بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

التدهور يتزايد في البصرة المدينة التي كانت بعيدة عن رهان المواجهات الطائفية
البصرة تشهد تصعيدا في العنف على اعتاب الانسحاب البريطاني
وتتهدد بالمواجهة الشيعية - الشيعية بين رموز حكومة المالكي

 

 

شبكة المنصور

 

 

زادت المخاوف وتعمق القلق بين بعض المسؤولين الاميركيين في بغداد ، بان عناصر حكومة الوحدة الوطنية التي يقودها الشيعة ، سينقلب احدهم ضد الاخر ، بمجرد ان تبدأ الولايات المتحدة بسحب قواتها . وزادت حظوظ هذا الانطباع السياسي بعد بدء القوات البريطانية بالانسحاب من مدينة البصرة ، واقدام الميليشيات الشيعية كما قالت جريدة الواشنطن بوست على تصعيد المعارك العنيفية ضد بعضها البعض من اجل السيادة السياسية والسيطرة على مصادر النفط في البصرة .

واشار الكاتبان المرموقان والمختصان في الشؤون العسكرية اندرو دويونغ وتوماس ريكس من الواشنطن بوست ، بان ثلاثة مجموعات سياسية شيعية اساسية قد اقفلت في نزاع دموي فيما بينها ، الامر الذي ترك المدينة بايدي الميليشيات والعصابات الاجرامية والتي تمتد سيطرتها الى الموظفين في الادارات البلدية وشوارع الاحياء المختلفة . وفي تقييم يغلب عليه طابع التشاؤم تقول الواشنطن بوست ان البصرة مبتلية بسوء الاستخدام التنظيمي للمؤسسات الرسمية ، والاغتيالات السياسية ، والانتقامات العشائرية ، والعقوبات الفورية في المناطق المحلية وتنفيذ العادات الاجتماعية ، وكل ذلك الى جانب زيادة المافيات الاجرامية والتي سرعان ما امتزجت مع اللاعبين السياسيين ، كما جاء في تقرير حديث للمجموعة الدولية للازمات .واشار الصحيفة الى ان الفترة الذهبية في عمر البصرة كانت بعد احتلال القوات البريطانية لها اثر سقوط حكومة صدام حسين ، الامر الذي بشر بنمو اقتصادي وتجاري وازدهار للحركة التجارية عبر مطار البصرة وتطور دور الجامعات المحلية ، الامر الذي دفع نائب الرئيس الاميركي تشيني الى وصف البصرة بانها ذلك الجزء من العراق " الذي تمضي فيه الاشياء بشكل بارع ". ولكن مسؤولا اميركيا اخر يقول يصف حالى البصرة الان بانها من الصعب وصفها بالقصة الناجحة , والمسؤول المذكور الذي يعمل في بغداد والعريق الان بالخبرة عن الجنوب العراقي يقول انه بدلا من ذلك فان البصرة قد تحولت الان الى نموذج يكتنفه القلق من ان يتحول عبر الجنوب الشيعي العراقي الى حالة متكررة في المدن الاخرى . وقد حذرت لجنة لعبة الحروب في البنتاغون مؤخرا من ان تتحول البصرة الى ساحة للحرب الاهلية بين الشيعة بعد تخفيض القوات الاميركية في العراق .

وبدلا من استمرار التركيز على القاعدة وايران خلال الاربع سنوات الماضية ، فان الادارة الاميركية تركز في سردها الان على العنف الطائفي الذي تسببتا به في العراق ، ولكن في الجنوب الشيعي المتجانس ، حيث لاوجود كبير للقوات الاميركية ، مع وجود محدود للسنة ولاوجود لمقاتلي القاعدة ، وبتأثير محدود لايران ، فان الميليشيات الشيعية تقاتل الواحدة الاخرى في الوقت نفسه الذي تقاتل فيه القوات البريطانية . وتشير الواشنطن بوست الى ان الاستراتجية التي اتبعتها القوات البريطانية في البصرة منذ نهاية السنة الماضية في البصرة – والشبيهة بالاستراتيجية التي تطبقها الولايات المتحدة الان في بغداد – لم تحقق نجاحا مستمرا . وكشفت الصحيفة ان مسؤولا استخباريا اميركيا رفيع المستوى في بغداد اضطر الى الاعتراف اخيرا بان :" البريطانيين قد تم دحرهم بشكل اساسي في الجنوب "واضطروا الى التخلي عن مقر قيادتهم السابق في مركز البصرة ، الامر الذي دفع المسؤولين البريطانيين الذين قاموا مؤخرا الى زيارة قواتهم هناك الى القول بانهم " مطوقين مثل رعاة البقر والهنود " من قبل مقاتلي الميليشيات .ويمثل التوصيف المذكور ، مطار البصرة خارج المدينة الذي تتركز فيه الان القوات البريطانية والسفارة المحلية الاميركية وبقية القوات البريطانية المتبقية التي يبلغ عددها 5500 جندي والمحوطين بحواجز عالية الارتفاع واكياس الرمل والتي تعرضت للهجمات بقنابل الهاون والصواريخ 600 مرة خلال الاربعة اشهر الاخيرة . وكانت القوات البريطانية الثانية في حجمها التي اشتركت في غزو العراق بعديد بلغ 40000جندي ، واستمرت في تخفيض قواتها بعد ان تركزت مهامها في جنوب العراق وبعد تزايد العنف بسبب المشاكل التي لاعلاقة لها بالارهاب ولا العنف الطائفي ، واضطر رئيس الوزراء المستقيل توني بيلير الى الاعلان عن اخر التخفيضات قبل تركه للوزارة البريطانية .

وفي تطور هو الاول من نوعه كشفت الواشنطن بوست ، ان الادارة الاميركية ترددت في انتقاد قرار الانسحاب البريطاني علانية ، ولكن خبيرا عسكريا بريطانيا يعمل كمستشار في بغداد ، اعترف عبر رسالة الكترونية بان الولايات المتحدة "كانت قلقة جدا لبعض الوقت الان حول الوضع المنفلت في البصرة والتأثير العسكري والسياسي للانسحاب البريطاني " واضاف الخبير المذكوربان هذه المخاوف تم التعبير عنها " في اعلى المستويات " من قبل الحكومة الاميركية للسلطات البريطانية .

وعلى طريقة الادارة الاميركية في الاستعانة بنجاحات جزئية لاعلاقة لها بالاهداف المقررة ، اوردت الواشنطن بوست تفاصيل اللقاء الاخير الذي تم بين الرئيس الاميركي بوش ورئيس الوزراء البريطاني الجديد غوردن بروان والتي اشار فيها الاخير الى النجاحات النسبية في تهدئة ثلاثة محافظات في الجنوب العراقي من مجموع اربعة ، واستنادا الى معلومات اوردتها الواشنطن بوست ، فان رئيس الوزراء البريطاني اخبر الرئيس الاميركي في الاجتماع المذكور بانه يأمل بان تسلم البصرة الى السيطرة العراقية في الاشهر القلية المقبلة . ومع ابقاء عدد محدود من القوات البريطانية ، فان القيادة العسكرية البريطانية ستنسق مع قائد القوات الاميركية في العراق الجنرال بيتريوس لاعادة التقييم بعد منتصف شهر ايلول المقبل .

وفي عملية استباقية من قبل الحكومة العراقية استعداد لاستلام المسؤولية الامنية عن البصرة ، ، قالت الواشنطن بوست ان حكومة المالكي قد عينت جنرالا جديدا ليكون قائدا للجيش والشرطة هناك ، والكن الصحيفة كشفت ايضا ان الميليشيات القلقة هي جزء من مكونات الحكومة نفسها ومنها مقتدى الصدر الذي تحمل ميليشييته جيش المهدي المسؤولية عن معظم الهجمات الاخيرة على مجمع المطار – اضافة الى دور حزب الفضيلة والمجلس الاسلامي الاعلى وهي الاحزاب الشيعية الكبرى في العراق . واوردت الواشنطن بوست سجلا بالتطورات التي تشير الى النزاع الشيعي – الشيعي في البصرة ، حيث اشارت الى ان حزب الفضيلة انسحب من الائتلاف الحكومي الشيعي الحاكم بعد ان فقد حقيبة وزارة النفط لصالح المجلس الاسلامي الاعلى ، وفي الاسبوع الماضي اقال المالكي محافظ البصرة وهو ايضا من حزب الفضيلة ، الذي رفض بدوره التخلي عن سيطرته عن المنشأت النفطية في البصرة واصفين المالكي _ بالبعثي الجديد – في اشارة الى حزب البعث الحاكم ايام صدام حسين ، ومستأنفين قرار المالكي بعزل المحافظ امام المحكمة الدستورية العراقية .

وفي ادق توصيف لتطور الاوضاع في البصرة قال المحللان العسكريان في الواشنطن بوست ، ان التنافس السياسي على السلطة في بغداد ، يترجم بشكل مستمر الى معارك عسكرية في البصرة , حيث تنقلب تحالفات الميليشيات بين بعضها البعض وفي الوقت نفسه مع القوات البريطانية ومع ايران ، حيث يتحارب الجميع من اجل السيطرة على احياء البصرة ومصادر ثروتها النفطية . ويشير الكاتبان دويونع وريكس الى ان التصعيد في العنف في شوارع البصرة وزيادة حدة الاغتيالات ، اديا الى ان ينحصر معظم سكان المدينة ي بيوتهم وهم يتخوفون من فرض الحكم الاسلامي من قبل الميليشيات .

وتشير الواشنطن بوست ايضا الى ان تغلغل الوجود الايراني ، من خلال النفوذ الثقافي والمساعدات الانسانية والاسلحة والاموال –ويعتقد المسؤولون الاميركيون والخبراء الخارجيون بان الاحزاب السياسية الشيعية تستعمل ايران بشكل معيب كثيرا . وقال احد المسؤولين الاميركيين مذكرا بتاريخ العلاقات الايرانية العراقية ، بان ذكريات الجنوب العراقي كثيرة حول الحرب العراقية الايرانية في الثمانينات ، والى ان الجنوب الشيعي حينما كان يريد نعت احدهم بالخطأ ، فانه يسمه بانه ايراني ، وقال ذلك المسؤول بان الولايات المتحدة هي " قلقة دائما حول النفوذ الايراني ويجب ان تكون كذلك ، ولكن هناك اختلاف بين النفوذ والسيطرة ، فسيكون من الصعب للايرانيين ان يؤسسون لسيطرتهم هناك ".

ووصفت احدى الدراسات الغربية ايران وبريطانيا والولايات المتحدة ، بانهم يتعادلون في الارتباك الحاصل في البصرة ، واثناء زيارته الاخيرة الى هناك ، قال المسؤول الاميركي بانه كان عاجزا عن الاجتماع باي عراقي محلي خارج قاعدة المطار .

جان كول الخبير الشرق اوسطي في جامعة ميشغان يقول بان " كابوس الامن " في البصرة قد ادى ايضا الى توزيع التاثير على الاقتصاد العراقي ويشير الخبير المذكور الى مركز واهمية البصرة في التأثير على مستقبل العراق ، ولكن احد الاستراتيجيين العسكريين الاميركيين ، يقول بان معظم العنف في البصرة " هو بسبب من يسيطر على مصادر الاقتصاد العراقي ".

ونقلت الواشنطن بوست عن مصادر امنية واستخبارية ، ان الميليشيات والعصابات الاجرامية تستثمر بجزء من اقتصاد البصرة من خلال سرقة وتهريب النفط الى خارج العراق .والخطة الاستراتيجية والامنية التي طبقتها القوات البريطانية والسلطات العراقية في البصرة هي نسخة اخرى من الخطة الاميركية الحالية المطبقة في بغداد ، كما تشير الواشنطن بوست والتي بدا في تطبيقها منذ شهر ايلول 2006 ولغاية شهر اذار 2007 ، وهذه الخطة التي اطلق عليها _ السندباد – بالرغم من انها حققت في البداية بعض النجاح في تقليل الجرائم وتخفيض الاغتيالات السياسية ، فان الهجمات عادت الى الارتفاع في الربيع وادت الى انسحاب القوات البريطانية الى قاعدتها .

وفي السنوات الاولى من احتلال العراق ، فقد ترفعت القوات البريطانية –كما تقول الواشنطن بوست – عن الطريقة العسكرية الاميركية في استخدام السلاح الثقيل في دورياتها الامنية ، وبقيت تركز على الاسلوب البريطاني المستمد من تجربتها في الحرب الايرلندية الشمالية ، بهدف تجنب الاصطدام مع السكان المحليين وتحقيق اعلى درجات التعاون معهم .

 

 

 

 

شبكة المنصور

السبت / 11 / أب / 2007