بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

إذا تقسم العراق

 

 

شبكة المنصور

د. حسن مدن

 

رغم أن مشروع قرار مجلس الشيوخ الأمريكي بتقسيم العراق إلى ثلاث وحدات فيدرالية يوصف بأنه قرار غير ملزم، وأن البيت الأبيض ادعى عدم موافقته عليه، إلا انه يمكن أن يقرأ على أنه بداية العد العكسي لتنفيذ هذه الخطة الجهنمية، إذا لم تتوافر إرادة عراقية وعربية جدية لمنعها.

وفق الخطة يقسم العراق إلى ثلاثة كيانات كردية وشيعية وسنيّة، مع حكومة فيدرالية في بغداد تتولى شؤون أمن الحدود والعائدات النفطية، ولا تتحدث عن أي انسحاب أمريكي أو حتى عن جدول زمني له.
يجدر التوقف أمام أمرين: الأول هو العدد الكبير من الأصوات المؤيدة لمشروع القرار في مجلس الشيوخ، إذا ما قورن بعدد المعارضين، وهذا يشير إلى أن فكرة تقسيم العراق تكاد تكون ناضجة في أذهان أوساط سياسية أمريكية نافذة.

الأمر الثاني أنه ليس صحيحاً أن الاعتبارات الأمنية الناشئة في العراق أمام عجز قوات الاحتلال عن السيطرة على الوضع الذي ينزلق نحو متاهة الحرب الأهلية أو ما يشبهها، هي وحدها سبب في مثل هذا التفكير كما يقول من تقدموا بمشروع القرار وصوتوا عليه.

إن سيناريو تقسيم العراق لم يأت فجأة أو من فراغ، فالحديث عنه سابق حتى للاحتلال الأمريكي له، وجرى التحذير من مغبته بوصفه خيارا محتملا في نطاق ما وصف ب “بلقنة” المنطقة، وتحويلها إلى كيانات صغيرة متنازعة تسهل الهيمنة الخارجية، و”الإسرائيلية” بالنتيجة، عليها.
فالناظر لمجمل السياسة الأمريكية في العراق منذ احتلاله، سيجد أنها توجهت نحو بلورة الخلفية “الضرورية” لهذا السيناريو من خلال ما دعاه “رامسفيلد” “الفوضى الإيجابية”، بإشعال نيران الصراع السياسي والاثني والطائفي والقومي وتفكيك النسيج الوطني للمجتمع، والانطلاق لإقامة “شرق أوسط كبير” وفق المواصفات الأمريكية.

إذا تم التقسيم سيتحول كيان الجنوب الشيعي إلى محمية إيرانية، وسيشعل شمال العراق بغالبيته الكردية نار الصراع مع تركيا، فيما ستتنازع أكثر من دولة عربية على النفوذ في وسط العراق السنّي.

في كلمات: سيندفع العراق، والمنطقة كلها، نحو مجهول لن يحمل إلا النزاعات ومآسي التطهير العرقي.

 

 

 

 

شبكة المنصور

الاحد /  18 رمضان 1428 هـ  الموافق  30 / أيلول / 2007 م