شبكة ذي قار
عـاجـل










التخريب الإيراني في العراق – عدم التقيد بالاتفاقيات وفتاوى وصناعة الأحزاب والميليشيات – الحلقة الأولى

 

زامل عبد

 

عبر التأريخ بقديمة وحديثه كان للفرس دور سلبي جدا" في الحياة السياسية والاجتماعية العراقية ومن المؤلم جدا أيضا" هناك من يدافع عن إيران بقديمها وحديثها ويعتبرها الشقيق للعراق وهنا يمكننا القول {{أن من يتحدث عن براءة أيران من الأحداث في العراق قديمة وحديثه أشبه ممن يتصرف كالنعامة عندما يداهمها الخوف فتدفن رأسها في الرمال ظنا بأنها أنقذت نفسها من الأعداء في الوقت الذي تهيؤ لهم مستلزمات افتراسها؟}}  فالتدخلات الإيرانية في شؤون العراق قائمة منذ زمن سحيق  ومن خلال استعراض تأريخي بسيط نجد أن لا يران علاقة مباشرة في الأحداث التي مر بها العراق ، وإذا تركنا التأريخ البعيد سنجد أنه منذ عام 1514 عندما ضم العراق للإمبراطورية العثمانية ، قام الفرس بمحاولات متعددة من أجل سلخ العراق من العثمانيين والاستيلاء عليه ، وكانوا أحيانا يفشلون وأحياناً يستولون على أجزاء حدويه قريبة ولكن سرعان ما يستردها منهم العثمانيون ، وكانت معظم المناوشات تتم على المناطق الحدودية ، مما أستدعى عقد عدد من الاتفاقيات لرسم الحدود ، وكانت معاهدة اماسيية عام 1555 ومعاهدة عام 1590 وتلتها ومعاهدة سراد عام 1618 ومعاهدة زهاب عام 1639 ، وتعتبر هذه الأخيرة من أهم المعاهدات الحدودية بين الطرفين إذ أنها حددت المنطقة الممتدة من مدينة القرنة في جنوب العراق شمالاً حتى مصب شط العرب جنوباً للدولة العثمانية ، بما معناه أن شط العرب ينتمي للعراق وليس لبلاد فارس  ، وجاءت معاهدة كردن عام 1746 التي اعترفت بالنصوص التي تضمنتها اتفاقية زهاب ، تلتها معاهدة ارضروم الأولى عام 1823 التي اعترفت بدورها باتفاقية كردن ، وبضغط كبير من بريطانيا وروسيا وبسبب ضعف الإمبراطورية العثمانية التي أنهكتها الحروب لترامي أطرافها البعيدة ، إضافة الى حروبها المستمرة مع محمد علي فقد عقدت اتفاقية ارضروم الثالثة عام 1847 ، وقد تنازل العثمانيون بموجبها عن مدينة المحمرة وعبادان والضفة اليسرى من شط العرب الى السيادة الفارسية ، لكن الاتفاقية ألزمت الأطراف على اعتبار الضفة الشرقية لشط العرب كخط حدودي بين الدولتين وأنه نهر عراقي إقليمي ، وبالطبع كان التقسيم قد أعتمد على توزيع وانتشار العشائر العربية والفارسية على المناطق الحدودية ، وقد رفض أبناء الاحواز العربية  (( العر بستانيين )) الاعتراف بهذه الاتفاقية ففي عام 1857 أستقل الشيخ جابر ((   جابر بن مرداو أمير عربستان الخامس  ويلقب بأمير المحمرة ))  بإمارة المحمرة  كونها عاصمة إقليم الاحواز وقد أعترف شاه أيران رسمياً بذلك الاستقلال ، كما اعترفت بريطانيا عام 1902 باستقلال المحمرة ووقعت اتفاقية اقتصادية مع شيخها خزعل الكعبي  ((  خزعل بن جابر بن مرداو بن علي بن کاسب {  24  یونیو 1861- 24 مایو    1936 } أمیر عربستان الخامس ویلقب بأمیر المحمرة ، هو الابن الخامس للشیخ جابر بن مرداو أمیر عربستان الثالث وامه نوره بنت الشیخ طلال العلوان رئیس قبيلة الباویة ، ولد فی قریة کوت الزین في قضاء أبو الخصيب في جنوب البصرة ، أستلم الحکم بعد مقتل أخیه مزعل بن جابر ویعتبر من أهم المؤثرين في منطقة الخليج العربي أثناء حکمه ولُقب بشیخ مشايخ الخليج )) ، وعام 1914 عقدت اتفاقية أخرى مع الشيخ خزعل الكعبي تضمنت عدم تجاوز الحكومة الفارسية على سيادة الأمارة  ، وكان المخطط الفارسي التوسعي قد بدأ عام 1925 بالاتفاق بين الحكومتين الفارسية والبريطانية باحتلال  إقليم الاحواز (( عربستان )) ودمجها ضمن الدولة الفارسية ونفي شيخها بسبب اكتشاف النفط وبكميات كبيرة فيها  ، وبعد استقلال العراق وتأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921 التزم العراق بكافة المعاهدات التي ورثها من الدولة العثمانية والتي عقدتها مع الحكومة الفارسية وذلك حسب اتفاقية لوزان عام 1923 ورغم أن بعض المعاهدات كانت مجحفة بحق العراق لكن بسبب ضعفة آنذاك واستقلاله الجديد فأنه رضا بها على مضض ولم يتمكن من معارضتها أو الاعتراض عليها ، ولكن الأطماع الفارسية لم تتوقف رغم الامتيازات المغالي بها التي حصلت عليها الحكومة الفارسية بدون وجه حق ، ففي عام 1935 تجلى الغدر الفارسي في أبشع صوره ، عندما ألغت الحكومة الفارسية اتفاقية ارضروم الثانية عام 1847 ومعاهدات عام 1911 وعام 1913 وعام 1914 وأضطر العراق الى رفع شكوى الى عصبة الأم المتحدة التي اوصت بدورها بحل الخلاف بشكل سلمي عبر التفاوض بين الطرفين ، مما أدى الى التوقيع على معاهدة عام 1937 والتي أجرت تغييراً في خط الحدود بين البلدين ، فقد حصلت الحكومة الفارسية على مساحات جديدة من أرض العراق مقابل عبادان بسبب ضغط الإنكليز على حكومة بغداد ، لكن الجشع الفارسي ليست له حدود فما لبث أن ألغى شاه ايران معاهدة عام 1969 من طرف واحد منتهكاً نصوص المعاهدة نفسها والقانون الدولي وكان ذلك كرّد فعل أيراني تجاه ثورة 17 – 30 تموز 1968 البيضاء في العراق ووجود معظم قوات الجيش العراقي على الحدود العراقية السورية الأردنية  بعد عدوان 5 حزيران 1967 ، وكان ذلك دليل واضح على التعاون بين ايران و(( إسرائيل )) تجاه استغلال ظروف الحرب ، حيث ينفذ كل منهما مخططه التوسعي بعد أن يشغل الآخر المنطقة باعتداء ،  وكان المثلث الإيراني الصهيوني الكردي يسير في أتجاه واحد ، فكل منهم كان في وضع تربص لتحقيق المكاسب على حساب العراق ، وكان شاه ايران المحرض الأكبر للتمرد الكردي في شمال العراق ، كما أن انشغال الجيش العراقي بمعالجة هذا التمرد وفر الفرصة الذهبية للشاه للتفرد بسياسته كشرطي للخليج ونقض اتفاقات بلاده مع العراق ، وبالفعل قدمت الحركة الكردية للشاه ما كان يحلم به لتحقيق حلمه الكبير في التوسع على الحسابين العراقي والعربي  ولم يكن الأكراد يراعون المفهوم القومي لحركتهم أو يجرؤن على التحدث بموضوع كوردستان الكبرى ، فقد كانوا يغضون النظر عن الانتهاكات الجسيمة التي يرتكبها الشاه تجاه أخوانهم في القومية والعرق  - كرد ايران -  ،  وفي عام 1971 أتخذ النظام الإيراني منحى جديداً في توسعه الاستيطاني فقد تحول الى الاستعمار المباشر من خلال احتلال الجزر العربية طنب الصغرى والكبرى وأبو موسى ، والتدخل العسكري في الأراضي العراقية عام 1974 وقد اطلق الشاه تصريحات بليدة لتبرير هذه الانتهاكات معترفاً بصحتها ، وكان الرئيس الجزائري هواري بومدين عام 1975 قد جمع بين نائب رئيس مجلس قيادة الثورة في حينه الشهيد الحي صدام حسين رحمه الله وشاه ايران  وتمخض اللقاء عن صدور بيان مشترك في 6 / 3 / 1975 ضم عدد من النقاط المهمة أبرزها موافقة الجانبين على إجراء تخطيط لحدودهما البرية وتحديد الحدود النهرية وفقاُ لخط التالوك وضبط الحدود لمنع أعمال التسلل بين البلدين وتكون هذه الشروط قاعدة لحل المشكلة بشكل نهائي وان الأخلال بأي شرط يتنافى وروح الاتفاق كما اتفق الجانبان ، وبالفعل تمت الاجتماعات بين الطرفين وعقدت معاهدة الحدود الدولية وحسن الجوار وثلاثة برتوكولات تتعلق بالحدود البرية والنهرية وأمن الحدود  وكانت الخديعة الإيرانية الجديدة تجاه العراق ، ففي الوقت الذي حصلت فيه على نصف شط العرب ، فأنها امتنعت عن التنازل كما نص الاتفاق عن المناطق البرية لصالح العراق  

 

يتبع بالحلقة الثانية

 






الثلاثاء ٦ رمضــان ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٨ / أذار / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة