شبكة ذي قار
عـاجـل










ادعاءات القيادة "الإسرائيلية" بنجاحها في القضاء على المقاومة الفلسطينية في غزة تدحضه الوقائع على الأرض

أ. د. مؤيد المحمودي

 

 

ادعى نتنياهو في تصريحاته الأخيرة بأنه تم القضاء على حوالي 75 % من المقاومة الفلسطينية في غزة وأن إسرائيل لا تقبل بأقل من الانتصار الكاسح عليها. وهذه التصريحات تزامنت مع ادعاءات وزير الدفاع غالانت التي أشار فيها الى نجاح القوات الاسرائيلية في تفكيك هيكلية المقاومة بشمال غزة كي يبرر السبب في عملية سحب ثلاث فرق عسكرية من تلك المنطقة. وفي خان يونس كانت قوات العدو تعلق أمالا كبيرة على تحقيق اخترا ق كبير فيها لاعتقادها بوجود قيادات المقاومة والمحتجزين الإسرائيليين في هذه المنطقة بالذات من غزة. ولكن بعد ما يقارب السبعين يوما من الهجوم البري للقوات الإسرائيلية عليها باستخدام ثمانية ألوية لم تنجح تلك القوات الا في تدمير مستشفى ناصر ثاني أكبر مستشفى في غزة وقتل ألاف الأبرياء وتشريد القسم الأخر منهم بعد هدم مجمعاتهم السكنية بالكامل. ونتيجة لفشل قوات العدو في تحقيق أهدافها الاستراتيجية وتكبدها خسائر فادحة في الأرواح لجأت الى تخفيض تلك القوات الى النصف كخطوة أولى نحو سحبها بالكامل مدعية نجاح تلك  القوات في القضاء على كتائب المقاومة في خان يونس. وهذا الهاجس الذي يعيش في مخيلة قادة اسرائيل بالقضاء على المقاومة  يبقى مجرد تمنيات بعيدة عن الواقع، أخذ يلجأ اليه حتى الوزراء الذين لا يمتلكون دراية في الشؤون العسكرية مثل اليميني المتطرف وزير المالية سمودريش . والذي صرح مؤخرا أن القضاء على قادة المقاومة أهم من عودة المحتجزين الإسرائيليين، مما أثار استهجان وسخرية الشارع الاسرائيلي.عليه. وقد قابله تعقيب معاكس من وزير مجلس الحرب غانتس الذي أكد فيه على وجود تقدم في عملية تبادل الأسرى مع الجانب الفلسطيني .وبغض النظر عن تلك الانتصارات الزائفة لقادة العدو ، بعد مرور حوالي 140 يوما على بدا المعركة لا زالت كفة الصراع تميل لصالح المقاومة الفلسطينية، كما تؤكده الأدلة التالية :

أولا: ظهور تململ لدى بعض القطعات في الجيش الإسرائيلي من الرغبة في المشاركة بالحرب على غزة،  بالرغم من ان بعظهم ينتمون  لقوات النخبة. ويعتقد أن أسباب هذا التململ تعود بالدرجة الأولى الى الاجهاد من الحرب الطويلة التي لم تخضها إسرائيل سابقا لهذه الفترة من الزمن، وكذلك بسبب الحالة النفسية السيئة لهذه القوات.

ثانيا: حاولت القوات الاسرائيلية أن تسوق انتشارها عسكريا في أية  منطقة بغزة على أنه يمثل السيطرة الكاملة عليها كما اعتبرت هذا الانتشار بمثابة انكسار تام للمقاومة وانتصارا عليها. وهذه الاستراتيجية يمكن أن تنطبق على حروب الجيوش النظامية  وليس في حالة الحرب غير النظامية مع مقاومة لا يهمها مسك الارض بل تعتمد اسلوب حرب العصابات التي تتخذ اسلوب التخفي والظهور فقط عند الحاجة للقيام بعملية عسكرية محددة.

وكدليل على فشل هذه الاستراتيجية الإسرائيلية ما حصل مؤخرا في شمال قطاع غزة عندما اشتكت قوات العدو من حصول ثلاثة حوادث خطره في حي الزيتون أسفرت عن خسائر بشرية في صفوف الجيش. بالإضافة الى حدوث اشتباكات مسلحة أخرى مع المقاومة الفلسطينية في جبالايا. وكان من المفترض أن تكون هذه المناطق في شمال غزة قد خضعت في السابق لعملية تمشيط عسكرية من قبل قوات العدو ادعت فيها خلوها  من رجال المقاومة ونجاحها في تفكيك كتائبها القتالية فيها. وهذه الاشتباكات الجديدة للمقاومة تؤشر نجاحها في تنظيم صفوفها بشمال قطاع غزة ، مما دفع بقوات العدو الى شن هجوم جديد بلوائيين على حي الزيتون في شمال القطاع. والملاحظ على عودة المقاومة هذه المرة  أنها كانت قوية وتزامنت مع استخدام تكتيكات جديدة تمثلت في استعمال العبوات الناسفة المضادة للدروع ومدافع الهاون ضد التجمعات العسكرية للعدو، مما يدل على ان القيادة والسيطرة لدى المقاومة لا زالت متماسكة.

ثالثا : انتقد الجنرال الاسرائيلي المتقاعد اسحاق بريك  اداء الجيش في غزة الذي وصفه  بالفوضوي ، وأشار الى أنه يعاني من مشاكل لوجستية كثيرة مع طريقة الامدادات . بالإضافة الى الخسائر الكبيرة في الارواح التي تخضع الى عملية تعتيم  من قبل الجيش  والتي تتناقض مع ما تورده المستشفيات من تقارير بشأنها  . كما ان الخسائر في الدبابات هي الاخرى كبيرة جدا في غزة ولا تتوفر الامكانيات الكافية لإصلاحها واعادتها للخدمة سريعا.

رابعا : الرسالة الخطيرة التي بعث فيها الوزير آيزنكوت مؤخرا الى مجلس الحرب الاسرائيلي يحذر فيها من الصعوبة المتزايدة في تحقيق الأهداف بغزة. وآيزنكوت شخصية عسكرية بارزة شغل منصب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي في الفترة بين 2015 إلى 2019، وقُتل ابنه وكذلك ابن شقيقته في ديسمبر/كانون الأول 2023 في معارك بقطاع غزة وهو الأن يشغل منصب وزير في مجلس الحرب.

و بين في تلك الرسالة الى" تعثر المخطط الاستراتيجي للحرب، وهو يهدد عمليا تحقيق أهداف الحرب، وعلاوة على ذلك، الوضع الاستراتيجي لدولة إسرائيل . كما بين بعد أكثر من 4 أشهر من الحرب، من المناسب تقييم الإنجازات ودراسة اتجاهات الاستمرار" . وأضاف آيزنكوت "إن هدف تقليص قدرات حركة المقاومة الفلسطينية العسكرية والسلطوية لم يتحقق إلا بشكل جزئي، وكذلك إعادة المحتجزين من قطاع غزة، وإعادة الأمن لسكان منطقة غلاف غزة ". وأوضح آيزنكوت أيضا " أن ثمة قرارات يتيعن على مجلس الحرب اتخاذها وتشمل الانتقال الكامل للمرحلة الثالثة، وهي مرحلة المداهمات المركزة مع التموضع خلف شريط (حزام) أمني خارج القطاع، وتنفيذ صفقة لتبادل الأسرى قبل حلول رمضان المقبل". وفي نهاية رسالته انتقد آيزنكوت رئيس الوزراء  نتنياهو والمصطلح الذي صاغه "النصر الكامل"  على المقاومة وقال إنه من الصواب أن يناقش مجلس الحرب هذا المفهوم بجدية وتوضيحه عمليا.

من الواضح ان القيادة الاسرائيلية تلجأ الى الادعاء بانتصارات وهمية مزعومة في حربها على غزة من أجل تسويقها الى الشارع الاسرائيلي لأغراض انتخابية بحتة ولتجنب المستقبل الغامض الذي ينتظر معظم قادتها اذا ما توقفت هذه الحرب من دون تحقيق أي من الأهداف الاستراتيجية التي وضعت من أجلها.

 

 

 






الثلاثاء ١٧ شعبــان ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / شبــاط / ٢٠٢٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أ. د. مؤيد المحمودي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة