شبكة ذي قار
عـاجـل










افتتاحية العدد 367 –مجلة صدى نبض العروبة

القمة العربية في جدة والتمسك بأضعف الإيمان

 

نهجنا ومشروعنا القومي يجعل موقفنا البديهي مع أي لقاء عربي وعلى أي مستوى كان، مع إدراكنا اليقيني أن الجامعة العربية ومجلسها واجتماعاتها هي أضعف الإيمان القومي، ومع تحفظاتنا الكثيرة على أدوار قامت وتقوم بها الجامعة والقمة نتجَ عنها أضرار فادحة بوحدة الصف العربي وبنضال الأمة من أجل الاستقلال والسيادة والحرية.

كعرب عراقيين أحرار ندين احتواء الجامعة العربية لاحتلال العراق بعد غزوه سنة ٢٠٠٣ م، وندين احتواء الجامعة لسلطة العملية السياسية التي أقامتها الولايات المتحدة وبريطانيا وإيران والكيان الصهيوني بعد احتلال العراق في نيسان ٢٠٠٣م، ونعتبر هذا الاحتواء هو جزء من شرعنة الباطل، وخنوع مشين للأمر الواقع، بل هو امتداد لموقف النظام العربي الرسمي في جله الداعم لاحتلال العراق قبل وبعد وقوعه نتيجة سياسات قصيرة النظر ضيقة الحسابات، خطلة بعيدة عن الحكمة والرؤى الرشيدة.

عموماً، محاكمة نتائج القمة الأخيرة التي عقدت الأسبوع الماضي في المملكة العربية السعودية قد تضيف حملاً جديداً من أحمال الفشل على ظهر الجامعة العربية، فالقمة أعادت سلطة (نظام بشار الأسد) ليجلس على طاولة واحدة مع من أنفقوا أموالاً طائلة لإسقاطه، في مشهد برهنَ أن الخاسر الأعظم في سوريا هو شعبها الذي سالت منه دماءً كما الأنهار، وضاع في الشتات وأضيفت أجزاء من أرضه إلى الجولان المحتل من قبل أطراف دولية أخرى، والوطن السوري يئن من جراح يصعب جداً التئامها.

جلس (رئيس النظام بشار الأسد) وجهاً لوجه مع الأموال والسلاح والإعلام الذي ساهم في تدمير سوريا، ولم يتوقف بعضه بعد، دون أن يعرف العرب من المنتصر ومن المهزوم، وما جدوى أن يلتقي الأخوة الأعداء وقلوبهم مملوءة بالغل والضغائن، وبعضهم يعمل بجد تحت قيادات أجنبية وأجندات معادية للأمة.

التأمت القمة في الرياض والعراق مفتت وثرواته تنهب وشعبه يجهل ويجوع، ومحتل رسمياً من الولايات المتحدة وإيران وتحكمه أحزاب عميلة وميليشيات مجرمة، وتمثيله في القمة يثير الضحك والسخرية في صدور كل من حضر القمة، حتى لو تبسم النفاق وضحك الرياء وتعانق الخداع. ولم تقدم القمة لشعب العراق ولا كلمة أمل، بل قدمت له جدلاً عن حجم الوفد والهويات السياسية الجدلية لأعضائه والحركات البهلوانية لرئيس الوفد التي تعبر عن الاهتزاز والمراهقة المتوهمة أن الاحترام يصنع من خلال صورة تذكارية وليس في قوة الحضور الفاعل والمواقف الثقيلة والوزن المحترم، (ويقال والعهدة على الرواة أن أعضاء الوفد قد تعاركوا على الهدايا التي قدمها ولي العهد السعودي).

ومرت القمة على جراح السودان النازفة، وأوضاع ليبيا المتدهورة الواعدة بمزيد من الهلاك، وعلى شؤون لبنان الخَرِبَة جملة وتفصيلاً  ،   واليمن مثلاً دون أن تعطي مقترح حل واحد عملي.

أما القضية الفلسطينية فقد ظلت محور المد والجزر بعد أن صارت قضية تطبيع مع الكيان الصهيوني المغتصب للأرض والقاتل للإنسان والمحتقر للعرب من القاعدة إلى القمة، وغادرت الجامعة وقممها تحرير فلسطين.

وكان من مفارقات قمة السعودية حضور الرئيس الأوكراني الذي يدير حرباً مع روسيا، قد تنتهي بحرب عالمية نووية، وكان لافتاً أن يدعو الرئيس الضيف القادة العرب إلى الدفاع عن المسلمين وردع مسلمين آخرين يشاركون روسيا في الحرب، مع أننا نعرف أن الرئيس الأوكراني صديق حميم للكيان الصهيوني وللإمبريالية التي تذبح العرب والمسلمين في كل مكان. وإذا كان حضور الأوكراني هو مجاملة وتطييب خواطر لبايدن من جهة ومعادلة حسابية لحضور بشار الحليف لروسيا فإن في اجتهادات السياسة ما نعجز نحن شعب هذه الأمة المبتلاة عن فهمه.

لم نسمع أن القمة عالجت أوضاع العرب الصحية ولا الغذائية ولا التعليمية، ولا ناقشت إلغاء تأشيرات الدخول، ولا فتح ساحات العمل، وما تسرب عن مناكفات بين عدة وفود يشي بأن القمة قد فتحت جروحاً جديدة في جسد الجامعة العربية.




الثلاثاء ١٠ ذو القعــدة ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣٠ / أيــار / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب صدى نبض العروبة نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة