شبكة ذي قار
عـاجـل










هل أدرك النظام العربي الرسمي سوء فعله السياسي؟  - الحلقة الثالثة

 

زامل عبد

 

كانت ردود افعال الحقد والكراهية والعداء تجسد ذلك من خلال التآمر او شراء ضمير البعض ليمارس دوره التخريبي في جسم البعث الخالد، فأقول تعاقبت الأيديولوجيات الحاكمة بأصنافها التي اشرت لها أعلاه ولكن الفشل بقي حاكما ومسيطرا فقد حكم العسكري والمدني ، المديني والريفي ، العلماني والإسلامي الجمهوري والملكي، جرب الحكم من هادن الاستعمار وجربه ومن ثار ضده الاستعمار متخذا من رموز أجنبية دالة لثورته واهدافه وهذا يمكن حصره في فعل ومنهج الاحزاب الشيوعية التي زرعت في الوطن العربي والتي كانت ترى في الاتحاد السوفياتي السابق ولينين وكارل ماركس وجيفارا ... الخ الانموذج الواجب الاقتداء به ومع ذلك لم تتغير -  تقريبا -  نتائج هذه التجارب المتنوعة بين الفشل وعدم الصدق في الوعود ،  فأصبحت السياسة في أذهان كثيرين رديفا للصراعات والحروب والكوارث ففي الماضي القريب كانت الشكوى من انحراف وعوار الاشتراكية والشيوعية والقومية المغلقة  ، الآن باتت الشكوى من انحراف وخطورة الإسلام السياسي ، وتحديداً جماعة الإخوان المسلمين وحزب التحرير والفاطميون وما افرزته من تيارات واتجاهات اسلامية عاثت فسادا في المجتمع العربي والاسلامي ، واليوم تعيث في ارض العراق فسادا اداريا وماليا وسياسيا ومنها الاحزاب التشيع السياسي التي تبنتها ايران بماضيها الشاهنشاهي وبنظام الملالي الصفوي بكل معنى الكلمة والمتطلع اكثر من الشاه الى اعادة الامبراطورية الفارسية للوجود الفعلي  وكحد ادنى في المشرق العربي كمرحلة اولى بعد ان تمكن الفرس من تحقيق حلمهم الامبراطوري فكريا من خلال المرجعية التي انشأها الطوسي في النجف الاشرف قبل 766 سنه قدم من خلالها خدماته الى هولاكو والشاه عباس الصفوي وابنه طهمازب ومن تلاهم من خلال الغزوات والاحتلالات التي تعاقبت على عاصمة الدولة العباسية بغداد ، لم يتجاوز الأمر في الحالتين حدود الشكوى والهجاء إلى إتاحة مساحة لاجتراح منظومة فكرية وسياسية تقدم المناسب والأنجع ، وهذا يعبّر عن مأزق حكم يعيد إنتاج نفسه من مرحلة تاريخية الى أخرى واشار الى ذلك الدكتور محمد جابر الانصاري في كتابه  (( العرب والسياسة أين الخلل ؟ ))  فيشير لجملة من الأسباب (( التي جعلت الفشل السياسي عند الحاكم العربي مرضا مزمنا لم يتم بعد بحث أسبابه عميقة وجذوره الضاربة في عمق التاريخ بما يكفي من الوضوح والشفافية ، وكمقدمة لهذا البحث يتحدث عن ظروف التاريخ والجغرافيا المسببة لهذه الظاهرة فتاريخيا عانى العرب من تسلط القوى الأجنبية الحاكمة عليهم -  كالترك والفرس - لقرون طويلة كما عانوا من انعدام استقرار الدولة بصفتها مدرسة السياسة لفترات طويلة ، فكأن العرب اختاروا كلمة دولة للدلالة على كثرة التداول والتغير والتبدل بعكس معنى الثبات والاستمرار ويستشهد على ذلك بكثرة تنقل عاصمة ومركز هذه الدولة كما لم يحدث لغيرها قط ، فمن المدينة للكوفة لدمشق لبغداد لإسطنبول ، وفي كل هذه الفترات كانت دويلات صغرى تقوم وتنهار في أمصار الدولة المختلفة جغرافيا وعلى عكس أمم كالهند والصين )) عانت الأمة العربية من تقطيع الصحاري والجبال لأوصالها وعلى عكس دولة قصية معزولة كاليابان عانى العرب من موقعهم الاستراتيجي المتوسط بين الدول والإمبراطوريات ، فكانوا فريسة التدخلات والتأثيرات والأطماع الخارجية المستمرة لهذه الأسباب الطبيعية وغيرها تتابعت الكوارث والماسي السياسية في ذاكرة العرب حتى أصبحت السياسة في أذهانهم رديفا للصراعات والحروب والكوارث ووصل الأمر بكبار مفكريهم وعلمائهم للدعاء بـأعوذ بالله من السياسة     ولفظ السياسة { ومن ساس يسوس وسائس ومسوس } وهناك من قدم النصيحة (( ألا تخالط الأمراء والسلاطين ولا تراهم ، لأن رؤيتهم ومجالستهم ومخالطتهم آفة عظيمة )).

 

يتبع بالحلقة الرابعة

 






الاحد ٣٠ شعبــان ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٠ / أذار / ٢٠٢٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة