ويبقى البعث الرقم الأصعب في الصراع العربي الصهيوني رغم كل المؤامرات

نبيل مرتضى

يعتبر حزب البعث العربي الاشتراكي حزب فلسطين بامتياز، حيث اعتبر القضية الفلسطينية هي القضية المركزية الأولى منذ التأسيس، وقد نبه الحزب إلى مخاطر الهجرة الصهيونية إلى أرض فلسطين، الهجرة التي كانت قاعدة لتنفيذ وعد بلفور المشؤوم، ونوه أن وجود الكيان الغاصب في الوطن العربي هو لمنع تحقيق الوحدة، وهذا ما أكده بيان صادر من البعث العربي بتاريخ 1411945حيث وضع البيان المنطلق الأساسي لفكر البعث تجاه القضية الفلسطينية، وتبعه بيان آخر يوم 8 آذار 1948 تحت عنوان (لتكن نصرة فلسطين أول امتحان لاستقلالنا) ودعا الحزب عبر هذا البيان لإضراب عام لإسماع العالم حجم مأساة شعب فلسطين أمام الهجرة والتسليح المنضم لقطيع المهاجرين من أجل أن يأخذ العالم دوره الإنساني.

عندما قامت حرب فلسطين عام 1948 دعا الرفيق المؤسس المرحوم أحمد ميشيل عفلق إلى التطوع للمشاركة في الحرب المقدسة، وكان القائد المؤسس على رأس قائمة المتطوعين، لأنه مؤمن أن فلسطين لا تحررها الحكومات بل الكفاح الشعبي المسلح، وقدم البعث كوكبة من الشهداء ومن خيرة رفاقه على أرض فلسطين، ومن الرعيل الأول الرفيق خالد اليشرطي عضو القيادة القومية 1957والمؤتمر الرابع 1960، وأسندت إليه مسؤولية مكتب فلسطين وهو أحد أهم مؤسسات القيادة القومية، وقام بتشكيل أول مجموعه للقتال داخل فلسطين عام 1962 أي قبل انطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح 1965.

أما من حيث أدبياته وبياناته ومقررات مؤتمراته القومية التي أكدت على التزام الحزب بالنضال من أجل تحرير فلسطين معتبراً أن تحرير فلسطين واجب قومي يقع على عاتق جماهير الأمة العربية من خلال الاستعداد والتعبئة وتهيئة الجماهير إلى معركة طويلة ومصيرية، وأكد الحزب على التمسك بحق الشعب الفلسطيني العودة إلى وطنه وأرضه بعد تشريده منها بالقوة، وعلى حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة فوق تراب وطنه، وأن هذه الأهداف تتحقق عبر النضال والكفاح والمقاومة بكل أشكالها، ويأتي في مقدمتها الكفاح الشعبي المسلح، وإن هذه المشاريع لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال مواجهه حقيقية وفعلية مع المشاريع الصهيونية والاستعمارية في منطقتنا، وقد عبر عنها الرفيق الشهيد الخالد صدام حسين في مؤتمر القمة العربي في المغرب عندما ربط بأن منظمة التحرير الفلسطيني الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في الاستمرار على طريق تحرير فلسطين.

وقد أنشأ الحزب منظمة مقاتلة هي جبهة التحرير العربية نيسان 1969 أي بعد تسعة أشهر من ثوره 17_30 تموز المجيدة، وكان المسؤول الأول فيها الرفيق زيد حيدر عضو القيادة القومية، وأول أمين عام لجبهة التحرير العربية، والتي أصبحت عضواً في منظمة التحرير الفلسطينية.

وفي عام 1974انضمت جبهة التحرير العربية إلى جبهة الرفض لأنها رفضت سياسة الاعتدال المتزايد لمنظمة التحرير الفلسطينية التي طرحت بدائل للكفاح الشعبي المسلح، ونلفتُ هنا إلى ما ذكره الدكتور محمد مهدي صالح في مذكراته بعد خروج العراق منتصراً حيث بعث الشهيد برزان التكريتي الذي كان ممثل العراق في جنيف برسالة إلى الشهيد القائد يقترح فيها التخفيف في خطاباته من تهديد ووعيد الكيان الصهيوني، لأن هذا يزعج الغرب، ويجعلهم غير مهتمين لرفع الحصار عن العراق، فكان جواب الشهيد الخالد صدام حسين: والله لو أعطوني الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر أو أهلك من دونه، وكانت هذه أمنيته أن يسقط شهيداً من أجل فلسطين ..

لقد كان لجبهة التحرير العربية دوراً بالغ الأهمية خلال انتفاضة الأقصى المباركة التي بدأت عام 2000 من خلال الدعم اللوجستي من العراق لاستمرار الانتفاضة، وكانت تقدم مساهمات مالية للشهداء والجرحى، وكذلك تعويضات لإعادة بناء الممتلكات التي يقوم جيش الاحتلال بهدمها كأسلوب عقاب جماعي لكي يكسر شوكة أبناء فلسطين.

وعندما أقدم الكيان الغاصب بحصار شعبنا في فلسطين أمر الشهيد الخالد أن يشمل شعب فلسطين بالحصة التموينية كما يقدم لأهلهم في العراق لاستمرار الانتفاضة.

لقد كان الرفيق المرحوم أحمد ميشيل عفلق يقول الأمه العربية موجودة حيث يحمل أبناؤها السلاح، لأن حل قضية فلسطين لا يكون إلا بخوض حرب التحرير الشعبية واعتماد الكفاح المسلح أسلوباً لتحقيق ذلك من خلال انشاء تنظيمات البعث المسلحة، ورفض مشاريع التسوية المشبوهة التي يروَّج لها لإحباط الجماهير،  لهذا كانت فلسطين في عيون الشهيد الخالد صدام حسين وفكره، حتى في لحظات مواجهته للموت قال: عاشت فلسطين حرة عربية.