد والمثوى الاخير.

لا نطلب من الله سوى تحقيق امنية واحدة لنا لكي يعود العراق الى ما كان عليه يرفل بالامان والطيبة وعدم التفرقة ولا وجود للشفافية (الخادعة)! والحرية (المزيفة)! ولا ديمقراطية (الكلاوجيه)! و(خزعبلات)! بعض الاحزاب.. وان ينتقم سبحانه وتعالى من كل الذين سفكوا دماء الابرياء ومثلوا في جثثهم وزهقوا الارواح ونهبوا العراق وانتهكوا مقدساته وحرماته وحرقوا مؤسساته وتبوأوا المناصب زورا وبهتانا وان يعيدهم الله الى جحورهم التي اتوا منها من حانات لندن وشوارع طهران ومن كان يتسكع في حارات السيدة زينب ومن سطى على البنوك ومن عذب كل اسير عراقي (آمين يا رب العالمين)!

saadalawsi@yahoo.com

 

 

 

 

شبكة المنصور

الاثنين / 20 / أب / 2007