شبكة ذي قار
عـاجـل










لماذا لم يستطع العالم إيقاف حرب إبادة الفلسطينيين؟

فؤاد الحاج

 

 

أكثر من شهر ونصف الشهر مر والعالم يتفرج على مجازر الإبادة الجماعية والبطش والتنكيل بالمدنيين التي يقوم بها الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، ليس في غزة فحسب بل وفي مناطق أخرى من فلسطين التي سقط خلالها عشرات آلاف الضحايا من الشهداء والجرحى عدد كبير منهم من الأطفال والنساء والمسنين المدنيين، عدا تدمير البنى التحتية والمستشفيات ودور العبادة والجامعات والمدارس ودور الحضانة والأبنية السكنية، ورغم ذلك لم يستطع العالم الضغط لإيقاف الحرب في فلسطين؟

فهل شعوب العالم التي تتظاهر بمئات الآلاف يومياً بشكل شبه يومي ضد العنصرية الصهيونية وإبادة الشعب الفلسطيني، وتطالب بإيقاف الحرب العنصرية، نجحت في تحقيق مطالبها؟ ولماذا لم تنجح ما تسمى هيئة الأمم المتحدة وكافة منظماتها والدولية ولجانها من مجلس الأمن الدولي، إلى منظمة الصحة الدولية، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة المعروفة بـ(يونيسيف)، ومجلس حقوق الإنسان، وصولاً إلى وكالة الغوث الدولية لإغاثة وتشغيل اللاجئين المعروفة اختصاراً بـ(الأونروا) وغيرهم من منظمات إنسانية دولية، إضافة إلى عدد من برلمانات دول العالم الغربي التي يطالب النواب فيها بالعمل على إيقاف تلك الحرب وقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني وطرد سفرائه؟ والسؤال الأهم هو هل باستطاعة دول المنطقة الممتدة من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي أن توقف حرب الإبادة في غزة وأن تطرد سفراء الكيان الصهيوني وأن تغلق مكاتبه في دول مشرق ومغرب البلدان العربية؟! وهل مناشدات ملوك ورؤساء وأمراء بعض البلدان العربية بإيقاف تلك الحرب التي أسموها في خطبهم وكلماتهم أنها حرب ضد الإنسانية والبعض منم طالب بتقديم المسؤولين الصهاينة عن تلك المجازر البشعة إلى المحاكم الدولية لأنها تتعارض مع القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان وحق تقرير المصير بحسب ما أعلنوه!

تساؤلات كثيرة تترى يطرحها كل متابع لمجريات الوضع في فلسطين المحتلة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر دون أن يجد جواب شافي وواقعي!

ربما أقدر أن أجاوب على تلك التساؤلات باختصار ببضع كلمات.

ولكن قبل ذلك أود هنا أن أوضح أنه قبل غزو العراق واحتلاله سنة 2003 طافت تظاهرات مليونية كل دول العالم لعدة أشهر تطالب بعدم غزو العراق وكان شعارهم "لا للنفط مقابل الدم" و"لا للحرب ضد العراق" ورغم ذلك تم غزو العراق واحتلاله وتدميره وإعادته إلى عصر ما قبل الصناعة دون أن يكون لأصوات تلك الملايين أي تأثير على أي من حكومات وأنظمة دول العالم، بموافقة ومشاركة استخباراتية وأمنية وعسكرية ومالية من أنظمة عربية بالتعاون مع إيران، ثم تم تسليم العراق إلى ملالي قم وطهران الذين سلموه بدورهم إلى مرتزقة من عصابات المشردين من أتباعهم وإلى الذين يتدثرون بالعمائم البيضاء والسوداء.

جوابي المختصر هو أنه لا ولن المنظمات الدولية بإيقاف تلك الحرب بسبب "الفيتو" الأمريكي. وكذلك لا ولن تقدر كل شعوب العالم ولا كل الأنظمة ولا روسيا ولا الصين ولا حتى جامعة أنظمة البلدان العربية دون استثناء على إيقاف تلك الحرب العدوانية على الفلسطينيين، وذلك لسبب وحيد وهو أن الذي يدير تلك الحرب هي إدارة الشر الصهيو-أمريكية مباشرة، وأن دول العالم لا تريد أن تخوض حرباً ضد تحالف قوى الشر الصهيو-أمريكية الأطلسية والأسترالية التي أرسلت فرقاطاتها الحربية وحاملات الطائرات وغواصات نووية إلى حوض البحر الأبيض المتوسط، كما أرسلت المعدات والذخائر العسكرية إلى الكيان الصهيوني وأقامت أمريكا جسراً جوياً وبحرياً لنقل تلك المعدات العسكرية إلى الكيان الصهيوني.

وبالمقابل فأن البلدان العربية التي طبعت وأقامت علاقات وعقدت اتفاقيات خاصة واقتصادية مع الكيان الصهيوني وفتحت سفاراتها في تل أبيب وبالمقابل فتحت سفارات للكيان الصهيوني في عواصمها، فهي أيضاً لا تريد أن تخوض حرباً مع حلف الشر الدولي الذي تقوده أمريكا، لأنها ودون استثناء مرتهنة بمئات مليارات الدولارات لصندوق النقد والبنك الدوليين، وهذا يعني أن هذه البلدان مرتهنة لقوى الشر الصهيونية التي تسيطر على صندوق النقد والبنك الدوليين، لأن كل اقتصاد هذه البلدان تحت سيطرتهم، لذلك تعمل هذه الأنظمة على عدم إغضاب قوى الشر الصهيو-أمريكية-الأطلسية، لتحافظ على مصالحها وعلى عروشها، لأن إدارات الشر الصهيو-أمريكية المتعاقبة من ديمقراطيين وجمهوريين نجحوا عبر التاريخ في تطبيق معادلة "العصا والجزرة" مع هذه الأنظمة التي ارتهنت بضغوط أمريكية خداعة إلى صندوق النقد والبنك الدوليين. مع التذكير بأن الماء والكهرباء والغاز في الأردن على سبيل المثال رهن الكيان الصهيوني!

ولا بد من الإشارة هنا أن كل أنظمة المنطقة العربية ومعهم جوقة "محمود عباس - أبو مازن" تعارض حركة "حماس" و"حركة الجهاد الإسلامي" و"حزب الله" في لبنان و"أنصار الله - الحوثيين في اليمن" المدعومين من ملالي قم وطهران بالمال والسلاح، لذلك لم ولن يعملوا على إيقاف تلك الحرب سوى ببيانات "ندين ونستنكر ونشجب ونطالب وندعو إلى وقف فوري لحرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني" وهذه لا تغني ولا تسمن من جوع، ولا يذكرون اسم أي من تلك الجماعات في كلماتهم وبياناتهم التي هي بالأساس لا تحظى بشعبية كبيرة من لدن الجماهير العربية والدولية التي هبت بالتظاهر تأييداً لفلسطين وليس لأي من تلك الجماعات.

في عالم بلا أخلاق ودون قيم إنسانية لم يعد للسياسة قيمة ولم يعد هناك سياسيون في عصر التفاهة الذي تسيطر عليه إدارات محافل الشر الدولية بقيادة البيت الأبيض في واشنطن. وكما ذكرت في أحد تعليقاتي أنه مع الأسف أن كل ما جرى ويجري في غزة بات فقط تقديم المساعدات والمواد الغذائية والدوائية وفتح ممرات إنسانية!

أخيراً أنني أعتقد أن نهاية الحرب على غزة ستكون في (مدريد 2) لرسم مستقبلها على غرار مدريد 1991 التي وضعت أسس مؤتمر أوسلو 1993 تمهيداً للبحث مجدداً فيما يتم تداوله منذ سنوات وهو "حل الدولتين".

الشكوى لغير الله مذلة

 






الاربعاء ٩ جمادي الاولى ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٢ / تشرين الثاني / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب فؤاد الحاج نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة