بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

العراق المحتل بين الوعي الوطني المقاوم والمشاريع السياسية

 

 

شبكة المنصور

سامي علاء / ناشط سياسي من العراق المقاوم

 

تابع قراء المواقع الوطنية والمقاومة الالكترونية الحلقات الاربعة لمقال الاستاذ سعد داود قرياقوسالمعنون: بعض ماينبغي ان يقال (ملاحظات في موضوع الجبهة الوطنية القومية الاسلامية) 1-4 والمنشورة على صفحات مواقع التحالف الوطني والكادر ودورية العراق والمنصور ومواقع وطنية اخرى, 7. لقد أثارت المساهمة المستفيضة والقيمة معا العديد من التساؤلات المشروعة المتعلقة في المقاومة العراقية ومحاولات الالتفاف والتامر التي تتعرض لها من الجانب الاقليمي العربي وقوى الاحتلال الرئيسيين الامريكي والايراني. لكنها ايضا اثارت واستدعت الرد من قبل الاخوة في التجمع العراقي للتحرير والبناء ممثلا برد المكتب الاعلامي للتجمع والمنشور على عدة مواقع من ضمنها موقع الكادر ليوم 12 اب 2007.

علينا كقوى وشخصيات وطنية مقاومة وفي ظل طبيعة الصراع القائم على ارض العراق المحتل تبيان الخيط الابيض من الاسود فيما طرحه الاستاذ قرياقوس ورد المكتب الاعلامي للتجمع لتجنب نشر ضبابية سياسية وخلط الاوراق بشكل لا يخدم مصلحة المقاومة العراقية ومشروعها الوطني التحرري. لقد ركز الاستاذ قرياقوس في مداخلاته الاربعة على تساؤلات وطروحات رئيسية وجوهرية تناولت جانبين:

الجانب الاول ويتعلق باشكاليات واسباب فشل مؤتمر دمشق الذي كان مزمع عقده في 23 تموز, وكذلك توضيح ونقد لظروف انبثاق الجبهة الوطنية القومية الاسلامية في بداية تموز من هذا العام. الجانب الثاني انصب في توضيح ماهية والية محاولات الالتفاف السياسي على المقاومة العراقية كحالة سياسية معاشة داخل حركة الصراع السياسي القائم حاليا في داخل وخارج العراق المحتل. لذلك سيكون الجانب الثاني من مداخلة الاساتذ قرياقوس ورد المكتب الاعلامي للتجمع العراقي للتحرير والبناء محور تركيزي للمعاينة والنقد ، والذي اصبو ان يكون منصفا يعاين ماكتب وماطرح من تساؤلات واجوبة..

طرح الاستاذ قرياقوس في القسم الاول من مساهمته مسأتين جوهرتين برائي هما لب وجوهر مرحلة الصراع الحالي الدائر بين خندقي المقاومة والاحتلال، وهما مسالة وحتمية شعار المقاومة العراقية هي الممثل الشرعي الوحيد للعراق وشعبه, والمسالة الاخرى هي مسالة تصور "البعض" (المقصود هنا التجمع العراقي للتحرير والبناء) بوجود فراغ سياسي على الساحة السياسية المناهضة والمقاومة للاحتلال وحكومته الصنيعة يجب ملئه. هاتان المسالتان تغاضى وتغافل عنهما المكتب الاعلامي للتجمع العراقي في رده جملة وتفصيلا! . المكتب الاعلامي للتجمع العراقي لم يكن موفقا في رده حيث حرف مسألة الممثلية بقوله " التجمع العراقي للتحرير والبناء وبتواضع، وكغيره من التنظيمات الوطنية المناهضة للاحتلال، يدعم ويساند المقاومة بمختلف فصائلها، ويحثّ ويعمل على توحيد الصفوف المقاومة لآن بوحدتهم تتعزز إمكانية قيام المرجعيّة الوطنية الشاملة". هنا يخلط التجمع العراقي فيما يخص ممثلية العراق وشعبه بين شيئين منفصلين هما اشكالية تجميع ووحدة القوى المناهضة للاحتلال في الجبهة الوطنية العريضة الشاملة، وبين مسألة عدم تبني شعار "المقاومة العراقية الممثل الشرعي الوحيد للعراق وشعبه"! بل يذهب ابعد من ذلك في عدم تبنيه لهذا الشعارحيث يقول" بأن الفصائل الوطنية المقاتلة لم تدعى لنفسها يوماً بأنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب العراقي، بل يؤكّد العديد من فصائلها بأنها تعبير عن الإرادة الشعبية". هنا وبصورة جلية يصادر التجمع العراقي للتحرير والبناء ليس فقط الجهد المقاوم في ساحة الصراع المباشرة, بل يتجاوز ايضا على الحتمية والبديهية التاريخية في ممثلية المقاومة للشعب المحتل!. المنطق التي يعمل ويتحرك به التجمع العراقي هو؛ بما ان فصائل المقاومة تعبير عن الارادة الشعبية, والتجمع العراقي ايضا تعبير عن الارادة الشعبية بشكل اخر فبالنتيجة انهما متساويان ومتوازيان وبالمحصلة يمكن ان يلغي احدهما الاخر. هذا المنطق يبرره التجمع العراقي بان شعار الممثل الشرعي الوحيد لم يكتب ولم يقال ببيانات فصائل المقاومة العراقية كونها لم تطرح او تطالب بهذا !!!

القسم الثاني في مساهمة الاستاذ قرياقوس تناول مسالة مهمة وحساسة ألا وهي محالات الالتفاف وشق المقاومة العراقية. ان اخذ هذة المسالة على محمل الجد في الممارسة العملية لبرنامج مناهضة مشروع الاحتلال ليست مسألة ترف شخصي تخص الاستاذ قرياقوس او حزبي تخص حزب البعث فقط، بل مسالة تخص كل الكيان العراقي وعلى الاخص الكيان المقاوم سياسيا وميدانيا لانها مسألة وجود؛ اما دحر الاحتلال او دحر المقاومة! لقد شخص الاستاذ قرياقوس وبالتفصيل حالة "ّالتضخم والانتعاش السياسي" التي تعيشها ساحة الخارج العراقي, بما افرزته من تنظيمات ومشاريع ومبادرات سياسية لحل "ّالازمة العراقية", موضحا دوافع واسباب ونشوء هذة المشاريع والتنظيمات السياسية, والتي هي بالحقيقة ليست بمعزل عن ازمة الادارة الامريكية السياسية والعسكرية التي اوصلتهم اياها المقاومة العراقية المسلحة. هنا طرح الاستاذ قرياقوس رأيه بان قسما من هذة المشاريع والمبادرات لاتخلو من صفة المتاجرة السياسية للصراع القائم في العراق، ولا تخلو من مغازلة واضحة للاحتلال من خلال تقديم عرض سياسي محدد "لحفظ ماء وجه المحتلين".

هنا تاتي ندوة بيروت 2005 كمحطة مركزية لتساؤلات ونقد مشروع لما قدمته من "ملفَّات متعلِّقة بجوانب سياسيَّة واجتماعيَّة واقتصاديَّة، كالدستور والقضيَّة الكرديَّة ، والثروة النفطية وغيرها من المحاور", على حد قول الاستاذ قرياقوس. الملاحظ في هذا الشأن هو اصرار اعضاء التجمع العراقي للتحرير والبناء على كون ندوة بيروت مجرد ندوة بحثية!

هناك جانبان متلازمين تناولهما الاستاذ قرياقوس حول ندوة بيروت؛ الاول هو ان التجمع العراقي للتحرير والبناء ماهو ألا نتاج واستمرارية سياسية لمجموعة ندوة بيروت تموز2005. اصبح الان معروفا للوسط السياسي المناهض للاحتلال ذلك الحراك السياسي والمبادراتي لمجموعة بيروت حيث تتكرر الاسماء والشخصيات الفعالة والمحركة علنيا وخلف الكواليس. انا في الحقيقة لم اجد مبررا اؤ سببا عند التجمع العراقي لهذة الحساسية الزائدة عندما تكشف خفايا الامور والتحركات السياسية ولاعبيها الاساسيين؟!

اما الجانب الثاني الذي اثاره الاستاذ قرياقوس فهو ان مجموعة ندوة بيروت هي اول من عمل على تبني وترويج فكرة ومفهوم "المقاومتين" العسكرية والسياسية! هذا التبني لهذا المفهوم المجتزئ للمقاومة هو بنظري ليس اقل من حالة قفز وتجاوز تأريخي واضح لمصطلح المقاومة بوصفه الشامل والضمني والمنطقي لكل حراك سياسي ضد الاحتلال. ان تبني وترويج مفهوم "المقاومتين" اضر بمسألة تعبئة وحشد القوى السياسية والشعبية وراء خندق المقاومة لما وفره من ذخيرة اعلامية جديدة للاحتلال واحزابه الذيلية, حيث استغل ولازال يستغل في خطاب الاحتلال الاعلامي. لقد ادين مفهوم المقاومتين من قبل اكبر فصيل سياسي في المقاومة العراقية بوصفه مفهوم يعرقل ويشق وحدة الصف الوطني جاهيريا وسياسيا.

القسم الثالث من مساهمة الاستاذ قرياقوس كانت تتمحور حول عزم التجمع العراقي للتحرير والبناء على "تشكيل مرجعية وطنية" اؤ "مرجعية وطنية لاتستثني احد", كما يشير البيان الختامي للتجمع. بيان التجمع العراقي يشيرايضا الى"أنّ أمضى سلاح في مقارعة الاحتلال وعملاءه من العراقيين هو في استعادة الوحدة الوطنية عبر التقاء التيارات الوطنية الإسلامية والقومية واليسارية وحتّى الليبرالية الوطنية". هذة اشكالية كبيرة وخطيرة على العمل السياسي المقاوم للاحتلال؛ كيف لايمكن استثناء احد ما في العمل السياسي؟ خصوصا في منطقة يتدرب ويمارس عليها الغرب الامبريالي مؤامراته طيلة اربع وعشرين ساعة في اليوم؟ الم تكن تجربة المعارضة العراقية الخائنة وتجربة الحصار وما رافقه من فرق تفتيش كافيا لعزل بعض العناصر ؟ بل الم تكن تجربة الاحتلال ومحاولاته البائسة للالتفاف على المقاومة منذ ان هزم مشروعه على ارض العراق المقاوم كافية لاخذ الحيطة والحذر؟

بيان المكتب الاعلامي للتجمع العراقي مع الاسف لم يقنعنا بمسألة التعاون مع اناس مشبوهين وانتهازيين وصيادي فرص سياسية ومروجين بائسين لمشروع الليبرالية الغربية في منطقتنا. ان الذي يريد ان يستمر بنهج كرامتشي عليه ان لايطعمه بليبراليي الاحتلال الامريكي!!!

المسالة الاخيرة في بيان المكتب الاعلامي للتجمع العراقي للتحرير والبناء هو مسألة الانتقائية والتجاهل في التعامل مع المقاومة العراقية حيث يقول البيان "ومع ذلك لا بُدَّ من الإشارة إلى أن مبدأ المفاوضات لا غبار عليه في نهاية المطاف، وهو ما أشارت له أدبيات المقاومة مع طرح شروط التفاوض مع المحتل الأمريكي". الملاحظ هنا هو تجاهل التجمع العراقي للتحرير والبناء البرنامج الاستيراتيجي والسياسي للمقاومة العراقية والمعلن في 2003! لكنه من جهة اخرى يشير ويتكأ على مبدأ المفاوضات الذي اقرته المقاومة في برنامجها! ان الذي يحدد المفاوضات هو تحقق الشرط التزامني بين وصول الصراع القائم لحالة اليأس والانهاك التام لقوات الاحتلال وقرار من فصائل المقاومة المسلحة, وليس وجود تنظيم مستعد للتفاوض. كيف يمكن لنا هزيمة اقوى وابشع احتلال عرفته البشرية اذا لم نستفيد من التراكم التاريخي لتجاربنا ولتجارب الاخرين, خصوصا اذا كان الاخرين من ابناء وطننا ويتصدرون قائمة الشهداء والمضحين رئيسا وحزبا واعضاء!!!

في الختام اتمنى ان اكون قد وفقت بمساهمة بسيطة في توضح ماطرح من حوار كتابي بين الاستاذ سعد داود قرياقوس(هنا كصوت لوجهة نظر مقاومة وليست شخصية) وبين التجمع العراقي للتحرير والبناء, بدون مداراة او مغاضاة للحقيقة او عن الحقيقة, والتي نحن بامس الحاجة لتقربها اذا لم نستطع امتلاكها خاصة في مرحلة صراعنا الاخيرة والحاسمة مع الاحتلال الامريكي الايراني.

 

 

 

 

شبكة المنصور

الاحد / 19 / أب / 2007