شبكة ذي قار
عـاجـل










ميلاد خير الورى

زينب علي

 

طلّت علينا مناسبة المولد النبوي الشريف يوم 12ربيع الأول وشعبنا وأمتنا الإسلامية يحتفلون بهذه الذكرى العظيمة مولد رسول الهدى وشفيع الأمة محمد صلى الله عليه وسلم، من منطلق الشكر لله سبحانه على هذه النعمة التي مَنَّ بها عليهم، كما قال سبحانه: { لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}، ويحتفلون تعبيراً منهم عن الفرح  بهذه الرحمة المهداة وتجسيداً لقوله سبحانه: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}.

ورسول الله هو أعظم مظهر من مظاهر الرحمة الإلهية، كما قال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}، وهو صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ صاحب القلب الرحيم كما قال جل شانه: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}.

هذه الاحتفالات المباركة هي تعظيم وتوقير ونصرة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كما قال الله تعالى: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}، وفي قوله جل جلاله: {فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.

تتفرد وتتميز الشعوب العربية على باقي الشعوب الإسلامية في تعظيم وتوقير رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله منذ فجر الإسلام وإلى يومنا هذا، وسيستمر بإذن الله إلى قيام الساعة؛ ففي الوقت الذي كانت قريش تنفذ خطتها لقتل رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله وسلم؛ كان الأنصار يتسابقون على حمايته والدفاع عنه ونصرته، وفي الوقت الذي كانت قريش تسعى لإخراجه؛ كان الأنصار يشتاقون لوصوله وقدومه، وفي الوقت الذي كانت قريش تحاربه؛ كان الأنصار يجاهدون بين يديه ويفدونه بأرواحهم، وفي الوقت الذي كانت بعض الشعوب لا تدخل في الإسلام إلا بعد عناء شديد وكسر شوكة المستكبرين فيها؛ دَخَلَ شعبنا العراقي في دين الله أفواجاً بطريقة حضارية وبطواعية، ولا غرابة أن تظل مواقف شعبنا العراقي على نفس المنوال الذي كانت عليه مواقف أجداده: { ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}  وشعبنا العراقي باحتفاله المميز برسول الله صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ أيضاً يجدد العهد لرسول الله، ويبادله الوفاء بالوفاء والحب بالحب، ويؤكد أصالته وتمسكه بهويته الإيمانية، إن إحياءنا لمناسبة المولد النبوي الشريف: يكشف المستوى الذي وصل إليه الشعب إيمانياً..

 

إن الفرح بمولد رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله داخلٌ تحت قوله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} وهذا الفرح يجب أن يظهر في زينتنا وكلامنا وأعمالنا؛ لأن للفرح مظاهر فطرية ومعروفة بين الناس؛ فهم يعبّرون عن فرحهم في الأعراس بالزينة والضيافة والاجتماع، وهذا أمرٌ فطري عند كل الناس، ومن هنا نظهر فرحنا برسول الله صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ بما هو فطري ومعروفٌ بين الناس؛ فرسول الله صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ أحبّ إلينا من أنفسنا، كما قال صلوات الله عليه وعلى آله: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من أهله وماله وولده ونفسه والناس أجمعين)، وكيف لا والله تعالى يقول: { النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}.

 

ينبغي علينا عند مناسبة المولد النبوي الشريف أن نجعلها فوق المذاهب  والخلافات؛ فرسول الله صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ هو نبينا جميعاً، والاحتفال به والتعظيم له واجبٌ على الجميع بدون استثناء، وحينما نحتفل بمولد سيد الكائنات، فإننا بذلك نوصل رسالة لأعداء الله بأنكم مهما حاولتم أن تفرقونا فإن رسول الله يجمعنا .

 

تأتي ذكرى المولد النبوي الشريف لتذكر الآباء بمسؤوليتهم تجاه أولادهم كما قال صلى الله عليه وآله: (علموا اولادكم ثلاث خصال ,حب نبيكم وحب اهل بيته وقراءة القرآن)، فحب رسول الله يربي الناس على الأخلاق، قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم}.

 

 وسنردد بصوت واحد ما ردده أجدادنا عندما استقبلوا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم على أبواب المدينة المنورة:

طلع البدر علينا     من ثنيات الوداع

وجب الشكر علينا     ما دعا لله داع

أيها المبعوث فينا   جئت بالأمر المطاع

جئت شرفت المدينة       مرحباً يا خير داع

 عند ميلاد خير الورى قد ظهر للعالمين قمر آخر فاح عطره للعالم أجمع وظل الجميع يحتفلون به إجلالاً وتقديراً وحباً له، كل عام وكل العراقيين بخير.






الاربعاء ١٦ ربيع الاول ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٢ / تشرين الاول / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زينب علي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة