شبكة ذي قار
عـاجـل










 بَيانُ الحَادِي عَشَر مِنْ آذَار

تَعْبِيرٌ عَنْ الفِكْرِ الإِنْسَانِي النَّبِيل لِحزبِ البَعْثِ العَرَبِي الاِشْتِرَاكي

 

تمتازُ عقيدة حزب البعث العربي الاشتراكي بالسِّمَة القومية ذات البعد الحضاري والإنساني، حيث تسعى ومن خلال نضال متواصل إلى تحقيق التوازن بين القضايا الوطنية والأهداف القومية لتصب في بوتقة واحدة وهي مصلحة الأمة العليا، وتساهم كذلك عبر تمازج وتفاعل خلاق بين أبنائها في تحقيق تحررها واستقلالها وازدهارها.

وقد كان فكر البعث وما يزال يعكس إيمانه الأصيل وفلسفته الاجتماعية التي تتفاعل بإيجابية مع التكوين الطبيعي للأمة العربية، التي ينتمي إليها انتماءً طبيعياً تاريخياً وحضارياً العرب ومعهم الأقوام الأخرى التي تعيش فوق ثرى الوطن العربي بأطيافها الرائعة. تلك الأقوام التي شاركتهم الوطن الكبير وتآلفت معهم فانصهروا جميعاً في بوتقة واحدة، فأصبحوا أمة يجمعها التاريخ المشترك والمصير الواحد، فصنعوا معاً وعبر تمازجهم الإنساني تاريخهم المجيد، ومنحوا البشرية عطاءهم الحضاري الثرّ الذي أغنى الإنسانية عبر التاريخ.

وقد تتوجت عقيدة البعث الإنسانية بأبهى صورها في صدور بيان الحادي عشر من آذار الخالد الذي كان تعبيراً عملياً على فكر البعث الحضاري المنفتح، وإيمانه الراسخ بالديمقراطية الحقة التي يجب أن يتمتع في ظلها أبناء الوطن الواحد كافة بالحقوق ويتساوون بالواجبات. لذا فلم يكن صدور بيان ١١ آذار عام ١٩٧٠ م وما انطوى عليه من إنجازات كبيرة عملاقة نتيجة حاجة ظرفية أو تعبيراً عن موقف سياسي مرحلي بل كان تعبيراً أصيلاً عن عقيدة البعث وفكره الاستراتيجي كحاضنة لأبناء الوطن الواحد كافة .

  جاء بيان الحادي عشر من آذار ليحقق للعراق وللأمة في هذا الجزء الهام من الوطن العربي السلام والأمن والاستقرار، وليضمن لجميع أبنائه فرصاً متكافئة في مشروع بناء الدولة المدنية العصرية المزدهرة الذي تبناه البعث بعد ثورة 17 تموز عام ١٩٦٨.

لقد كان بيان الحادي عشر من آذار تجربة وطنية وقومية رائدة على الصعيد العالمي حيث نالت إعجاب الشعوب الحرة لما انطوت عليه من منجزات حضارية عبر الاعتراف بحقوق أكراد العراق القومية ضمن عراق واحد قوي ديمقراطي تعززت بموجبه الوحدة الوطنية وانتهت حالة الاقتتال بين أبنائه، كما أنها وضعت حداً للتدخلات الأجنبية التي سعت ولعقود طويلة إلى  زعزعة استقراره وضرب استقلاله ومس سيادته واستنزاف موارده بهدف عرقلة أية فرصة حقيقية للتنمية والازدهار فيه.

لقد كان البيان الخالد تجسيداً حياً لعقيدة حزب البعث العربي الاشتراكي ونظرتها للأقليات القومية والاثنية في الوطن العربي حين تحولت هذه العقيدة إلى واقع حي وقرارات ميدانية اتسمت بالجرأة والشجاعة في تحديها لكل القوى والأطماع الإقليمية والدولية التي لم يكن يرضيها استقرار العراق وحقن دماء أبنائه وتحقيق وحدتهم ومنحهم حقوقهم للانطلاق معاً ويداً بيد نحو مسيرة التنمية والتقدم والازدهار.

لقد جاء بيان آذار الخالد ليؤكد بشكل حازم استقلال القرار العراقي عن كل تلك التأثيرات الإقليمية والدولية التي كانت وما زالت ترى في منح الأكراد حقوقهم خطاً أحمر ينبغي عدم تجاوزه، وسعت بكل جهدها للحيلولة دون صدوره، على النقيض من عقيدة البعث وحكمه الوطني الذي كان يرى فيه ترسيخاً  للوحدة الوطنية وأرضية رائعة لبناء الإنسان وخلق فرص التنمية الشاملة لكل الوطن من شماله إلى جنوبه، ومن خلال ذلك فقد انتصرت إرادة البعث بإعلانه البيان الخالد على الإرادة الامبريالية والصهيونية التي كانت تقف بالضد من إصداره.

ومضت القيادة الوطنية العراقية قدماً في تنفيذ بيان آذار وتعزيز المسيرة والزخم العظيم الذي بدأت به حقبة الإعلان وما تلاها من خلال الحرص الكامل على الشراكة الوطنية التي انعكست في تشكيلات الدولة ومفاصلها  كافة .  وباشرت بمسارات التغيير الثوري الذي شهدته منطقة الحكم الذاتي في ظل هذا البيان التاريخي حتى صار شمال الوطن جنة وأصبحت أرضه وجباله ومدنه محطة لأنظار العراقيين والعالم وسادت ظروف معيشية واقتصادية وتربوية وصحية لم يشهد لها نظير من قبل في رقيها وكبر إنجازاتها.

مرت ثلاث وخمسون عاماً على إصدار بيان الحادي عشر من آذار وما زال شاهداً على الوحدة الوطنية في أبهج صورها، وعلى النسيج الاجتماعي العراقي الجميل القائم على الأخوة والمصاهرة والمحبة والسلام، ومنارة عالية من منارات الإنجازات الوطنية والقومية للبعث وخير تعبير عن إرادته المستقلة في ظل حكمه الوطني.

إن استذكار بيان آذار في ذكراه الثالثة والخمسين وفي الظروف التي يعانيها العراق وهو يئن تحت نير الاحتلال الفارسي يجعلنا نقف وقفة اعتزاز بهذا المنجز الإنساني الوطني العملاق وبتنفيذه الخلاق الذي سيبقى فخراً وسمواً للفكر الذي أبدعه والقيادة التي نفذته، ولكل الأخوة الأكراد أحزاباً وأفراداً وقبائل ووجهاء ومناضلين من الذين عملوا كعراقيين للدفاع عن البيان وتحقيق منجزاته عبر دفاعهم الشريف المبدئي عن وطنهم العراق وعمَّا حققه من تنمية وتطور عظيمين قبل غزوه واحتلاله سنة ٢٠٠٣.

فتحية لكل من ساهم في إعلان بيان الحادي عشر من آذار الخالد، ولكل من حرص على تنفيذه والدفاع عنه، وتحية للبيان الذي يقف شاهداً على منجزات البعث الحضارية وفكره الإنساني النيّر الحاضن لكل أبناء الوطن الواحد، وتحية لكل أبناء العراق وشبابه الثائر وهم يواصلون جهادهم من أجل استعادة الوطن وإبقاء راية وحدته الوطنية عالية خفاقة.

 






السبت ١٩ شعبــان ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١١ / أذار / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب شبكة ذي قار نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة