شبكة ذي قار
عـاجـل










الخط المستقيم


سحبان فيصل محجوب *

 

من البديهي أن تنطبق النظريات بأنواعها ذات البراهين التي تثبت صحتها على تفاصيل الحياة للفرد والمجتمع كافة ومنها النظرية الخاصة بقياس المسافة بين نقطتين والتي نتج عنها  بالبرهان أن الخط المستقيم هو الأقصر مسافة بينهما وهذا يعني الاختزال في الزمن المطلوب لقطع هذه المسافة مع تقليص الجهد اللازم، لنفترض ان النقطة (أ ) تمثل الحالة السيئة الآن والنقطة ( ب ) هي الحالة المتعافية  والمستهدفة ولأجل الوصول اليها كان على المخططين والمنفذين أن يذهبوا إلى  الخيارات العملية التي تؤمن المسارات السريعة لإنجاز المهمات المرسومة بأدنى كلف مادية ممكنة .

من هنا فإن البحث عن الموارد الوطنية والاستغلال الامثل لها سوف يغني عن توفيرها من خارج الحدود وبالتالي سيوفر أموالاً كبيرة ووقتا ًضائعاً وسيتحقق هذا في حالة تطبيق نظرية العمل على وفق مسافة الخط المستقيم وهذا لا غبار عليه ، أما لو اتبعت المسارات المشبوهة ذات الخطوط المتعرجة فهذا يعني التفريط بالإمكانات المادية والبشرية المتاحة فاستثمار هذه الطاقات بأنواعها تعد من عوامل تحقيق التنمية الاقتصادية وتعزيز السيادة الوطنية ، أما تجاهل هذه العوامل ومحاولة فرض حالة الاعتماد على الموارد الخارجية وبوساطة تسخير أموالاً طائلة لتأمينها فهذا دليل قاطع على ممارسة التنفيذ الممنهج لغايات ومصالح سياسية واقتصادية قد أوكلت مهام تحقيقها لأدوات محلية يجري تحريكها من خارج البلاد ، وهنا سوف يشوه المنطق الواضح لنظرية الخط المستقيم بالاتجاه الذي يفقد فعلها المؤثر ، الا انها تكون حاضرة في عملية إجراء المقارنة بين محصلة النتائج للإنجاز المنفذ بجهد وطني من جانب والمنفذ بوساطة الموارد الأجنبية المستوردة من جانب أخر ، وعلى الرغم من كل المسوغات الموهمة التي يتبناها أصحاب الأغراض المشينة في ظل أجواء الخضوع في تعاملهم  مع الدوائر الخارجية والتي جعلتهم مرغمين للسير في الخطوط المائلة والمتعرجة الا ان القياس الذي أثبت صحته هو خيار السير في الخطوط المستقيمة للوصول إلى  النقاط المستهدفة لأي منجز الا ان ذلك يحتاج إلى  إرادة وطنية حقيقية ونزيهة يفتقدها المعنيون في سلطة القرار من الشواذ الذين وظفهم الاحتلال البغيض حيث جرى اختيارهم بعناية وبعد تدريبات خاصة على فنون المسير المتعرج ، وهذا حقيقة ما حصل في العراق بعد احتلاله سنة ٢٠٠٣ م عندما جرى تطبيق الكثير من النظريات ذات البراهين الضعيفة والتي أثبتت فشلها على الأصعدة كافة فكانت النتيجة المزيد من ضياع الثروات الوطنية واستمرار حالة التردي في الأمن و الخدمات لتضيف ثقلًا على ما يعانيه المواطن المصاب بالإحباط من جدوى تطبيقات المسافات المتعرجة الطويلة في معالجة الازمات القائمة .

 

* مهندس استشاري






الثلاثاء ٢٣ رجــب ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٤ / شبــاط / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سحبان فيصل محجوب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة