بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

ألْتَغَرُّبُ عنِ ألأوطانِ

 

 

شبكة المنصور

عبيد حسين سعيد

 

يقال غرب الرجل تغريباً, إذا بعُدَ عن الوطن ولزم الدار وجعل من الخمول شعار وراضَ نفسه الانفراد بالغربة ومفارقة الأوطان والتربة إلى أن تسكن نغارتها والأيام عن مرارتها وصبرٌ كصبر الأسير على سوط جرنه,وكما الظمآن ذي الغلة عن وِرْدِهِ.

في احد المطاعم التي يرتادها الدراويش من امثالنا (نرتخص( ما يقدمه من أكلات وكان لترددي على مطعم(النجوم) كان هنالك شاب فارع الطول دائما وافق ان أجده خلال الوجبات الثلاث التي يقدمها المحل وكثيرا ماكانت ابتسامته- سر تعلق الناس به - تسبق حديثه مع الزبون. عرفت انه عراقي من بين الآلاف من الشباب الذين تركوا قلوبهم ومستقبلهم واثروا النجاة والسلامة في وطن أصبح فيه كل شيء مستباح فلا الماشي سالم ولاالراكب غانم فحتى الذي يجلس في بيته لايأمن حتى مايسمى قوات الامن ان تقتاده ومن ثم يلقى في احدى مكبات القمامة او في قارعة من قوارع الطرق وقوارع الدهر جعلتنا نفارق الأحبة ومدارج الصبا والشباب!!! وقبل أسبوع كعادتي دخلت وجلست على احدى الطاولات فوجدت صاحبي العراقي (أمير) فحياني بنفس تحيته ولكني وجدته هذه المرة أقل نشاطاً وحركة من ذي قبل فعجبت من أمر لم أعتد عليه فقلت : فقلت:ياأمير, انت( موعلى بعضك) هل حدث مكروه لاسمح الله فقال :كيف لا أغتم وقد سمعت ُ ان قراراً صدر يحدد دخول العراقيين إلى الأراضي السورية بموجب تالفيزة والتي تستخدم عادةً بين الدول التي ليس بينها روابط كالتي تربط القطرين الشقيقين .فهل تميز بين ارض وتضاريس البلدين واللغة المشتركة والى وقت قريب كان يحكمهما حزب واحد وشعار واحد . حتى اني كنت اشعر قبل القرار وكأني أعيش في مدينة الموصل وان السوريين يتعاملون معي وكأنهم أخوال وأعمام لي في نينوى او بغداد !!وما الذي جرى حتى نعود لبغداد نعم نحن نتمنى ان نعود ولكن الغدر الذي نخافه لا غير لان في العراقة حكومة لا تسيطر إلاّ على جزء من لا يتجاوز مساحة نفق التحرير او حديقة الامة .لا قانون ولا أمن ولا دوائر ولا عمل تركت دراستي بعد تهديدي بالقتل ولا استطيع ان أواصل تعليمي فإبن الكرخ لايمكنه ان يعبرجسرمن الجسورعلى نهر دجلة والذي يقسم العاصمة الى نصفين واذا عدت الى بلدي فانه يعني اني حكمت على نفسي لبالموت المحقق فترانا واصل الليل والنهار من اجل ان اعيل والداي وشقيقتي فكيف لاأغتم غم الحاجة واهتم لمصير مجهول وغمّ قلب مهول وفكر مذهول وبمن نستجير فنحن لمننزل عند القوم من ضعفٍ ولا ذلة ولا خلّة فنحن نعرف إن النظام القائم في سوريا له تقاليد لايمكن أن ننساها تمسك بها الراحل الأسد الأب ورفض ان يسلم أي معارض على ارض سوريا وتحمّل الكثير من الضغوط فكيف به الان يسلم من لجأ إلى الشام المباركة وفي عهد راعي القومية العربية وأملهم.!!

ما إن ذكرت من المكارم خُلةً           إلاّ وجدتك عمها أو خاله

إلى أن يأذن الله وتعود بنا سفن الصحراء إلى ارض الوطن ونحكي لأولادنا وأحفادنا من بعدنا قصة الكرم الذي سمعنا به والجمال وحسن الخصال من شعب سوريا الأبطال

وإن ترمِكَ الغربة عن معشرٍ          قد جُبلَ الطبعُ على بُغضـــهِم
فدارهم مادمتَ في دارهـــــم         وأرضِهِم مادُمتَ في أرضِهم


obeadhs@yahoo.com

 

 

 

 

شبكة المنصور

السبت / 15 / أيلول / 2007