شبكة ذي قار
عـاجـل










ناس للتعمير وناس للتدمير

سحبان فيصل محجوب

 

لا تنطبق صحة هذا العنوان فقط على ما قاله المهندس الأرميني سنان المعماري للسلطان العثماني عند نجاحه في إعادة بناء إحدى السرايا القديمة حيث عهدت إليه مهمة انشاء العديد من المباني في ذلك العهد، فهذا القول له أبعاده العملية والواقعية على مدار الأزمان والذي أثبتت صحته دوماً رؤية هذا المهندس لإدارة التشييد والبناء في ذاك الوقت فالكائن البشري المدمر لا يصلح قطعاً لأن تعهد اليه مهمة الاصلاح والتطوير، أما المعمر فهو الذي يصنع الضمانات في نجاح وزهو عملية البناء والتعمير.

إن أكثر الناس التي تعجل من تنفيذ عمليات التدمير هم من الجهلة الذين انصهرت لديهم مظاهر التخلف مع افكارهم العدائية فنتج عن ذلك سلوكيات قادرة على استخدام وسائل تدميرية بشعة وعلى وجه التحديد من قبل الذين سنحت لهم الفرصة أن يستثمروا السلطة وامكاناتها لتحقيق مختلف انواع المصالح غير المشروعة، فمن أدوات هؤلاء الجهلة تعميم مفاهيم الدجل في المجتمع وتعميق اسس القائمة منها وتسخير ما أمكن من وسائل التضليل المتاحة مع ابتكار المزيد منها بهدف تمرير غاياتهم الدنيئة والتغطية على عيوبهم في إدارة شؤون الحياة العامة ، وفي نفس الوقت فهم لا يترددوا عن إزاحة عناصر القوى الحقيقية للتعمير بوساطة تسفيه مبادراتهم الصائبة أو ابعادهم قسراً عن حقول البناء والتطوير وقد يصل هذا إلى اتباع وسائل التهديد والتغييب وكما حصل ذلك في العراق المحتل منذ سنة ٢٠٠٣م ولحد الآن عندما أسندت الأمور الى فصائل مختارة تمكنت من إنجاز فعاليات التخريب الشامل في البلاد مستخدمة معاول الهدم المختلفة وبمهارات طرق عالية المستوى في التأثير كانت نتائجها واضحة في تحطيم البنى الاساسية في جوانبها المادية والمعنوية ،فعمليات الهدم والتدمير المخطط لها تحتاج الى خبرات خاصة واستعداد ذاتي لإتمامها فهي لا تتوفر عند الأخرين ، لذا كان على قوات الاحتلال اختيار طواقمها بعناية فائقة دون إشراك القوى المهنية والاكاديمية الفاعلة والمجربة في ميادين البناء الوطني فهذه القوى لا تجيد استخدام معاول التخريب بل ترفضه وإنما تجيد وتبدع في فنون الأعمار التي لا يروق للجهلاء التفاعل معها لأنهم قاصرين في فهمها بل عاجزين عن تبنيها بصدق وامانة بعد ان قبلوا بشروط المحتل عندما أوكل اليهم أدواراً محددة في التدمير ، من هنا فإن عملية النهوض المنتظرة وعلى الاصعدة كافة تستدعي اجتثاث من مارسوا التدمير فكراً وسلوكاً وأوغلوا فيه وبمختلف صنوفهم وإحلال أصحاب الكفاءات الوطنية النزيهة لضمان سلامة عمليات البناء وابعاد أدوات الهدم المتربصة لها لتعطيلها .

 

* مهندس استشاري






الاثنين ١ رجــب ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٣ / كانون الثاني / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سحبان فيصل محجوب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة