شبكة ذي قار
عـاجـل










انبعاث فجر القومية من شبه الجزيرة العربية

مهند أبو فلاح

 

جاء مولد الرسول العربي الكريم سيدنا محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم في الثاني عشر من شهر ربيع الأول من عام الفيل سنة ٥٧٠ للميلاد، بعد اثني عشر يوماً فقط من فشل أول محاولة غزو خارجي تتعرض له شبه الجزيرة العربية على يد أبرهة الأشرم الحبشي، انطلاقاً من خاصرتها الجنوبية اليمنية حدثاً تاريخياً بارزاً ذو دلالة في غاية الأهمية، لجهة التوقيت الزمني الذي لم يكن عبثياً إطلاقاً بل كان محصلة ترتيب وتدبير إلهي محكم، مصداقاً لقول الحق رب العزة والجلال في محكم تنزيله العربي المجيد: " وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا " الآية ٢ - سورة الفرقان،  وذلك يعني أن الشخص المناسب قد وُضِع في المكان والزمان المناسبين.

 

لم يكن محض مصادفة إطلاقاً أن يولد خاتم الأنبياء والمرسلين في مكة المكرمة، التي وصفها القرآن الكريم بأم القرى في منطقة الحجاز الفاصلة والواصلة بين بلاد الشام شمالاً واليمن السعيد جنوباً، في قبيلة لها مكانتها ومنزلتها الرفيعة الشأن بين القبائل العربية، ألا وهي قريش، في تلك السنة التي تبلور فيها الوعي القومي العربي في مواجهة تلك الغزوة الخارجية الهمجية التي شنها عدو دخيل على العاصمة الروحية والدينية والتجارية الاقتصادية للأمة العربية التي كانت في طور التكون والتشكل والتحول من قبائل متناحرة بالمجمل إلى أمة عظيمة صاحبة رسالة إلهية خالدة متجددة، تحمل لواءها إلى البشرية والإنسانية جمعاء، مصداقاً لقول رب العزة والجلال:" وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ " الآية ٢٨ - سورة سبأ.

 

لقد كان الاختيار الإلهي الرباني لخير الأنام من خير الناس وأشرفهم دليلاً دامغاً على أفضلية أمة العرب وخيريتها لما تتمتع به من قيم أخلاقية سامية تؤهلها لتأدية رسالتها الخالدة إلى الإنسانية جمعاء بما يتناسب مع مكنوناتها العظيمة من صدق وأمانة وشجاعة وكرم إلخ ... ولم يكن مستغرباً على الإطلاق أن يوصف الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم حتى قبل بعثته بالصادق الأمين، وأن يشارك في حلف الفضول في منزل عبد الله بن جدعان لإغاثة الملهوف ونصرة المظلوم قبل أن يعلنها صريحة مدوية "إنما بُعِثتُ لأتمم مكارم الأخلاق" تأكيداً على الجانب القيمي الأخلاقي لأمتنا العربية المجيدة حاملة لواء رسالة الإسلام الخالدة المتجددة.

 

لذلك فإننا معنيون اليوم وأكثر من أي وقت مضى أن نعتز بعروبتنا وإسلامنا الحنيف وأن نسعى جاهدين لانتشال البشرية وإنقاذها مما تعانيه عبر الارتقاء بمنظومة القيم الأخلاقية لأمتنا العربية بما يتلاءم مع تراثها وتاريخها المجيد التليد لنكون في طليعة الأمم كما كان عليه حال أسلافنا الأبطال الغر الميامين وعلى رأسهم رسول الرحمة سيدنا محمد العدناني الرسول العربي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.




الاربعاء ١٦ ربيع الاول ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٢ / تشرين الاول / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب مهند أبو فلاح نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة