شبكة ذي قار
عـاجـل










هل أدرك النظام العربي الرسمي سوء فعله السياسي؟  - الحلقة الرابعة

 

زامل عبد

 

بات العقل الجمعي العربي متعايشا مع واقع فساد الحال السياسي في الأمة فيروى عن مشايخ المذهب المالكي قولهم  (( من اشتدت وطأته وجبت طاعته ))  ويحكى أن رئيس العسكر المملوكي سأل فقيه البلد وهو يحمل رأس السلطان المقطوع  من هو السلطان ؟  فأجابه الفقيه  (( السلطان من قتل السلطان ))  والمقولة الشهيرة لمحمد عبده (( إنما ينهض بالشرق مستبد عادل )) بقوله (( مستبد عادل يصنع بـالعدل ما لا يصنع بـالعقل )) والسؤال هل هناك تعبير عن شقاء الوعي وتمزقه إزاء مشكلة الحكم ، الديمقراطية أوالشورى أفصح وأقوى من هذا التعبير الذي يجمع بين الاستبداد والعدل ، ويجعل العدل في مقابل العقل  ؟ ، إن تقييم الفشل السياسي في العصر الحديث يبرز الدور المدمر الذي مارسه حكام النظام العربي الرسمي بفترة ما بعد الاستقلال بوضوح لا لبس فيه فعندما ننظر للمستوى القيادي في عدد من الدول العربية الهامة وكيف وصل بها الفساد والإجرام والفشل لحدود جنونية ، أودت بأرواح الآلاف من أبناء الأمة وأبقت الملايين منهم يعانون الفقر والعجز والتخلف  فمن ليبيا وتونس والمغرب ولعائلة الأسد واليمن الذي غيبت سعادته التي تغنى بها الشعراء والموثقين وحسني مبارك وما لعبه من دور تخريبي والخبث الذي عمل به ال سعود وال زايد وال صباح  والمدعين انهم سياسيين جمعتهم امريكا من شوارع الخساسة والنذالة ليكونوا متسلطين على رقاب العراقيين يبرز بوضوح هائل كيف مارست هذه الأنظمة شتى صنوف الفساد والإفساد بحق شعوبها ، فقد حكمت بالحديد والنار وانتقلت بدولها من الاستعمار الخارجي لحالة من الاستحمار - بحسب تعبير المرحوم الدكتور شريعتي -  يمكن وصفها بالاستعمار الداخلي ، حتى وصل الحال بالمواطن العربي بأن يكون وجوده في بلده يعني فقدان الكرامة والحرية والعيش الكريم ، ولذا أضحت الهجرة للخارج هي الحلم الأكبر لنسبة كبيرة من الشبان العرب  ، ولكن هذه الحقيقة الواقعة هي نتاج أزمة حكم مزمنة  ،  وعندما قدم البعث الخالد تجربته في قيادة العراق القومية الوطنية بثورته الرائدة 17 –  30 تموز 1968 والتي اريد لها انبعاث الهدف الستراتيجي لثورة 8 شباط 1963 وجعل العراق بؤرة النضج القومي من خلال المشروع القومي الوحدوي التقدمي الثوري والذي عمل المرحوم القائد المؤسس والشهيد الحي المجدد صدام حسين  تطوير مضمون المشروع القومي لتكون القومية حضارية  اكثر من الفهم العرقي وحسبما ورد في دستور البعث الخالد ، المرحوم القائد المؤسس احمد ميشيل عفلق في خطابه بالذكرى 42 لتاسيس البعث الخالد في 7 نيسان 1989 تناول المشروع القومي والتطور الحضاري ورؤية البعث للديمقراطية (( كان هم البعث منذ البداية ، أن يمثل التجرد القومي في نضاله، وان يرتفع فوق عوامل التجزئة وان يتجاوز الوسط الذي خرج منه ونشأ فيه لكي يمثل الحاجات الأساسية للأمة. بالرغم من انه نشأ في قطر معين من أقطار المشرق هو سورية العربية، فانه كان يدرك انه نتاج الأمة. لذلك كان حريصا على التفاعل مع قضايا الوطن الكبير، ومتنبها إلى ضرورة إنضاج صيغة وحدوية في الفكر والنضال، صيغة مبدئية حرة ومرنة تستوعب كل ما هو ايجابي في خصوصيات أقطار الوطن العربي، وتسمح بالتفاعل فيما بينها، وتدفع بعوامل التطور فيها، وتكون مفتوحة على المستقبل بلا حدود  ، كان الحزب منذ نشأته يملك الطموح لان يمثل الأمة، وان يمثل القومية العربية بكل تجرد، لا ينحاز إلى قطر ولا يرجح قطرا على آخر ،  إلا ضمن المقاييس القومية التي تقرر بان الانحياز لا يكون إلا للنضال فعندما يكون النضال مستعرا في قطر فهذه هي الأمة وهذا ما يستحق أن تنحاز إليه ، ومنذ بدايته راهن البعث على عمق الاتجاه الوحدوي عند العرب في جميع أقطارهم ، وعلى كون هذا التوجه يشكل ابرز سمات المرحلة التاريخية فكان يتطلع بضميره وعقله إلى ثلاث جهات في الوطن الكبير، يعتبرها أساسية بالنسبة للمستقبل العربي إلى دور العراق القومي ، والى دور مصر النهضوي ، والى أهمية أقطار المغرب العربي  ، كان للعراق منذ عشرينات هذا القرن ، الريادة في التوجه القومي والتطلع إلى حمل رسالة الوحدة وكانت مصر منذ أواسط القرن الماضي تحمل مشعل النهضة والتجدد والفكر والثقافة وكانت أقطار المغرب العربي تتمخض عن الثورات التحريرية تحت راية العروبة الإسلامية في الأربعينات ، قبل نهاية الحرب العالمية الثانية ، عبأ البعث الجماهير ضد فظائع الاستعمار الفرنسي في الجزائر، ودعا إلى دعم حركات التحرير في أقطار المغرب العربي كافة وفي الخمسينات رفع شعار الوحدة مع مصر قبل عامين من قيام دولة الوحدة ، ولم يكن يرى في ذلك تناقضا مع دعوته في الأربعينات إلى اتحاد سورية والعراق إذ أن البعث كان يعتبر أن مصر، وهي القطر الأكبر والأسبق إلى النهضة الحديثة ، ما تزال بحاجة إلى المزيد من التفاعل القومي  ، إن الطروحات الفكرية حول الديمقراطية ، على أهميتها ، ومهما كانت قيمتها ، تبقى مجردة إذا لم تلامس حقيقة ما تمثله الديمقراطية في المرحلة المقبلة من عودة للروح التي غابت عن الأمة ، عندما غيبت الجماهير ، والحقيقة الثانية مرتبطة بالأولى ومستنبطة منها وهي : إن القضية القومية أصعب وأكثر تعقيدا من أن يستطيع تيار واحد ، أو حزب واحد ، أن يفي بحاجاتها وان يقوم بحلها أو يستوعبها . فإذن هي بحاجة إلى جهود الجميع ، والى آراء ووجهات نظر مختلفة تتكامل ويصحح بعضها بعضا والحقيقة الثالثة تتلخص في أن الديمقراطية عندما تصبح حقيقة واقعة في الحياة العربية ، تكون المصدر لشرعية جديدة تأتي من حصيلة الحوار والنضال والاختبار العملي النضالي ، ومدى التجاوب مع أماني الشعب وإرادة الجماهير ، ومدى تمثل هذه الحركات لتطلع الجماهير إلى النهضة والتقدم والدخول الحاسم في الحياة العصر . لان الشرعية التي تقدمها الديمقراطية لا تكتمل إلا بالتوجه نحو العدالة الاجتماعية ونحو تحرير الطاقات الجماهيرية من ضغط الحاجات اليومية. فكما أن الديمقراطية والوحدة تشكلان حالة إنقاذ، فان الاشتراكية تشكل بدورها الضمانة الأساسية لحيوية هذين الهدفين ولربطهما بمصلحة العدد الأكبر)).

 

يتبع بالحلقة الأخيرة.

 






الاربعاء ٣ رمضــان ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٣ / أذار / ٢٠٢٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة