شبكة ذي قار
عـاجـل










مشروع النهر الثالث (او المصب العام) في العراق:

د. سعاد ناجي العزاوي

 

بعد حرب الخليج الأولى عام 1991، وأثناء العقوبات الاقتصادية على العراق، شنت وسائل الإعلام الأمريكية وبعض الباحثين ومنظمات الأمم المتحدة حملة إعلامية ضد العراق بعد أن خاطب المقرر الخاص للجنة حقوق الإنسان في العراق الأمين العام للأمم المتحدة حول اتهام الحكومة العراقية انتهاك حقوق المواطنين في جنوب العراق، وبالتحديد الذين وصفتهم الحملة (بانتهاك حقوق عرب الأهوار) وذلك ببناء النهر الثالث [73]. وفي مقال نُشر في مجلة (Executive Intelligence Review, EIR، 1992)، انتقدت الباحث Marcia Merry في 20 نوفمبر 1992 [73] وثيقة اتهامات المقرر الخاص للأمم المتحدة في العراق بشأن مشروع المبزل العظيم وكتبت: "في هذه الوثيقة، لم يتم ذكر المشكلة الهيدرولوجية الرئيسية التي أدت إلى تفاقم وضع الأهوار العراقية، وبالتحديد أن تركيا تمنع تدفق كميات كبيرة من مياه نهر الفرات، من خلال تشغيل سدي كيبان وقراقايا، وملء الخزان العملاق خلف سد أتاتورك الجديد ". [73]. واتضح فيما بعد أن الحملة الإعلامية على موضوع الاهوار برمتها، شأنها شأن الحملات الأخرى مبنية على ادعاءات مضللة كما هو الحال في مواضيع أسلحة الدمار الشامل والأنشطة النووية للعراق، وجميعها مرتبطة بقرار الإدارة الأمريكية بغزو واحتلال العراق عام 2003.

وتجدر الإشارة الى ان اقتراح وتصميم مشروع المبزل العظيم كان من قبل شركات استشارية أمريكية وبريطانية منذ خمسينيات القرن الماضي [73]. وتم تنفيذ معظم مراحل المشروع من قبل شركات أجنبية أخرى قبل أكثر من أربعة عقود من فترة العقوبات الاقتصادية، ما يؤكد ان هذا المشروع لا علاقة له باي مخطط متعمد لتجفيف الأهوار أو لما يسمى (بالتهجير القسري لعرب الأهوار جنوب العراق).

 4.6.2 المراجعة التاريخية للتخطيط وبناء (MOD, Main Outfall Drain) المبزل العظيم (النهر الثالث) في العراق [73] [74] [75 [76] [

1.    1913: درس المهندس البريطاني ويليام ويلكوكس مشاكل موارد المياه في بلاد ما بين النهرين بموجب تكليف من الإمبراطورية العثمانية واقترح إنشاء شبكة صرف كاملة لتصريف مياهها في مصرف رئيسي بطول 160 كم لتصريف المياه بالقرب من هور الدلمج.

2.    خلال 1952 و1958: اقترح المكتب الاستشاري الأمريكي T.A.M.S (تيبيت أبت ومكارثي) حلولاً لمشاكل ملوحة التربة وتغدقها بمياه الري والحاجة لشبكة الصرف المقترحة المقابلة لشبكة ري نهري دجلة والفرات، بما في ذلك مصرف رئيسي يجمع مياه الري الزائدة يبدأ من بلد شمال بغداد إلى الناصرية بمسار مقارب لمسار المبزل العظيم الحالي، وتصريف مياهه في الأهوار [74].

3.    1963 وافق الاستشاريون في المكتب الهندسي البريطاني (السير م. ماكدونالد وشركاه) على إنشاء (المبزل العظيم) لجمع مياه المبازل من الأراضي الزراعية بين دجلة والفرات من شمال بغداد إلى غرب الشطرة، ثم جنوبًا يتجه المبزل الرئيسي لتصريف هذه المياه في هور الحمار [74].

4.    1965شركة مقاولات هولندية أنشأت مبزل بطول 60 كم من مدينة الشطرة إلى هور الحمار.

5.    1970: اتخذت الحكومة العراقية قرارا بمد المبزل العظيم إلى الخليج العربي بدلا من هور الحمار.

6.    1971: صدور قرار تشكيل (هيئة تنفيذ النهر الثالث).

7.    1973-1977: إنشاء المرحلة الأولى من المبزل العظيم من شبكة مشروع مبزل المسيب الكبير إلى مبزل الشطرة بطول 156 كم وعرض 60 م، بموجب الاستشارات وتوريدات الآليات من شركة سولخ بروم للتصدير السوفياتية Sulkhozprom Exports).) [73]

8.    1977-1981: إنشاء المرحلة الثانية من المبزل العظيم من قبل شركة سولخ بروم للتصدير السوفياتية Sulkhozprom Exports).) [73]

9.    1980-1982: التعاقد مع الشركة السوفياتية Sulkhozprom لإعادة دراسة الجزء الأوسط من المبزل العظيم، ويقع هذا الجزء على بعد 187 كم من شمال بحيرة الدلمج إلى الناصرية لاستخدامه في الملاحة.

10.  1981-1983: التعاقد مع شركة Holland Nedeco Consulting لدراسة الجزء الشمالي من المبزل العظيم [75].

11.  1982-1986: التعاقد مع الشركتين الألمانيتين فيليب هولتزمان وبولونسكي لبناء الجزء الأوسط من المبزل العظيم من بحيرة الدلمج الشمالية إلى قناة شط البصرة. [74]

12.  1984: التعاقد مع شركة (Mandis Josior) البرازيلية لإنشاء البنى التحتية للجزء الجنوبي من المبزل العظيم (محطة الضخ الرئيسية والمباني ذات الصلة، والسيفون تحت نهر الفرات لمنع اختلاط مياه المبزل العظيم بمياه الفرات، ومجرى الطوارئ، ومقطع الفرات الجديد فوق السيفون، والسكك الحديدية، انشاء ستة جسور للسيارات ومساحات ملاحية لم تتمكن الشركة من إنهاء المشاريع في الوقت المحدد وغادرت عام 1990 مع بدء العقوبات الاقتصادية على العراق.

13.  1987: التعاقد مع شركة اركو اليوغوسلافية لإنشاء مشروع هويس ملاحي على شط البصرة. وقد توقف المشروع في عام 1990.

14.  25/5/1992 بدء الحملة الوطنية العراقية لإنهاء ربط أجزاء المبزل العظيم من قبل شركات المقاولات الحكومية خلال فترة العقوبات الاقتصادية [74].

 وعلى الرغم من أن معظم الأدبيات تشير إلى أن عام 1992 هو بناء مشروع المبزل العظيم [49]، إلا أن التاريخ الفعلي للتشغيل كان نهاية عام 1993 [74] [76]، حيث تسبب إنشاء السايفون مع محطة الضخ بالقرب من مدينة الناصرية في تأخير تشغيل المشروع لمدة عام ونصف. وكان الهدف من تصميم هذا السايفون عزل مياه المبزل العظيم الزراعية الملوثة عن نهر الفرات بمحطة ضخ عملاقة. الا ان فرض العقوبات الاقتصادية، حال دون تمكين العراق من استيراد هذه المضخات [71]. وتم لاحقا اجراء تعديلات ضرورية على التصميم الاساسي تسمح بتدفق جزء من مياه المبزل العظيم بالجاذبية الأرضية (Gravitational Flow) عبر تقاطع المبزل مع نهر الفرات لتصريف ما لا يتجاوز (80-110) متر مكعب في الثانية بدلاً من التصريف المصمم لـ 220 متر مكعب بالثانية [71].

  7/12/1993 تم الانتهاء من بناء المبزل العظيم (عدا السايفون تحت الفرات)، وبدأ تشغيل المشروع جزئيًا [74] [76] في أوائل عام 1994 تقريبًا. لهذا السبب صرحت منظمة الأغذية والزراعة أن المبزل الكبير نقل حوالي 17 مليون طن من الأملاح إلى الخليج العربي في عام 1995 [49] وليس في عام 1993.

لقد تغير الموقف بالكامل تجاه المبزل العظيم بعد الاحتلال الأمريكي للعراق في عام 2003. ففي عام 2008، ألقى نوري المالكي، رئيس وزراء الحكومة العراقية تحت الاحتلال، خطابًا قصيرًا خلال افتتاح محطة ضخ سايفون المبزل العظيم في مدينة الناصرية أكد فيها أن "مشروع المبزل العظيم يمثل نقطة تحول في بناء العراق الجديد !!"، وأنه يلخص جهود العراقيين من جميع الأطراف والمنظمات غير الحكومية والقبائل والقوات المسلحة التي عملت معًا لتحقيق هذا المشروع العملاق!! " [77]. وهكذا تحول مشروع (المبزل العظيم) من عمل إجرامي ارتكبته الحكومة العراقية خلال التسعينيات [78] إلى معجزة تنموية بعد تغيير النظام في ظل الاحتلال الأمريكي للعراق. وتم ومنذ عام 2010 استخدام مياه المبزل العظيم لإنقاذ هور الحمار من الجفاف ولحد الان [73].

كذلك نلاحظ خلال الحملة الإعلامية الخاصة بجفاف الاهوار فترة التسعينيات ولغرض تضخيم الجريمة المزعومة التي تم ارتكابها بحق هذه البيئة المائية الطبيعية من قبل العراق، تراوحت مساحة الأهوار في التقارير الإعلامية ما بين (10000- 20000 كيلومتر مربع) [78]. اما في التقرير الذي قدمته الحكومة العراقية بعد الاحتلال عام 2015 لتضمين هذه الأهوار كموقع تابع لليونسكو، بمساعدة الاتحاد الدولي للمحافظة على الطبيعة، فقد اعتبرت المساحة الإجمالية للأهوار 5260 كيلومتر مربع فقط [56]. وبهذه الطريقة في التلاعب بالأرقام والبيانات لأغراض سياسية، وعندما اعلنت وسائل الإعلام عن استرداد أكثر من 50٪ من الأهوار بعد احتلال العراق [78]، فإن الحقيقة على ارض الواقع ان مساحة الاهوار التي تم استردادها لا تزيد عن 30-35٪ من مساحتها في أوائل السبعينيات والتي كانت (8300 كيلومتر مربع [12]، الجدول 6، والشكل 11يوضحان هذه الحقيقة، ومن المتوقع أن يزداد الوضع سوءًا بعد التنفيذ الكامل لمشروع جنوب شرق الاناضول بأكمله [28].

المراجع في الدراسة المنشورة على موقع منظمة المجتمع العلمي العربي:

https://arsco.org/ebook-detail-32227-4-0

 






الاثنين ١٦ ذو القعــدة ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٥ / حـزيران / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. سعاد ناجي العزاوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة