بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

تأملات في كتاب المقاومة
سميرة رجب نموذج الفكرالعربي المقاوم

 

 

شبكة المنصور

بقلم الدكتورعبدالستارالراوي

 

-1-

الوعي,الالتزام,المسؤولية,ثلاثية المنهج الثقافي الواقعي المقاوم لدى الكاتبة سميرة رجب,منذ ان اختارت الانضمام الى جبهة المشروع النهضوي,وهي تنشئ قبل عشرين عاماً مقالتها الاولى في الدعوة الى ابداع المفاهيم وتجديد العزم,وتطوير الوعي باللحظة التأريخية الخالقة,التي تقتضي ارادة حرة,تمكن طلائع الأمة ومناضليها من بناء (حركة عربية واحدة)من المحيط الى الخليج,للدفاع عن الثورة الفلسطينية(الانتفاضة)واعتبار النضال من اجل حرية الامة ووحدة اقطارها على رأس المهام وفي مقدمتها.

وان الوحدة الفكرية للحركة من خلال الجدل الاجتماعي كشرط ومقدمة لتحقيق الوحدة التنظيمية.للخروج من القوقعة(الحزبية)و(التنظيمات)الجزئية والنظريات العدمية والطوباوية.وان شروط قبول الرأي الاخر,والنقد الذاتي,والمراجعة الفاحصة لموروثنا الاجتماعي والسياسي,كفيل بتوثيق الارتباط مع الجماهير العربية..وان الناصرية والبعث وان اختلفا يوماً,فإنهما عادا ليكرسا مفاهيم الثورة عربياً,وكانا السند الداعم في كل موقع عربي.وسعيا معاً الى تعميق الموحدات الكبرى قومياً في مجال العمل السياسي على صعيد المشروع القومي,لتوطيد جبهة الشعب العربي المقاوم بوصفها جهازاً سياسياً في مسار العمل الطليعي لانجاز مهمات التحرير والنهضة .

-2-

وبنفس حرارة البداية تواصل الصحفية الشجاعة كتاباتها,عن هموم الامة وقضاياها المصيرية الملحة,والتي اصبحت في مقدمة انشغالاتها المبدئية والمهنية في البحرين وفي اقطار الوطن العربي الاخرى على حد سواء.
ولاتزال كما هو حالها منذ ثمانينات القرن الفائت تمضي على ذات المنهج والطريق,وبنفس الهمة العالية وهي تمتلئ ثقة مؤكدة بأن المنازلة على اشدها بين جبهة الشعب العربي المقاوم والامبريالية الامريكية وحلفائها وذيولها,وان الطريق الى الحاق الهزيمة بالعدو وقوات الاحتلال لايمكن ان تتحقق بالتمنيات الكسولة والاحلام الخائبة,بل الايمان بجماهير الامة وبارادتها على احداث تغيير الواقع لصالح مشروع الامة التي اراد لها اعداؤها من الفرنجة والمستعربين والمهرجين,واللقطاء,ان تخرج من التأريخ وان يتحول ابناؤهها الى محض قطيع من الاقنان والمستهلكين فيمالاتزال هذه الامة رغم كل الظلامات والاخطاورالتحديات التي تحدق بها,قادرة على ان تستعيد عافيتها,وتنهض من كبوتها مرة اخرى,عبر شروط النهضه وقوانين النصر,وفي مقدمتها:

1-حرية الارادة.والقدرة على الاختيار
2-الثقة بالنفس والاعتماد على القدرات الذاتية.
3-النزول الى حقائق الواقع.
4-المنهج العلمي في التفكير
5-توفير مستلزمات المواجهة مع العدومرحليا واستراتيجيا
6-المراجعات الفاحصة الشجاعة لتجارب الفكر والعمل وتعمبق تقاليد النقد الذاتي
7-الخروج من قوقعة الذاتية والحزبية الضيقة والتحرر من نزعات الوعي الزائف كالعرقية والمذهبية والقطرية
8-تأصيل الحاضر وتحديث التراث.

-3-


الايماءة الاولى لدى سميرة رجب هي العاصفة المضيئة التي بدأت تتالق في حياتنا(الرخوة)وتدعونا الى مفارقة الرقاد الطويل,وشق عصر الظلمات الذي طوق ارادة امتنا من الداخل والخارج معاً,وان هذه الايماءة التي بدأت شرارتها الاولى بالانتفاضة الفلسطينية الاولى والثانية,وبالنضال المسلح العزوم,تتوهج اليوم في المقاومة الوطنية على جبهة العراق,اعلاءً لمشروع النهضة,وتحطيماً لاحلام الامبراطورية_الصهيونية.
وبهذه الرؤية والمنهج اصدرت سميرة رجب كتابها:"المقاومة من العراق الى الأمة".

تناولت فيه:

الاهداف والمرامي والعدوانية غير المعلنة للولايات المتحدة,والضلالات الاعلامية لماكنة الاكاذيب الامريكية في عدوانها البربري على العراق,وقدمت عرضاً وافياً وتحليلاً معمقاً لماهية وطبيعة المقاومة الوطنية العراقيةوافاق تطورها النوعي,الذي افرز منذ بداية عملياتها القتالية وحتى الوقت الراهن نماذج لاحصر لها من البسالة الوطنية من بينها ملحمة الفلوجة الاولى والثانية,ومارافقها وتلاها من منازلات كبرى في الاقضية والنواحي والمحافظات,ومراكز المدن في عموم العراق وفي جبهاته الاربع,بعد ان شمل الفعل المقاوم خارطة الوطن كله.
ولم تكن المقاومة لتمتد وتتواصل على هذا النحو الخلاق عمودياً و افقياً,وتوقع عشرات الالوف من القتلى و الاصابات في صفوف العدو الانجلو امريكي وحلفائه ومرتزقته واذنابه,لولا امتلاكها حرية الارادة,ووعيها الوطني,وثقتها الراسخة بنفسها,وبقدرتها على مقارعة الفاشية الامريكية والتفوق على تقنيات جيوشها النظامية,الى حد الحاق الهزيمة بجنودها وسلاحها وترسانتها العسكرية.

بل ان شارع حيفا لوحده لقنّ العدو الامريكي وحلفائه من الميليشيات والمرتزقه دروساً بليغة,بعد ان حطم كبرياء الامبراطورية الاولى في العالم,بعد ان حشدت قواتها الغاشمة على مدى ثلاثة اسابيع,ومئات الجند وعشرات العربات المدرعة فأذاقها ابطال الكرخ مرارة الهزيمة,وباءت قوات المارينز بالخسران المبين.

والمقاومة الوطنية وحدها لاغيرها تواصل احكام قبضتها على اعناق دعاة(العراق الجديد)من الاقنان والذيول,والأدلاء الأذلاء,واضطرتهم نار المقاومة الحامية الى الانكفاء,والهروب,واصبحوا كما الطرائد المذعورة يبحثون عن ملاذات امنة في منأى عن الموت الآتي اليهم حتماً,الان او بعد حين,فقد الزمتهم القوة الوطنية الضاربة لمجاهدي العراق وابنائه الشجعان في جهات العاصمة الأربع ان يلوذوا بجحورهم في(مستعمرة المنطقة الخضراء)متوهمين بأنهم في حراسة اسيادهم سيكونون في حرز امين,وفي مكان حصين,فيما خاب املهم,عندما اكتشفوا بأن المستعمرة الخضراء اصبحت في دائرة القارعة,وان الموت قاب قوسين او ادنى.

ان الطابع المميز للمقاومة في العراق انها حاضنة لعموم ابناء الرافدين بكافة الفصائل الوطنية القومية والاسلامية والعلمانية,وان الوزن النوعي لهويتها يكمن في انها تضم اليوم في صفوفها كل العقول والسواعد والافئدة,المؤمنة والواثقة بالتحرير والنصر واعادة بناء الوطن,ورد الاعتبار لتأريخه,وموقعه وعنوانه وتأثيره,بوصفه الجناح الشرقي لأمته العربية.وحجر الزاوية في الامن القومي العربي.

-4-

أثبتت المقاومة الوطنية في العراق حتى الان انها نجحت في اعاقة المشروع الامريكي_الصهيوني,وهي ماضية في سبيلها لسحقه وانهائه الى الابد وانها بهذا العمل المجيد تنقل رسالتها الظافرة من العراق الى الأمة,ومنها الى شعوب العالم كله,ووبفضل موقفها الشجاع فأنها تمكنت رغم كل الصعوبات والمشاق ومحاولات التآمر والتطويق داخلياً واقليمياً,ان تواصل مشروعها الوطني,القومي,والأممي,بوصفها الظاهرة الاصدق تعبيراً عن ضمير الأمة ورسالتها الانسانية في الحرية والسلم والتقدم..

لذلك فأن التحديات الداخلية والخارجية مجتمعة,لن تنال من عزم المقاومة او تعيق تقدمها عن مواصلة كفاحها اليومي حتى يتحقق النصر لمشروع الأمة,في التحرير والنهضة,وانها لن تسمح بأن تتكرر جريمة اجهاض المشروع القومي الذي بدأه الزعيم جمال عبدالناصر,والمناضل صدام حسين,ولن تتراجع او تتنازل او تقبل بأية وسيلة مساومة او تفاوض على حقوق الشعب المقاوم,لا مع العدو الانجلو امريكي الصهيوني,ولا مع سماسرته,ولن تعترف او تشارك بأي عملية سياسية تحت الاحتلال,ولن تتهاون مع القوى الانتهازية,ممن يمسكون العصا من وسطها,كمثل من يضع خطوة في(الجحيم)واخرى في(الفردوس)المزعوم..

هؤلاء جميعاً دعاة(العراق الجديد),دعاة العدوان والتجزئة,والتقسيم,الذين سقطوا بكل احزابهم ومسمياتهم في مستنقع الخيانة العظمى,الذين تعاهدوا مع العدو على تحطيم العراق وجعله قاعاً صفصفاً,لحساب الامبراطوريات الجديدة امريكا وايران,والعدو الصهيوني,بحيث يصبح كما الارض اليباب,بعدان افرغوا حقدهم المريض في كل ماهو بهي وجميل في العراق..

ومن اجل ان تستمر هيمنتهم على البلاد عمدوا واسيادهم الى صياغة مدونة بائسة مليئة بالمغالطات والاهواء والثقوب والالغام اطلقوا عليها بهتاناً(الدستور)..

الغاية منها,تفتيت وحدة العراق وتجزئة الأرض,وتفكيك الشخصية الوطنية.

-5-

اما المصالحة الوطنية,فهي ليست اكثر من فرية نطق بها الحمقى والبلداء والأدلاء الأذلاء,اصحاب السوء من ماركة صنع خارج العراق,هؤلاء أشبه بالمادة الاستعمالية(المعادة)غارقة حتى اذنيها في الخيانة والاكاذيب.
هل يعقل ان تجري مصالحة بين(الخائن)و(الوطني) بين(الدخيل)و(ابن البلد) وهل بوسع الفقه الوطني ان يقيم القسط مع النقائض والاضداد,بين القاتل والشهيد,فلا مصالحة مع حكومات احزاب(بريمر)وزبانيته المنبوذين من(الرأس) حتى(القدم).

واذا كان العدوان البربري الذي شنته فاشية القرن الواحد والعشرين الامريكية,بكل جبروتها التقني وعدوانيتها الهمجية,فأن جبهة الحرب ضد الشعب اتسع مداها لتشمل اصحاب نظرية(العراق الجديد)االامريكية حكام المستعمرة الخضراء الذين فتحوا ابواب(الحرية)و(العمل الديمقراطي)امام الايرانيين والصهاينة معاً.

وقد انكشف(المستور) وافتضحت الادوار قبيل واثناء وبعد الاحتلال,بعد ان وفرت احزاب الاحتلال وبالاخص المشاركة منها في مؤتمري لندن وصلاح الدين,وفرت هذه العصابات,الاغطية المناسبة للانشطة الايرانية(الاستخباراتية)و(العملياتية),فيما تولت الاحزاب المصنوعة في ايران والموالية للوليّ الفقيه تهيئة الظروف المواتية امام الحرس الثوري,وجهاز المخابرات الايرانية,والمرتزقه لتمكينها ومعاونتها من ا قامة العديد من المحطات الاستخبارية ومراكز القتل وفرق توزيع الجثث (المعروفة الهوية).!!!

-6-

أما في شمال الوطن فأن(الرأس)الذي يعد نفسه امام الايرانيين بأنه واحد من مواطني ولاية الفقيه فانه هو لاغيره من اقام لهؤلاء القتلة معسكراً للتدريب ومحطة مخابرات منذ عام 1992.
وعندما باشرت المدفعية الايرانية قصف القرى الكردية طوال صيف 2007 ,لم يجرؤ احد من(الذيول) بما فيهم (الراس)ان يعلن ولو لمرة واحدة احتجاجاً على تدمير القرى وتهجير المواطنين.الذي اكتفى بالقول انه يدعو الاشقاء الى وقف العمليات العسكرية!!

هل بوسع العراقي ان يمد يده لهؤلاء الاوغاد,بكل حلقاتهم التآمرية وعبر حكوماتهم الاربع,وهم يهددون الشعب العراقي بأنهم سيلجأون الى الاستعانة بأهليهم الايرانيين في حال تعرض حكومة الاحتلال الرابعة الى السقوط,وان العديد من هؤلاء سواء في الحكومة اوالبلاط و(البرلمان)يتباهون بأنهم يحملون جنسية ايرانية وانهم موالون لنظام ولاية الفقيه,وان الفيدرالية التي يطالب بها هؤلاء في جنوب ووسط العراق ستكون فرعاً للولاية المركزية في ايران.

وان جماعة الاحزاب الموالية لطهران انفسهم وعلى مواقعهم الالكترونية يتحدثون بلسان فارسي فصيح,من ان كبيرهم الذي علمهم السحر(الذي انقلب السحر عليه),سيكون نائب المرشد الاعلى الايراني,فور قيام الفيدرالية في جنوب ووسط العراق.

فيما وعدت هذه الاحزاب ايضاً بانهم في سبيلهم الى تفصيل فيدراليات اخرى على مقاسات وحجوم الكتل البرلمانية,وبعضها جاهز للتسليم.

واذا كان للكيان الصهيوني مايزيد عن عشرة مكاتب في شمال العراق لوحده,فأن العديدمن مراكز البحوث,ومايسمى بمنظمات المجتمع المدني,ووكالات السفر,ومكاتب السماسرة والمقاولات تعد مراكز واوكار وسيطة بين الاحتلال والحكومة,لتنفيذ ماتراه جديراً بديمومة(الفوضى الخلاقة)لافراغ البلاد من العباد,بالقتل والتهجير,او الاقصاء.

وقد يلتقي الخصمان اللدودان,بعد ان ظنا ان لاتلاقياً حول اهداف مخصوصة,لذلك فأن قوات العدو الامريكي,تغض الطرف عما يقوم هذا الحزب او ذاك,طالما يحقق المصالح العليا للولايات المتحدة .

وفي الختام
فان(المقاومة من العراق الى الامة),
الذي أنشأت فصوله الباحثة سميرة رجب,
يعد واحداً من اهم الاصدارات في فقه المقاومة,في هذه الفترة.
احيّ الكاتبة وأشد على يديها,ولها ولقلمها العربي الحر,الف سلام.
والمجد للعراق العربي الواحد الاسد والخلود لشهدائناالابرار

 

 

 

 

شبكة المنصور

الثلاثاء /  20 رمضان 1428 هـ  الموافق  02 / تشــريــن الاول / 2007 م