العملية السياسية والوهم الذي أصاب البعض!

الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس/ أكاديمي عربي من العراق

لا نحكم ولا نقارن ولا نشبه العملية السياسية الاحتلالية الإجرامية في العراق المحتل بالسراب الذي هو وهم، بل قد يكون أخطر أنواع الوهم المعبر عن حالة مرضية وليس عن سوء فهم أو سوء تقدير فقط.

السراب انعكاس للضوء في صحراء قاحلة يبدو للناظر وكأنه ماء، وبطبيعته الإيهامية فإن الإنسان الواقع في خرافة الماء السراب يظل يجري ويلهث ليصل إلى الماء السراب حتى يسقط مغشياً عليه دون أن يطال شيئاً غير الوهم.

هذا هو حال الذين يعيشون وهم احتمال نجاح العملية السياسية في العراق. العملية السياسية سراب صُنع ليخدع العراقيين ويظللهم، ومن يقفز من العراقيين خارج سرابها فإنه يتهم بالإرهاب والعداء للديمقراطية من قبل من باعوا العراق في سوق مترهلة بائرة وبسعر بخس.

العراقي الذي يعيش وهم نجاح العملية السياسية هو الذي صدق بانتخابات العملية السياسية، متوهماً أو مرغماً أو مغرراً به. وهو الذي تعلق بقشة كما الغريق ينتظر من الجعفري أن يعدل انحراف علاوي ومن نوري أن يقلل حجم خيانة الجعفري ومن العبادي أن يلبس المالكي ثوباً يستر عوراته التي انكشفت لكل سكان المعمورة، ويتمادى اللاهثون وراء سراب العملية الطائفية المحاصصاتية حين يرون بعبد المهدي طوق نجاة من الترهل الغارق بالفساد بكل توصيفاته الذي تركه العبادي، ثم صفقات الفساد التي سموها سرقة القرن التي يمزقون بها الآن حقبة الكاظمي ليتواصل السراب باسم جديد وصورة جديدة اسمها السوداني.

كل أسمائهم عراقية عربية لكنهم جميعاً صناعة أمريكا التي صممتها لتكون الوهم (السراب) الذي يأكل من جرف العراق وضفافه حتى صار العراق اسماً بلا معنى، لأنهم جردوه من وحدته وتاريخه وحضارته وحولوه إلى بنك قاصاته مفتوحة على مصاريعها للسراق، وبلداً يفتقر لأي من معاني الدول، فلا زراعة ولا صناعة ولا تعليم ولا خدمات والشحيح الذي يحصل منها فهو من نتاج أفراد وربما مجاميع من المستثمرين ليس إلا.

العيش في وهم السراب لا يليق بشعبنا، ونحن على يقين بأن الرؤية المتقنة للواقع ستعلن عن نفسها وتحرر العراق وتقطع الأفق أمام العيون الغارقة في السراب.