شبكة ذي قار
عـاجـل










هل الحق يؤخذ من المغتصب بالتفاوض ؟   -   الحلقة الثانية

 

زامل عبد

 

إعادة الحق إلى أهله وإرجاع فلسطين إلى الوطن العربي  جغرافيا  والأمة العربية انتماء  وهذ أمر تتحمل مسؤوليته الأمة العربية والإسلامية وكل الاحرار في العالم لأن انهاء الظلم ومقاومة الظالمين واجب انساني ولا يقع على عاتق أهل فلسطين وحدهم ، فالغصب في الإسلام كخاتم الديانات السماوية محرم كما ما نصت علية التورات والزبور والانجيل واللوح ، وأخذ الشيء بغير حق جريمة لا يسمح بها ،  والمغتصب ملزم بإعادة ما اغتصب مهما طال الزمان أو قصر ،  بل إن كل الديانات السماوية تجرّم كل من يعاون ذلك المغتصب فيما اغتصب الأرض او المال والانفس وتمنع أي شكل من أشكال ذلك التعاون وذلك ، قَالَ رَسُولُ اللَّه صل الله عليه واله خير البرية  وسلم  (( عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ ، حَتَّى تُؤَدِّيَهُ )) هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن كيان يهود كيان كافر، لا يجوز أن يُجعل له سلطان على المسلمين ، أو على أرض الإسلام ، لقوله تعالى  * وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا * وقوله تعالى* إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ  * فالقتل والإخراج من الديار والمظاهرة على الإخراج جميعها أفعال إجرامية مارسها الكيان الصهيوني بحق المسلمين في فلسطين وما احتل من الأراضي العربية عبر الحروب التي شنها منذ 1948 ولليوم في غزة وما اتركب من مجاز بشعة  وابادة جماعية ،  فكيف لمسلم أن يغفر له جرائمه ؟ أما من حيث إسقاط تجارب تاريخية على واقع هذا الكيان والعلاقة معه ، فهي استدلالات في غير محلها  ومجانبة للصواب  ،  فمثلا صلح الحديبية لا مجال للقياس عليه لأن قريشاً في مكة كانت كياناً قائماً بذاته على أرضها ، ولم تكن قوة محتلة لأرض إسلامية حين فاوضها النبي صل الله عليه واله خير البرية  وسلم ، وعقد معها الصلح وعلى العكس إن كنا نزن الأمور بميزان الربح والخسارة فأقول من لا يرى ولا يدرك خصوصية القضية العربية المركزية فلسطين أولا والحق الفلسطيني ثانيا وخصوصية المشروع الصهيوني المؤسس على الاستيلاء بالقوة على فلسطين وطرد شعبها من بيوته وأراضيه إلى خارجها وإحلال اخرين من يهود العالم مكانهم بخدائعهم او من خلال ما مورس بحقهم من اضطهاد مصطنع الغرض منه اجبارهم على الهجرة الى فلسطين فإنه يخطئ خطأ كبيرا ، لو أريد تبسيط الصورة فإنه يمكن تشبيه المعادلة بمتخاصمين أحدهما صاحب الحق في بيته والآخر استولى على البيت وطرده منه بقوة السلاح وهذا المغتصب يقول لصاحب الدار ما معناه  -  أن الحق للقوة  -  فلا حق لك في بيتك أو في عودتك إليه أو في إخراجي منه وذلك بناءً على قانون - الحق للقوة -  ويمكننا توصيف الدعم الامبريا صهيوني للمستعمرين  - المستوطنين  -  عسكريا وماليا  جعلهم يرتكبون الجرائم  بأبشع اساليبها وممارساتها ترهيبا وترغيبا لقبول الامر المفروض عليهم تهجيرا قسريا  مع غياب  القانون دولي الذي انحاز كليا للعدو الذي امعن بالتمرد والرفض أي قرار صادر يلزمه التخلي عن برنامج التهويد لكل الأراضي الفلسطينية او التمدد على حساب الأراضي العربية الأخرى كما هو الحال في لبنان وسوريا والأردن  ،  وإذا شئت أن تحل المشكلة فلنحتكم إلى قانون  - الحق للقوة -  وإلا فتعال لنتفاوض على أساس إسقاط كل ما تدعيه من حق وتعترف بأن الحق لي وهذا هو المنهج السائد لان نظام العهر والرذيلة مستسلم لإرادة قوى العدوان ويعمل بكل إمكاناته الحصول على القبول والرضا ليبقى متمسكا بزمام الحكم  ،  ومن هنا بادر النظام السعودي ((  بمبادرة ولي العهد عبد الله بن عبد العزيز في حينه والتي جاءت بكلمته التي القاها في مؤتمر القمة العربي غير العادي في القاهرة حزيران 1996  تحت شعار السلام العادل والشامل خيار استراتيجي للدول العربية يتحقق في ظل الشرعية الدولية  ، داعياً إلى انسحاب إسرائيل الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة منذ 1967 ، تنفيذا لقراري مجلس الأمن ( 242 و 338 )  ))  والذين عززتهما قرارات مؤتمر مدريد عام 1991 ومبدأ الأرض مقابل السلام ، وإلى قبولها قيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية وذلك مقابل قيام الدول العربية بإنشاء علاقات طبيعية في إطار سلام شامل مع (( إسرائيل )) وبهذه المبادرة السعودية  التي اقرها حكام النظام العربي الرسمي ما عدى العراق بقيادته الوطنية القومية سلب الحق الامة والشعب الفلسطيني في تقرير مصير فلسطين ومصيره عليها ، ضمن حدودها التي قامت في لحظة احتلالها من قبل الاستعمار البريطاني  ،  أما  الطرف الآخر المغتصب لفلسطين فقد تمكن من السيطرة على فلسطين وطرد شعبها ، من خلال استراتيجية بريطانية راسخة الأركان ، وقد دعمت بعد الحرب العالمية الثانية - لا سيما مع قرار التقسيم رقم 181 لعام 1947-  بشبه إجماع من قبل الدول الكبرى المسيطرة على ميزان القوى العالمي والنظام الدولي السائد في حينه ، وما زالت لها امتدادات حتى يومنا هذا تتزعمها راعية الإرهاب العالمي أمريكا والغرب المتصهين  ، فالقانون الذي حكم وما زال يحكم المشكل الفلسطيني هو - قانون الغاب على المغلوب - والذي يسميه البعض ((  قانون الحق للقوة )) وهذا اليوم يتجلى في العدوان الابشع من النازية على غزة وشعبها.

 

يتبع بالحلقة الثالثة

 






الاربعاء ١١ شعبــان ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢١ / شبــاط / ٢٠٢٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة