شبكة ذي قار
عـاجـل










ثورة مهسا أميني أصبحت ثورة الحجاب التي توقظ الإيرانيين من ليل طويل - الحلقة الثانية

زامل عبد

 

قتال الشعوب الإيرانية من أجل حرياتها طويل ومعقد لأنه يتداخل مع قضايا دولية ليس في الإمكان حلها بيسر وفي وقت قياسي لذلك فإن الاحتجاجات ستستمر رغم القمع الذي يواجهها وفي الوقت الذي تزعم إيران بأن جهات خارجية تقف وراء تلك الاحتجاجات وتكرر وقوعها في مناسبات أخرى تدرك الشعوب الإيرانية أن تلك الجهات هي التي تدعم النظام وتقويه وتغذي أفكاره الظلامية بالمزيد من الدعايات التي تُظهره قويا وصلبا معادلة من الصعب الإمساك بعناصرها غير أنها تمثل واقعا لا يزال يحكم المنطقة كلها  ، الإيرانيون يشعرون بأن العالم يغدر بهم في كل لحظة لا يقف فيها موحدا ضد نظام مستبد يجسد ابشع النظم الدكتاتورية التي عادة ايران الى  الظلامية المجتمعية  ،  وهنا لابد من الإشارة الى حقيقة تلهب الشعور المجتمعي المتطلع للحرية أن الحجاب يعد في التاريخ السياسي لإيران جزءاً من المعارك المحورية والمركبة التي خاضها الإيرانيون لنيل حريتهم زمن الشاه ويستكملونها اليوم بالاتجاه المضاد لما انتهجه الملالي تحت يافطة المجتمع الإسلامي  ، وعند العودة الى الواقع السياسي الإيراني ما قبل التغيير 1979 نرى عندما تسارعت خطى التحديث كجزء من سياسة الغربنة وعلمنة الدولة الإيرانية ومؤسساتها القانونية والتعليمية  أراد الشاه رضا خان وضع بلاده على طريق الحداثة متأثرا بتجربة تركيا أتاتورك  فرغب بإرساء دولة على الأسس التي تقوم عليها الدولة الغربية وليس على الخصوصية الدينية الشيعية  ،  لكنه اصطدم بمقاومة رجال الدين  -  حوزة قم  -  فيرى الباحثين ان  أتاتورك حظي أن رجال الدين في تركيا لم يكونوا على قدر كاف من التنظيم كما في إيران  ،  لذا عندما  الشاه الاب قام بمنع ارتداء الحجاب في إيران عام 1936 استفادت منه النساء وظهرن سافرات  لكنه أجبر نساءً كثيرات على التخلي عن الحجاب فأفرز صعوبات جمّة لمعظم هؤلاء النسوة اللواتي لم يرغبن بمغادرة المنزل سافرات بحسب رؤية شهلا حائري  ،  إضافة إلى الرجال الذين لم يرغبوا بسفور زوجاتهم كان أمرا لا سابق له وغير مفهوم ، لكن الشاه الابن عاد وسمح بالسفور الاختياري عام 1941 فاستمرت كثيرات من  نساء الطبقة الوسطى بالسفور في حين عادت نساء البازار إليه لكن ليس بالصرامة السابقة نفسها ولهذا تنافست الإيرانيات الرافضات لحكم الشاه إبان احتجاجات 1979 ، على ارتداء الحجاب بوصفه أداةً ثوريةً في مواجهة الشاه وسياساته ولم يكن  هذا التصرف عن قناعة دينية المسألة هنا -  تتعلق بحق المرأة في امتلاك جسدها وحرية التصرف بنفسها -  ، وكان فرض السفور غلطة مميتة  فلقد سلب النساء حرية الاختيار وهذا ما استعاده الخميني عند وصوله الى السلطة  ففرض الحجاب منذ العام 1979 والامر هنا لم يقتصر على فرض لبس حجاب محدد وحرمان النساء من حرية الاختيار ، لكنه كان أداة لتهميشهن و قمعهن وسلب حقوقهن وفرض معايير أمنية وبوليسية عليهن – شرطة الاخلاق التي أعطاها ولي الفقيه الصلاحيات المطلقة -  أي ممارسة تسلط سياسي بدعوى الفضيلة والأخلاق فالغاية من الحجاب ليست دينية بل الإخضاع  وبحسب التراث التقليدي ، يحق للجماعة ان تفرض سلوكا معينا على أفرادها ، وعلى الفرد الخضوع  لقواعد الجماعة او الطائفة ولتقاليدها وممارساتها  ، تذكر الصحفية منى فياض  بان  ((  الزيارة الوحيدة التي قمت بها لإيران عام 1993  ، جهد السيد محمد علي أبطحي وكان مسؤولا في وزارة الثقافة الإيرانية -  وقد سجن وعذب وأُهين اثناء الثورة الإصلاحية عام 2009 من قبل النظام الذي كان يدافع عنه -  لإقناعي ، بعد زيارة نظمت لنا لمعرض يسمى حجاب ، وتُعرض فيه جميع أشكال الحجاب من مختلف الأقاليم على أن الحجاب ليس مفروضاً على المرأة بل هو لباسها التقليدي والتراثي  أذكر أني ناقشته حينها وقلت له ، طيب إذا كان اللباس التقليدي للنساء هو التشادور والحجاب ، لماذا يرتدي الرجال الملابس الغربية ما عدا ربطة العنق ؟ هل التراث والتقليد حكراً على النساء  ؟ وإذا لا ، فما هو إذن لباس الرجل التقليدي ؟  أجابني مستغرباً  وماذا تريدين ان يلبسوا ؟ وكان يرتدي جبة وعباءة  فقلت له مثل هذا اللباس مثلاً  احتد الإصلاحي الطيب عندها وأجابني ممسكاً طرف عباءته الشفافة  هذا ؟ هذا لباس عربي ؟  ، هذا الحوار القصير يكشف الكثير عن الذهنية الإيرانية في الدولة الإسلامية حتى عند الإصلاحيين المُعاقبين من النظام محورية الحجاب ورفض العرب والعروبة  ))  ، كما حارب الشاه العمامة واستبدلها بالقبعة وجعلها شعاراً ومنع التشادور ،  انتقد الخميني عندما كان ضمن حوزة قم محاولة الشاه فرض النموذج الغربي بالقوة واعتبر ((  أن الحكومة التي يقوم أعوانها المهووسون والجلادون مـن رجال الشرطة بالاعتداء على النساء العفيفات ، وإجبار المسلمات في المدن والقُرى على رفع الحجاب عنهنّ بقوة السلاح ، ما هي إلا حكومة ظالمة ، والتعاون معها ليس إلا تعاوناً مع الكُفر ))

 

يتبع في الحلقة الأخيرة






الجمعة ٣ ربيع الثاني ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٨ / تشرين الاول / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة