شبكة ذي قار
عـاجـل










القيادة القومية في بيان شامل حول الأوضاع العربية


إدانة العدوان الخارجي على الأمة العربية ولإنشاء صندوق قومي لدعم فلسطين

لإعادة الاعتبار للمسألة  الديموقراطية وقيام الجبهة الشعبية العربية

الانتفاضة الشعبية في إيران دليل تحول في الرأي العام ضد نظام الملالي

تفهم ضرورات أمن روسيا القومي، وحق أوكرانيا في وحدة أرضها وشعبها

 

أدانت القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي كل أشكال العدوان الذي تتعرض له الأمة العربية ودعت إلى إعادة الاعتبار للكفاح الشعبي المسلح لتحرير فلسطين وتأسيس صندوق قومي لدعم ثورتها، وقيام الجبهة الشعبية العربية وإعادة الاعتبار للقضية الديموقراطية في عمليات التحول السياسي.

 

جاء ذلك في بيان للقيادة القومية فيما يلي نصه:

 

بعدما استمرت الساحة العربية لسنوات، جاذباً للأنظار، ومسرحاً لأحداث كبرى من العدوان الخارجي عليها إلى الانتفاضات الشعبية التي انفجرت في العديد من الأقطار العربية وتولد ازمات بنيوية، تعيش بعض الساحات الدولية والإقليمية تطورات هامة، لن تقتصر نتائجها وتداعياتها على ساحاتها وحسب، بل تتعداها إلى الجوار الإقليمي والدولي. ومن بين هذه الأحداث الكبرى يبرز الحدث المتفجر في الشرق الأوروبي والانتفاضة الشعبية في إيران. لكن  انفجار أزمات كبرى على المستوى الدولي،  كتلك المتولدة  عن سياقات الحرب الروسية -الأوكرانية التي تدخل هذه الأيام شهرها التاسع دون أن تلوح في الأفق بوادر قريبة لوضع نهاية لها، لم يحرف الأنظار عن تفاعل تطورات الأحداث على الساحة القومية، وتلك الدائرة في دول الإقليم، بدءاً من النتائج التي أفرزتها الانتخابات التشريعية في الكيان الصهيوني مروراً  بالانتفاضة الشعبية ضد نظام الملالي في إيران التي  دخلت شهرها الثالث، وصولاً إلى احتدام الصراع على الساحة القومية بين قوى الحراك الشعبي العربي ونظم الرجعية والتطبيع والاستبداد والتسلط والتوريث السلطوي واستباحة القوى الدولية والإقليمية للأمن القومي العربي.

إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، التي واكبت من خلال مواقفها تطورات الأحداث على مدى العام الذي يطوي أيامه الأخيرة على وقع استمرارية تفاعل الأحداث عربياً وإقليمياً ودولياً إنما تؤكد على ما يلي:

أولاً:

إن الحرب التي اندلعت بين روسيا وأوكرانيا، هي بمقدماتها وسياقاتها وما ستؤول إليه من نتائج، لم تكن صاعقة في سماء صافية، بل بدأت عناصرها بالتشكل بعد تفكك الاتحاد السوفياتي ومسارعة أميركا لملء الفراغ الناجم عن سقوط حلف وارسو، عبر التمدد إلى الشرق الأوروبي، ونشر منظومات صاروخية فيه، بدأت روسيا تشعر بعد استفاقتها من غيبوبة الصدمة، أن أمنها القومي أصبح عرضة للتهديد من جراء تواصل انضمام دول أوروبا الشرقية إلى حلف شمال الأطلسي.

إن روسيا التي بدأت استعادة حضورها على مسرح الأحداث الدولية والقارية، رأت في السعي الأوكراني للانضمام إلى الحلف الأطلسي، ليس تهديداً مباشراً للأقلية الروسية في أوكرانية والتي كانت إحدى الأوراق التي توظفها موسكو في الضغط على الداخل السياسي الأوكراني وحسب، وإنما لأمنها القومي الذي لم يفارق ما يستوطن ذاكرتها  من أحداث تاريخية، كان القوقاز وشبه جزيرة القرم مسرحاً لها، من روسيا القيصرية إلى الاتحاد السوفياتي، وصولاً إلى المرحلة الراهنة، حيث تسعى موسكو لإعادة الاعتبار لدور فاعل فقدته منذ أصبحت أميركا تتصرف كقطبية أحادية مقررة لمسار الأحداث الدولية.

إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، التي تؤكد على حق الشعوب في ممارسة خياراتها السياسية وفق مقتضيات مصالحها الوطنية بعيداً عن التدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية ومنها الحق السيادي للشعب الأوكراني، تتفهم هواجس دولة روسيا الاتحادية لما ينطوي عليه تمدد الأطلسي إلى مقربة من حدودها من مخاطر محتملة على أمنها القومي. وهي تعتبر أن الحل السياسي الذي يضع حداً لهذا الصراع الذي يتسم بالطابع الدولي بعد الاصطفاف الغربي عامة والأطلسي خاصة خلف أوكرانيا، يجب أن يرتكز على قاعدتين   تتعلقان بتفهم ضرورات الامن القومي الروسي من جهة أولى، ووحدة الأراضي الأوكرانية من جهة ثانية. وكل محاولة لكسر واحدة من هاتين القاعدتين على حساب الأخرى، سيؤسس لحرب جديدة إذا ما انطوى حل الصراع المتفجر حالياً على عكس ما تقضيه موجبات هاتين القاعدتين.

ثانياً:

إن الانتفاضة الشعبية التي تتسع مساحتها على مدى الجغرافيا الإيرانية بتعددية تكوينها القومي والديني والمجتمعي، دون أن يتمكن القمع السلطوي من اسكات صوت المنتفضين الذين يملؤون الساحات والميادين، إنما تختلف عن سابقاتها من حيث العناوين السياسية التي ترفعها ضد حكم الملالي والدولة الأمنية التي صادرت الحريات العامة ومارست سياسة الفصل العنصري بين المكونات المجتمعية للشعوب الإيرانية.

إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، ترى في هذا الذي يجري في إيران حالياً، إنما يعبر عن حجم الاحتقان الشعبي المتراكم على مدى عقود من الزمن تعطلت فيه الحياة السياسية، إلا ما يخدم النظام القائم على القمع في الداخل الإيراني، والاندفاع إلى الخارج الإقليمي وخاصة المدى العربي منه، في تنفيذ لاستراتيجية تهدف إلى تفكيك بنى الدولة الوطنية العربية، وتغيير التركيب الديموغرافي لبنى المجتمع العربي وحيث وصل التغول الإيراني في العمق القومي العربي.

إن هذا الذي تعيشه إيران حالياً ، أماط اللثام عن حقيقة الوضع الذي حاول النظام اخفاء معطياته فترة طويلة ، متستراً  برفع شعارات ضد الكيان الصهيوني وما يسميه نظام الاستكبار العالمي في الوقت الذي يجري فيه الصفقات السرية مع هذين الطرفين، خدمة للمصالح المشتركة التي تجمعهم على حساب الأمة العربية ومصالحها الحيوية، وكان آخرها صفقة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة التي أديرت برعاية أميركية في استجابة مكشوفة للمطالب الأمنية والاقتصادية الصهيونية، وإعادة تعويم الدور الإيراني في العراق والإفراج عن ٧ مليار دولار أميركي محتجزة في البنوك الغربية وغض النظر عن تصدير النفط والغاز الإيرانيين لتلبية حاجة السوق الأوروبي كبديل عن الغاز الروسي. 

إن القيادة القومية التي تؤكد على حق الشعوب في تقرير مصيرها وتحديد خياراتها السياسية انطلاقاً من الموقف المبدئي القائم على عدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية للدول ،ترى في هذا الذي  تشهده الساحة الإيرانية من انتفاضة شعبية شاملة لم يستطع النظام احتواء تداعيتها حتى الآن رغم القمع المفرط الذي تمارسه الأجهزة السلطوية ، هو بداية تحول إيجابي في الرأي العام لدى الشعوب الإيرانية ضد سلوك نظام الملالي  في سياساته القمعية الداخلية  ،كما هو دليل على أن السياسة العدوانية التي ينتهجها هذا النظام مباشرة أو عبر أذرعه الأمنية الميليشياوية في العديد من الأقطار العربية، إنما بدأت ترتد عليه في الداخل من خلال الانتفاضة الشعبية التي تدعو قواها  للتغيير واسقاط النظام.

ثالثاً:

إن القيادة القومية للحزب ، ترى أن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وتطورات الأوضاع الداخلية في إيران كما في تركيا، بدأت ترخي ظلالها الثقيلة على الساحة العربية ، من خلال ادخال النفط والغاز في شرق المتوسط والخليج العربي في التأثير على مجرى هذا الصراع ، لانتزاع ورقة ضغط رئيسية من روسيا لتوظيفها في سياقات هذه الحرب، كما بلجوء النظام الإيراني إلى تصدير التفاعلات للأزمة الداخلية المتفاقمة، برفع مستوى تدخلاته في دول الجوار من خلال الاعتداءات المتصاعدة  على شمال العراق والتهديد باجتياح بري ، في استحضار لمواقفه التي سبقت تحضيراته للعدوان على العراق في الرابع من أيلول ١٩٨٠، والتي توازيها  الاعتداءات  العسكرية التركية على الشمال العراقي والتهديد باجتياح عسكري للشمال السوري ، ومثلها الاعتداءات الصهيونية على سوريا بحجة ضرب المواقع الإيرانية ، في نفس الوقت الذي تدار فيه اتصالات سرية بين الكيان الصهيوني والنظام الإيراني ، وعلنية مع تركيا لرسم خطوط تقاسم  المصالح بين  القوى الإقليمية على حساب الأمن القومي العربي.

إن القيادة القومية للحزب، في الوقت الذي تدين فيه كل أشكال العدوان المتعدد المصادر ضد الأمة العربية، ترى أن هذا العدوان المتعدد الأشكال ما كان ليحصل ويتمادى، لولا الانكشاف للساحة القومية والذي بلغ ذروته بعد العدوان المتعدد الجنسية على العراق واحتلاله منذ ما يقارب العشرين سنة. ولهذا فإن الرد على هذا الاطباق العدواني من قبل قوى إقليمية ودولية على الأمة ، لا يكون إلا بإسقاط النتائج التي ترتبت على اسقاط واحتواء دول الارتكاز العربي التي تمثلها مواقع مصر والعراق وسوريا، وهذا ما يتطلب  تحرير مصر من قيود اتفاقيات "كامب دافيد"، وتحرير العراق من الاحتلال الأميركي - الإيراني المزدوج واسقاط العملية السياسية بكل شخوصها، واستعادة سوريا لدورها في قلب المشروع القومي ، بعدما ذهب النظام الحاكم فيها، بعيداً  في رهن هذا القطر العربي الأصيل في عروبته، لمصلحة المشروع الشعوبي الفارسي المحمول على رافعة التحالف الصهيو - أميركي.

رابعاً:

إن القيادة القومية للحزب، التي تدرك حجم المخاطر التي يمثلها التنمر الذي يمارسه النظامين الإيراني والتركي على العرب كمكون قومي، من خلال تقديم نفسهما مرجعان لمشروع نظام الحاكمية وولاية الفقيه، وكلاهما ينطويان على تهديد لهوية الأمة القومية ولوحدة نسيجها المجتمعي، تعيد التأكيد بأن التناقض العدائي الذي يحكم علاقة هذين النظامين مع الأمة العربية إنما يتغذى من المدى الذي بلغه المشروع الصهيوني الذي تحكمه قاعدة التناقض الوجودي مع المشروع القومي. ولهذا فإن الأخطار ذات الطابع الشمولي التي تهدد الأمة بوجودها ودورها ورسالتها التاريخية، لا تستقيم مواجهتها إلا إذا أتت في سياق المشروع الوحدوي الذي تنصهر فيه امكانات الأمة على الصعد السياسية والاقتصادية والتعبوية والتنموية، والعودة للجماهير في نضالها لإنجاز تحررها القومي والاجتماعي.

فالجماهير هي صاحبة المصلحة في التغيير، وهي المادة الأساسية لفعل التحرير، وهذا ما وعاه الحزب في وقت مبكر من انطلاقته، بتأكيده بأن الحزب يقف دائماً على الضفة التي تقف عليها الجماهير، وإن الكفاح الشعبي المسلح هو الطريق القويم لتحرير الأرض والإنسان من الاحتلال الأجنبي.  ولهذا، فإن حزبنا، حزب البعث العربي الاشتراكي، يجدد الدعوى لقوى الثورة العربية وتلك التي تناضل من أجل التغيير والتحرير، لمسارعة الخطى من أجل قيام الجبهة القومية الشعبية العربية، لتشكيل الإطار القومي لتوحيد الجهد العربي، وتوفير رافعة قومية لدعم النضال الوطني التحرري بمضامينه السياسية والاقتصادية والاجتماعية وأبعاده القومية، ورفع مصدٍ شعبي في مواجهة مسار التطبيع مع العدو الصهيوني ومواجهة الأخطار التي تهدد الأمن القومي من داخل الوطن العربي ومداخله.  وإذا كانت الأمة العربية تعيش تحت وطأة احتلال متعدد الأشكال، فإن أخطر تجسيداته هو ذاك الذي يمثله الاحتلال الصهيوني لفلسطين، يليه الاحتلال الإيراني للأحواز، وما اقتطع من الجغرافيا العربية وألحق بدول الجوار الجغرافي إقليمية كانت أم دولية.

من هنا، فإن القيادة القومية التي تدعو إلى مواجهة كل عدوان أو تدخل خارجي تتعرض له الأمة العربية، بموقف موحد، ترى أن الترجمة العملية لهذا الموقف إنما تكون بتوفير الدعم والاحتضان لقوى التحرير ضد الاحتلال وقوى التغيير ضد نظم الاستبداد والاستغلال والتخلف والرجعية.

إن هذا يتطلب، دعماً قومياً على كافة الصعد والمستويات لقوى المشروع المقاوم للاحتلال الصهيوني في فلسطين المحتلة ولقوى المشروع الوطني المقاوم للاحتلال الأميركي الإيراني للعراق، وتوفير الدعم والاسناد السياسي والمادي لثورة الشعب العربي في الأحواز، ووقف خطوات التطبيع مع العدو الصهيوني وعدم المراهنة على اعتدال أو تطرف في تركيب السلطة في الكيان الصهيوني.

وعليه، فإن أي عمل عربي لا يرتقي في اجراءاته العملية إلى مستوى ما هو مطلوب من دعم سياسي ومادي لقوى الثورة العربية، يبقى كلاماً مفرغاً من أية مضامين عملية. وهذا ما ينطبق على مقررات القمة العربية الأخيرة، التي لم تلامس حقيقة ما يتهدد الأمة من مخاطر، واقتصرت على التمنيات المجردة من أية التزامات جدية وفعلية لمواجهة هذه التهديدات وخاصة في فلسطين والعراق.

خامساً:

إن القيادة القومية للحزب في الوقت الذي تسجل فيه تحفظها على ما تمخضت عنه القمة العربية الأخيرة من مقررات ، تدعو إلى انشاء صندوق قومي لدعم الثورة الفلسطينية وتعزيز صمود جماهير شعبنا في الأرض المحتلة في مواجهة ما تتعرض له من حصار وتضييق على نظام التقديمات التي توفرها "الأونروا"، وتشدد على أهمية الارتقاء بالموقف الوطني إلى مستوى التوحد الفعلي ضمن إطار منظمة التحرير الفلسطينية، بعد تطوير مؤسساتها وتفعيلها لتكون قادرة على تلبية متطلبات النضال الوطني الفلسطيني، ووضع حدٍ لحالة الانشطار السياسي الذي يضعف من فعالية الموقف الفلسطيني ويوفر فرصة للقوى المعادية والتي تسعى للاستثمار السياسي بالقضية الفلسطينية من توظيف التناقضات في خدمة مصالحها السياسي على حساب القضية الفلسطينية.

إن القيادة القومية التي تعي كم هي الضرورة ملحّة، للارتقاء بالموقف الشعبي العربي إلى مستوى ما هو مطلوب، للانتصار لحراك الجماهير بكل تعبيراتها النضالية، تؤكد على التمسك بخيار الكفاح الشعبي بكل أشكاله، والمسلح هو الأفعل والأرقى في مواجهة الاحتلال، كما تشدد على أهمية التمسك بسلمية الحراك الشعبي في انجاز عملية التغيير السياسي للحؤول دون دفعه للوقوع في فخ العسكرة، الذي تنشده القوى السلطوية التي تقاوم الإصلاح والتغيير في بنى النظم السياسية.

 سادساً:

إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، وفي مناسبة الذكرى الخامسة والسبعين لصدور القرار الدولي بتقسيم فلسطين، تعيد التأكيد، بأن فلسطين لا تقبل القسمة، وهي كانت وستبقى عربية الانتماء والهوية، وأن الاحتلال مهما طال أمده لن يستطيع اسقاط الحق التاريخي للأمة في فلسطين، التي لم تستهدف بالأساس لذاتها فقط، وإنما كانت الأمة العربية هي المستهدفة من خلالها. وإن استعادة هذا الحق التاريخي الذي لا يسقط بالتقادم لا يكون إلا بالتحرير الشامل وإقامة الدولة الوطنية الفلسطينية على كامل التراب الوطني من البحر إلى النهر. وهذا ما يستوجب مغادرة الأوهام على مشاريع التسويات التي يروج لها في الأوساط الدولية وأروقة النظام الرسمي العربي   ومنها ما سمي "بالمبادرة العربية للسلام".

  

إن القيادة القومية التي تكبر بجماهيرنا شعبنا في فلسطين المحتلة صمودها، توجه التحية للقابضين على جمر المواقف المبدئية الذين يتصدون للعدو باللحم الحي، مسطرين أروع الملاحم البطولية في القدس ونابلس وجنين وكل مدن الضفة وغزة وعمق الداخل الفلسطيني، وغير مراهنين على تمايز بين "صقور" "وحمائم" ويمين ويسار في بنية كيان الاغتصاب، لأن الكل الصهيوني هو عدو للكل الوطني الفلسطيني كما للكل القومي العربي. 

إن الحركة الصهيونية تعمل على قضم الأرض الفلسطينية لإقامة كيانها على كل فلسطين، مقدمة لإقامة دولة "اسرائيل" التوراتية التي تمتد ما بين الفرات والنيل، وعلى الأمة العربية ألا تقبل بأقل من تحرير فلسطين بكاملها، كخطوة على طريق تحقيق الوحدة العربية عملاً بمقولة القائد المؤسس، فلسطين طريق الوحدة، والوحدة طريق تحرير فلسطين.

سابعاً:

إن القيادة القومية للحزب التي رأت في الحراك الشعبي المنطلق في أكثر من ساحة، دليلاً على حيوية الجماهير العربية وعلى قوة نبض الشارع المنتفض على وقع هتاف "الشعب يريد اسقاط النظام"، تؤكد أن هذا الحراك وإن تعرض للاختراق في بعض الساحات من قبل القوى المعادية لتطلعات الجماهير وحقها في التغيير، فهو يبقى معبراً أصيلاً عن إرادة التغيير لدى الأمة بوسائل التعبيرات الديموقراطية ولا تستبطنه نظرية المؤامرة كما يروج لها بعض الأصوات الإعلامية بهدف شيطنة الحراك وتبرير الانقضاض عليه.

والقيادة القومية إذ تشدد على أهمية هذه الظاهرة الشعبية التي يختلج بها الشارع العربي في العديد من الأقطار، ترى أن إعادة الاعتبار للقضية الديموقراطية في مسيرة النضال الوطني العربي، هي السبيل الذي يمكن الجماهير من الامساك بناصية قرارها بعيداً عن القولبة السلطوية التي عطلت دور الجماهير وأفقدت الأمة أحد مصادر قوتها في سعيها لتحقيق أهدافها في التقدم والتحرر القومي والاجتماعي. فكما الديموقراطية هي أساس في تفعيل الحياة السياسية عبر اطلاق الطاقات الجماهيرية وإقامة النظم التي تحكمها قواعد تداول السلطة والتعددية السياسية  بالاستناد إلى ما تفرزه الإرادة الشعبية، فإنها ضرورية لمحاكاة مشاريع التنمية المستدامة ببعدها القومي الشامل  التي تؤسس لاقتصاد قومي تحكمه قواعد التفاعل والتكامل في استثمار الموارد الطبيعية والبشرية ، وبما يوفر فرص عمل ويحد من هجرة الكفاءات ويفتح الأسواق العربية أمام الإنتاج القومي الذي يتطلب إقامة شبكة مواصلات وبنى تحتية تربط الأمصار العربية بعضها بالبعض الآخر وبما يساعد ويرفع من مستوى التحفيز للاستثمار ضمن الشروط التفضيلية للرأسمال الوطني بطرفيه الخاص والعام . 

فلتعد القضية الديموقراطية لتحتل موقعها المتقدم في مسيرة النضال الوطني جنباً إلى جنب مع قضايا الوحدة والحرية وإنهاء كل أشكال الاستلاب القومي والاجتماعي.

 ثامناً:

إن القيادة القومية للحزب إذ تشدّد على أهمية العودة للشعب في إنجاز عمليتي التحرير والتغيير والبناء الوطني، فإنها تقدر عالياً الدور الذي يضطلع به الرفاق في العراق قيادة وكوادر ومناضلين وحاضنة شعبية، وهم يخوضون مواجهة، على جبهة أعداء الخارج التي تتمثل بالاحتلال الإيراني وبقايا الاحتلال الأميركي، وجبهة فساد الداخل التي تديرها منظومة سلطوية ميليشياوية لعبت دوراً في تعميم ثقافة الفساد السياسي والاقتصادي والإداري والمالي، وأغرقت الحياة بكل الموبقات الاجتماعية. 

إن هذه  المنظومة التي تنفذ الاملاءات الإيرانية  وفق ما تمليه التوافقات الخارجية وخاصة الأميركية والإيرانية منها ،وآخرها إعادة تركيب مؤسسات السلطة بعد انسداد استمر لأكثر من سنةٍ ، لن تختلف عن سابقاتها في الأداء والارتهان  وإن تبدلت رموزها ، وبالتالي فإن ما آلت إليه مؤخراً  ، لن يزيد الأمور والأوضاع إلا تفاقماً وسيكون سبباً لحولة  جديدة من الانتفاضة الشعبية عبر استعادة الشارع لنبضه وإعادة استحضار القضية الوطنية العراقية بما هي قضية تحرير وتوحيد ، في انطلاقة حراك جديد لاستعادة العراق لدوره وحضوره في مشروع الاستنهاض الوطني والقومي الشاملين.

فتحية للجماهير المنتفضة في العراق العزيز وهي التي أعطت لحراكها بعداً وطنياً كما بعدها الاجتماعي. وتحية لحاضنة هذه الانتفاضة الشعبية وللقوى الوطنية والشرائح الشبابية التي صوبت مسارها واتجاهاتها نحو أهدافها الأساسية في التحرير والتغيير، وفي طليعتها الحزب الذي لم يغادر ساحات النضال وبقي ملتحماً بالجماهير في قيادة المقاومة كما في قيادة الحراك الشعبي رغم الظروف الصعبة التي يعيشها الرفاق في كافة المستويات ويقدمون التضحيات الجسيمة وهم يخوضون معركة انقاذ العراق من براثن الاحتلال واسقاط كل إفرازاته.  

 تاسعاً:

إن القيادة القومية التي تكبر في رفاقنا في العراق دورهم في تثوير الحالة الشعبية والتي كانت انتفاضة تشرين واحدة من تعبيراتها ، تقدر  عالياً المدى الذي وصلته الانتفاضة الشعبية في السودان بعدما  استطاعت أن تفرض إيقاعها على إدارة الحياة السياسية وتحاصر من خلال مواقفها وحراك الشارع، محاولات "المكون العسكري" الذي نفذ انقلاب  الارتداد عن كل ما تم الاتفاق عليه في الوثيقة الدستورية لإدارة المرحلة الانتقالية  بإنجاز عملية  التحول الديموقراطي وإقامة الدولة المدنية التي تصون الحريات العامة وتطلق عملية تنموية تلبي الحاجة الشعبية  في بناء اقتصاد وطني غير مرتهن للصناديق الدولية ولاتجاهات قوى التطبيع مع العدو الصهيوني.

 فتحية لهذا الحراك الشعبي الذي حافظ على سلميته، وتحية للجان المقاومة والقوى السياسية والنقابية والديموقراطية ولحزبنا المناضل ودوره المتميز في العمل من أجل وحدة قوى الثورة وفي التصدي لنظام البشير ومحاولات إعادة إنتاج نفسه بأدوات وشخوص جديدة تصدى لها الشعب بقوةٍ، بعد انقلاب ٢٥ أكتوبر من العام ٢٠٢١.

إن القيادة القومية للحزب وهي توجه التحية للرفاق في السودان قيادة وكوادر ومناضلين، تشد على أيديهم وهم يواجهون سلطة القمع دون أن ترهبهم أو تفت من عضدهم إجراءات الاعتقال والتعسف، التي طالت مناضلين من الحزب وقوى الحرية والتغيير وعلى رأسهم الرفيق المناضل المحامي وجدي صالح، عضو القيادة القطرية للحزب وعضو المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير وعضو لجنة إزالة نظام التمكين.

إن القيادة القومية للحزب في الوقت الذي تفخر فيه بالدور النضالي الذي يؤديه الرفاق في السودان وحضور الحزب في المشهد السياسي، تنوه بدور المنظمات الحزبية في ساحات النضال القومي، من فلسطين إلى لبنان والأردن وسوريا والبحرين واليمن والأحواز وكل ساحات المغرب العربي وساحات الاغتراب من أجل دفع مسيرة النضال العربي خطوات إلى الأمام على طريق أهداف الأمة العربية في الوحدة والحرية والاشتراكية. 

عاشت الأمة العربية، والمجد والخلود لشهدائها الأبرار والحرية للأسرى والمعتقلين. الخزي والعار للعملاء والخونة والمطبعين، والعهد على استمرار النضال لتحقيق أهداف أمتنا العربية في التحرر والتقدم والوحدة

 

القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي

 

٢٠٢٢/١١/٢٦

 

 

        






السبت ٢ جمادي الاولى ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٦ / تشرين الثاني / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة