شبكة ذي قار
عـاجـل










التشيع السياسي الأمريكي والواقع الإقليمي - الحلقة الأولى

 

زامل عبد

 

تناولت في الحلقة الأخيرة -  حقيقة المشروع الأمريكي في العراق وما يقال فيه - المفكرين والمحللين السياسيين الغربيين وغيرهم، وهم يطرحون السؤال المحير وهو أن أمريكا التي تعمل على محاربة التشيع وتواجه وتمنع انتشار ، وبعد انتصار التشيع الثوري الثورة الإسلامية في العراق -  يقصد بها ما تسمى بالانتفاضة الشعبانية وحقيقتها صفحة الخيانة والغدر -  وكيف تحولت قناعة أمريكا من مواجهة الشيعة في العراق الى تقديم الدعم العسكري من خلال الغزو والاحتلال وتمكينهم من التسلط على العراق وأهله  وتعزل اهل السنة والجماعة في العراق  ؟  ولغرض الإجابة على سؤالهم أعلاه لابد من  تناول كيفية نشوء هذا التغير والتصور السياسي لدى الإدارة الامريكية ان كانت جمهورية او ديمقراطية اللتان تتفقان في الاستراتيجيات التي تخدم المصالح الامريكية والامن (( الإسرائيلي ))  وتختلفان في الوسائل والطرق التي تحقق اهدافهما وفقا للمعطيات الانتخابية وغيرها ،  قمت بتصفح وقراءة المصادر التي تناولت هذا الموضوع وعملت على اختصار الكثير من الأفكار وصولا للغاية الأساسية الا وهي ابراز مفهوم التشيع السياسي الأمريكي  والواقع الإقليمي وهل ان المتغير المعد مخابراتيا في ايران 11 شباط 1979  وتسلط خميني والملالي على رقاب الشعوب الإيرانية من افرازاته ،  وهنا لابد من التذكير بما ورد بوثيقة مستشار الامن القومي الأمريكي الأسبق بريجينسكي في استخدام الإسلام الراديكالي  كقوة لإيقاف تمدد الدب الأبيض  -  الاتحاد السوفياتي - في المياه الدافئة ومن ثم تحقيق تفتيته من خلال استثمار الدين والحقيقة القومية لشعوب  مكونات المجتمع السوفياتي وخاصة الإسلامية ،  بدأ العقل الأمريكي التفكير بالإسلام عمليًّا بعد الحرب العالمية الثانية (  1939 -  1945 م ) ، حيث شكّلت أزمة السويس ، وما تلاها من إحداث كخروج فرنسا وبريطانيا عن قيادة العالم العربي  ،  وأفسحت المجال لأمريكا لتحلّ مكانهما كقوة بديلة ،  فكان هذا الحدث ومفاعيله محفزا" لبدء مرحلة جديدة في الاستراتيجية الامريكية في منطقة الشرق الأوسط  وخاصة الوطن العربي ، وان تباشر المعاهد المتخصص بالدراسات الاستراتيجية بإعداد الدراسات المتعلقة بالعالم الإسلاميّ  ، وقد بدأت إرهاصات هذا الاهتمام في عام 1952م ، حين خصَّصت الإدارة الامريكية مبالغ كبيرة لتشجيع الجامعات على افتتاح أقسام الدراسات العربية الإسلامية   وهذا ما أدّى إلى انتشار مئات مراكز الدراسات العربية الإسلامية وأقسام الشرق الأوسط في الجامعات والمعاهد العلمية الأمريكية ، وعملت الإدارة الأميركة من أجل إعداد كوادرها الفكرية القادرة على الإنتاج المعرفي فيما يتعلق بالشرق الأوسط على جذب الكفاءات العلمية في مجال الدراسات  العربية الإسلامية ، فاستقدمت المستشرقين من ألمانيا  ،  وبريطانيا  ،  وفرنسا  ، وإيطاليا  كالإنكليزي برنارد لويس ( 1916 – 2018 ) من مواليد لندن ببريطانيا ، هو أستاذ فخري بريطاني أمريكي لدراسات الشرق الأوسط في جامعة برنستون ، وتخصص في تاريخ الإسلام والتفاعل بين الإسلام والغرب وتشتهر خصوصًا أعماله حول تاريخ الدولة العثمانية ،  ولويس هو أحد أهم علماء الشرق الأوسط الغربيين التي طالما ما سعى صناع السياسة من المحافظين الجدد مثل إدارة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش إلى الحصول على استشارتهم  ، واستقدمت النمساوي غوستاف غرونباوم ( 1909  -  1972 )  نمساوي الأصل  ومتخرج من جامعتي فيينا وبرلين  وعين أستاذًا مساعدًا للدراسات العربية والإسلامية في جامعة نيويورك   ( 1938 ـ 42 19 ) وفي جامعة شيكاغو ( 1943 ـ 49 19 ) وأستاذًا فيها ( 1949 ـ 57 19 ) ، وقد مثّلها في مؤتمر جامعة بوردو الذي اشتركت معها في الدعوة إليه ( 29  حزيران 1956 ) وأستاذًا لتاريخ الشرق الأدنى في جامعة كاليفورنيا (1957)، ثم رئيسًا لقسم دراسات الشرق الأدنى فيها  ،  واستقدمت أيضا فيليب حتي  ( 1886 -1978 ) مؤرخ العرب  والحضارة الإسلامية اللبناني  -  ولد في بلدة شملان ، تابع دراسته في لبنان ، ثم التحق بجامعة كولومبيا في أمريكا ، وحصل منها على درجة الدكتوراه سنة ( 1915  )  وتقديرًا لنبوغه عينته الجامعة مدرّسًا في قسم الدراسات الشرقية ، وظل يعمل بها أربع سنوات ، وعمل أستاذًا زائرًا في جامعة هارفرد  ،  وكتب دراسات حول تاريخ لبنان وسوريا والعرب بالإضافة إلى العقيدة الإسلامية ، كان كتابه مختصر تاريخ العرب دليلًا للقوات الأمريكية التي استقرت في الكويت عام 1958 للعمل في الجامعات الأمريكية  ، وعلى الرغم من الحضور الأكاديمي في الجامعات إلا أنّ الدراسات الشرق أوسطية لم تمِل باتجاه النظري والتاريخي واللغوي كما في الاستشراق التقليدي ، انما ركزت على الإسلام المعاصر وجعلت علم الاجتماع أصلًا لرؤيتها  فالعقل النفعي الأمريكي بني على الواقع  ،  وسعى إلى بلورة صورة حقيقية  يستطيع التعامل معها ، لأنّها تعكس الواقع وهناك ظاهرة ثانية لا بدّ من الإشارة إليها بشكل سريع أنّ هذه الدراسات  لجأت إلى عملية إدماجيه  ،  عملت على إشراك المثقفين في العالم العربي والإسلامي بقراءة مجتمعاتهم وتقديم تقرير حولها ، وذهبت الى أبعد من ذلك بتمويل مؤسسات ثقافية  تستطيع أن ترصد الحياة السياسية والثقافية والاقتصادية من جهة وتؤثر في المجتمعات التي ينتمون إليها من جهة أخرى وهكذا كانت الدراسات حول الإسلام في أمريكا لا تنفك عن الهدف السياسي لديها  ، ولما كانت هذه الدراسات تنطلق من مفهوم المنفعة ، بدأت أمريكا تعمل انطلاقًا من المصالح العليا ان كانت عسكرية او اقتصادية او ثقافية  ، لذلك قيّد الباحثون أبحاثهم بالأغلبية المسلمة أي المسلمين من اهل الستة والجماعة ، ومعظم النقاشات - حتى في الخطب الأكاديمية –  ركّزت على التجربة السنية باعتبارها هي الأصل  ،  والتشيع فرقة هامشية في الإسلام  لا تحتاج إلى عناء الرصد والبحث ، ويرى مايكل روبن ( 1971م ) هو باحث مقيم في معهد أمريكان إنتربرايز  ومحاضر كبير في كلية الدراسات العليا البحرية  ، و كان يعمل سابقًا بمنصب مسؤول في وزارة الدفاع ، حيث تعامل مع قضايا الشرق الأوسط ، ويهتم بشكل أساسي بإيران  بين عامي ( 2004  -  2009 ) ، وعمل  رئيس تحرير الشرق الأوسط الفصلي وقد حصل على زمالات من مجلس العلاقات الخارجية ، ومجلس كارنيجي للأخلاقيات في الشؤون الدولية ،  وقد حاضر روبن في التاريخ في جامعة ييل الجامعة العبرية  جامعة جونز هوبكنز ، وعمل محاضرًا زائرًا في كل من (( جامعة السليمانية  ،  وصلاح الدين ،  ودهوك في إقليم كردستان العراق بين عامي 2002 -  2004  ))  ، وعمل مديرًا في مكتب وزير الدفاع لبلاد إيران والعراق الذي كان معارًا إلى سلطة التحالف المؤقتة في العراق ، وعمل روبن سابقا تعليم كبار الأفراد في الجيش الأميركي ومشاة البحرية الأمريكية ، والقيادة البحرية الأمريكية قبل نشرهم إلى العراق ، والخليج وأفغانستان وذلك لإيجاد مواطئ القدم في البلدان المستهدفة  لتكون أدوات فاعله لتحقيق اهداف أمريكا  ومن هنا نجد كيف تم استثمار الخميني سياسيا" من قبل المخابرات الامريكية البريطانية الفرنسية للتغيير السلطوي في النظام الإيراني من الشاه الى خميني واستثمار الإسلام الراديكالي لتحقيقي أهدافهم وغاياتهم وخاصة النضج القومي الذي كان يمثله العراق بقيادته الوطنية القومية والمشروع القومي النهضوي الذي طرحه البعث الخالد لنقل الواقع العربي الى القدرة الكاملة للتصدي والاقتدار

 

يتبع بالحلقة الثانية






الخميس ٥ ذو القعــدة ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٥ / أيــار / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة