بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

غيرة الوالي !

 

 

شبكة المنصور

سعد الاوسي رئيس تحرير جريدة الشاهد المستقل

 

اثناء تواجدي في دبي لافتتاح مكتبنا هناك وجهت دعوة لبعض افراد العائلة واطفالهم بهذه المناسبة وبكل تأكيد كان على رأس المدعوين غاليتي (حنتوري)! التي بسببها تحملت تكاليف (الجوق الموسيقي)! لاطفال العائلة الآخرين! و(حنتوري) البالغة من العمر ستة اعوام واسمها الحقيقي للذي لا يعرفها (زهرة) الا انني اطلقت عليها هذا اللقب لتعلقها بي وقربها مني حتى باتت لا تفارقني الا في حالة سفري خارج العراق! على اية حال بقي افراد العائلة واطفالهم هناك في دبي وغادرت انا الامارات.. الا ان اتصالاتي الهاتفية اليومية بـ(حنتوري) ظلت مستمرة ولا يكاد يمر يوم ولم يكن هناك اتصال الا ما ندر! واعرف الاخبار من خلالها عن الزيارات التي تقوم بها العائلة الى المراكز والاماكن الترفيهية هناك، وتتحدث لي عن الروعة والجمال فيها! وتنقل لي بالتفاصيل معاملة الاخرين لها! و(يا ويله من سواد ليله)! الذي لا ينفذ لها امرا! الا انني بدأت استغرب نبرة حديث هذه الطفلة معي وهي لم تدخل المدرسة بعد بالرغم من انها (تقرأ وتكتب)! نبرة حزن وشوق عميق! عندما بدأت تسألني.. (هل انك تحبني هواية)؟! فأجيبها (طبعا.. يا حبيبتي واكثر من روحي)! فتطلب مني ان اضغط على الاخرين من افراد العائلة من اجل ان يعودوا الى العراق! فأسألها عن سبب ذلك فتقول وببراءة الطفولة (آني احب العراق)! وفي آخر اتصال لي معها قالت ما نصه (والله ما بيه حيل)! ثم اكملت (اريد ارجع للعراق)! وما ان سمعت هذا الكلام من هذه الطفلة حتى اوصيت بعودة الجميع فورا بعد ان احسست ان هناك حزنا عميقا في نفسها وهي لا يتجاوز عمرها الست اعوام! وعلى فكرة فـ(حنتوري)! ترتدي ثلاثة قلادات ذهبية على شكل خارطة العراق اهديتها لها في اعياد ميلادها! وهي دائما ما تطلب ان نقيم لها عيد ميلاد كل شهرين! وتؤكد ان ارتداءها لخارطة العراق يعني انها (عراقية من العراق)!

غيرة حنتوري على النقيض من غيرة البعض من الوزراء والمسؤولين في (حكومتنه)! الذين لا يهمهم من العراق سوى المنصب الذي يجلب لهم الجاه والمال.. ودليل غيرتهم المتدنية تلك انهم لم يجلبوا عائلاتهم الى العراق الى هذا اليوم كما انهم لم يتنازلوا عن جنسياتهم الاجنبية والدليل الاهم انهم يغادروا العراق حالما تنتهي علاقتهم بالمنصب الرسمي وكأن لا رابطة لهم بهذا البلد سوى المال والمنصب وتفسير ذلك لا يحتاج الى جهد اذ انهم اكلوا لحم الخنزير طيلة وجودهم هناك ومعروف ان لحم هذا الكائن يقتل آخر ذرة من ذرات الغيرة الوطنية والاخلاقية، والامر الثاني انهم تعلموا وادمنوا على التسكع في فنادق الغرب بين احضان بائعات الهوى، ولم يكونوا يحلموا ذات يوم بأن يكونوا وزراء ومسؤولين في العراق الذي كان امنا يعم فيه السلام ويمتزج ابناء شعبه بجميع اطيافهم في صف واحد لا يعرفون التفرقة والنعرات الطائفية ولا (الشفافية)! ولا (ديمقراطية التهجير)! هذا العراق.. الوطن الذي كان يجمع شمل ابناءه بطيبته وخصاله وثرواته وماءه العذب وارضه الطاهرة.. دنسها البعض من النكرات و(الحثالات)! الذين دمروا البلاد وجاءوا بالويلات والمصائب والقتل والتهجير للعباد وثقافة التعذيب بـ(الدريلات)! وتقسيم المدن وتقطيعها ووضع الحواجز والموانع بينها في وقت ما يزال نزيف دم العراقيين يجري كالنهر كونهم لم يرتوو من دجلة والفرات لذا فانهم لا يمتلكون حتى الغيرة التي تمتلكها (حنتوري)!.

Saadalawsi@yahoo.com

 

 

 

 

شبكة المنصور

الاحد /  4 رمضان 1428  الموافق   16 / أيلول / 2007