شبكة ذي قار
عـاجـل










حقيقة الديمقراطية الامريكية في العراق -  أزمة طائفية عرقية وإرث من الإقصاء -  الحلقة الخامسة

 

زامل عبد

 

 وقد تعمّق هذا التصوّر من خلال السياسات التمييزية التي سنَّتها حكومة نوري المالكي ، مثل محاولاتها استهداف زعماء السُنَّة باتهامات الإرهاب والاعتقالات الجماعية للمواطنين السُنَّة ، والتطبيق الانتقائي والمتحيّز لتدابير اجتثاث البعث ، والتي كانت تطبَّق على نحو أقلَّ صرامة على للذين حوَّلوا ولاؤهم لصالح المالكي خلال مشاركتهم الأولى في العملية السياسية ، انقسم العرب  من اهل السُنَّة  والجماعة إلى اتجاهين رئيسين  كان الأول اتجاهاً إسلامياً –  طائفياً  يقوده الحزب الإسلامي العراقي – الاخوان المسلمين - الذي أسّس جبهة التوافق ، والتي هيمنت على التمثيل السُنّي من العام 2006 حتى العام 2010  ،  وكان الاتجاه الثاني قومياً – علمانياً ، مثّلته في البداية جبهة الحوار الوطني وتشكيلات أخرى من القوميين العرب والبعثيين السابقين في إطار التحضير للانتخابات العامة في العام  2010، انضمّت جبهة الحوار الوطني وفصائل سنية أخرى إلى القائمة إياد علاوي لتشكيل ائتلاف وطني جديد عابر للطائفية – العراقية -  وقد نافس التجمع الجديد ائتلاف المالكي وتحالف الصدر – الحكيم بالنسبة إلى كثير من العرب السُنَّة ، أحيى ائتلاف العراقية الأمل في وضع حد لتهميشهم المتصور وإضعاف الاستقطاب الطائفي تبنّى الائتلاف الجديد خطاباً اتّسم بالحنين إلى الماضي الغير الطائفي وانتقد اجتثاث حزب البعث والنفوذ الإيراني ومع ذلك ، فقد أعاقت حقيقة أن الأحزاب السُنّية تسيطر على الائتلاف جاذبيّته بين الشيعة في العام 2010 تمكّن ائتلاف العراقية من الفوز بمعظم أصوات السُنَّة وبما يكفي من أصوات الشيعة للفوز بالمركز الأول في الانتخابات ، حيث حصل على 91 من أصل 325 مقعداً كما استفاد من تفتيت أصوات الشيعة بين تحالف دولة القانون بقيادة المالكي ( الذي حصل على 89 مقعداً  ) والائتلاف الوطني بقيادة الصدر والحكيم ( 70 مقعداً )  لم يُترجَم انتصار العراقية إلى التغيير الحقيقي الذي كان يدور في خلد معظم العرب السُنَّة  فقد أثار المالكي مخاوف الشيعة من أن صعود نجم ائتلاف العراقية يمثّل عودة حزب البعث ونجح في كسب الدعم الإيراني في سياق العملية التفاوضية بعد الانتخابات ، وهو ما ترجم إلى ضغط قوي على الأحزاب الشيعية للقبول بولاية ثانية له وأدّى اتّفاق عدد من الأحزاب في أربيل إلى تشكيل الحكومة الجديدة بزعامة المالكي وبتوافق امريكي إيراني ، وتم فيها تعويض ائتلاف العراقية بمناصب هامة ، مثل وزير الدفاع ورئاسة مجلس مقترح للأمن القومي بيد أن المالكي لم يَفِ بهذه الوعود فقد رفض جميع مرشحي ائتلاف العراقية لتولّي منصب وزير الدفاع ، وعيّن بدلاً من ذلك أحد حلفائه السُنَّة بحجة أن المنصب مخصّص لـ للمكوّن السنّي وليس بالضرورة لائتلاف العراقية كما رفض المالكي تقديم تنازلات بشأن صلاحياته في مجلس الأمن القومي المقترح ، ما أدّى إلى التخلّي عنه بالإضافة إلى ذلك ، لم يبذل المالكي جهوداً جادّة لإدماج أعضاء مجالس الصحوة  وقد أسهم ذلك في تعميق شكوك السُنَّة بحكومته ، وتسبّب في خسارة الحلفاء السُنَّة الذين لعبوا دوراً مهماً في إنهاء الحرب الأهلية بدأ ائتلاف العراقية بالتفتّت بعد أن فشل في الحصول على منصب رئيس الوزراء ، والذي كان يمثّل الطموح الرئيس لزعيمه إياد علاوي ، وقد أسهم المالكي في تسريع تفتّته باستخدام سياسة العصا والجزرة  - الإرهاب والترغيب -  فقد استمال بعض أطرافه والذين تحولوا إلى نقاد شرسين لقيادة العراقية  كما اتَّهم أحد قادته طارق الهاشمي الذي كان نائباً للرئيس بالتورّط في التخطيط لهجمات إرهابية ونتيجة لذلك  فرّ الهاشمي من البلاد وحُكِم عليه بالإعدام غيابياً بعد عام واحد تم توجيه اتّهامات مماثلة ضد رافع العيساوي  وزير المالية والقيادي في ائتلاف العراقية أثار هذا الحادث على وجه الخصوص موجة احتجاجات حاشدة في الأنبار المحافظة التي ينتمي إليها العيساوي ، ما أدّى إلى حشد استمرّ سنة كاملة في معظم المناطق السُنّية احتجاجاً على سياسات الحكومة في أعقاب فشل ائتلاف العراقية المدعوم من السُنَّة في تغيير سياسات الحكومة التي يقودها الموالون لإيران ، بدأت الطائفة السُنّية والسياسة السُنّية تشهد عملية  تطييف متزايدة  وكانت الانتفاضة السورية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد  مصدر إلهام للعرب السُنَّة في العراق وخاصة أولئك الذين رأوا في الانتفاضة السورية والاحتجاجات السُنّية العراقية جزءاً من صراع أوسع نطاقاً ضد الأنظمة المدعومة من إيران لعب الصراعان أدواراً هامة في  تجديد الهوية السُنّية وسرديّتها حول شعور السنّة بأنهم ضحايا  تم نصب مخيمات اعتصام في المناطق السُنّية من العراق بالدرجة الأولى ، وأصبحت الاحتجاجات حدثاً أسبوعياً غالباً ما يعقب صلاة الجمعة ، وهو تقليد لحركات الربيع العربي ودليل على العلاقة بين الهويّة الطائفية والطقوس الدينية غير أن الانقسامات السُنّية حالت دون وضع حركة الاحتجاج لمطالب واضحة وتشكيل فريق موسّع للتفاوض مع الدولة  وقد وجد الإسلاميون ورجال الدين في المظاهرات فرصة للعودة إلى الساحة السياسية  اتّسم خطابهم المتشدّد بنبرة تميل إلى التحدّي ، الأمر الذي زاد من تهميش الشخصيات المعتدلة عمّق الاستقطاب الطائفي أزمة ائتلاف العراقية وفاقم عملية تفتّته فقد انضم معظم النواب السُنَّة إلى ائتلاف جديد - متّحدون -  بقيادة أسامة النجيفي  رئيس مجلس النواب ، الذي يطمح إلى أن يصبح الزعيم الطائفي للعرب السُنَّة في العراق  وفي انتخابات مجالس المحافظات   التي عقدت بين نيسان  وتموز  2013، حلّ هذا الائتلاف في المركز الأول في كل من الموصل والأنبار وفي المركز الثاني في صلاح الدين ومع ذلك  لم يكن هذا الانتصار قوياً بما يكفي لتكريس الائتلاف بوصفه النسخة السُنّية لائتلاف دولة القانون خارج إطار العملية السياسية ، كان هناك تمرد سنّي أكثر تطرّفاً يتشكّل في العراق فالاحتلال الأميركي  وتصاعد الدور السياسي للشيعة ، والتدابير التي تم اتّخاذها لتطهير جهاز الدولة من أعضاء حزب البعث  وحلّ الأجهزة الأمنية والعسكرية التي يهيمن عليها السُنَّة ، كلها عوامل شجّعت موقفاً راديكالياً رافضاً وأسهمت في إضفاء الشرعية على التمرّد السنّي وتغذيته كان التمرّد طائفياً وإيديولوجياً ، حيث وجد الجهاديون السلفيون في محاربة الاحتلال الأجنبي والسلطات الجديدة قضية مشتركة للجماعات الإسلامية والقومية 

 

يتبع بالحلقة السادسة

 






السبت ١٥ جمادي الثانية ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٧ / كانون الثاني / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة